الإنسان والجمال 3
ملف :
الإنسان والجمال
الجزء الثالث
الجزء الثالث
المشاركون:
1. كاظم الخليفة : وعي العالم بين داروين ومايكل أنجلو، العلم والدين والفن في نظر بيجوفيتش
2. جاسم الصحيح : الكائن الجمالي
3. مهدي الرمضان : الجمال بين التماثل و التناغم
4. الشيخ علي الصلاح : الجمال و الفطرة
5. امين الغافلي: الإنسان والجمال.
6. عصام البقشي : هل تتذوق المعدة الجمال.
7. د.ثامر العيثان عقلنة الجمال
8. د.علي الحمد : الجمال والأنماط الذهنية
9. علي اليوسف: ثمالة الفيلسوف و هيام الراعي
10. صادق السماعيل: من القبح نبتكر الجمال
11. علي إبراهيم الحاجي: الحب و الجمال
12. امينة الحسن : الجمال بين المفهوم و الحس
13. محمد سعيد : الجمال والقيم
14. يونس البدر : الشعر و خلق الجمال
علي اليوسف:
ثمالة الفيلسوف و هيام الراعي !
سواد السماء يغلف الوجود بالكامل بسرمدية لا أظنها تنجلي وكأن شروق الشمس معجزة ,
يتجول بين الكثبان في صعود و هبوط يحمي خرافه و يوجهها بعصاه فهم كل الدنيا بالنسبة له , هم اشقاء الترحال و مشاركين الغداء و قطع من الذات !
يمشي الراعي
بتأني و على بعد نظره لايوجد الا الرمال و المزيد من الرمال , انها سماء من الرمال !
وجدان الراعي لطالما يحدثه عن الخضرة في وسط الصحراء , عن ضوء القمر في وسط ظلمة السماء , و بينما هو يترنح بين الفكرة و الاخرى اذا به يلتقي رجل كهل يتدفأ بالنار بين الكثبان.
عرج اليه الراعي و اخذا يتبادلان الحديث :
ف: أيسير راع في غياهب الصحراء و البرار ليلا ! ألا تخشى على خرافك من الافتراس ?
ر: علمتني الصحراء انها ليست كالغابة , البقاء للاقوى فقط
!
ان مايميز الصحراء انها غيب في باطن غيب فمهما حاولت اكتشافها تبقى غيب تماما كما الكون , هو متحرك متسع ليس له صورة واحدة !
لذلك انا اتعامل معها بغيب , ان هذه الخراف هم كالاخوة بالنسبة لي , لذلك حينما نسير , نسير و كأننا ذات واحدة تنبض بقلب واحد , و اظن ان هالة الحب هذه اضفت الينا جمالية سلام !
حيث لا احد يتعرض الينا ابدا .
ف: انت لست براع عادي ابدا , انت من قضم الاسطيقا و صارت نبضه , صارت حياته , انها منهاجه.
حدثني عن صحرائك , خيالاتك و تأملاتك ?
ر: ايها الغريب , هل ترى ان هناك فرق بين البر و البحر ? او بين الصحراء و السماء ? او بين الانسان و الحيوان ? او ببن النجم و القمر ?
انها كلها واحد , كلها من نبع الطبيعة , ذات تجسد الجمال , الجمال الذي ابقى على الحياة قائمة الى اليوم !
فحينما اتجهز للخلود للنوم , تبقى عيوني معلقة على هذه السجادة السوداء و على ابراجها المتلألئة , كم هو امر عجيب النظر الى السماء ! كم بكيت و بكيت و انا انظر اليها , وكم احن اليها , اشعر انها الجزء الذي انتشل مني و انفصل عني , حينما اسير لمسافات شاسعة في الصحراء , او عندما تهب خرافي للاكل , ابقى متأملا , فمرات احمل ذرة رمل , واغرق بها , و اتساءل هل بداخلها عالم ? هل يمكن ان يكون بداخلها اكوان ? لاني انا الانسان لست الا ذرة رمل على الارض , و الارض ليست الا ذرة رمل في المجرة و المجرة ليست الا ذرة رمل في الكون !
لطالما حدثت خرافي عن اعجاز الحياة , لطالما شاركوني الراي في جمال الكثبان و تعرجاتها , كسيدة فاتنة كل انملة فيها تصيبك بصعقة جمال يتحجر جسدك من شدتها ولا تكون له فرصة حتى ان يذوب !
ان الصحراء ايها الغريب كسيدة ساخنة جدا ان لم تقدر جمالها فتكت بك , و ان فهمت طرقها تصل لاعالي السماء من شدة انتشائك !
ان من لذائذ تجوال الصحراء اعجوبة ان تجد واحة تحتوي على الماء , فتصيبك تلك اللهفة و كأنه الخلاص , كمن كاد ان يموت فأصابته الحياة بأحد سهامها , كالمجرم يتحين عقابه فيفرج عنه
!
ف: ان عيناي تتسع فلم اكن اتوقع ان يتجلى الجمال في راع يجوب البراري بحثا عن لقمة اغنامه ! ارجو ان تسامحني فبودي ان انتشي بوجودك و ان احلق بمشروبي الروحي و ان اخذك في عالمي الجمالي بعد ان زدتني عطشا من رحلة عالمك !
الشيخ علي الصلاح:
الجمال و الفطرة
الانسان .كل انسان .مفطور على حب الجمال .له اذن تستسيغ الصوت الجميل وله عين يروق لهاالصورة الفنية الرائعة . وله قلب وضمير انساني ينجذب الى كل ماهو رائع جميل .
والجمال منه مادي ومنه معنوي
ولايساوي قلب انسانبين العلم والجهل .فالعلم جميل والجهل قبيح.
كذلك العدل والامانة والصدق والكرم....من قائمة الجميل
كما ان الظلم والخيانة والكذب والشح...من قائمة القبيح.
والانسان الذي لايفرق بين العلم والجهل والعدل والظلم وبقية الصفات المتقابلة ..انسان فقد ذائقته الانسانية او تعطلت عنده الذائقة وأصيبضميره ووجدانه بالسقم.
لأن كل حالة انجذاب اوعشق او حركة مشدودة الى الجمال والكمال..وراءها في الذات الأنسانية روح جمالية عليا سنية .عشاقة للجمال والكمال.هي السر الأكبر في تميز الانسان وتألقه.
واصحاب النفوس السوية والذائقةالفطرية السليمة والأفئدة الحية والضمائر اليقظة .تغنى قلوبهم وعقولهم وحياتهم بالصور الجميلة الرائعة والمعاني الأنسانية المشعة.
د.ثامر العيثان:
عقلنة الجمال
حتى نستطيع ان نقول انا هناك "جمال" يتطلب وجود "شيئين او اكثر" بينهم "علاقة" تفاعل.
احدهما مصدر الجمال والآخر مستقبل الجمال.
هذه العلاقة هي الكاشف للجمال عند المستقبل.
مصدر الجمال اما ان يكون ثابتا او متغيرا بشدة جماله.
ومستقبل الجمال اما ثابت بكشفه لجمال المصدر او متغير.
والعلاقة بين المصدر والمُستقبل ايضا تتقلب وتتطور اما سلبا او ايجابا.
بناء على وحدة الجمال الأولية، والمتكونة من مصدر واحد ومُستقبل واحد وعلاقة واحدة، يمكن تركيب وحدات جمالية مركبة من وحدات الجمال الأولية.
بما ان العناصر الثلاث المطلوبة لتكوين صورة جمالية يمكن ان تتغير، فيمكننا ان نتصور حد اعلى للجمال في الوحدة الجمالية وحد أدنى، وما بينهما.
هذه التركيبة للجمال تؤدي الى ان الجمال نسبي عند مُستقبل الجمال ،متفاعلا على حسب ما ياتيه من المصدر ومن العلاقة.
ومن هنا يمكن معرفة اسباب ان بعض الأشياء تكون جميلة عند "احمد" لكنها ليست جميلة عند "جون". السبب في هذه الحالة هو ان احمد استطاع ان ينمي قدرة الكشف عن الجمال.
وايضاً تكون بعض الأشياء جميلة عند "احمد" وليست جميلة عند "جون" علما أنهما يملكان نفس ملكة الكشف عن الجمال. وسبب ذلك ان احمد اكتشف " علاقة" جمال الشيء ولم يكتشف "جون" هذه العلاقة.
الجمال المطلق يتطلب مصدرا مطلقا للجمال.
ولايمكن ان يتم الكشف عن هذا المطلق الا اذا تم تكامل المُستقبل، وتكامل العلاقة.
ومن يصل الى هذا الجمال المطلق، لايرى شيئا جميلا سواه، بل يرى كل شيء جميل لانه يرى فيه المطلق.
صادق السماعيل:
من القبح نبتكر الجمال
قد يجد المُصمّم المذواق صعوبةً في إيجاد فكرة ما تستحثّ تفكيره وتستهلك طاقته ، وذلك بهدف خلق بُنيةٍ فنيةٍ راقية يستبـطن فيها ويضمّن بها تصاميمه التي يستوجب أنْ تفرض الإحترام الدائم والمُستمّر لجمهوره الذي يتعطّش لفنه وينتعش لفرشاته .
غير أنَّ مايأمله كل مصمّم ويرغب له أن يؤاتيه الفكر البِكر الذي لم تعبث به عوامل التعرية الصناعية ، أملاً في أنْ ينال قصب السبق في إبداعٍ بديع يكون له جواز عبور نحو صعود القمّة .
لهذا – ومن هذا المنطلق – فإنَّ استحضار الفكرة في الذهن ومن ثمَّ إنزالها للواقع لأمرٌ حريٌّ بالبحث والإشادة ، خاصّةً إذا ماعَلِمَ المُصمّم أنَّ لجمهوره وعياً فنياً عالياً يستحيل معه إيهامهم أو التوهين عليهم .
فإذا ماعرفنا كلّ ذلك وأدركنا مغزاه عرفنا سمّو الفن وتعاليه وأدركنا مغزى جماله وتجلّيه ، إلاّ أنَّ ذلك يبقى مرهوناً – كماأسلفت – بالفكرة الناضجة التي تحتضنها مُخيّلةٌ رائدة .
ولعلّي هنا أحبَّ أن اجيش لكم – أخواني الكرام - ببعض مااستكنَّ في خَلَدي واعتمل في صدري من ذكر بيئات غريبة جدّاً تُلهم المصمّم أو لنقل كل ذي ذائقة فنية أفكاراً حيّة ورؤى نشطة تسعفه في بلورة مايريده في تصميم خلاّق جميل .
لكن قبل أن أذكر لكم بعضاً من تلك البيئات الغريبة المُبتدعة للإبداع أرجو أن لا تتقزّزوا من ذلك أو تشمئزّوا طالما يدخل ذلك في قناة معرفيّة هي فرعٌ من قنواتٍ معرفيّةٍ أخرى .
هذه البيئات الغريبة- أخواني الكرام - ليست من بنات أفكاري إنْ لم تكن من أولادها ، أقول قولي هذا حتّى لاتظنّون بي الظنون البلهاء وتنسبون إليَّ ماأنا منه براء .
في مقالي هذا سوف اتعرّض لثلاث بيئات من تلك البيئات الغريبة الباعثة للإبداع – كما أشرت سابقاً - وأعرض عن الباقي لئّلا يطول الكلام ويُملّ المقام .
لكن قبل ذلك أرجو أن تربطوا الأحزمة ! !
البيئة الأولى :
كثيراً مايعشق المُدخّن – أيّما عشق - المكث طويلاً في بيت الخلاء كي يشرب سيجارة ، حيثُ أنَّ مكثه بعيداً عن الأعين الراقبة والآذان الراصدة يبعث في نفسه أماناً وارتياحاً عجيبيْن ، الأمر الذي يجعله في حالة خِواءٍ فكري ، بمعنى أنَّه لاتوجد لديه أيّة مشاغل تثنيه عن أن يستعرض شريط أحداثه اليومي أو يفكّر في خلق فكرةٍ تقع ضمن دائرة اهتماماته الحياتيّة ، فوضعه القرفصائي حالة قضائه الحاجة – أجلّكم الله تعالى – وضعٌ فيه من الإسترخاء مافيه .
ولهذا فإنَّ كثيراً من الناس فضلاً عن هؤلاء المُدخّنين يعتقدون بأنَّ بيت الخلاء له مدخليّة نفسيّة تتمازج فيها الراحة والألفة مع الذات ، وقد يكون إطلاق لفظة ( المُستراح ) قديماً على بيت الخلاء مايؤكّد هذا المعنى الذي أرمي إليه وأدعو له واستدلّ به .
ولكي لا اشيط عن الهدف الذي حدّدته من ذكر هذه البيئة القميئة التي تقهقه ضحكاً سنّ القاريء الكريم أعود لأختصر ماذكرته في أنَّ مااستعرضته من بيان ليس إلاّ محاكاة للواقع المُتجسّد الذي نخجل أن نصرّح به ، مع ملاحظة أنّي لا أدعوكم لمحاكاة هذا الأمر بقدر ماأدعوكم إلى الوقوف على حقيقته فقط لاغير .
البيئة الثانية :
لاشكّ أنَّ العاطفة الصادقة الجيّاشة توقد الذهن وتلهبه وتجعله ذهناً وقّاداً لاهباً يزخر بصنوف الأفكار الجميلة ، وهذا الأمر لايحتاج إلى برهنة أو دليل فهو واضح كوضوح الشمس في رائعة النهار وقد أكّده العلم الحديث في شتّى مجالاته ومختلف أضرابه .
بهذه التوطئة البسيطة ندلف إلى البيئة الثانية والتي لاتقلّ استغراباً أو تعجّباً أو تهكّماً في نظر القاريء الكريم من البيئة الأولى ، وهي أنَّه في حالة إتيان الرجل أهله مع مايحملان من حبٍّ عميقٍ دفّاق ووئامٍ روحيٍّ خفّاق فإنَّ نصف العقل يذهب – كما هو معروف روائيّاً – وذهاب نصف العقل هو نتيجة حتميّة للنشوة الجامحة والشهوة الجانحة بينهما .
مايهمّنا في هذا المورد – كي لانحيد عن صراط الموضوع – هو استفراغ الذهن من الأمور الخارجيّة وقيامه بتجميع قِواه الباطنيّة بقصد استشعار الظرْف الذي هوَ فيه أملاً في أنْ تمرّ هذه اللحيظات السعيدة التي يستجيب بها لنداء الطبيعة مروراً يكرّس من الثقة المتبادلة بيْن الزوجيْن الحميميْن .
وهذه اللحيظات الآسرة للروح هي لُحيظات تتجلّى خلالها أسمى علائق المودّة والرحمة وفيوض الخيرِ والنعمة ، فانتعاش الجسمِ وارتياحه وانبساط الصَّدر وانشراحه بسبب هذه العلائق والفيوض يُنشّط ويُحفّز ويقوّي ويُعزّز سلطان المُخ ليجعله محضناً طبيعيّاً لتوليد أفكار وخواطر لمْ تكُنْ في الحسبان .
على أنَّ انتهاز تلك اللحيظات الآسرة – كما قلنا – واستثمارها لتوليد افكار أكثر تجديداً وخواطر أثرى تجويداً لا تخلو من بعض النكات الخفيّة والتي لايمكن استظهارها في هذا المقام خشية التطويل ، لكن يمكن القول باختصارٍ شديد أنَّ الإلتقاء الشرعي بين الزوجيْن ومايتخلّله من مزاوجة روحيّة وممازجة بدنيّة بغضّ النظر وصرفه عن الإمتاع الظاهري هو بالأساس أرضيّة خصبة لإنبات الإبداع الثرّ .
البيئة الثالثة :
هذه البيئة الأخيرة من قبيل البيئة الأولى والتي يتمثّل فيها القرف إلى أقصاه ، حيثُ أنَّ وقوف السائق بسيّارته إنتظاراً للإشارة الخضراء وقيام بعضهم وهو شارد التفكير بالعبث بسبّابته في منخريه هو منظرٌ مألوف ومشهود ، يألفه السائقون ويشهده المارّون .
لكنّ الذي يغيب على البعض أنَّ هذا الفعل ليس مقصوراً على أولئك السائقين الذين نوصم عملهم هذا بالقذارة والسَّخافة ، فهناك أيضاً سائقون معروفون بالوقار والتؤدة يفعلون هذا الفعل بمجرّد غياب الرقيب المُتمثّل في المارّة أو السائقين الآخرين .
ومكمن السر الذي يعطي ذلك السائق الإندفاع نحو هذا الفعل من غير شعور هو وجود فسحة زمنيّة – وهي وقت إنتظار الإشارة الخضراء – يستجلي فيها همومه ومهمّاته نظراً للصفاء الذهني الذي يخلقه هذا الجوّ النفسي .
إنَّ لحظة الإستجلاء الفكري خيرُ معينٍ ومُرشدٍ للإبداع التصوّري فيما لو تمَّ تشذيبها وتهذيبها عن ذلك الفعل القميء ، إنَّها لحظة تدبّرٍ وإمعانٍ للنظر ، فيها يشحذ الذهن طاقته المهدورة وينشّط ذاكرته المخرومة .
أقول هذا الكلام لتتذكّروا – أيَّها الأخوة الكرام – هذا الأمر عند الوقوف بالإشارات ، حيثُ أنَّي أدعوكم جميعاً لقراءة مايختلج بصدوركم ومايعتلج بعقولكم من دون أنْ أدعو لفعل ذلك الفعل المشين .
علي إبراهيم الحاجي:
الحب و الجمال
قبل العلاقة بين المحبين، يوجد عامل شوق يذكّي نار الحب. فلا يكاد المحب ينسى محبوبه، يراه في كل زاوية من زوايا الحياة، ويتخيل وجوده معه في كل خطوة يخطوها، بل وقد يصنع افلام سينمائية رومانسية أبطالها هو محبوبه.
يستمر هذا التوق حتى يلتقي المحبان، ويجتمعان تحت مظلة واحدة. عندها يختفي الشوق. يبقى الحب، وقد يتحول الى مجرد محبة، وتصبح العلاقة اعتيادية غير مميزة، تخلو من اللحظات السينمائية التي صُنعت قبل تطور العلاقة.
قليل من الناس، كما نرى الواقع، يستطيع الحفاظ على المودة والحب بينه وبين شريكه بعد اختفاء الشوق.
أكثر المحبين عذابا هو من لا تسعفه الظروف لأن يجتمع بمحبوبه، فيبقى مشتاقا توّاقا متخيّلا ومتعذبا فترات طويلة، قد تحتل معظم سنيّ حياته، كما نرى في تاريخنا مجنون ليلى، قيس بن الملوح، الذي يقرأ العربي قصائده فيشعر بنشوة الحب، وربما لا يرى فيها إلا الجمال اللغوي. في حين أن قيساً كان يصرخ من الأعماق عندما تخرج منه تلك الأبيات، فلم يكن يهتم بجمالها، ولا بصنعتها الأدبية. لقد عاش مشتاقا، هيمانا ومحروما من محبوبه، حتى فاضت منه بتلك الأبيات. ولكن، هل هذا يعني أنه مميز في حبه؟ لا أظن ذلك، ولكن الله حباه بقريحة شعرية مكَّنته من التعبير عن ذلك الحب، أو الهيام، في أبيات خلَّدها التاريخ، لكي تلامس قلوب كل من عاش تجربته في العشق. ولكن، هل كانت لتستمر هذه العاطفة الملتهبة لو أنه اجتمع بليلى؟ سؤال مفتوح تركه لنا التاريخ، على غرار الروايات والأفلام التي يترك أصحابها نهاياتها مفتوحة ليكملها عقل الجمهور، او ليكتفي بتأملها فقط.
Beijing
2015, April 1
امينة الحسن:
الجمال
بين المفهوم و الحس
قد نختلف كثيرا حين نناقش ( الجمال ) كمفهوم و نظريات ، و لكن نتفق إذا ما استحوذ علينا ( الحس) بأثر بالغ القوة في أنفسنا نتيجة رؤية لوحة أو تمثال أو سلوك أو أسلوب أو ابتسامة و إيماءة من إنسان ما . جمال الطبيعة ليس ما يناقشه علم الجمال ، بل لا يعتبر الطبيعة محورا لدراسته ، إنه يرتكز على الرؤية الفنية الجمالية للأشياء غالبا ، الرؤية التي تولد الأثر و الإحساس ، النظرة التي تحمل فهما لعمق الشيء أكثر من ظاهره . فالعين التي تملك القدرة على التفريق بين الطبيعي و الفني فيما حولها هي من تعطي الرؤية الجمالية . و لربما ينتقل الأثر و القيمة الجمالية من الصورة إلى النص ، و ستبدو العلاقة معقدة نوعا ما إذا ما تداخلت فنون عدة بجمالياتها في آن واحد لتتعدد الرؤى الجمالية الفنية و يتولد الأثر ليس كحس نفسي فقط ، بل في العقل و الروح و الجسد على حد سواء .
#رؤية_و_أثر
#الجمال
محمد سعيد :
الجمال والقيم
الحق والخير كقيمتين تؤولان أحيانًا للجمال، ففي منظومة الأخلاق في الحضارة الإسلامية والتي تتحدد من خلال مفهومي الحسن والقبح (الشرعيين أو العقليين)، هنا نستخذم مفاهيم جمالية لوصف الفعل الأخلاقي ، فمفهوم الحسن والقبح، مفهومان جماليان يتحددان وفق الذائقة الجمعية للمجتمع العربي.
وأما الحق، فقد حورت دلالته من الدلالة العقلية/المنطقية إلى الدلالة الجمالية/القلبية في الخطاب الصوفي، فالحق يكون حقًا لجماله.
في هذين النموذجين، يكون الجمال نقطة ارتكاز تؤول إليه المنظومة القيمية سواء على صعيد المفاهيم أو على صعيد التجربة.
يونس البدر :
الشعر و خلق الجمال
فعلاً نحن لا بد أن نثق بالموهبة التي يملكها شعراؤنا في خلق الجمال، الشاعر يراهن على السمو باللغة إلى مستوى جمالي أرفع ؛ لذلك هو يتعشّق الجمال ويبحث عن مكامنه في هذا الوجود الفسيح ، مكامن الجمال التي يهرع إليها لحظة يضيق فيها الصدر بالأسئلة دون أن يجد أجوبة شافية، فيرى جمال الكون كالماء الزلال ينساب أمامه والأسئلة معلقة في قلبه حد الظمأ ، يقول عمر الخيام :
القلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يقال
يا ربّ هل يرضيك هذا الظما
والماء ينساب أمامي زلال
أسئلة جوابها الأبدي هو اجتلاء الجمال والتعمق في تأمله والتلذذ به ، اقتناص اللحظة الجمالية والانغماس بها وتجاوز الماضي والحاضر هو علامات الصحو من غفلة القلب وشروده :
غداً بظهر الغيب واليوم لي
وكم يخيب الظن في المقبل
ولست بالغافل حتى أرى
جمال دنياي ولا أجتلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق