ملف :
الإنسان والجمال
الجزء الاول
الجزء الاول
المشاركون:
1. كاظم الخليفة : وعي العالم بين داروين ومايكل أنجلو، العلم والدين والفن في نظر بيجوفيتش
2. جاسم الصحيح : الكائن الجمالي
3. مهدي الرمضان : الجمال بين التماثل و التناغم
4. الشيخ علي الصلاح : الجمال و الفطرة
5. امين الغافلي: الإنسان والجمال.
6. عصام البقشي : هل تتذوق المعدة الجمال.
7. د.ثامر العيثان عقلنة الجمال
8. د.علي الحمد : الجمال والأنماط الذهنية
9. علي اليوسف: ثمالة الفيلسوف و هيام الراعي
10. صادق السماعيل: من القبح نبتكر الجمال
11. علي إبراهيم الحاجي: الحب و الجمال
12. امينة الحسن : الجمال بين المفهوم و الحس
13. محمد سعيد : الجمال والقيم
14. يونس البدر : الشعر و خلق الجمال
كاظم الخليفة :
وعي العالم بين داروين ومايكل أنجلو، العلم والدين والفن في نظر بيجوفيتش
[١]
يدافع الفن عن مبررات تواجده عبر التاريخ من خلال مقولات تأخذ أشكالا تعبيرة متعددة لكنها في المجمل تعبر عن رؤية محددة للعالم والإنسان. فمن خلال ابتداعه لأدوات ووسائل جمالية، يتحاور الإنسان مع نفسه أولا، ثم تحرضه أشواق مبهمة نحو اكتشاف قوى غيبية غير منظورة يحاول التواصل معها، أو عالم مجهول يستكشفه من خلال الرموز التعبيرية التجريدية. فهل يستطيع الفن وحده على تقديم منظومة فكرية مقبولة عن القضايا الوجودية، أم ان ذلك حصراً على العلم فقط؟
الفيلسوف البوسني علي عزت بيجوفيتش يرى أن هناك مساحة يتقاطع فيها الدين والفلسفة والفن والعلم، تضيق وتتسع بحسب الثقافة والأيدلوجيا. مع بيجوفيتش سنحاول استكشاف تلك المساحة ومحدداتها.
(لقد أخذ داروين هذا الإنسان الاشخصي بين يديه ووصف تقلبه خلال عملية "الاختيار الطبيعي" حتى أصبح إنسانا قادراً على الكلام، وصناعة الأدوات، يمشي منتصبا.
أما إذا تجولنا في كنيسة "سيكتسين" لنتأمل في داخلها لوحات مايكل أنجلو الجصّية التي تمثل تاريخ الإنسان منذ هبوطه إلى الأرض حتى يوم القيامة، أو الدراما الإغريقية والأغاني الأفريقية.. فإنها جميعا لا علاقة لها بإنسان داروين، وكذلك ليست من نتاج الطبيعة المحيطة).
للحديث بقية،،،
[٢]
وعي العالم بين داروين ومايكل أنجلو، العلم والدين والفن في نظر بيجوفيتش
ما يرغب علي عزت بيجوفيتش قوله، أن النظرة المادية وداروين ومنطق التحليل المجرد يجعلون الحياة "خلوا من الحياة"، ومن جانب آخر نجد أن الفنون في حالة تتبعها، فهي تحكي عن قصة متصلة لغربة الإنسان في الطبيعة.
إذن لا العلم وحده باستطاعته تفسير الحقيقة البشرية، ولا الفن كذلك لديه القدرة على إيضاح المصدر المجهول الذي قدم منه الإنسان. إن داروين ومايكل أنجلو يمثلان فكرتين مختلفتين عن الإنسان وأصله، ولن ينتصر أحدهما على الآخر، لأن احدهما مدعم بعدد هائل من الحقائق يستحيل تفنيدها. بينما الثاني مستقر في قلوب جميع البشر، لذلك عمل
الدين والفن والفلسفة على توجيه نظر الإنسان إلى التساؤلات والألغاز والأسرار.
"استهداف ما لا هدف له"، كالفن ورغبة الإنسان في تجميل نفسه، وكذلك اللعب لمجرد اللعب،والذي هو نقيض لعالم الحيوان الذي يلعب بدافع غريزي كالجنس وتعليم الصغار، ذلك هو الشوق الانساني إلى عالم مجهول غير محدد.
وهذا بالضبط ما تعبر عنه الفلسفة والدين والفنون، وتتداخل هذه العوامل بحيث أن أول اشكال الفن كان وثناً نحت من الحجر وتمت عبادته. لذلك يرى بيجوفيتش في ظاهرة تداخل اشكال العبادة والفن عنصرا محتملا لحساسية الاسلام تجاه الفنون.
الحل في نظر بيجوفيتش يكمن في النسبية وإضافة المعنى، (فالكائن الانساني ليس فقط وظائف بيلوجية، كذلك الوضع بالنسبة إلى اللوحة الفنية التي لا يمكن تحليلها إلى كمية الألوان المستخدمة فيها. صحيح أن المسجد مبني بعدد محدد من أحجار ذات شكل معين وبنظام معين، ومع ذلك فليست هذه كل حقيقة المسجد. فبعد كل شيء هناك فرق بين المسجد ومعسكر حربي).
ثم يستشهد بيجوفيتش بمقولة للشاعر السوفيتي "ڤوزنسنكي": (ان الكومبيوتر في المستقبل سيكون من الناحية النظرية قادراً على عمل كل شيء يقوم به الإنسان فيما عدا أمرين: أن يكون متدينا وأن يكتب الشعر).
مهدي الرمضان :
الجمال
بين التماثل و التناغم
الجمال في احد جوانبه الموضوعية يتعلق بالتماثل symmetry والتناغم harmony
التماثل سمة غالبة في الطبيعة ونجدها بالذات في عالم الحيوانات حيث يتماثل نصفي الحيوان بخط وهمي يقسمه لنصفين احدهما صورة مرآة للنصف الآخر. وكذلك في الإنسان ويحدد جمال التناسق كلما كانت نسب المقاسات والتماثل تقترب من حدود معيارية تراها العين ويطرب لها الدماغ.
في عوالم التصميم والهندسة المعمارية يحرص الفنيون على إبراز الفن والجمال في تصاميمهم المتناسقة وإظهار جمال التشكيلات من الاقواس والزخارف والعمدان.
ولكن هل ادمغتنا مبرمجة بحيث نتفق تقريبا بصورة جماعية على تعريف مقاسات الجمال؟
واضح اننا مبرمجون لتذوق الجمال المتمثل في التناسق والتماثل والتناغم والنفور من القبح المتمثل في غياب التماثل والتناغم.
وتختلف وتتفاوت الثقافات والبيئات في تعريف وقبول مقاسات الجمال البشري.
نعرف الجمال ايضا بالتناغم في الاصوات والموسيقى والشعر التي هي ايضاً تحرك في الدماغ مراكز ترجمة الحس الصوتي لتحدث نغماتها ارتياح وطرب الدماغ.
تناغم موسيقى الكلمات في الشعر وتحسب مقدرة الشاعر بإمكانياته في نظم النصوص واللعب بالصور الشعرية ليحدث حالة هيام وطرب حسي وجداني للمتلقي وبذلك يجسد الفن والجمال في قصيدته بتناغم يدغدغ الدماغ.
يحدث التناغم الكليماوي في حالة المحبين عندما تتطابق كيمياء العلاقة فيجد كل منهما الجمال والراحة بالمشاهدة والنظر للمحبوب او حتى بالتخيل والتصور الذهني له ومرد ذلك لإفراز الدماغ هرمون السعادة الذي يدخل المحب في حالة من الغبطة والسعادة الغامرة.
وهنا تتجسد الألفة والتناغم بين روحين يجد كل منهما وجوده في وجود محبوبه.
يتفنن الطباخون الآن في تقديم وجباتهم وأطباقهم ويخلقوا من تنظيمها وتلوينها بمكونات الغذاء لتخلب لب الجائع عند رؤيتها ففي ذلك فن وجمال وذوق.
تذوق الفن والجمال بأشكالة حالة يعّرفها العلم بمدى الحبور والسعادة التي تحصل نتيجة تفاعل الحواس وطرب الدماغ بإفرازاته لهرمون السعادة و هرمون الغبطة.
جمّل الله اوقاتكم.
امين الغافلي :
الإنسان والجمال
نعلم أن الواو في اللغة العربية تفيد مطلق المشاركة ،أي مطلق الحضور والغياب،وحين نقول:الإنسان والجمال ،فهذا يشير إلى الترابط الوجودي بين الإنسان والجمال،فلا حضور للإنسان بدون الجمال،ولا حضور للجمال بدون الإنسان.
الجمال حين يستوطن عقل الإنسان وحواسه وخياله يحيله إلى كائن متفرد في هذا الكون ،لا يشاركه أحد في امتلاك تلك القيمة .
الكائن الجمالي قبض على معنى الوجود سريعا ،فأدرك سره ومبدأه ومنتاه وغايته ،أدرك التناغم بين الإله السماوي والآلهة الأرضية لخق العوالم الطبيعية وغير الطبيعية للوجود الأسمى والموجودات الأجمل .
الكائن الجمالي يدرك أن في كل جزء من هذا العالم ملمح جمالي ينهض بدور ضابط الإيقاع له لتظل منابع الجمال تروي عطش عقله وحواسه وخياله وصولا لإعادة خلق عوالمه الجمالية لتغدو أكثر إلتصاقا به.
الكائن الجمالي رسم لكل من الحواس والعقل والخيال
حدودا مرنة يسهل اختراقها من قبل أحدهم لكي يسهم في اكتمال اللوحة الجمالية الداخلية له تمهيدا لاستقبال جماليات الكون المتعددة.
الكائن الجمالي يطلق العنان لحواسه أولا لتتأمل منظرا طبيعيا خلابا ،ثم يستدعي عقله وخياله لإضفاء مسحة جمالية يسد به أية ثغرة تغلغلت في ثنايا ذلك المنظر الخلاب ليظفر به خاليا من أي نقص كي يصحبه في يقظته ونومه،في سفره وإقامته.
الكائن الجمالي كائن مبادر لتذوق الجمال أينما وجد،لا يحول بينه وبين رغبته شيء ،فهوميروس والمعري لم يحرما نفسيهما لذة الجمال بداعي العمى ،بل برهنا أن الذائقة الجمالية موجودة في داخلك وليست في خارجه،تركا للعقل والخيال أن ينهضا بوظيفة البصر ،فسطرا لنا أجمل الفلسفات الوجودية والطبيعية والإنسانية شعرا ونثرا.
الكائن الجمالي كائن جذاب ،تتزاحم على الانجذاب إليه آلهة السماء والأرض ،الطبيعة بكل صنوفها،المخلوقات بكل أطيافهم ،إدراكا منها لعظمة السر الثاوي فيه.
الكائن الجمالي ،لم يستطع أن يفعل كل ذلك لولا أنه عثر في بداية حياته على المنبع الأول للجمال وهو المرأة ،انحنى أمامها وقال لها : امنحيني بركاتك كي أستطيع أن أتذوق هذا الوجود
وهذه الموجودات .
علي بن محمد الحمد :
الجمال والأنماط الذهنية
يفسر بعض الفلاسفة وعلماء النفس شعور الإنسان بجمال الأشياء من حوله وإقباله على الفنون الجميلة من منطلق علمي بوصف هذا الشعور وهذا الإقبال كـ "نمط ذهني" مصطنع. بالإنجليزية Quale, p: Qualia. وبالفارسية (كيفيات ذهني). وهذا يشبه إلى حد ما النمط الذهني الذي يصنعه الدماغ للألوان والتي هي في حقيقتها البسيطة مجرد موجات ضوئية ذات أطوال موجية مختلفة. رغم ذلك يقوم الدماغ عندما تصل الإشارات الكهربائية المختلفة من العصب البصري بتمثيل كل طول موجي على هيئة ما نسميه نحن باللون بحيث لا يكون الإنسان بحاجة لمعرفة الأطوال الموجية المختلفة بقدر حاجته لإدراك الألوان المختلفة التي يصنعها دماغه نتيجة لها ومعرفة ما تشير إليه. وكذلك يفعل الدماغ عندما تصل إليه إشارات كهربائية من العصب الشمّي فهو يمثّل كل مادة كيميائية تصل إليه معلوماتها بنمط ذهني ندعوه بالرائحة. حتى لا يعود الإنسان بحاجة لإدراك التركيب الكيمائي للمواد بقدر حاجته للربط بين الروائح ومصادرها.
ويفترض في هذه الأنماط الذهنية المصطنعة أن توفر على أدمغتنا جهداً ووقتاً وطاقةً بحيث تزيد كفاءة الدماغ ويتفرّغ بشكل أكبر للانتباه للأشياء الطارئة وهو ما يسمى في علم النفس التطوري Brain Power Efficiency. وهذا يشبه إلى حد كبير ما يقوم به علماء الجيولوجيا مثلاً من تمثيل التضاريس الجيولوجية والمرتفعات والمنخفضات على الخريطة ثنائية الأبعاد بشكل تدرجات لونية مختلفة كي يوفروا على من يشتريها عبء قراءة أرقام الارتفاعات والمقارنة بينها. هذه الكفاءة الدماغية تعتبر ميزة حياتية تمنح صاحبها أفضلية على من سواع خصوصاً في الظروف الصعبة وعند مواجهة الأخطار.
من هذا المنطلق، يعزو علماء النفس إدراكنا للجمال إلى ذات المبدأ. فحتى مع استبعاد المؤثرات الثقافية أو البيئية، نجد أن المواد المتطايرة من الزهور تثير في نفوسنا شعوراً أفضل من ذلك الذي تثيره المواد المتطايرة من الجيف. وهو نمط ذهني يفترض أنه يربط مباشرة بين الزهور ووفرة الغذاء وبين الجيف والموت. وتجد المساحات الواسعة النيرة تثير في نفوسنا شعوراً أجمل من ذلك الذي تثيره الأماكن الضيقة والمظلمة. وتجد مظاهر العمران تثير في نفوسنا شعوراً محبباً بينما تثير مظاهر الدمار شعوراً سيئاً. وكذلك تثير المناظر المألوفة شعوراً جيداً في مقابل المناظر غير المألوفة. وهي كلها أنماط ذهنية تقابلها مشاعر تجذب الإنسان للاستقرار في الأماكن المعمورة والمزدهرة والأماكن الآمنة وتبعده عن الأماكن النائية والمندثرة والخطرة. وكذلك تحب النساء مظهر الرجل متناسق الأعضاء ويحب الرجال مظهر المرأة متناسقة الملامح ذات الانحناءات الجسدية المناسبة. وهذا نمط ذهني يعزز اختيار الشريك المناسب للتكاثر والقادر على المساهمة في بناء أسرة والذي لا يحمل ظاهرياً أي مرض أو عاهة. ويحب أغلب الناس مشاهدة البشر القادرين على الابتكار ورؤية الابتكارات والمصنوعات البشرية الجديدة. في نمط يفترض فيه أن يعزز الإبداع والاختراع وحل المعضلات في المجتمعات.
كل هذه الأنماط الذهنية تشكل سلوكنا الإنساني دون أن يحتاج أي فرد منا لاستخدام كامل طاقته الدماغية من أجل تحليل المعطيات ومعرفة الأسباب القابعة وراءها وتوقع النتائج المستقبلية من أجل اتخاذ كل قرار في حياته اليومية. إذ يكفي الواحد منا أن يتواضع قليلاً أمام الجمال ويفتح له قلبه وعينيه وأنفه (أو حتى دماغه 😊) ويسلّم له أمره، ويتفرّغ هو للاستمتاع بكل ما تطاله حواسه من مفردات الجمال المحيطة به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق