" حـــكم الــردة فـي الإســـــــــــــلام "
المشاركــون:
مهدي الرمضان: حكم الردة في ظل تنامي مفهوم الحقوق و الفردانية
عبدالكريم الممتن: لماذا ننتقد الدين...! ؟
عبدالكريم الممتن: حكم المرتد بين الوحشية والتناقض في العقيدة
عماد بو خمسين : الدين يدافع عن نفسه
عقيلة النجيدي : حرية أم وصاية !!
عبدالله الداوود : حكم الردة بين الشرعي و القانوني
جاسم عساكر: التدين بين الاكراه و الاختيار
صلاح الهاجري : أزمتنا الفكرية وحد الردة نموذج
عبدالله الداوود : حكم الردة بين الشرعي و القانوني
جاسم عساكر: التدين بين الاكراه و الاختيار
صلاح الهاجري : أزمتنا الفكرية وحد الردة نموذج
مهدي الرمضان:*
حكم الردة في ظل تنامي
مفهوم الحقوق و الفردانية""
في تشريعات الإسلام
يأتي الحفاظ على الروح المحترمة في قمة اولويات المشرع. فليس لعظم الحياة البشرية
وقدسيتها في الإسلام ما يفوقها من قيم الدنيا ومتاعها أو حتى يساويها. وليس لاحد
الحق في انهاء الحياة التي وهبها الله. فلم يمنح الله لأحد بدون وجه حق ولا حتى لصاحبها
صلاحية ان يقتل نفسه.
الحفاظ على حياة إنسان
احد اهم مرتكزات الشريعة الإسلامية فلو تعارض استمرار اداء فريضة عبادية بخطر
يتهدد احدا، فألاولى في لحظتها تعليق العابد استمرار عبادته لإنقاذ ذلك
المتعرض للخطر.
وفي حديث لرسول الله
صلى الله عليه و آله " لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا اهون على الله من ان يراق
دم امرئ مسلم" وفي حديث آخر "لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل مؤمن
بغير حق"
ورد من الآيات القرآنية
العديد التي تحرم سفك الدماء بغير حق.
ولذا نرى ان الروح
الانسانية هي القيمة العليا التي يحترمها ويحافظ عليها ويجعلها الدين الإسلامي
اولوية في اهتماماته و يحرص على منع سلبها إلا ضمن حدود ضيقة بصلاحيات مقننه
ويعّرف من يحق له اقامة حدود القصاص والقتل.
الدين الاسلامي في
جوهره يرتكز على ويتعامل مع ثوابت الايمان بالله وكتبه و رسله واليوم الآخر وله
مناعة و حصانة في هذا الجانب ولكن التشريع الإسلامي من ناحية أخرى هو في جوهرة
إجرائي الطبيعة تنفيذي المنتهى ويرتكز على متغيرات الظروف الزمانية والاجتماعية
والثقافية ولا يتسم بالجمود بل يسلك المشرع الإسلامي سبيل المرونه والاجتهاد بتطور
حاجات مجتمعات ومستجدات المسلمين الحياتية و ربما يصدق ذلك حتى في مرونة إقامة بعض
الحدود.
الدين كعقيدة و إيمان
لا يتغير ولكن التشريعات الدينية ومخرجاتها كفتاوى اجتهادية من الفقهاء تحتمل
التغير بتغير الازمان والاوضاع والبيئات الاجتماعية.
في صدر الإسلام ومع
بداية الدعوة كانت نسبة المخاطر التي قد يتعرض لها من اعدائه عالية جدا ولذا جاء
التشريع بإقامة حد الردة ليخدم اساس تثبيت الدين ولغرض مواجهة هذه المخاطر كان
الردع بالتهديد بقتل المرتد.
ومع ذلك فلم يثبت ان
رسول الله صلى الله عليه وآله سلم طبق الحد ولا حتى على المنافقين من اتباعه.
بتنامي قوة الإسلام وانتشاره
و دخول الملايين فيه حتى وصل لما هو حاليا من قوة و منعة، تضائلت كثيراً بل شبه
انعدمت مخاطر هدمه.
ولعل اهم بعدين
اجتماعيين لهما تأثيرات حالية على مفهوم الردة وحدها الشرعي هما تنامي مفهوم حقوق
الإنسان و تنامي مفهوم الفردانية.
ولكلا المفهومين مصاديق
قوية على الساحة الدولية فوجود قوانين ومنظمات حقوقية دولية ضاغطة تراقب تصرفات كل
الدول وايضا وجود وتطور اسس المبادرات الفردية على اصعدة كثيرا و بروز الدور القوي
لمنظمات المجتمع المدني والمبادرات الاقتصادية الفردية التي يمكن ان يمارس فيها
الفرد كامل حيويته و يأخذ فيها مجالات تبرزه كفرد في مجتمعه وعلى المستوى العالمي،
اضحى للفرد ثقل و وزن ليس بسيط لم يكن تاريخيا متاحا له.
حدث تحول تدريجي على
مدى مسيرة التاريخ منذ بدء الرسالة الإسلامية حيث كانت القوة من خصوصيات الجماعة و
مردها للامة وليس للفرد فأثره محدود إن لم يكن غائب.
ومن اللافت حقا ان
الدين الإسلامي و تشريعاته مع ما جاء فيها من اهتمام بارز وإعلاء لشأن وقيمة حياة
الإنسان المؤمن و مراعاة حياة حتى الذمي بين المسلمين، إلا ان تأثير الافراد
كأفراد انحصر وذاب داخل نطاق المجال الحيوي للجماعة و الامة.
من هنا قد يجد البعض ان
تشريع اقامة حد الردة تحت ظروف المجتمعات المعاصرة ومع بروز شرعات الامم للحقوق
ولوجود القوة الفردانية وتناميها اصبح اكثر صعوبة ويشكل قتل المرتد مخاطر حقيقية
على سمعة الدين و معتنقيه
ومن ناحية اخرى تضائل
تأثير و نسبة اعداد المرتدين على كل حال فلم يعد لهم شأن يذكر و لن يشكلوا في
وقتنا الراهن اي خطورة يمكن ان تهز العقائد الراسخة لجموع الملايين من المعتنقين
للدين الاسلامي الحنيف.
في عصرنا الحالي لم
تبرز حالات ردة واسعة يمكن ان توصف بظواهر تستدعي اللجوء وتدخل تشريع حد الردة
لايقافها فيما عدى بعض الحالات الفردية المعدودة التي اتسمت بكونها تؤسس لحالات
عداء و استفزاز للدين و مقدساته على نسق ما اتخذه مجمع الفقة الاسلامي قبل سنوات
من قرار بإعلان ردة مجموعة القاديانية لادعاء مؤسسها النبوة و حتى هنا لم يسعى احد
لإقامة الحدود عليهم لتعذر ذلك.
عبدالكريم الممتن:*
لماذا ننتقد الدين""
دائما يواجهنا اغلب
الزملاء المتدينين بهذا السؤال... ؟
وغيره من الأسئلة
التكميمية الإقصائية...!!
مضمونها أن الدين خط
أحمر محجووز في المصباح العجيب، والسرداب السري ولا يتكلم عنه سوي فرساان المعبد
دوون سواهم... !؟!
وقد يبالغ احدهم في
عصبيته بقوله إنتوا مالكم..!!
اتركوا لنا الدين
وخليكم بحرياتكم الخالية من الخوازيق
وكأن حضرته يعيش في غير
كوكب.. لا يري التداخلات السافرة من رجاال الدين في حياته اليومية أو
في المجتمع نفسه..! ؟
أو كأنني أعيش في صوبه
زجاجية ولا أتأثر بكل نامووس ذلك المستنقع الذي أعيش فيه
مفهووم الدين ككل، سواء
كان سماوي مقدس أو أرضي وضعي أو أي فكره أو مذهب أو معطى إنساني في زمان ومكان،
ليس فوق النقد
كل ما يمس حياة الناس
ويؤثر فيها ويتأثر بها سواء بالسلب أو الإيجااب يجب اخضاعه للنظر وللمراجعة
والمناقشة والنقد، حتي يتم بشكل واضح سواء لبيان فوائده أو تجنب أضراره،
ولبيان قصوور أو تطويره وبلورته في صياغة جديدة
أي شخص صاحب موقف من
الدين لا ينتقد كراهية وعندا وتربصا ومؤامره كما يتوهم البعض، بل نتيجه بما فعله
الناس بالإسلام....!! ؟؟
فأصبحت الحياة من حولنا
يتم صبغتها بالوهم والخرافة واسلمتها تدريجيا دون ادني احترام لصاحب أي دين أو فكر
أو معتقد آخر نتيجة التحريم والمنع القسري لكل شيئ
نحن ننتقد الدين لأن
ملصقاته وأذكاره وخطب شيوخه وأأمته في وسائل الإتصاالات العامة، وصوت الآذان
يطاردني اينما ذهبت، أعيش في بلد تقدم نفسها بإعتبارها دولة اسلامية...!! ؟؟
فهل اترك القضية الأكبر
وأذهب لانتقد البوذية وغيرها..!!
كيف اخدم المجتمع وأنا
لا أأمن بقضاياه.. كيف اغير في مجتمع يرفض الآخر باستمرار، ويقدس كل ما هو متشابه
نمطي تقليدي..!!
هو فقط يفكك ويحلل ذالك
الخطاب الرسمي المقدس الذي تقدمه أنت وتؤمن به، وتجادل وتناظر للحصوول على ثوابه،
وتمووت وتقتل من حولك لأجله إن لزم الأمر
هناك حالة توتر وضغط
نفسي وسط السيووف والخناجر بين الحسبة والأمر بالمعرووف...!! ؟؟
هناك قانون علماني
ومواطنة تحمي حياة كل شخص، وتسمح بتعددية الأفكاار ومدارس النقد، هناك لا يعتبروون
افكارهم جزء منهم أو مقدساات مصمته، بل فضاااء مفتووح للأخذ والرد والشد والجذب في
حوار انساني متصل غرضه مشاركة المعرفه في ظل الأمن والحرية التي تتساوي على
الجميع.
عبدالكريم الممتن:*
"حكم المرتد بين الوحشية
والتناقض في العقيدة"
عندما تسمع بموضوع حكم المرتد في الإسلام، تشعر احيانا بسطحية الموضووع، أو عدم واقعيته..!!
لكن من ناحية أخري بعد
عدة حوادث حصلت آخرها مجدي علام أو سلمان رشدي ، وكيف أن المسلمين قاموا بهدر
دمهم، والهجووم علي مناطق تواجدهم وتم وضع حراسة لهذه الشخصيات حتي لا تتعرض للقتل...
لو اطلعنا علي مفهووم
حكم الردة وبشكل مبسط ومختصر نرى انه ينحصر في هذه التعاريف
:-
الردة: هي الكفر بعد
الإسلام
تنقسم الردة الي اربعة
اقسام:
1-
ردة الإعتقاد، كالشرك بالله
2- ردة بالأقوال، كسب الله ورسوله
3- ردة بالأفعال، كإلقاء المصحف في محل قذر، واستخفاف
بكلامه وعدم التصديق، وكذلك السجود لصنم أو للشمس أو القمر.
4-
الردة بالترك، كترك جميع شعائر الدين ، والإعراض عن العمل به
إذا ارتد مسلم
مختارا، أهدر دمه ويقتله الإمام حاكم المسلمين أو نائبه، ولا يغسل ولا يصلي عليه
ولا يدفن في مقابر المسلمين
تفسير البخاري
إن موضوع حكم المرتد،
لم ينزل صراحة في القرآن في نص واضح
الحديث المروي يقول (
لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدي ثلاث : النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق
التارك للجماعة)
نلاحظ ان المسلمين بنو
علي الحديث المنسوب، وبنوا حكما يساعدهم علي القتل لكل من يخالفهم ، وهذه عادة
تقووم على انهم يؤمنون بوجود الله، لا يكتفوون بذلك لأنفسهم، بل يقومون بتركيب قصص
وأحكاام ووضع مساراات للحياة وللآخرة، مع أن وظيفة التدين يجب أن تنحصر في التعبد
أو في الإيمان فقط عبر علاقة المخلووق بمن يعتقد أنه خالقه، من دوون زج الغيبياات
في شؤون الحياة وتصاريفها...!!؟؟
ليت الأموور تقف عند
هذا الحد
لقد فاقت خيالية الوضع
أقرانهم في طبيعة هذه العلاقة بين الإنسان ومعتقده لتبلغ قمة أو ذروة إنحطاط
الحضارة، عبر السماح لأنفسهم بتكفير من لا يوافقهم في الرأي، الذي لا يملكوون من
دليل واحد سوي الإيمان، ولا يمكن لأحد أن يختبر مفهوم الإيمان لدي أي شخص،
وإن كان لا بد فرجال
الدين يتحملون تشوهات الإيمان لدي انصارهم...! وعليه يجب محاكمتهم قبل غيرهم.
أولئك الذين رفضوا حكم
أبو بكر، ورفضوا دفع الزكاة له، تم تصويرهم كمرتدين وليس متمردين على حكم الدولة،
هناك فرق..!!
ثم ما أهمية الذي يرتد
عن دين، تحت ضرب السيف ترجع اليه..!!
أين العقل..!!
أين الدين في ذلك ، أين
حرية المعتقد...!!؟؟
إظهار الله بمفهوم ضعيف
لا يستطيع محاسبة الناس، لذلك يقومون بالمهمة عنه ، مع ذلك فهو مفهوم متناقض، ضعيف
لكنه بنفس الوقت دموي وسادي، ويحب الأضاحي البشرية التي خلقها..! إله محب للدماء
التي يسفكونها من أجله
في نفس الوقت لا يفوتهم
الإدعاء بأن الإسلام دين رحمة، وقلوبهم تكبر بذبح بعضهم البعض في صورة
متوحشة مرعبة في عصر الحضارة والتكنولوجيا...!! ؟؟
وإلا ما مبرر قتل شخص
لأنه لا يرى فيما ترى صواب..!!
لو فتحنا كتاب القرآن
سنكتشف فورا الخلل
"ولو شاء ربك لآمن من في
الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"؟؟؟
إن أكبر هبوط للأخلاق،
هو عندما أؤمن بالغيب في موضوع معين ثم أفرض عليك هذا الإيمان، ليس فقط ذلك بل
أقتلك عندما ترفض..!!
لماذا يطبق حكما كهذا
في حق أحدهم رفض أفكارهم بعد خمسة عشر قرنا من انتشار الإسلام... ؟؟
أهو الخوف على الدين
الجديد، أم هي الرغبة في القتل..!!
إن هذه الصورة أدت الى
الدموية كنتيجة طبيعية لغياب العقلانية وحشر الدين في كل شيئ من الهواء والماء إلى
السياسة والإقتصاد،
مشكلة أي جماعة
بشرية في هذا الكون منحصرة ضمن معيار الأخلاق واستخدام العقل لديها،
من لم تكن عنده هذه الثوابت لا يدعي أي مفهووم انساني، فما بالك بمفهووم الهي
يحاسب الناس من خلاله.
عمـــاد بو خمسين:*
"الدين يدافع عن نفسه"
أعتقد
أن العديد من الأحكام الإسلامية و الآيات و الأحاديث، كانت مقترنة بظروف خاصة
عاشتها الدعوة الإسلامية في بداياتها، حيث كان الإسلام محاصراً و مهدداً كما هو
معروف. لذلك كان واجباً أن يحمي الدين نفسه.
و
أزعم أن الدين يدافع عن نفسه من خلال طريقين:
-
حماية الدين ضد التهديد الخارجي.
هذا
التهديد يتمثل أولاً في المشركين، الذين خشوا أن يخسروا النفوذ السياسي و
الاقتصادي و الديني، ففرضوا الحصار على المسلمين في شعب أبي طالب ثم أعملوا السيف
فيهم من خلال الحروب. و ثانياً ضد اليهود و النصارى (أهل الكتاب) الذين كانوا
يكيدون المكائد ضد الإسلام و كانت لهم القدرة على الجدل و النقاش من خلال كتبهم و اطلاعهم
على الأديان السابقة.
هذا
التهديد الخارجي يفسر وجود آيات الحث على الجهاد ضد العدو كدفاع مشروع عن النفس، و
يفسر كذلك وجود بعض الآيات التي تسخر من جمود ذوي الديانات الأخرى على موروثات
آبائهم، بل و تصف بعضهم بالحمير التي تحمل أسفاراً و بعضهم بالكلاب التي تلهث
دائماً...
-
حماية الدين ضد التهديد الداخلي.
هذا
التهديد يأتي بسبب ضعف الأفراد أمام الضغط المفروض عليهم كالتعذيب أو سلبهم
أموالهم. فمن يدخل في الدين ثم يخرج منه سيتسبب في الكثير من البلبلة للآخرين
بالذات أن الإسلام لا زال في طور النشوء، مما أدى لظهور حديث من قبيل "من
بدّل دينه فاقتلوه".
ليس
فقط الخروج عن الدين هو تهديد، بل حتى الاختلاف عن الرأي السائد هو أيضاً تهديد
حتى لو لم يخرج صاحبه من حظيرة الإسلام، كما في حديث "كل بدعة ضلالة، و كل
ضلالة في النار". و سأضيف مثالا آخر على ذلك لاحقاً.
و
هكذا عندما كان الإسلام ديناً في طور التشكل كان واجباً عليه أن يحصن نفسه ضد عدو
خارجي و كذلك ضد عدو داخلي، و الحقيقة أن ما نسميه عدو هنا هو في الواقع طبيعة
بشرية إذ أن مقاومة الإنسان للأفكار الجديدة هو أمر طبيعي يتكرر في التاريخ
دائماً. كما أن الضعف أمام التعذيب الجسدي أو الاقتصادي أو غيره هو كذلك حالة
طبيعية فلكل إنسان قدرة على التحمل قد ينهار بعدها إلا القليلين.
و
لكن ماذا حصل للإسلام بعد أن أصبح عدد أتباعه بعدد حبات الرمل و صارت مساحته تغطي
نصف الكرة الأرضية؟ ماذا حصل للإسلام بعد أن تفرّق الناس أيدي سبأ داخل الدين
الواحد و ظهرت المذاهب الإسلامية المتعددة كما هو متوقع لكل دين يتمكن من فرض
نفسه؟
لا
زالت تلك الأحكام التي ظهرت في ظروف معينة سارية المفعول! إذ أنها عندما جاءت على
لسان النبي عليه الصلاة و السلام و على آله و صحبه لم يأتِ معها تاريخ صلاحية و لم
تحدد بمدة سريان المفعول. و هكذا ظلت تلاحق المسلمين إلى اليوم باعتبارها جزء من
التاريخ الديني المقدس الصالح لكل زمان و مكان كما يقال، و يبدو أنها ستلاحقهم إلى
يوم الدين.
أعود
لنقطة ذكرتها حول الاختلاف في الرأي، و كيف أن هذا الاختلاف هو تهديد داخلي
للإسلام يجب مقاومته. هنا أود أن أنقل هذا المقطع من بحث سابق لي بعنوان
"السب المقدس":
"...
من ضمن ذلك، الحديث الذي رواه الكليني عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه و آله: “إذا رأيتُم أهل الرِّيَبِ و البِدَع من بَعْدي
فأظهِرُوا البَرَاءَة منهُم و أكْثِرُوا مِن سَبِّهم و القولِ فيهم و الوقيعة، و
باهِتُوهُم كَيْلَا يطمَعُوا في الفسَادِ في الإسلام و يَحْذرَهم الناسُ و لا
يتعلّمُونَ من بِدَعِهِم. يكتبُ اللهُ لكم بذلك الحَسَنات و يرفعُ لكم به
الدّرَجَات في الآخِرة”
(الكليني،
أصول الكافي، باب مجالسة أهل المعاصي، ج2، ص 375. و هذا الحديث صححه المجلسي في
مرآة العقول ج 11 ص 7، و صححه الخوئي في مصباح الفقاهة ج1 ص 362، و عقّب عليه
الخوئي بتفصيل مهم مما يستحق الإطلاع عليه) .
عند
التأمّل في هذا الحديث نجد أنه يُحَرِّضُ على الإكثار من السبّ و البهتان و
الافتراء و ترويج الإشاعات و الكذب ضِدّ من أسماهم (أهل الرِيَب و البِدَع)… و لكن
ألا يعني ذلك أيضاً تحريض من ينتمون للمذاهب الأخرى على ظلم الشيعة و الكذب عليهم…
فكل مذهب يعتبر نفسه صحيحاً و الآخر مبتَدِعاً، و هذا الحديث الذي بين أيدينا
مرويٌ عن رسول الله، و بالتالي هو مُوَجَّه لكل المسلمين، و ليس للشيعة بشكل خاص.
إذن
فهذا الحديث في الواقع لا يبيح سب أهل البدع و الريب بل هو بمثابة إعلان حرب بين
كل مذهب إسلامي و المذاهب الأخرى. هل يتماشى هذا الحديث مع الخُلًق العظيم و الروح
النبوية التي اعتدناها في أحاديث و سيرة رسول الله؟
أين
هذا الحديث من حديث الرسول: “لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَ لَا
اللَّعَّانِ، وَ لَا الْفَاحِشِ وَ لَا الْبَذِيء” ، و قوله: “لا تَسُبُّوا الناسَ
فتكسَبُوا العَداوَةَ منهم” ، و قول جعفر الصادق: “إنّ اللهَ عزّ و جَلّ لمْ
يَبْعَثْ نبيّاً إلا بصِدْقِ الحَدِيثِ وأدَاءِ الأمَانَةِ إلى البَرّ والفَاجِر”
.
و
يقول الله تعالى: ﴿وَ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا
تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (المائدة: 8). و يقول تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ (النحل: 90). و يقول رسول
الله: “أيّها الناسُ ما جَاءكُم عنّي يُوَافِقُ كِتَابَ اللهِ فأنا قلتُه، و ما
جَاءكم يُخَالِفُ كِتابَ اللهِ فلمْ أقُلْه” (انتهى النقل. تكملة المقال و المصادر
على هذا الرابط: bukhamseen.net/16/ )."
ختاماً
أعود للقول بأن ظروفاً معينة كما يبدو استدعت ظهور أحكام معينة، ثم بعد أن قوي
الإسلام و صار هو المسيطر و صار الآخرون هم الأقلية، أصبحت تلك الأحكام تتصادم مع
حرية التعبير و حقوق الإنسان حسب مصطلحاتنا المعاصرة...
*عقيلة النجيدي:
"حرية أم وصاية"
( إن
الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل
بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيئ شهيد)
إنها
رسالة قرآنية جلية الوضوح والصراحة تجاه حرية الإعتقاد ؟!
فهل
الحرية الدينية قانون قرآني!!
اذا
قرأنا عبر التاريخ نجد وصايةً من بعض الجهات المهيمنة تعطي لنفسها الحق في مصادرة
الآخرين وتصفيتهم
تارةً
بسبب اختلاف في الرأي السياسي وتارةً أخرى بسبب اختلاف في الرأي الديني أو الفكري
ويكون ذلك بمسميات مختلفة تندرج احياناً تحت مسمى محاربة الزندقة وأحياناً بمسمى
التصدي للبدع والأفكار المنحرفة في الأوساط الدينية فهل ينتهي المطاف بعنونتها
جميعاً تحت عنوان الردة عن الدين ؟!
ولا
أعني بسؤالي من يخالف ويجيش الجيوش ضد الاسلام !!
حدث
مثلاً في عهد الدولة العباسيه حين خلافة المهدي أن كانت تهمة الزندقة وسيلة
للتشفي من الأعداء والخصوم حيث يعاقبون بالقتل!!
فكان
يكفي الإرتباك أثناء قراءة القرآن مبرراً للقتل.
وخلفاء
آخرون قاموا بقمع وقتل من خالفهم في مسائل عقدية كما حدث في مسألة القول بخلق
القرآن
ومنهم
الرشيد الذي يتبنى أن القرآن ليس بمخلوق بالتالي يقتل من خالفه في ذلك !!
كان
هذا تاريخياً
أما
حديثاً
فهل
سيكون الطريق الأسهل والأسرع لقمع الآراء المخالفة هو إراقة وسفك الدماء سواءً
بمسميات مختلفة لهيمنة تلك الوصاية أو عنونتها بالردة عن الدين؟!!
وبالتالي
تصبح المخالفة في الرأي وسيلة لاستهداف المخالف في وجوده المادي والمعنوي
الردة
أم الوصاية أم التكفير أياً كان المسمى .. يمكن استغلالها في التصفية !!
*عبدالله الداوود:
"حكم الردة بين الشرعي و القانوني"
من
القواعد العقدية الدائرة على ألسنة المتشرعة أن الأحكام الشرعية ألطاف في المصالح
الواقعية ... بمعنى أن الشرع كاشف إضافي أو مؤكد لمصالح واقعية قد يصل العقل أو
الفطرة أو التجربة البشرية لها ذاتا أو يقعد عنها مع تسليمه بأن مصدر هذه الأحكام
منزه عن الجهل والغفلة والمصلحة و الغرض .
هذا
بعد التسليم بصحة الدين وعصمة المبلغ ... وهو ظاهر في قطعيات الشرع ... أما في
فرعيات الدين فلابد من الرجوع لأهل الإختصاص والدراية الثقات ... وهي سيرة العقلاء
في كل تخصص وشأن .
ومسألة
حد الردة مسألة اجتهادية ... يرجع فيها غير المختص للمختص كغيرها.
وعند
الرجوع لبعض الكتب الفقهية الاستدلالية ككتب السيد الأردبيلي سيجد الباحث أن هناك
قيودا كثيرة وجهة اختصاص تتصدى لهذ الأمر في نطاق ضيق .
بقي أن
هناك عشرات المسائل الفرعية بحاجة لإعادة دراستها لشدة الابتلاء و تغير الزمان
والمكان .
وهو
أمر متحقق ... فلو جمع ماكتب أوترجم للعربية خلال العقدين المنصرمين في حد الردة
وحدها لتعسر على الباحث النظر فيه لسعته .
وهي
أبحاث متعمقة أصيلة منفتحة على معطيات الزمان ومتغيرات المكان مما يبشر وفق رأي
المختصين بنهضة فقهية وفكرية كبرى .
غير أن
ممارسة جلد الذات وفرض القناعات على الأدلة مما لا يمكن للمتشرعة قبوله بحال .
و مثله
التعرض للشخصيات العلمية التي عرفت بتقواها وفقاهتها بالطعن والتعريض والتشكيك في
محاولة لشخصنة الأفكار و الإثارة .
دون أن
يعني ذلك اغلاق الأبواب دون الأسئلة العالقة .
ولعل
أكبر المشكلات في التوظيف السياسي لبعض الأحكام الشرعية مما يثير زوبعة من الحكمة
توجيهها للإستغلال السيئ والظالم والإنتقائي للأحكام الشرعية .
وفقتم
جميعا لكل خير ورشد .
الإلتزام
بالقانون هل يعني القناعة الذاتية بجميع مفرداته ؟
يشيع
في الأوساط المفكرة في شتى الحضارات مبدأ احترام القانون والتحاكم إليه فهل يعني
ذلك القناعة الداخلية بجميع مفردات القانون ؟
هل
ينفي التوظيف السيئ للقانون أهمية التسليم له والتحاكم إليه ؟.
طبعا
هم يطالبون بمراجعة القوانين ووضع الأنظمة التي تحد من الخروج عليها أو سوء
استخدامها ويرفعون التقارير التي تبرر أهمية المراجعة وصور الاستغلال غير المبرر
لبعض الثغرات في القانون أو في آلية تنفيذه أو الإشراف عليه .
لكنهم
يسلمون له وينقادون اليه بل ويرفضون مخالفته لعدم استقامة الحياة بدون نظام حاكم .
يدعونا
كل ذلك لأمرين :
الأول
: التسليم للقانون .
الثاني
: بيان الثغرات والمشكلات التي تلازم تطبيقه والمطالبة بإعادة النظر فيه شكلا
ومضمونا .
ومن الواضح أنهم يجرمون عدم احترام القوانين أو
التعرض للقضاة .
وهم
يتحاكمون لأهل الخبرة والإختصاص لجلاء نص القوانين فضلا عن روحها ولازمها عندما
يختلفون في تفسيرها ...أليس كذلك ...
وعليه
فهل من سبيل لنا سوى الرجوع للفقهاء العدول من أهل التجربة والمعرفة جزئيات
الأحكام والقوانين بإعتبارنا مسلمين
...
حقيقة
لا أرى طريقا أخر ...
والله
المسدد والموفق للجميع .
*جاسم عساكر:
"التدين بين الاكراه و الاختيار"
جمال
التدين أن يكون طوعا واختيارا وبالحرية يكون تمحيص المؤمنين لا بالإكراه وهذا ما
تعهده الله تعالى لخلقه بعدما أبان لهم طريق الهداية، وإن الله ليس فقط لم يكره
الناس على دينه بل حذر من الإكراه (أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) والذي
يطلق هذا التحذير ولمن !! لأعظم الخلق عنده ، بالتأكيد لا يمكن أن يخالف عدله
وحكمته بسن قانون القتل لمن لا يرغب في دينه ..
إذن
المعوّل كل المعوّل يكمن في حرية الاختيار ومتى تم الإكراه بطلت العقيدة لأنها
بذلك تتحول إلى نفق لا يقود الا إلى نفاق وبقاء الفرد على كفره أفضل من صناعته
منافقا .
وبما
أن الله نهى عن قتل المرتد عن دينه ، وأعطاه فسحة الانتخاب والاختيار إذن من أين
أتى هذا الحكم ؟؟
في
تصوري أن هذا الحكم نشأ في ظل إحدى اثنتين :
إما
تثبيت حكم سياسي .
أو
استحسان رجل دين وإذا تجاوزت ولم أقل تعصبه سأقول بدافع الغيرة والحرص على الدين
بتغليظ العقوبة على تاركه ، وإن نوايا رجل الدين الطيبة لا تعني إعطاء الشرعية له
فيما استحسن أو أراد ، فالإيمان شيء آخر مختلف جدا عن فهم الإيمان .
وإذا
جاز قتل المرتد عن الإسلام جاز قتل المخالف من كل مذهب بالنسبة للمذهب الآخر لأن
من يعتنق مذهبا مرجحا إياه على غيره فإن يعترف ضمنا ببطلان المذهب الآخر حتما وإن
تفلسف المتفلسفون من المتدينين بألسنتهم أنهم مؤتلفون مع مخاليفهم ، ومعهم حق في
ذلك لأنهم مغيبون أصلا ولكنهم يظنون ما يقولون .
وإذا
جاز لنا أن نشرعن قتل المرتد عن الإسلام لأننا نراه الحق فلا نعتب على اليهود
والنصارى فيما يرونه من دينهم أيضاً وأن كلا منهما يرى الحق عنده ويرفض الآخر (
وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء) وقد ورد
هذا في موطن الذم من القرآن الكريم كما هو واضح من سياق الآية فكيف يرتضي القرآن
لنفسه ما يذم به غيره !!.
وعلى
فرض وجود هذا الحكم في الدولة الإسلامية في تثبيت قواعدها وإرساء دعائمها فهو ناظر
إلى ظروفها كدولة إسلام قبالة دولة كفر ومن ارتد فهو في نظرها خائن للدولة أو عميل
كمن يخون وطنه اليوم ، وأما و قد حلت الحضارة والمدنية وأصبحت الجغرافيا هي من
تتسيد فلا يمكن بحال أن يكون هذا الحكم صالحا أبدا ، علما أن الله توعد من يرتد عن
دينه بإحباط عمله لا بقتله (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت
أعمالهم) حيث تكفل الله بالأمر ولم يوكله لأحد بل ولم يطلب من أحد أن يستتيب مرتدا
دنيويا بل توعد أخرويا وهذا شأنه لا شأن البشر النزاعين إلى ما لا يعنيهم .
أزمتنا الفكرية وحد الردة نموذج""
صـــلاح الهاجــــري:*
من اهم احتياجات الأنسان الفكر الحر المبني على الواقع وعند
بحث اي مسألة يجب معرفة اهمية تلك المسألة للواقع ودراستها وفق معطيات الحاظر
المكاني و الزماني و الفكري لتكون النتائج مفيده و قابلة للتطبيق
من الملاحظ ان نقاش مسألة الرده في الأيام السابقه عكس بعض
جوانب ازمتنا الفكريه و تشتتنا الفكري من خلا مناقشة هذا الموضوع في الجوانب
البعيده عن حياتنا و واقعنا من عدة جوانب وترك الجوانب التي تعنينا وعدم مناقشتها
وما هذا الموضوع الا مثال عن طريقة تناولنا للمواضيع المهمة و الحساسه التي تمس
حياتنا بشكل مباشر هنا سأتطرق للمحاور التي تم مناقشتها في الأيام القليلة
الماضيه
فقد تم مناقشة الموضوع في ثلاثة محاور بعيده عن حياتنا و
واقعنا
1 من الناحيه المكانيه
تم مناقشة المشكله في الدول المجاورة مثل مصر و ايران و ترك
النقاش حولها في بلادنا التي نعيش فيها ونحن جزئ منها
2 من الناحية الزمانيه
تم مناقشة الماضي منذ ظهور اول مشكله لحكم الردة في حرب ابي بكر
المعرفه الى الى سلمان رشدي الى وحامد ابو زيد و ترك موضوع من حكم عليهم بالردة في
واقعنا المعاصر وفي بلادنا و في محاكمنا مثل كاشغري او رائف بدوي و
غيرهما
3 الناحيه الفكريه
تم مناقشة الموضوع من خلال الشيعة و من خلال اهل السنة و الأزهر
الذي يدين بالمذهب الحنفي و لم يناقش ابدا من خلال المنظور السلفي الذي تدين به
محاكمنا الشرعيه في بلادنا
وهكذا حالنا في معظم المواضيع التي تخضع للنقاش و التحليل
سواء بين المثقفين او الحداثيين او التقليديين حيث يتم مناقشتها بعيدا عن
واقعنا و معطياته
شكراً لهذه الجهود العظيمة.
ردحذف