السبت، 21 ديسمبر 2013

الأربعــــين


الأربعــــــــين


المشاركون :

علي البحراني:                         الاربعين ... في التراث الشيعي
عبدالله الرستم :                      الاربعين  ... الجذور التاريخية و الدينية
عقيل العليوي:                        في ذكرى الاربعين
عبدالكريم الممتن:                    الطقوس في الاربعين
كاظم الخليفة:                         (الشيعة وترميز الوصايا.. الأربعين نموذجاً)
عبد الرضا الحمود :                  فلسفة شعائر الاربعين
جاسم عساكر:                        عناوين في الاربعين
جبران العلي:                          رأيتُ فيما لا يرى إلا النائم..
مهدي الرمضان:                     مسيرات الاربعين وتنامي الظاهرة الشيعية إقليميا
عصام البقشي:                       مارثون الاربعين  .. التوظيف الاقتصادي
عبدالله الداوود :                      زوار الاربعين

****************************************




علي البحراني:

الاربعين ... في التراث الشيعي

سميت هذه الزيارة بالأربعين لأنها تمثل مرور أربعين يوما من أستشهاد الإمام الحسين عليه السلام في العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة.
كما إن هذه الزيارة توافق في يوم العشرين من صفر الخير وهو اليوم الذي ورد فيه الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري إلى المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام فكان أول من زاره من الناس.
وفي هذا اليوم أيضاً وافق رجوع عيال الإمام الحسين عليه السلام من الشام إلى كربلاء مرة أخرى بقيادة الإمام زين العابدين عليه السلام فالتقى بجابر عليه السلام.
من هنا بدأت زيارة الأربعين الإمام الحسين عليه السلام كما أنه اليوم الذي رجعت فيه رؤوس لأهل البيت عليهم السلام إلى أبدانهم في كربلاء
ويروى إن الصحابي جابر الأنصاري في يوم العشرين من صفر وقف على القبر الشريف لأبي عبد الله الحسين فأجهش بالبكاء وقال يا حسين ثلاثاً، ثم قال حبيب لا يجيب حبيبه وأنّى لك بالجواب وقد شطحت أوداجك على أنباجك، وفُرقَّ بين رأسك وبدنك، فأشهد أنك ابن خاتم النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء، ومالك ما تكون كذلك وقد غذتك كف سيد المرسلين، وربيت في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الإيمان وقطمت بالإسلام فطبت حياً وطبت ميتاً غير أن قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك ولا شاكة في الخيرة لك، فعليك سلام الله ورضوانه، وأشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك المجتبى ابن زكريا.
( ثم جال بصرة حول القبر وقال السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، وأشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين، والذي بعث محمداً بالحق نبيا، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه) فقال له عطية العوفي كيف؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأؤتمت أولادهم وأرملت الأزواج، فقال له جابر: (إني سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أحب قوماً كان معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم، والذي بعث محمداً بالحق نبيا إن نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين عليه السلام وأصحابه
22:55 14 ديسمبر - بورضوان البحراني: كما إن يوم الأربعين من النواميس المتعارفة للاعتناء بالفقيد بعد أربعين يوماً، فكيف نفهم هذا المعنى عندما يتجلى في موضوع كالإمام الحسين (عليه السلام) الذي بكته السماء أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، ومثل ذلك فالملائكة بكت عليه أربعين صباحاً، وما إختضبت امرأة منا ولا أدهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد وما زلنا في عبرة من بعده، كما جاء في مستدرك الوسائل للنوري، ص215، باب 94، عن زرارة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) ولفيفهم.
بالإضافة إذا أمعن الخطيب أو الشاعر في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وذكر مصيبته وأهل بيته (عليهم السلام) تفتح له أبواب من الفضيلة كانت موصده عليه قبل ذلك ولهذا اطردت عادة الشيعة على تجديد العهد بتلكم الأحوال يوم الأربعين من كل سنة ولعل رواية أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أن السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء تلميحُ إلى هذه الممارسة المألوفة بين الناس.

وتروي كتب التاريخ أن أول زائر لقبر الحسين(عليه السلام) هو عبد الله بن الحر الجعفي لقرب موضعه منه، قصد الطف ووقف على الأجداث ونظر إلى مصارع القوم فاستعبر باكياً، ورثى الحسين بقصيدة معروفة: يقول أمير غادر وابن غادر ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمه فواندمي ألا أكون نصرته ألا كل نفس لا تسدد نادم (أهم مراراً أن أسير بجحفل إلى فئة زاغت عن الحق ظالمه) (الطبري: 6/271)

وجاء في بحار الأنوار أن أول من قرأ الشعر على مصيبة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) غير عبد الله بن الحر الجعفي المذكورة قصيدته آنفاً هو الشاعر عقبة بن عمرو السهمي من قبيلة بني سهم: إذا العين قرّت في الجنان وأنتم تخافون في الدنيا فأظلم نورها مررت على قبر الحسين بكربلاء ففاض عليه من دموعي الأنوار: 10/167)
وذكر الشيخ الطوسي في رجاله: (إن أول زائر لقبر الحسين (عليه السلام) في كربلاء هو جابر بن عبد الله الأنصاري السلمي الخزرجي، ويظهر من استقراء الروايات الواردة في هذا الباب أن جابر بن عبد الله هو أول زائر للقبر في يوم الأربعين) (موسوعة العتبات المقدسة: جعفر الخليلي 8/257).)


زيارة سيّد الشّهداء أبي عبدالله الحسين في عشرين صفر من كلّ عام، وهي المعروفة بزيارة الأربعين.


وقبل الحديث عن هذه الزّيارة، لا بدّ من ردّ بعض الشّبهات التي أثيرت حول تأبين الأموات، حيث نفى البعض تأبين العرب موتاهم في أوقات محدّدة في شبه الجزيرة العربيّة، واكتفاؤهم برثائهم بُعيد الموت، وأنّ عادة تأبين الميت عادة غريبة عن العرب، تسلّلت إليهم من عادات وتقاليد شعوب أعجميّة، وأنّ لبس الثّياب السّود عادة فرعونيّة في مصر القديمة، وأنّ الإسلام نهى عن المراثي جمعيها.


الاربعين هي عادة مصرية قديمة منذ عهد الفراعنة مازل المصريون يزاولونها حتى اليوم, وهي الذهاب إلى قبر الميت وإحياء ذكراه بعد موته بأربعين يوماً وفي ذكرى وفاته وفى ذكرى الاربعين ويجتمع اهل الميت ويبدئون قراءة القران وذكر الله ترحما على روح الميت ،ولا ينزعون لبسهم الأسود إلا بعد الأربعين.

يتكرّر ذكر العدد الأربعين في القرآن الكريم وفي الأحاديث الشّريفة، وكذلك في تفاسير كثيرة لآيات بيّنات عند المفسرّين على اختلاف مذاهبهم، فعلى سبيل المثال، ورد في القرآن الكريم:

﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾البقرة:51.

﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ المائدة: 26.

﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ الأعراف: 142.

﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ الأحقاف: 15.

أمّا الأحاديث الوارد فيها ذكر "الأربعين"، فتكاد لا تحصى، واخترنا منها بعض ما له علاقة بالبكاء على الميت:

- عن رسول الله : إنّ الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحاً.

- عن الإمام محمد الباقر (ع) أنّه قال: إنّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً.

كما تتزامن إقامة الشعائر الحسينيّة في يوم الأربعين مع ذكرى رجوع الرأس الشريف للامام الحسين عليه السلام من الشام إلى العراق ، ودفنه مع الجسد الطاهر في يوم العشرين من صفر كما جاء في الروايات ، ويسمى هذا اليوم في العراق (مَرَد الرأس) , فتقام الشعائر استذكاراً لهذه الحادثة الأليمة فتتجدّد الأحزان .

وفي تفسير آيات القرآن الكريم نجد تكراراً للعدد "الأربعين"، عند المفسّرين المسلمين، شيعة وسنّة، من ذلك ما رواه الطّباطبائيّ عند الحديث عن مقتل ابن آدم(ع) على يد أخيه وشرح الأسباب والنتّائج، في الآيات: 27، 28، 29، 30، 31 في سورة المائدة:«انصرف آدم يبكي على هابيل أربعين يوماً وليلة».

ومما قاله الماورديّ في "النّكت والعيون" في قوله تعالى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِم السَّمَاءُ وَالأَرْضُ﴾ الدّخان/29: «أنّ السّماء والأرض تبكيان على المؤمن أربعين صباحاً ؛ قاله مجاهد».

ومن لطائف المعارف التي أوردها وِل ديورانت Durant Will في موسوعة: قصّة الحضارة في حديثه عن زراعة الزّيتون في اليونان القديمة:«أنّ شجرة الزّيتون لا تُؤتي أُكلها إلّا بعد ستّة عشر عاماً من زرعها، ولا يُكتمل نُموّها إلّا بعد أربعين».







عبدالله الرستم :

الاربعين  ... الجذور التاريخية و الدينية


1- المسألة في جذورها (تاريخية) و(دينية)، ذلك أنه من خلال البحث عن طريق الكتب - في حدود اطﻻعي القاصر - فإن هناك ما يشير إلى مسألة اﻷربعين.

2- الدليل على أنها تاريخية ودينية هو ارتباطها بحدث تاريخي هو:
استشهاد الحسين (ع) ورجوع الركب الحسيني بعداربعين يوماً. ومن بعدها يستفاد من بعض روايات الأئمة (ع) استحباب الزيارة في الأربعين.

3- ينبغي التفريق بين الحشود المؤلفة للزيارة، وبين الأصل لها، فهناك من العلماء من ﻻ يؤمن برجوع الركب الحسيني في العشرين من صفر إلى كربﻻء، ﻻعتبارات كثيرة، ربما أتطرق لها فيما بعد، وكذا لن أتطرق عما يجري في الوقت الحالي من ممارسات إبان الزيارة، ﻷن هذا له جوانبه اﻻجتماعية، والسياسية.

4- العلماء اختلفوا في إمكانية رجوع الركب الحسيني إلى كربﻻء في يوم العشرين من صفر، فهناك من يدافع دفاع المستميت في إمكانية الرجوع، وهناك نقيضه، وكل له دليله الذي يتكئ عليه.

5- أرجو أن أضيف في المقال القادم ما يساعد على استيعاب هذه الممارسة؛ لتتضح جلية الحال.

ذكرتُ سلفاً أن هناك أقواﻻً مختلفة، وهذه حالة طبيعية تحصل في كل حدثٍ تاريخي بحجم واقعة الطف، والقراءة التاريخية لحدث الطف لا يمكن له اﻻتكاء على أقدم المصادر فحسب!!
بل قراءة سياق الخبر التاريخي، والذي بحاجة إلى أدوات تتناسب ومعطيات المسائل المحيطة بهذا الحدث.

أسوق قول ابن نما الحلي (ت 645) من كتابه (مثير الأحزان)، حيث قال:

(ولما مرّ عيال الحسين (ع) بكربﻻء وجدوا جابر بن عبدالله اﻷنصاري رحمة الله عليه وجماعة من بني هاشم قدموا لزيارته في وقت واحد فتﻻقوا بالحزن واﻻكتئاب، والنوح على هذا المصاب المقرّح ﻷكباد الأحباب). ص107

تفسير الخبر:
ﻻ يوجد ما يفيد في الخبر الذي ذكره ابن نما الحلّي أي شيء يرتبط باليوم أو الشهر أو غير ذلك.
كل ما في الخبر أن ابن نما الحلّي قال أنه حصل لقاءٌ بين جابر والإمام زين العابدين (ع)، والخبر واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.



أما رواية السيد ابن طاووس (ت664) في كتابه (اللهوف/الملهوف)، فإنه يقول:

(قال الراوي: لما رجع نساء الحسين (ع) وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربﻻء فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري (رض) وجماعة من بني هاشم ورجاﻻً من آل رسول الله (ص) قد وردوا لزيارة قبر الحسين (ع) فوافوا في وقت واحد وتﻻقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم المقرّحة لﻷكباد واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك أياماً). ص114

تفسير الخبر:
الرواية واضحة كسابقتها، فهي ليست بغامضة حتى نفك طﻻسمها!!
فلم يذكر السيد ابن طاووس تاريخاً وﻻ شهراً وﻻ يوماً.
والسيد ابن طاووس نفسه ينفي وجود حرم الحسين (ع) في كربلاء يوم الأربعين في كتابه (إقبال الأعمال).


إثبات الأربعين

وقعت عيني على مصدرين متقدمين على ابن نما الحلّي والسيد ابن طاووس، وهما على النحو التالي:

1. الشيخ المفيد (ت413) في كتابه (مسار الشيعة في مختصر تواريخ الشريعة):
(وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدننا وموﻻنا الحسين أبي عبدالله (ع) من الشام إلى مدينة الرسول (ص)، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبدالله الأنصاري - صاحب رسول الله (ص) - من المدينة إلى كربﻻء لزيارة قبر سيدنان أبي عبدالله الحسين (ع)، فكان أول من زاره من الناس). [صفر ص46].

2. قول الشيخ الطوسي (ت 460) في كتابه (مصباح المتهجد):
(وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا أبي عبدالله الحسين بن علي (ع) من الشام إلى مدينة رسول الله (ص)، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبدالله الأنصاري - صاحب رسول الله (ص) - من المدينة إلى كربﻻءء لزيارة قبر أبي عبدالله (ع)، فكان أول من زاره من الناس. ويستحب زيارته (ع) فيه وهي زيارة الأربعين.
فروي عن أبي محمد العسكري (ع) أنه قال: عﻻمات المؤمنين خمس: صﻻة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم). [أعمال شهر صفر ص462]


: تعليق

من خلال الروايتين السابقتين مع اختصاري لشيء يسير ﻻ يخل بالرواية، أرى أن الشيخ الطوسي وافق الشيخ المفيد، وربما نقل نص الرواية من كتاب (مسار الشيعة).
ولكن!! أرى أن هذا ﻻ يمكن أن يقع وصول الإمام زين العابدين (ع) المدينة المنورة في تاريخ 20 صفر!! ﻻ على سبيل (الإمكان) وﻻ (الوقوع)، ولو تم حساب الفترة الزمانية التي قضاها الحرم الحسيني من كربﻻء إلى الكوفة وإلى الشام وإلى بعض الأماكن مروراً بكربﻻء، لرأينا أن الفترة الزمانية ﻻ تساعد أن يكون الحرم الحسيني في هذا التاريخ قد وصل للمدينة.
مسألة تواجده في كربﻻء محل نظر فكيف وصوله للمدينة، مع النظر أن الشيخ المفيد والطوسي لم يذكرا التقاء جابر بزين العابدين (ع) في كربﻻء، وهذا إحدى أمرين:
1- أن الركب الحسيني لم يعرّج على كربﻻء.
2- أنه عرّج على كربﻻء ولكنه لم يلتق بجابر.

وكﻻ الأمرين مخالفين لمعظم النصوص التاريخية التي ذكرها المؤرخون، لذا - أرى والله أعلم - أن ما ذكر المفيد والطوسي أعﻻه، ﻻ يمكن حصوله مقارنة بالفترة الزمانية التي ﻻ تسعف الفارس فضﻻ من الوصول إلى هذا المكان بمحملٍ مليء بالنساء والأطفال.

      حول روايات زيارة الأربعين:

يبدو أن الرواية المروية عن الإمام العسكري (ع) حول زيارة الأربعين، تشكّل قطب الرحى في استحباب زيارة الأربعين، ومنها ينطلق الفقهاء في استحباب الزيارة في هذا التاريخ.
الروايات المروية عن اﻷئمة (ع) يبدو منها أنها إشارة إلى زيارة عامة، ومنها ما هو مقيّد بليالي الجمع وعاشوراء وغيرها من الأوقات، بيد أن يوم الأربعين ﻻ يوجد إلا هذه الرواية، ورواية أخرى مروية عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (ع) ذكرها محمد بن الحسن القمّي (القرن السابع) في كتابه (الدر النضيد)، ورواية ذكرها ابن أبي جمهور الأحسائي (القرن الثامن) في كتابه (عوالي اللآلي).
فإن ثبتت الرواية صحتها فهذا يعطينا مؤشراً أن الركب الحسيني كان موجوداً في يوم الأربعين، ومنها انطلق اﻻستحباب.
حيث إنه ليس من المعقول أن يكون اﻻستحباب بمجرد زيارة جابر بن عبدالله الأنصاري (رض) وإن كان ذو مكانة عالية!! لكن من المعقول أن تكون زيارة زين العابدين (ع) يُبنى عليها بعض الممارسات كونه فعل المعصوم.
في حين أن الروايات التاريخية ﻻ تؤيّد وجود الإمام زين العابدين (ع) يوم الأربعين، وهذا بحثٌ مرتبط بسند الرواية ودﻻلتها، وهذا مجالٌ يقصر باعي عن الخوض فيه.


(1)
لعل أمراً ما يجعل كثيراً من المحققين يقفون حائرين، وذلك ﻷنهم ﻻ يتعرضون للرواية المروية عن الإمام العسكري (ع)، وهي التي استشهد بها كثير من الأعﻻم منذ عهد الغيبة وحتى وقتنا الحاضر، وذلك ما رأيته من خﻻل مراجعة بعض المصادر على وجه السرعة، أمثال:
المزار، للشيخ المفيد.
مصباح المتهجدر، للشيخ الطوسي.
إقبال الأعمال: للسيد ابن طاووس
وسائل الشيعة: للحر العاملي
زاد المعاد: للشيخ المجلسي
أبواب الجنان: للشيخ خضر شلّال
...وحتى وقتنا الراهن.

ولو رجعنا إلى هؤﻻء الأعﻻم، لرأينا أن حجتهم في اعتماد الرواية أنهم أصحاب اختصاص، والأمر الآخر أنهم لم يذكروا في كتبهم إلا ما اطمأنوا له من خﻻل دراستهم وفحصهم لكثير من الروايات، ومنها الرواية المروية عن الإمام العسكري (ع)، وهذا مما يرجّح عندهم أن مجيء زين العابدين (ع) كان يوم 20 صفر، كقرينة قوية يمكن الاتكاء عليها، رغم عدم وجود تصريح لهم في هذا الميدان. ولا أعلم لماذا لم يتم التطرق إلى رواية ابن أبي جمهور ورواية محمد بن الحسن القمي!!


(2)

تتمة لما ذكر أعﻻه:
بعض المحققين المعاصرين - بحسب المصادر التي بين يدي - أن جل تركيزهم على الروايات التاريخية، وﻻ أعلم ما هو السر في ذلك، وربما أني لم ألتفت إلى بعض قرائنهم التي ركنوا إليها.


أمر ما استغربته، وهو:
أن الرواية المروية عن الإمام العسكري (ع) والتي ذكرناها سلفاً، والتي رواها معظم علمائنا الأعﻻم، أن الرواية تلك، ذكرها الشيخ/ ابن أبي جمهور الأحسائي (ت 880) في كتابه (عوالي الﻵليء) ج4 ص33 ح144 أنها مروية عن الإمام الصادق عليه السﻻم.
ولو ثبت ذلك لأعطانا قرينة أكبر من حيث صحّة مجيء الركب الحسيني إلى كربﻻء يوم 20 صفر، وذلك لقرب عصر الإمام الصادق (ع) من واقعة الطف.


: تنبيه

حول رواية (عﻻمات المؤمن خمس ...الخ)، ﻻ أقصد أن الرواية إذا رويت عن الإمام الصادق (ع) تسقط اعتباريّتها أو قوّتها إذا رويت عن إمام آخر!!
بل أقصد أن هناك تأكيد من قبل الأئمة (ع) على زيارة الأربعين، سواءً كانت هناك ظروف محيطة أم لم تكن.
وبحسب تحليل أخينا (كاظم الخليفة) وهو تحليل مقبول، فإن الرواية لو رويت عن الإمام الصادق (ع) فﻻ معنى للظروف المحيطة، وربما رويت عن الإمام الصادق (ع) وتكررت على لسان الإمام العسكري (ع)، وهذا أمر وارد في اختﻻف الصيغ أو ذات الصيغة على لسان الأئمة (ع).


عوداً على ذكرى الأربعين

بعيداً عن البحث الروائي في قضية اﻷربعين، أقول التالي:
إن اﻷربعين أصبحت جزءاً من الهوية الشيعية بل إن زيارة الحسين (ع) كذلك، وسبب جعلها هوية ذلك أن هناك من سخّر جهده لمحاربتها من قبل بعض من تولى زمام اﻷمور في تاريخ العراق، الحال ذاته حينما تحارب عادة معينة أو شيء من التاريخ الشعبي له مدلول ديني وغير ديني سيأخذ هذا الصدى الواسع عند الناس ويتشبثوا به وإن أودى ببعضهم إلى السجن والتنكيل حفاظاً على هذا الشيء الذي يعد هويته؛ ﻷن محاربة ذلك الشيء يعني محاربة الشخص.

لكن زيارة الأربعين ليست من الطقوس الشعبية التي تم إلباسها لباسا دينيا لتكون هوية للتشيع!!
بل لها مصاديق متعددة منها أنها تشكل هوية للتشيع .. مع النظر أن الاختﻻف في استحبابها وتاريخها ودﻻلتها مازال موضوعا على منصة البحث والتحقيق من قبل المختصين.
والاختلاف ﻻيفسد في الود قضية





عقيل العليوي:

في ذكرى الاربعين


 قضية الاربعين ذكرها بن نما الحلي في كتابه مثير الاحزان وذكرها بن طاووس في كتابه اللهوف في قتلى الطفوف وممن استبعد الالتقاء الشهيد مطهري في كتابه الملحمة وعلق السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه عاشوراء فوق الشبهات الى عدم الاطمئنان الى النسخه المترجمه لكتاب الملحمه لذا لايمكن الوثوق بهذا الكلام ثم ان كتب الزيارات تذكر زيارة الاربعين من ضمن الزيارات كما هو معروف وايضا ان زيارة الاربعين المذكورة في الرواية تدل على زيارة الحسين عليه السلام فالعشرين من صفر وذلك لعدة اسباب السبب الاول سيرة المتشرعه في عهد الائمة والذي دل على زيارتهم ثانيا الالف واللم للعهديه عند المخاطب بذلك يستشف انها موجوده ومعروفه وايضا التبادر اي الفهم الاولي للاربعين عند المؤمنين منحصر في زيارة الاربعين لذا الاربعين موجوده في الارث الشيعي اما المشي فهو من الماكد على استحبابه لزيارة الامام الحسين عليه السلام وكذلك الاطعام وقد سجلت هذه الزيارة اعداد مليونيه وضخمه تعد من اضخم التجمعات البشرية ينبغي الاستفادة منها في التعريف بمادئ اهل البيت واظها اهداف الشيعه ومن هم وماهي الخطوط العامه لمذهب الشيعه وايضا علينا كشيعه مناقشة الاوضاع الداخليه للشيعه وتفعيل الحوار الشيعي الشيعي والدعوة الى التمسك بالخطوط العريضه وافتراض ان الاختلاف امر مقبول وليس مفروض فالمذهب فالاجتهاد بابه مفتوح وان مايطرح فالساحه هو قراءات  وليس المذهب بعينه كذلك ينبغي دراسة الشعائر وماهو الدور المطلوب منها وهل تتوافق في اظهارها اعلاميا ام الا وكذلك ينبغي رفع تقرير للمرجعيات حول هذه الزيارة وعرض ماهو موجود من ممارسات في الزيارات ومايكون في مقامات المعصومين عليهم السلام لكي نتجنب الوقوع في محظورات ينبغي على المؤمنين الابتعاد عنها .


 احياء مناسبة الاربعين يعني تعريف صاحب المناسبة والمحتفي بالمناسبة وهو المحيي لها اما صاحب المناسبة وهو الامام الحسين عليه السلام جدير بنا ان نعرف الحسين للعالم فالحسين يحتاج تعريف داخل المسلمين وتعريف خارج دائرة المسلمين كل فئة لها تعريف للامام عليه السلام اما المسلمين عليهم ان يعرفوا مقام الحسين في العقل الاسلامي واهمية حركة الحسين وفكره وكيفية اعادة العصر الذهبي للاسلام عبر ثورته عليه السلام وان الحسين يعتبر عنصر مؤثر في نهضة المسلمين واما الشيعة فعليهم ان يظهروا صورة الحسين بمعنى اوضح واجلى من سائر المسلمين فالشيعة هم من احتضن اعلام نهضة الحسين ومن عايش قضية الحسين على طول الخط لذا فالشيعة على عاتقهم هم التعريف بالقضية على مستوى الطوائف الاسلامية ام الاديان السماوية وكذلك الحضارات ان اي ثورة على وجه الكرة الارضية توظف الاعلام توظيف مهم فالتعريف بقضيتهم وصاحب القضية الذي يمثل الثقل الاكبر الشيعة من خلال مسيرة الاربعين والتي تمتد من جميع مناطق العراق شمالا وجنوبا شرقا وغربا شعب مليوني يضرب مسافات طويلة لزيارة الحسين عليه السلام ماذا يعني عظم هذه الشخصية وعظم الهدف الذي عاشه الحسين ومن اجله استسهد هنا دوري كشيعي ان اجعل للحسين علم ومثل في كل بقاع العالم كما قال انطوان بارا لوكان عندنا مثل الحسين لجعلنا له معلم في ارجاء العالم اذا الحسين يحتاج تعريف يليق به وبثورته ويحتاج شيعة تعي وتنظر الى ثورته ليس بحسب رؤيتها بل بحسب رؤية العالم الاكتفاء بالاعلان عن اهداف الحسين في شعائر محدوده لايكفي لذا يرى بعض الفقهاء ان الشعائر علامة ولاتحد اي غير توقيفية ماتفقت عليه مجموعه من المؤمنين يكون شعيرة لذا علينا ان نبحث عن كل وسيلة تدل على الحسين والمشي الى الامام الحسين وتوجيه الاعلام لها يدل على ان اثر هذه المسيرة قد ائتت اكلها وعلينا من خلال هذة المسيرة ان نعرف المجتمع الدولي عالمية فهذه المواكب تاتي وتفتح سرادقها في الطرقات والقرى من جميع الدول وايضا المشاية معهم والتعبير عن شعائر كل بلد في احتفائها بالمناسبة لذا اعتبر هذه المسيرة عبارة عن مهرجان حسيني متكامل كل يعرض مالديه عن الحسين من ابداع من خدمة للزوار ومن خلالها نستطيع ان نعرف ماذا قدموا من خدمات للزوار وايضا نرى الكثير من المشتية خصوصا العراقيين من قدموا القرابين في مسيرهم للحسين ومازالوا يواصلون المسير لايملك الانسان المنصف الا ان يجعل من نفسه خادما لهم لان الانسانية في قمتها تمثلت فيهم فجزاهم الله كل خير حيث واسوو امامهم الحسين في مصابهم






عبدالكريم الممتن:

الطقوس في الاربعين


 إن طقوس الحداد التي يقيمها الشيعة بمناسبة ذكري الأربعين، ترتبط بعلاقة مهمة في حياة الفرد أو الجماعة، وعلي مستويات متعددة مثل الديني، الإجتماعي، السياسي، النفسي،
وإذا كانت قوة تأثير هذه الطقوس بوضوح في مستوي ما أو أقل في مستوي آخر، إلا انها في النهاية تبقي طقوسا ذات تأثير واضح في تشكيل الحياة الشيعية بأكملها،
كذالك يمكننا أن نري في طقوس الحداد هذه تداخلا كبيرا بين ما هو ديني وما هو اجتماعي. وما هو سياسي، وما هو نفسي،
الأمر الذي يعطي مؤشرا علي أهمية هذه الطقوس، ودورها الحاسم في بناء الفرد والجماعة عند الشيعة،
إن هذه العوامل والأفكار تقودني إلي الجدل. بأن طقوس الحداد التي يمارسها الشيعة تشارك بصورة مهمة في تفاصيل حياتهم وتساعدهم علي إحداث تغيير في حالتهم الإجتماعية، كذلك تساهم هذه الطقوس في ظهورهم كجماعة واحدة، لها لغتها الرمزية المشتركة التي تميزهم في محيطهم المحلي، وتوفر لهم فرصة التعبير عن وحدتهم وتكافلهم، كما تظهر قوتهم الجمعية أمام المخاطر والتحديات التي يواجهونها،
ولذلك فإن هذه الطقوس تساهم في إعادة صياغة وصيانة وجودهم...







كاظم الخليفة:


(الشيعة وترميز الوصايا.. الأربعين نموذجاً)


روى الشيخ في التهذيب والمصباح عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال " علامات المؤمن خمس صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين بالسجود والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم "

العلامات والرموز في ابسط ايحائاتها، وسيلة اتصال بين المرسل والمتلقي ، تمرر من خلالها رسالة تنفتح على شكل أيقونة تندرج من خلالها سلسلة من المفاهيم يتلقاها المستقبل ... و بإسقاط هذا المفهوم على وصايا الامام العسكري (ع)، نستطيع تحديد التالي:
١- علامات المؤمن = تشخيص وتمايز لصفة يجب إظهارها.  
٢- صلاة إحدى وخمسين + تعفير الجبين = مظهر نسكي.
٣- زيارة الأربعين = حشد من المؤمنين في مكان وزمان معين.
٤- التختم باليمين + الجهر بالبسملة = إشارة تعارف.

اذا نحن نقف بإزاء حشد من الرموز الكثيفة في حديث واحد ، ولعله الأبرز في مدلوله ، بين جميع المرويات الشيعية والتي عادة تفصل المعنى بإغراق وصفي يسهل استيعابه، وهذا ما يجعلنا نتسائل عن رسالة الامام العسكري المرموزة وظرفها السياسي ، والتي يتضح فيها  الحذر و الحيطة . هنا .. وبنظرة خاطفة على المحيط الامام السياسي ، نجد أن الشيعة كانت تعاصر إرهاصات ثورات قوية ومجهدة للخلافة العباسية في زمن المتوكل العباسي، مثل ثورة الزنج وبداية تشكل القرامطة ، الى باقي حركات النضال العلوية... والتي جعلت الدولة مستثارة تضرب في كل اتجاه وتمارس كل عمل أحمق ومن ذلك محاولة هدم قبر الامام الحسين! و فرض حصارا شديدا على الامام العسكري عليه السلام،  وتحديدا تحركاته واستدعائه كل اثنين وخميس الى مجلس الخليفة.
هل نستطيع وبعد هذه المقدمة الطويلة أن نتفهم ظروف حديث زيارة الأربعين ، وهل هو خاص  (ملزم لشيعة القرن الثالث) وذلك بطلب الامام منهم التميز عن باقي الثوار والفرق الأخرى وكوسيلة تعارف واتصال ،أم حديث عام ولا يخضع للظرفية ويصبح مفتوحا و يتعبد به في كل زمان ؟




عبد الرضا الحمود :


فلسفة شعائر الاربعين

الشعائر ليست كما يتوهم البعض بانها فكرة تتأقلم مع اﻻعداد واﻻرقام
قد تكون الشعيرة سهل القطاف على الفهم في الوهلة اﻻولى ولكنها اعمق من ذلك المتبادر باعتراف السلوك اﻻنساني
مثال : قطعة قماش تكون في جانب لهو لون او رسمة يسفك الجندي دمائة ﻻعﻻئها ويعتبرها نصرا اذا ما اركزها والدول تخضع لهذه الراية هامات المؤسسات والعلماء والعظماء فهل القيمة بهذا النسيج الذي يكون مثلة في شؤن الحياة اﻻخرة مهينا لدرجة استخدامة لجلي البﻻط بل واكثر ؟
اليس النسيج متشابه اليس القماش صنع ﻻجل ان يستخدم في اﻻمور العادية والمهينة في بعض اﻻحيان فلمذا يكون فوق السارية عظيما متكبرا وتكون له الرقاب خاضعة؟
الجواب من السهولة بحيث يعرفة تقريبا كل الناس القصة ليست هذا النسيج بل فوق ذلك كثيرا هناك اعتبار مهم وضع في لون هذا العلم وتلك الراية وهناك امل عقد فيهما وهناك كبرياء وحشد وتوحد وتخزين للقيم اظهره هذا العلم او تلك الراية والشعائر بهذه المرتبة او اعظم .
انت ﻻتستطيع ان تسطح معنى الشعيرة ﻻنك لم تفهم المغزى ولم تفهم فلسفتها ولم تتحسس بكيانها فما الومك اذا قلت بأنها ليست غير سفه وخرافة ﻻن مالم تراه ومالم تستشعره تتهمه وتخافة وتبرر جهلك بعلته بظاهر الخلو من مضمونه .
لو يسأل التاريخ من اين وكيف ثبت هذا المذهب امام عواصف السﻻطين والمخالفين والحاقدين  والمتسلقين على اكتاف ال البيت صلوات الله عليهم ؟
لو استنطقنا التاريخ كيف ايها التاريخ تعمل القوى الجبارة في دفن عقيدة اصحابها من اهل التقية الخائفين المتخفين المقتولين المهجرين المغموطين الحق المتهمين بوطنيتهم المتهمين بانسانيتهم بل حتى بانتمائهم للإنسانية بإدعاء ان لهم اذناب وكل هذا الطحن والضغط والهتك واﻻحتقار وكل هذه الشدائد ولم يفني او تخلوا منهم اﻻرض؟
لعرفت بأن هذه الشعائر وهذه الممارسات العاطفيه بشكلها الخارجي هي ثقافة وقوة ووشيجة ولحمة بين الحق والعقيدة والجاذبية التى اخسأت كل جبار وكل عتل وارغمت انفه بهذه الكيفية التي قد تخفى على البعض فيجهل اثرها ويستهين بفلسفتها ويقلل من خطرها ووزنها الكوني.
القصة ليست بصوت رنة الصدر الملطوم بل بالقوة الروحية المتصاعدة من هذا الصدر الذي استشعر وخزة اﻻلم شعوريا ليترجمها بل وليقرر رفضا معلنا ضد الظلم والظالمين  وحبورا وسﻻما مع المظلومين انها عاطفة بظاهرها ولكنها ذكية وعقﻻنية في نتاجها مع الزمان وعلى طول الخط






جاسم عساكر:


عناوين في الاربعين

الثورة
الإيثار
الإباء
التضحية
الفداء
البطولة
الكرامة
الحرية

عناوين تحسب أنك ستحرر بها المستعبدين في زنازين الظلم بعد قليل وقيم تظن أنك ستطلق بها الأسرى بعد هنيهة وتصيب بها عروش الظالمين في مقتل وهي تستولي على إحساسك وتهيمن على مشاعرك ساعة انطلاقها من شفاه الخطيب المتحمس في سماء (الأربعين) والذي يشعل لهيب الفتوة في نفسك فتتفاعل معها كل عناصر الخير داخلك وتتحرك معها كل جيناتك مستدعية قواك الباطنية التي ستجابه بها شراسة الظلم المستشري في جسد الأرض ، وأنت في طريقك لزيارة الحسين لتتخفف من تلك السكرة بعد قليل وتعود لوعيك لتجدك جاثيا على أحد قدور الرز البلدي التي تملأ الطريق ودخان الطبخ المنبعث من أغصان الشجر المحروق وتلك أجلى مظاهر هذا الكرنفال الشيعي السنوي الكبير لتكتفي بعدها بوجبة لبطنك و لطمية لروحك تتسلح بها ريثما تدخل في غيبوبة أخرى في خطبة حماسية أخرى ستسمعها بعد قليل ..
تلك العناوين الجميلة ظاهرة ولكن مصاديقها تغيب وأنت تخاصم جارك على أن سال بعض ماء الغسيل من داره إلى دارك مبللا طرفا من رصيف بيتك الخارجي ؟
تلك قيم بارزة في الخطاب ولكن مصاديقها ستغيب وأنت تؤخر ديناً عليك وتذهب للزيارة وأنت مطالب بسداده .
أحد أقربائي المتزوجين يسكن بالإيجار ويتكبد عناء سنويا كي يجمع من المال ما يمكن أن يوصله إلى (الحسين) ويقسم لن أقطع هذه العادة حتى لو اضطررت للنوم أنا و عائلتي على الكراتين أو تحت جسور المشاة وفوق الأرصفة الليلية ، ترى أي تلبية سيسمعها منك الحسين ،و أنت تظن أنك لا تصل له الا في كربلاء المعطلة عن أي إنتاج سوى المناحة كما عطلت أنت مواعيد أسرتك وبعض متعلقات الناس الشخصية ومعاملاتهم الحكومية التي لو أنجزتها لوصلت للحسين بصورة أسرع :
لا تطلبوا المولى الحسين بشرق أرض أو بغرب
ودعوا الجميع و يمموا نحوي فمدفنه بقلبي
 ولكن هي (لبيك يا حسين) لها مفعولها السحري أيضا في انتشال مرددها من ذنب يطارده بلا هوادة بعد أن أصبحت الزيارة شعارا وشعيرة تعادل ألف حجة مستحبة وألف عمرة وذلك محرض كبير للمبالغة أكثر في ابتكار طقس أكثر عناء وربما أكثر دموية كي يكون الخلاص من الذنب أسرع ، تماما كمن يتناول جرعة مضاعفة من العلاج ظنا منه أنه يتخلص من الألم بطريقة أسرع ..
رضوان الله عليك يا جابر بن عبدالله الأنصاري أنت فقط أخذك الحنين على حين غرة فارتمست في الماء وارتميت على قبر حبيبك ولم تشرع خبزا وهريسا وقدورا ..
نذر عليَّ لئن عادوا وإن رجعوا
لأزرعن طريق (الجفر) ريحانا
حفظ الله الزوار وأعادهم إلى أوطانهم سالمين .




جبران العلي:


رأيتُ فيما لا يرى إلا النائم..

رأيتُ كأنني في صحراء رملية ينهـال رملها من نعومته بين قدميّ .. فلا أستطيع المشي بشكلٍ طبيعي، فلاحَ لي من بعيد شبحٌ أو طيف خيال فسمعته يقولُ لي: لكم أربعينكم، ولي أربعيني، فظللتُ أتبعُ الصوت، فإذا قربتُ من الصوت؛ ابتعد مني الطيف الخيالي، وإذا ما لاح لي الطيف؛ ابتعد مني الصوت.

وبينما أنا كذلك كالحيران .. إذ لمحتُ فارسا قادما من بعيدٍ، على صهـوة حصانه، ومن ورائه أربعون فارسا مدججين بالملابس السوداء والخضراء، وهـم ملثمون، ولكن يلوحُ العزمُ من وراء لثامهـم؛ فسألتُ قائدهـم عن جهـة مسيرهـم، فقال لي بلغة الواثق:  نحنُ نسير منذ أربعين سنة فوق صهـوة جيادنا، للوصول إلى غاية هـذه الصحراء التي أنتَ واقف فيهـا الآن !!

قلتُ بلهجة المندهش: أربعون فارسا، يسيرون أربعين سنة فوق ظهـور الجياد !!! فاستقرَّ في نفسي أن أتابع ما يفعلون دون كلام أو مزيد من الأسئلة !!
بعد ذلك رأيتهـم يترجلون عن ظهـور جيادهم، وأخذ كل واحد منهـم حفنة من رمل تلك الصحراء، وتابعوا مسيرهم مشيا على الأقدام، وقد أمسك كل فارس بلجام فرسه، وبينما أنا كذلك إذ لاح لي الطيفُ، وسمعتُ الصوتُ يقول: لكم أربعينكم، ولي أربعيني !!
وكوكبة الفرسان جادّون في السير لا يلوون على شيئ !! قلتُ في نفسي: سأظل ماشيا معهم؛ حتى مطلع الفجر !!

كانت السماء مثل ليلتي هـذه .. مزدانة بأشعة القمر، وكانت النجوم متوارية وراء شعاع القمر، ولكن وميضهـا يخطفُ بصري، كلما نظرتُ بعيني في وسط السماء !!
مشينا أربعين كيلا فانشق عمود الفجر، قال لي أحدهـم: أذن لصلاة الفجر، قلتُ له: اعذرني؛ لا أمتلك صوتا يؤهلني للأذان، فتطلفتُ في حيلةٍٍ؛ كي يؤذن أحدهـم للصلاة؛ فقام أحدهـم، وهـو في هـيئة الأربعين من العمر، فأذن للصلاة، وبعد ذلك انطلقنا في المسير، سمعتُ أحدهـم يرفع صوته مرددا:

حين (الحسين) نوى الصلاة
 وشدّ أطراف العمامة
كان (العراق) هو (الأذان)،وكانت الدنيا (إقامة)
والكون يسأل حائرا: أهي الصلاة أم القيامة ؟

يرددُ ذلك في شكل الحُداء !!

فظلتُ الحيرةُ تتناهبني، والأسئلةُ تلاحقني .. من أين يحفظ هـذا الفارس هـذا الشعر !؟ ما هـذا الصوت الندي !!؟ وكيف يرددها بصوت حُدائي شجي، وعندما بلغ أربعين مرة توقف عن الترديد والحُداء !!

سبحان الله .. سألتُ نفسي: لماذا توقف عند الأربعين، وبسبب من هيبة الموقف لم أستطع سؤاله !!

في تلك الصحراء .. وبين تلك الكثبان الرملية شعرتُ بالحاجة إلى الماء .. لاحت مني التفاتة فرأيت غدير ماءٍ رقراق، فلما وردنا ماء الغدير .. لم يشرب من الماء أحدٌ سواي .. وحين رفعت رأسي لم أرَ كوكبة الفرسان، واختفى طيف الخيال، وتلاشى الصوت، ولم تبق إلا أشعة الشمس تطارد تلك الكثبان الرملية !!

انتابني شعورٌ بالتردد عن مواصلة السير، ولكن كيف لي أن أبقى جالسا في هـذه الصحراء !؟ أقنعتُ نفسي بمواصلة المسير، ولما مشيت أربعين فرسخا شعرتُ بالإعياء، فتواريت عن الطريق، فأويتُ تحت ظل شجرة؛ حتّى حلَّ المساء، فأخذتني سنةٌ من النوم، فرأيتُ فيما لا يرى إلا النائم كأن الفرسانَ الأربعين قد أحاطوا بتلك الشجرة، فاستبشرتُ بعودتهـم، والتحقت بهـم في رحلة مسير أخرى، وهـم قد استبشروا بعودتي معهـم، وجدّ مسيرنا من جديد تحت جُنح الظلام في ليلة مقمرة !!!

استجمعت قواي، ودنوتُ من قائد الفرسان، وتنفستُ عميقا؛ وسألتُه: ما سرُّ استمرار مسيرنا، وما علاقة ذلك بتكرار العدد أربعين !؟
فقال لي: ستعلم ذلك في يوم الأربعين، فجأة استقظيتُ من منامي الأول، ولكن ما زلتُ في المنام الثاني، وها أنا أنتظرُ ذلك السر في منامي ويقظتي !؟!





مهدي الرمضان:


مسيرات الاربعين وتنامي الظاهرة الشيعية إقليميا

تنامى الوجود الشيعي وبرز دوره على الساحات السياسية و الاجتماعية في العقدين الاخيرين واصبح حقيقة واقعة لا يمكن اغفالها او عدم الاعتراف بها كرقم يدخل في صميم المعادلات السياسية للدول الاقليمية او الدولية التي تتعامل مع الشرق الاوسط وقضاياه.
مثل هذه المسيرات الاربعينية المليونية وتكرارها سنويا بزخم متزايد في العراق و مثيلاتها في ايران و لبنان تبهر وتدهش العالم فهي حاليا تطبع بصماتها على فكر المخططين السياسين ويضعونها بدون ريب في اعتبارهم كقوة بازغة قادمة في مناطقنا.
يتبقى ان يعي الداخل الشيعي هذه الحقيقة ويتعاملوا معها كورقة في صالحهم و يحاسبوها بما تستحقه من تقدير كونها موجداتهم القيمية ومن قواهم الكامنة التي يخرجونها كل عام ويخشاها منافسوهم.
على الشيعة ان لا ينجروا لنزاعات مع اي من الطوائف الاخرى بل يكون تركيزهم ان يحسنوا ويتقنوا توظيف هذه الظاهرة لتزيدهم قوة داخلية وتمكين وتلاحم.
عليهم ان يبتكروا اساليب للاستفادة من فرصة تواجد هذه الامواج والطوفان من البشر من دول عديدة الذين يوحدهم ويحدوهم هدف واضح واحد وهو حبهم و تفانيهم في قضية كربلاء واستعادة ذكراها سنويا وبزخم متزايد.
اظن ان الفرصة سانحة لصنع برامج تثقيفية تواكب المواكب للرفع من المستوى الحضاري للجموع تستهدف تحسين المستويات الاقتصادية و التربوية و الصحية ومجالات اخرى عديدة.
لدى الشيعة  من الاختصاصين والتكنوقراط والمهنيين ممن يمكن ان يشكلوا مجالس وفرق تخطط وتضع رؤى و استراتيجيات مداها خمس لعشر سنوات لتطبيق برامج طموحة تمول من موارد التبرعات و الاخماس والهبات وتستقطب شباب لديهم الطاقة و الوقت للتنفيذ البرامج.
 في تصوري ان الخطر الماحق الذي يمكن ان يشل قوهم ويحيد تأتيرهم هو ليس العدو الخارجي بل الانقسام و التشضي الداخلي.
هل هذا حلم؟
نعم ولكنه بالتأكيد قابل للتحقيق.





عصام البقشي:


مارثون الاربعين  .. التوظيف الاقتصادي


من احلامي التي لن تتحقق هو كرنفال الاربعين او مارثون الاربعين او سمها ما تشاء.
و هو ان يبنى طريق خاص بين النجف و كربلاء حسب مواصفات عالمية و يكون على الجانبين اماكن مخصصة لمشاركة شعوب و منظمات العالم في هذه التضاهرة الدينية الثقافية الاقتصادية.
حيث تعرف المنظمات العالمية بانشطتها و حيث تفتتح الدول المتقدمة معارض لها و منصات تعريف و مشاركة حتى لو كانت رمزية و حيث تقام معارض الفن الحسيني على جنبات الطريق و حيث تتبنى منظمة الصحة العالمية كل سنة التعريف بمرض معين و طرق الوقاية منه.
و بدل التطبير المقدس تقام مراكز التبرع بالدم لصالح الدول الفقيرة و بدل حرق الاشجار و المشي على جمرها تقام على المحاضرات لتعريف الناس بقيمة الطبيعة الام و الحفاظ عليها.
بدل ان يذهب الناس لكرنفال ريو دي جنيرو يتجهون الى كرنفال الحب الانساني و المنعقد سنويا بين النجف و كربلاء من بداية صفر و تبلغ ذروته في العشرين من صفر. حيث الثقافة الحسينية المشبعة بالانسانية.

هل هذا حلم ؟
هل هي خربشة مرجوج؟


العلم عند خالق السماء.






عبدالله الداوود :
زوار الاربعين

أرى أن في العنوان المعروض بعض الخلل ... فأي ممارسة دينية ولو بالعنوان العام ... يمارسها الأفراد وفق مرتكزاتهم الثقافية والفكرية المتفاوته ... لعل الأدق أن زيارة سيد الشهداء عليه السلام تخضع في استحبابها للعنوان الأعم لا الأخص ... إلا أن ذلك لا يعني أن الأفراد يقطفون من هذه التجربة ذات الثمار ... بعضهم وهنا أنا مجرد ناقل ... رأى فيها سفرا لله وتركا لما سواه وتجسيدا للتضحية في سبيله ... بعضهم الآخر رأى فيها فرصة لقراءة سيرة سيد الشهداء قراءة تحليلية معمقة ... البعض الآخر رأى فيه مظاهرة سياسية يمكن من خلالها صناعة رأي عام يؤثر في المشهد السياسي ... بعض المشاركين يرى أنها عمل عبادي يثمر البركة والهداية ... بعضهم رحلة ثقافية ومعرفية ... بعضهم استكشافية ... أحدهم أخبرني أنه كان يحاور من يلقاه ليرسم صورة عن أثر سيد الشهداء في الوعي الشعبي ... هم لا شك يتفاوتون ... والإجابات السابقة حصلت عليها من بعض الأخوة الذين يرافقونني في الحج منذ قرابة العقدين وهم ممن يحرص على المشاركة في مناسبة الأربعين ... وأظن أن جميع الممارسات العبادية على هذه الشاكلة ...و أظن أن عيان الأمر يكفي عن بيانه ...








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق