المــــــرأة
فقه الإسلام وفقه الحضارة
المـشـــــــــــــاركون:
بدأت تميل موازين القوى لصالح المرأة.
مهدي الرمضان
الرجل الصندوقي والمرأة الشبكية
عصام البقشي
أن تكوني إمرأة
فاخر السلطان
القفز فوق أسوار الأنوثة
منى الشافعي
المرأَة ذلكَ الدرُّ المصون
عبدالله الرستم
النسوية الإسلامية
فاخر السلطان
تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
فاخر السلطان
قضايا المرأة
عقيل عبدالله
تأنيث الدين: الكعبة بستار وردي
كاظم الخليفة
بدأت تميل موازين القوى لصالح المرأة
مهدي الرمضان
بينت الدراسات
الفسيولوجية والسيكولوجية والتصوير للدماغ بتقنيات الرنين المغناطيسي بعض و أهم
الفروقات بين الرجل و المرأة و منها ما يلي:
١/ قدرة التواصل و
التعبير: تفوّق المرأة على الرجل في قدرة و فنون التواصل و التعبير عن ذاتها بسبب
كبر حجم مركز التواصل في دماغها.
٢/ المشاركة لدى المرأة
و الاستقلالية لدى الرجل : سيكولوجيا، تتجه المرأة للمشاركة في شؤونها وحل المشاكل
التي تعترضها في الحياة بتواصلها مع غيرها و إشراكهم معها بعكس الرجل الذي تغلب
عليه حالة الوحدانية والاستقالالية في إدارة شؤونه و حل مشاكله بمفرده.
٣/ الجذب الجنسي: مركز
الدماغ المسؤول عن الدافع الجنسي لدى الرجل اكبر مما لدى المرأة ودلت المشاهدات و
الدراسات أن الرجل يفكر في الجنس أكثر من المرأة و ينجذب للمنظر المثير جنسيا أكثر
من المرأة و يركز بقوة على الجانب الخارجي و الشكل في خياراته لشريكته. الرجل سريع
الاستجابة للمثيرات وخاصة التي تأتيه عن طريق النظر و سريع الفتور بعد الاشباع و
المرأة بطيئة الاستجابة و يشدها ما تسمعه اكثر مما تراه و بطئية الفتور حتى بعد
الإشباع.
٤/ العنف مقابل
الدبلوماسية: المرأة مبرمجة بيولوجيا ضد العدوانية أو الاقدام على الصدام و النزاع
الجسدي و اكثر ميلا للمهادنة و الدبلوماسية في علاقاتها بينما الرجل اكثر ميلا
للعدوانية و الصراع الجسدي في حالات التحدي و المواجهة.
٥/ العقلانية و
العاطفية: تميل المرأة للناحية العاطفية في تفكيرها و تعاملاتها و تؤثر العاطفة
بشكل اوضح في قراراتها بينما يكون الرجل ميالا للعقلانية و يقلل من شأن عواطفه في
قراراته.
٦/ قدرة الأداء
المتوازي لمهام متعددة Multitasking: لدى المرأة القدرة و القابلية اكثر من الرجل و بكفاءة أعلى على
أداء مهام متعددة في ذات الوقت بينما يميل الرجل لوضع الأداء والإنجاز التسلي
المتعاقب.
٧/ تحمل الألم الجسدي:
دلت التجارب و الاختبارات على ان للمرأة قدرة فائقة من الرجل على تحمل مستوى اعلى
من الألم الجسدي ولكنها أعلى صوتا واكثر تعبيرا عن شدة الألم من الرجل.
٨/ القوة العضلية:
الرجل اقوى عضليا وربما يكون ذلك أهم الفروقات بين الكائنين و ربما أيضاً الاكثر
تأثيرا على وضعيهما في إدارة شؤون الحياة و في مركزيتيهما في إتخاذ القرارات
تاريخيا.
ريما شكلت هذه الفروقات
اساس العلاقة و رسمت حدودها بين الرجل و المرأة وبإستعراض العلاقة بينهما عبر التاريخ
و في تقريبا كل الحضارات نجدها علاقة ليست متوازنة في جوانبها الإقتصادية و
السياسية و الإجتماعية و تميل كفتها لصالح الرجل ضد المرأة في غالبية الحالات
فللرجل السطوة و السيطرة و التحكم دون المرأة و لدية مفاتيح معظم القرارات.
خضوع المرأة لسيطرة
الرجل لفترات تاريخية متطاولة و منذ بدايات تكون المجتمعات البشرية و بروز الحاجة
لتوزيع الادوار و المهام بين الرجل و المرأة ربما جاء بسبب تفوق قوى الرجل العضلية
و قدراته البدنية التي سهلت له أن يخرج للصيد و مصارعة الكواسر من الحيوانات
و الكسب الإقتصادي لجلب الغذاء و الدفاع عن تجمعاته السكانية في الحروب و النزاعات
مقابل بقاء المرأة في الكهوف و التجمعات السكنية لرعاية الصغار و ترتيب شؤون
المنزل.
اكتساب الرجل لمكانة و
مركزية القيادة جاء نتيجة طبيعية لحجم مساهمته الاقتصادية و الحفاظ على الأمن
للأسرة و أثرها الحاسم و الايجابي في حفظ الحياة فهو من يجلب منافع و
يدفع مخاطر معتمدا على قواه الجسدية و إندفاعه في القتال و الصراع ضد الاعداء
ولكنه في ذات الوقت استفاد من تلك المكانة ليتسيد على المرأة و يجعل لها المرتبة
التالية له في المجتمع إن لم يحرمها تماما من الرتب.
كان العامل الاقتصادي
هو العامل المقرر للمرتبة وللمكانة بين الرجل و المرأة و بين فرق القيمة بين
المواليد من الذكور و الإناث للأسرة كما ذكره لنا التاريخ ومن الشواهد التي لا
نزال نراها في بعض المجتمعات حاليا.
استمرار حالة
التسيد للرجل على المرأة والتفرد بمعظم القرارات ترسخت كعرف وتقليد إجتماعي في
المجتمعات و الحضارات المتتالية و بطبيعة الحال كونه هو صاحب القرار فلابد ان يميل
في قراراته لصالح ذاته و من هنا كانت المرأة في غالب الحالات مغيبة، مهضومة
الجانب، مهدورة الكرامة، و مسلوبة الحقوق تحت القوانين و التشريعات الوضعية في
التاريخ القديم.
جاءت الديانات السماوية
و تشريعاتها لتكون اكثر إنصافا و عدلا فأعطت للمرأة الكثير مما سلب منها و أعادت
لها قسم من مركزيتها في المجتمع و كرامتها كإنسان و لكن بقاء فرق العامل الاقتصادي
لصالح الرجل، هو المؤثر والمحدد للعرف و المسلك الاجتماعي و هو المحدد للعلاقة
وليست التعاليم الدينية فبقيت المرأة مستضعفة بدون تحسن واضح حتى في
مجتمعاتها الدينية.
٢-
بدأت كفة الميزان تميل
لصالح المرأة وتعاظم دورها في المجتمعات المعاصرة لثلاثة عوامل رئيسية:
١/ تمكنت من تحقيق
استقلالها الاقتصادي من خلال دخولها سلك التعليم و خروجها لمجالات العمل الوظيفي
ومساهماتها في إيرادات الاسرة.
٢/ مساهمة التحول
الحضاري و المدني بتشريعات حقوق الإنسان و القوانين التي نظمت حياة البشر ومنعت
التعديات فلم يعد وارد ان يحتاج الرجل المعاصر لعضلاته ولتفوق قواه الجسدية لا في
جلب المنافع و لا في دفع المخاطر عن الأسرة وتم تحييد هذا الفارق بين الرجل و
المرأة و اصبحا تقريبا على قدم المساواة في قدراتهما الجسدية.
٣/ إنبثاق و تعاظم دور
اكبر للفروقات الأخرى بينهما فصارت قدرات المرأة على التعبير و ملكاتها العاطفية و
تمكنها من أداء مهام متعددة في ذات الوقت هي فروقات مؤثرة وتعمل لصالحها و يمكنها
توظيفها لتحقيق مزيد من المكاسب لتعديل ميزان القوى لجانبها.
وبتطور التقنيات و
تناقص الحاجة إقتصاديا للقوى العضلية والتحول لإقتصاد المعرفة بدل إقتصاد الموارد
المادية في خلق قيمة ومكاسب إقتصادية و الاستعاضة عن العضلات بالقوى الفكرية و
الذهنية في القرنين الأخريين، سُحِبَ تماماً البساط من تحت ارجل الرجل و جعله
مكشوف تماماً أمام المرأة بتساويه في قدراته العقلية و الذهنية معها بعد شبه تحييد
و إيقاف تفوقه في عامل القوة الجسدية عليها.
فهي تدرس في نفس
الجامعة نفس المناهج و نفس التخصصات وتلتحق بنفس الوظائف ومكنتها التقنيات و
الإبتكارات من اللحاق بالرجل عمليا فهي تقدر تسوق نفس المركبة وتقود ذات الطراز من
الطائرات و المركبات الفضائية و تنقل بالشاحنة نفس الحمولة وتعمل على الحواسيب
بنفس التمكن لا يفصلها أو يفرقها عنه شيء و تنتج بنفس المقدار مكاسب إقتصادية
لمجتمعها بل ربما تفوقت عليه بقدرتها على القيام بمهام يعجز هو عنها كتربية النشأ
و الاهتمام بشؤون الاسرة في المنزل.
كل ذلك اضاف لها قدرات
تمكين واصبح للمرأة تطلعات مشروعة تسعى لتحقيقها لإعادة خلق توازن مركزي لها في
المجتمع يوازي حجم مساهماتها.
فصار من حقها ان يكون
لها مركزية لا تقل قدرا و إحتراما عن الرجل في مجتمعها و أن تتمتع بكامل حقوقها
مثله.
ففي القادم من الأيام
سيكون للمرأة دور تلعبه في مجتمعها يجسد ما تحمله من ثقل ووزن يوازي حجمها الحقيقي
لا كما يحجّمها مجتمعها الذكوري ولكن بشرط ان تأخذ هي على عاتقها الجدية في
المطالبة بحقوقها.
الرجل الصندوقي
والمرأة الشبكية
عصام البقشي
يا جماعة الحين عرفت ليش الزوجة تتعب من الكلام وفي النهاية
الزوج ما يدري ايش قالت
"مارك
جونجر"
يشرح الفروق بين عمل مخ المرأة والرجل
و " قصة عقلين " هو العنوان الذى اختاره الكاتب
والمحاضر والموسيقي
الأمريكى مارك جونجور ليقدم مجموعة من المحاضراتالجماهيرية
التى صاغها فى قالب كوميدى بالغ الروعة والإدهاش وحضرها عدد من المتزوجين.
تظن بعض الزوجات أن
زوجها قد تغيرت مشاعره تجاهها أو العكس ، والحقيقة هو أن السبب الأساسى هو أن
الرجل يحتاج أن يتصرف وفق طبيعته كرجل كما تحتاج المرأة أن تتصرف وفق طبيعتها
كإمرأة ،ومن الخطأ أن ينكر أحدهما على الآخر هذا الحق - كما ننكر على أبنائنا أن
يتصرفوا كأطفال ، أو ننكر على كبار السن أن يتصرفوا ككبار سن ،أو ننكر على الزعماء
أن يتصرفوا كزعماء - يحدث كثيراً أن يعجز الواحد منا أن يستمر فى تمثيل النفاق
لفترة طويله ، فيعود للتصرف على طبيعته ، فلا يفهم الطرف الآخر فيظن انه تغير
فتحدث المشكلة.
يؤكد المُحاضر أن الخلاف بين الرجل والمرأة خلاف فى أصل
الخلقه ، وأنه لا يمكن علاجه ، وإنما يجب التعامل معه بعد أن يفهم كل طرف خصائص
الطرف الآخر ، ودوافعه لسلوكه التى تبدو غريبة وغير مبررة . ويرى أن نظرياته صحيحة
بشكل عام ، وأنها تنطبق فى معظم الحالات لا علاقه لهذا بالمجتمع ولا بالثقافة ولا
بالتربية ولا بالدين ، ولكنه يشير إلا أن الاستثناءات واردة.
"عقل الرجل صناديق ، وعقل
المرأة شبكة"
وهذا هو الفارق الأساسى بينهما ، عقل الرجل مكون من صتاديق
مُحكمة الإغلاق ، وغير مختلطه . هناك صندوق السيارة وصندوق البيت وصندوق الأهل
وصندوق العمل وصندوق الآولاد وصندوق الأصدقاء وصندوق المقهى ........... الخ.
وإذا أراد الرجل شيئاً فإنه يذهب إلى هذا الصندوق ويفتحه
ويركز فيه ... وعندما يكون داخل هذا الصندوق فإنه لا يرى شيئاً خارجه . وإذا انتهى
أغلقه بإحكام ثم شرع فى فتح صندوق آخر وهكذا.
وهذا هو ما يفسر أن الرجل عندما يكون فى عمله ، فإنه لا ينشغل
كثيراً بما تقوله زوجته عما حدث للأولاد ، وإذا كان يُصلح سيارته فهو أقل اهتماماً
بما يحدث لأقاربه ، وعندما يشاهد مبارة لكرة القدم فهو لا يهتم كثيراً بأن الأكل
على النار يحترق ، أو أن عامل التليفون يقف على الباب من عدة دقائق ينتظر إذناً
بالدخول.
عقل المرأة شئ آخر : إنه مجموعة من النقاط الشبكية المتقاطعه
والمتصله جميعاً فى نفس الوقت والنشطة دائماً .. كل نقطه متصله بجميع النقاط
الأخرى مثل صفحة مليئة بالروابط على شبكة الإنترنت.
وبالتالى فهى يمكن أن تطبخ وهى تُرضع صغيرها وتتحدث فى
التليفون وتشاهد المسلسل فى وقت واحد . ويستحيل على الرجل - فى العادة - أن يفعل
ذلك..
كما أنها يمكن أن نتنقل من حالة إلى حاله بسرعة ودقه ودون
خسائر كبيرة ، ويبدو هذا واضحاً فى حديثها فهى تتحدث عما فعلته بها جارتها
والمسلسل التركى وما قالته لها حماتها ومستوى الأولاد الدراسى ولون ومواصفات
الفستان الذى سترتديه فى حفلة الغد ورأيها فى الحلقة الأخيرة لنور ومهند وعدد
البيضات فى الكيكة فى مكالمه تليفونية واحدة ، أو ربما فى جملة واحدة بسلاسة
متناهية ، وبدون أى إرهاق عقلى ، وهو ما لا يستطيعه أكثر الرجال احترافاً وتدريباً.
الأخطر أن هذه الشبكة المتناهية التعقيد تعمل دائماً ، ولا
تتوقف عن العمل حتى أثناء النوم ، ولذلك نجد أحلام المرأة أكثر تفصيلاً من أحلام
الرجل.
المثير فى صناديق الرجل أن لديه صندوق اسمه : "
صندوق اللاشئ " ، فهو يستطيع أن يفتح هذا الصندوق ثم يختقى فيه عقلياً ولو
بقى موجوداً بجسده وسلوكه . يمكن للرجل أن يفتح التليفزيون ويبقى أمامه ساعات يقلب
بين القنوات فى بلاهه ، وهو فى الحقيقة يصنع لا شئ . يمكنه أن يفعل الشئ نفسه أمام
الإنترنت . يمكنه أن يذهب ليصطاد فيضع الصنارة فى الماء عدة ساعات ثم يعود كما ذهب
، تسأله زوجته ماذا اصطدت فيقول : لا شئ لأنه لم يكن يصطاد ، كان يصنع لا
شئ. جامعة بنسلفانيا فى دراسة حديثة أثبتت هذه الحقيقة بتصوير نشاط المخ ، يمكن
للرجل أن يقضى ساعات لا يصنع شيئاً تقريباً ، أما المرأة فصورة المخ لديها تبدى
نشاطاً وحركة لا تنقطع
.
وتأتى المشكله عندما تُحدث الزوجة الشبكية زوجها الصندوقى فلا
يرد عليها ، هى تتحدث إليه وسط أشياء كثيرة أخرى تفعلها ، وهو لا يفهم هذا لأنه-
كرجل - يفهم انه إذا أردنا أن نتحدث فعلينا أن ندخل صندوق الكلام وهى لم
تفعل . وتقع الكارثة عندما يصادف هذا الحديث الوقت الذى يكون فيه الرجل فى صندوق
اللاشئ . فهو حينها لم يسمع كلمة واحدة مما قالت حتى لو كان يرد عليها.
ويحدث كثيراً أن تُقسم الزوجة أنها قالت لزوجها خبراً أو
معلومة ، ويُقسم هو أيضاً أنه أول مرة يسمع بهذا الموضوع ، وكلاهما صادق . لأنها
شبكية وهو صندوقى.
والحقيقة انه لا يمكن للمرأة أن تدخل صندوق اللاشئ مع الرجل ،
لأنها بمجرد دخوله ستصبح شيئاً هذا أولاً
، وثانياً أنها بمجرد دخوله ستبدأ فى طرح الأسئلة : ماذا تفعل يا حبيبى ، هل تريد
مساعدة ، هل هذا أفضل ، ما هذا الشئ ، كيف حدث هذا ... وهنا يثور الرجل ، ويطرد
المرأة .. لأنه يعلم أنها إن بقيت فلن تصمت ، وهى تعلم أنها إن وعدت بالصمت
ففطرتها تمنعها من الوفاء به.
فى حالات الإجهاد والضغط العصبى ، يفضل الرجل أن يدخل صندوق
اللاشئ ، وتفضل المرأة أن تعمل شبكتها فتتحدث فى الموضوع مع أى أحد ولأطول فترة
ممكنة . إن المرأة إذا لم تتحدث عما يسبب لها الضغط والتوتر يمكن لعقلها أن ينفجر
، مثل ماكينة السيارة التى تعمل بأقصى طاقتها رغم أن الفرامل مكبوحه ، والمرأة
عندما تتحدث مع زوجها فيما يخص أسباب عصبيتها لا تطلب من الرجل النصيحة أو الرأى ،
ويخطئ الرجل إذا بادر بتقديمها ، كل ما تطلبه المرأة من الرجل أن يصمت ويستمع
ويستمع ويستمع .... فقط.
الرجل الصندوقى بسيط والمرأة الشبكية مُركبة . واحتياجات
الرجل الصندوقى محددة وبسيطة وممكنة وفى الأغلب مادية ، وهى تركز فى أن يملأ أشياء
ويُفرغ اخرى.
أما احتياجات المرأة الشبكية فهى صعبة التحديد وهى مُركبة وهى
مُتغيرة . قد ترضيها كلمة واحدة ، ولا تقنع بأقل من عقد ثمين فى مرة أخرى .. وفى الحالتين
فإن ما أرضاها ليس الكلمة ولا العقد وإنما الحالة التى تم فيها صياغة الكلمة
وتقديم العقد.
والرجل بطبيعته ليس مُهيئاً لعقد الكثير من هذا الصفقات
المعقدة التى لا تستند لمنطق ، والمرأة لا تستطيع أن تحدد طلباتها بوضوح ليستجيب
لها الرجل مباشرة .. وهذا يرهق الرجل ، ولا ترضى المرأة.
الرجل الصندوقى لا يحتفظ إلا بأقل التفاصيل فى صناديقه ، وإذا
حدثته عن شئ سابق فهو يبحث عنه فى الصناديق ، فإذا كان الحديث مثلاً عن رحلة فى
الأجازة ، فغالباً ما يكون فى ركن خفى من صندوق العمل ، فإن لم يعثر عليه فأنه لن
يعثر عليه أبداً .. اما المرأة الشبكية فأغلب ما يمر على شبكتها فإن ذاكرتها تحتفظ
بنسخة منه ويتم استدعائها بسهوله لأنها على السطح وليس في الصناديق.
ووفقاً لتحليل السيد مارك ، فإن الرجل الصندوقى مُصمم على
الأخذ ، والمرأة الشبكية مُصممه على العطاء . ولذلك فعندما تطلب المرأة من الرجل
شيئاً فإنه ينساه ، لأنه لم يتعود أن يُعطى وإنما تعود أن يأخذ ويُنافس ، يأخذ فى
العمل ، يأخذ فى الطريق ، يأخذ فى المطعم .... بينما اعتادت المرأة على العطاء ،
ولولا هذه الفطرة لما تمكنت من العناية بأبنائها.
إذا سألت المرأة الرجل شيئاً ، فأول رد يخطر على باله :
ولماذا لا تفعلى ذلك بنفسك . وتظن الزوجه أن زوجها لم يلب طلبها لأنه يريد أن
يحرجها أو يريد أن يُظهر تفوقه عليها أو يريد أن يؤكد احتياجها له أو التشفى فيها
أو إهمالها ... هى تظن ذلك لأنها شخصية مركبة ، وهو لم يستجب لطلبها لأنه نسيه ، وهو
نسيه لأنه شخصية بسيطه ولأنها حين طلبت هذا الطلب كان داخل صندوق اللاشئ أو انه
عجز عن استقباله فى الصندوق المناسب فضاع الطلب ، أو انه دخل فى صندوق لم يفتحه
الرجل من فترة طويله.
أعد قراءة هذا الموضوع كل عدة أيام بمفردك أو مع شريك حياتك..
راجيا حياة "صندوقية
عنكبوتية" تُفرح الجميع و تُديم الاسفهلال.
أن تكوني إمرأة
فاخر السلطان
لوسي إيريغاري،
الفيلسوفة، والمنظّرة في شأن المرأة والمدافعة عن حقوقها، المولودة في بلجيكا عام
1932، التقتها استاذة الفلسفة في جامعة ليفربول والباحثة في الشأن النسوي غيليان
هووي (رحلت عن الحياة في مارس الماضي)، وبحثَتْ معها في مفهوم
"النسوية"، ولماذا لا تحبّذ أن تستخدم هذه المفردة، وكيف تشدد على
"الثنائية"، وأنه لابد للحياة أن تدار من قبل فاعلَين اثنين شريطة
التخلي عن فكرة الفاعل الواحد.
إذا كانت مراحل تطور
الحركة النسوية، كما تقول إيريغاري، تتشابه مع حركة الأمواج، يمكننا القول بأن
الأسس التي انبنت عليها تلك الحركة غير قابلة للتغيير. غير أن الحركة قامت على أسس
لا تنتمي إليها، أسس خارجية في ظل احترامها لذاتها. أي أن الأمر متعلق بحركة
مستمرة لكن من دون أسس واضحة، ما ينفي تبلورها في إطار ثابت ومعنى واضح.
تنفي إيريغاري عن نفسها
صفة "النسوية"، وتؤكد اعتراضها على كل من ينعتها بـذلك أو بأي نعت آخر،
كـ"مابعد النسوية" أو "مابعد الحداثية". لماذا؟ لأنها تتجاوز
في فكرها ما أسمته بـ"الأطر المعلبة"، ولأنها تسعى في مجال أوسع يتعلق
بحقوق الإنسان وحقوق المرأة، ما يستلزم الدفاع عن ذاتها بموازاة احترام مختلف صور
الجهد الجماعي.
تعتقد بأهمية إيجاد
ثقافة واحدة لفاعلَين اثنين، في حين التفاوت بينهما، بين الاثنين، الذكر والأنثى،
هو فقط في الجنس. فحينما تمرّ إيريغاري بالتحليل صوب عملية النقد، تعتقد بأنه قائم
على الواحدية، أو على إبراز دور فرد واحد من الاثنين، والذي عادة ما يدّعي بأنه
غير منحاز في رؤاه الناقدة، أي الذكر. بينما هي تريد أن يكون النقد لهما وليس له
فقط. هي تسعى للقول بأن الاثنين لا يمكن أن يقللا من شأنيهما، ولا يمكن لأحدهما أن
يأخذ مكان الآخر، لا بسبب ان أحدهما أفضل من الآخر (العامل الكمّي)، بل بسبب
التفاوت الوجودي، أي التفاوت في وجود كل طرف (العامل الكيفي). فهما اثنان فاعلان.
لذلك، تتحدث إيريغاري عن "أجنسة" التفاوت لا عن التفاوت الجنسي، فترفض
أن تكون المرأة هي الجنس الثاني.
فالمرأة لا تنظر إلى
علاقاتها مع نفسها ومع الآخرين ومع العالم مثل ما يريد الرجل لتلك العلاقة أن
تكون. فتلك العلاقة، مثلما يرى أغلب الناس، لا تتعلق فقط بشكل الجسم وبإمكانياته
العضلية أو بالظروف الاجتماعية، إنما تسير في إطار الهوية الكامنة خلف علاقة الجسم
بالثقافة. من هذا المنطلق فإن البعض، خاصة من يدّعي بأنه مادي، لا يوافق عل
ى مساهمة الدور الجنسي
لجسم الإنسان في بناء الثقافة العالمية. لذلك، من الأفضل للمرأة أن تنمّي نفسها في
ظل الأساليب النسوية وفي إطار القيم النسوية. وهذا يتطلب إزاحة الثقافة الماضوية
القائمة على الواحدية الذكورية، والدخول في ثقافة مغايرة مبنية على الثنائية، فلا
يظلم فيها طرف الآخر، ولا يكون هناك حاجز بين المرأة وبين هويتها الأنثوية.
ان هوية المرأة تتشكل
منذ بدء ولادتها. وبعبارة أخرى: خلال سعي المرأة أن تكون إمرأة، فإن ذلك يرتبط
بالهوية، فيما الهوية تتشكل منذ الولادة.
إيريغاري تعارض مسعى
البعض لرفض الربط بين المرأة وبين استخدامها الحيواني، وأن الهدف من هذا الرفض هو
محاربة الهوية الذكورية التقليدية. بل تؤكد ان هذا المسعى جرى في فترة زمنية معينة
قد انتهت، هي فترة الدفاع عن حرية المرأة. لماذا تعارض ذلك؟ لأنه لا ينتهي إلى جعل
المرأة إمرأة، بل إلى جعلها عضوا في النادي الذكوري الحديث. هي تريد للآخر أن يفهم
التفاوت من أجل الوصول إلى مرحلة جديدة من الإنسانية، لأن الإنسانية الراهنة، رغم التطورات
المهمة في قضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، لا تزال تحت عهدة الرجل، الحديث.
بينما هي تريد أن يكون العالم تحت عهدة الاثنين، الرجل والمرأة، الحديثين.
أعي جيدا بأن ما تقوله
إيريغاري، يتعلق بوضع المرأة في المجتمع الحداثي الغربي في سعيها أن تكون
"إمرأة" لا مجرد إنسانة حداثية تعيش تحت إمرة الرجل الحداثي. فما بال،
إذاً، المرأة في مجتمعاتنا العربية والمسلمة في صلتها بالحرية والأنسنة والحداثة؟
فهي، عربيا وإسلاميا، ليست تحت إمرة الرجل، بل.. "ملك" للرجل. لذا، تبدو
تساؤلات طرحتها جميلة بن حبيب، الكاتبة والصحفيّة والناشطة الحقوقيّة الجزائرية
الأصل التي تعيش في الكبك منذ 1997، في صلب أزمة المرأة العربية والمسلمة:
"هل يأتي ذلك اليوم الذي لا يصبح فيه الأخوة جلاّدين لأخواتهم، والرّجال
معنّفين لزوجاتهم من أجل إبراز فحولتهم؟ ومتى لا تصبح المرأة محتاجة لوليّ أمر لتتزوّج؟
وهل سيسمح للمرأة بالزّواج من غير مسلم يوما؟".
القفز فوق أسوار الأنوثة
منى الشافعي
لم اكن اتصور أن هذه
الفكرة سوف تستغرق عقدين من الزمن لتختمر ، في بداياتي و اثناء تبلور حسي
الاجتماعي و انخراطي في العمل الاجتماعي كان دافعي الأساس هو وضع المرأة و لكن ثمة
قوى داخلية كانت تجبرني على رفض هذا الشعور ، و كنت أقسر نفسي على أن لا أجعل من
قيد الأنوثة أغلال ترتهنني في موضوع حقوق المرأة و كنت بحداثة وعيي آنذاك أحاول أن
أقفز فوق أسوار الأنوثة و أدول وضع المرأة و حقوقها ضمن كينونتها كانسان ، و كنت
أحدث نفسي جاهدة على ان لا ثمة ما يجبرني ان أشكل إطار خاص للمرأة وحدها. و إن
إكراماً للمرأة أن لا تميز قضاياها عن الرجل فهما سواء في ميزان الانسانية.
سرى مركبي في دهاليز
العمل الاجتماعي و رسى على اطراف و رؤوس ناتئة أبت ان تستوعب المرأة كإنسان و
حاولت عبثاً أن ااطرها في هذا النطاق.
نتوءات عدة أجبرتني على
التخندق كإمرأة قبل إنسان ، فالذكر ليس كالأنثى ، سطوة فكرية تموضعت في أذهان
الناس و صار من الصعب التحرر من قيودها، فأينما وليت وجهك هناك فارقة بين المرأة و
الرجل ، وقفت على حالات تعنت بالغة للرجل إزاء المرأة ، و لم يكن ثمة مخرج اجتماعي
او ديني ، لن أسرد أمثلة لأن كل منا في دائرته شواهد حاضرة.
لم اكن اتصور أن هذه
الفكرة سوف تستغرق عقدين من الزمن لتختمر ، في بداياتي و اثناء تبلور حسي
الاجتماعي و انخراطي في العمل الاجتماعي كان دافعي الأساس هو وضع المرأة و لكن ثمة
قوى داخلية كانت تجبرني على رفض هذا الشعور ، و كنت أقسر نفسي على أن لا أجعل من
قيد الأنوثة أغلال ترتهنني في موضوع حقوق المرأة و كنت بحداثة وعيي آنذاك أحاول أن
أقفز فوق أسوار الأنوثة و أدول وضع المرأة و حقوقها ضمن حق الانسان ، و كنت أحدث
نفسي جاهدة على ان لا ثمة ما يجبرني ان أشكل إطار خاص للمرأة وحدها. و إن إكراماً
للمرأة أن لا تميز قضاياها عن الرجل فهما سواء في ميزان الانسانية.
سرى مركبي في دهاليز
العمل الاجتماعي و رسى على اطراف و رؤوس ناتئة أبت ان تستوعب المرأة كإنسان و
حاولت عبثاً أن ااطرها في هذا النطاق ، لكنها أبت رغم جهودي الحثيثة.
نتوءات عدة أجبرتني على
التخندق كإمرأة قبل إنسان ، فالذكر ليس كالأنثى ، سطوة فكرية تموضعت في أذهان
الناس و صار من الصعب التحرر من قيودها، فأينما وليت وجهك هناك فارقة بين المرأة و
الرجل ، وقفت على حالات تعنت بالغة للرجل إزاء المرأة ، و لم يكن ثمة مخرج اجتماعي
او ديني ، لن أسرد أمثلة لأن كل منا في دائرته شواهد حاضرة.
كانت الثقافة الدينية
التي تربينا عليها رائعة و هي تمجد المرأة و مكانتها تعظم دورها، لكن عندما اتخذنا
أدوارها على مسرح الحياة صدموا بمثاليتها المفرطة ... صار من الصعب أن اوائم بين
ما يختلجني من مشاعر مضطربة و أفكار مشوشة و هذه النصوص البراقة، أسئلة فطرية تلح
علي... كيف لي ان أتقبل مقولة مثل ان لا اخرج من المنزل إلا بأذنه و أن أطيعه طاعة
عمياء ماذا افعل بهذه الروح الجامحة التي تسكنني و توقي للتعبير عن ذاتي .... كنت
اتسآل اذا كان الله سبحانه أرادني بلا إرادة في حضرة الزوج فلماذا وهبني إياها ...
لماذا وهبني القدرة على التفكير اذا كان قدري و امري بيد ولي امري .. و لماذا
ماثلني بالرجل في الشعور و التفكير بالرغم انه تعالى خالفنا في الخلق ... فلماذا
لم يتبع تلك المفارقة في الشكل مفارقة أيضاً في التفكير و الشعور فلا اعترض على ما
هيئني له من دور في هذه الحياة و الذي نحشر فيه قسرا شئنا أم أبينا فالمرأة ليست
الا أرضا
كنت اقلب نصوص الطاعة (
لا تمنع المرأة نفسها ولو كانت على ظهر قتب) ( لو أمرت المرأة ان تسجد.... لأمرها
ان تسجد لزوجها) ...الخ و أحاول ان اجد لها متسقا مع الفطرة السوية كيف تلغى إرادة
و مشاعر انسان لمجرد انه أنثى فلا يبدي رأيا او اعتراضا او كيف تتسق كرامة الانسان
في السجود لمثله
و في سيرورة الحياة
وقفت على عجز الفقه و أحكامه في أن يتعامل مع هذا الكائن كإنسان ذو مشاعر و كرامة
فهي مرتهنة لمشيئة اخر لا تملك من أمرها شيء لاسيما في عقد الزواج ... الذي وصفه
ذات يوم رجل الدين بأن المرأة فيه بمثابة الأسيرة فعليها ان تفادي نفسها لو أرادت
ان تخلص من هذا الارتباط.
عمدت بعدها أجرجر
أذيالي و أتأمل اسوار الأنوثة التي يتفنن البعض في أعلائها حتى كدت أخشى ان تغلق
دوننا.
هذه الأسوار المتطاولة
هي التي دفعتنا لرفع الصوت عالياً بحقوق المرأة ، لأننا نخشى أن نطمر دون ان
يدركنا أحد ، بعد أن عجزنا أن تقفز فوقها.
عمدت بعدها أجرجر
أذيالي و أتأمل اسوار الأنوثة التي يتفنن البعض في أعلائها حتى كدت أخشى ان تغلق
دوننا.
هذه الأسوار المتطاولة
هي التي دفعتنا لرفع الصوت عالياً بحقوق المرأة ، لأننا نخشى أن نطمر دون ان
يدركنا أحد ، بعد أن عجزنا أن تقفز فوقها.
المرأَة ذلكَ الدرُّ المصون
عبدالله الرستم
(1)
💐 ما زالت المرأة ذلك الإنسان الذي جهله الإنسان بكل مكوّناته وعناصره
رغم وجودهما على وجه الأرض، ففي الأثناء التي تُهضم فيه المرأةُ وتُسحق كرامتها
وتُهمَّش من الحياةِ الاجتماعية وحقِّ الحياةِ عن طريقِ الوأدِ الجسَدِي والوأدِ
الفكري، ينبزغُ نورُ النبوّةِ لينتشل ذلك الكيان المودَعِ تحت أكوام من التراب بكل
ما يحتويه من فكرٍ ومكانةٍ وعطاءٍ باعثاً في قلبِ الأمّةِ مكانةَ هذا الإنسان
العظيم.
💐 ورغم مرور الزمنِ على تعليماتِ منقذِ الإنسانيةِ من ظُلُمَاتِ
الجهْلِ إلى نورِِ العِلْمِ، فإنَّ الجَهْلَ ما زال موجوداً يتقلّب بعدّةِِ صورٍ
ليسحقَ كرامةَ المرأةِ التي تُعتبر عصب الحياةِ والوجه الآخرِ للرجل، فهي بحقٍ
شمسٌ تشرق لتمد حياة الرجل بالدفء نهاراً، وهي قمرٌ منيرٌ حينما يُرخي الليلُ
سدولَهُ ليُعطي صورةً أخرى لذلك الدفءِ عبر نظراتها المليئة بالحبِّ والحنان، وهي
الرُكْنُ الذي يُعتمدُ عليه أثناءَ غيابِ الرجل، وما هي كذلك إلا لعَظَمَةِ ودقّةِِ
الصانعِ الذي أبدعَ في خلقِ هذا الإنسانِ.
💐 فمن خلالِ هذا العرض البسيط حول المرأة ودورها في الحياة بجميع
أطوارها، نستنتج أن للمرأةِ أدواراً ليستْ محصورةً بينَ جُدْرانٍ وأسقُف؟! وإن
كانَ هناك عدةَ أدوارٍ تستطيعُ أنْ تؤدِّيها خارجَ صرح الأسرة فإنه يستلزمُ عليها
القيام بأدوارها داخلَ ذلك الصرحِ قبلَ الخُروجِ منهُ بمعيّة الرجُل، وقد نلاحظُ
ذلكَ جليّاً في حياةِ سيداتِ نساءِ العالَمينَ وعلى رأسهمْ فاطمةُ بنتُ مُحَمَّد
صلى الله عليه وآله، فإنَّ لهذه المرأة خدماتٌ جليلة منذ بزوغ نورها على بطحاءِ
مكّة المكرّمة وحتى رحيلها عن الدُنيا، وذلك عن طريقِ التزامِها بمباديءِ الإسلامِ
وحفظها وصايا أبيها ورَسْمِهَا على أرْضِ الواقعِ كإسْلامٍ يمْشِي بَيْنَ أزقّةِ
المدينة المنوّرة، انطلاقاً من إطار الأسرة المقدّسة غير المحدود، وذلك بتجلّي
تربيتها بعد رحيلها في حياة أبنائها الذين حافظوا على الخطوط العامة للإسلام
بمعيّةِ أمير المؤمنين عليه السلام، وحتى ذلك الموقف الذي عجز عنه الرجال بعد
وفاةِ أبيها صلى الله عليه وآله.
(2)
💐 ومع علم الكثير بأدوار المرأة ومكانتها في الشريعةِ الإسلاميةِ
والشريعةِ الفكرية، إلا أنه يوجد ثمةَ رواسب عند البعض تخالفُ هاتين الشريعتين
متجاهلاً أو متغافلاً أو ناكراً بعض العناوين العامة الموجودة في الدستور المقدّس
﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾ [البقرة: 187]، وهذا العنوانُ
العظيم الصادر من عند العظيم لهو من العناوين العميقة التي لا يسعُ لأيّ إنسان أن
يفهمهُ ما لمْ يكن القرآن الكريمُ دليلُه الذي يَسْتضيءُ بهِ حينَ تدلهمُّ الخطوبُ
على صاحِبِهَا، ففي الأثناء التي تَصدُر الآيات الكريمة في حفظِ هذهِ المكانة
يتأوّلُ المتأَوّلونَ على غيرِ بصيرةٍ بأَخذِ ما يوافقُ نَهْجَهُم المخالف لروحِ
الشَريعةِ مُسَتدِلِّينَ بقولهِ تعالى ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾
ومتغافلين بقيةَ ما وردَ في الآية الكريمة ﴿بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى
بَعْضٍ﴾ [النساء:34]، فعمليةُ التفضيلِ مقرونةٌ كذلكَ بالتقوى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]، فلَم يكرِّم الله سبحانَهُ وتَعَالَى الرجُلَ على
المرأة ما لمْ تكنِ التقوَى في طليعةِ الحياةِ العَمَليّةِ التي مِنْ خِلالِها
يُعرَفُ الصالحُ مِنَ الطَالِحْ.
(3)
💐 وبالنظرِ إلى الحَياةِ العَمَلِيّةِ التي نُمارِسُها اليوم نجدُ
بعضَ الأخطاءَ الشنيعة والفظيعة وعلى رأسِها ممارسةِ العُنْفِ ضِدَ المرأةِ بجميع
صُوَرِهِ، ومَن ثمَّ تأتي بعض المُمَارسات اللاأخلاقية واللادينية كالضَرْبِ
والشَتْمِ وقَذْفِ المُحْصَناتِ المؤمنات، وكل هذا يَظن البعضُ أنّهُ مِنْ حَقِّ
الرَجُلِ مُمَارَسَةَ هذه الأُمورِ متأوّلاً على غير بصيرةٍ بنِسْبَتِها إلى
الإِسْلامِ، والإسلامُ من هذه المُمَارساتِ بريءٌ كبراءةِ الذئبِ مِنْ دَمِ
يُوسُف، والسبب كامن في أمور عِدة، منها:
- الأساليب التربوية
التي نشأ عليها البعض.
- التأثُر ببعضِ
الأفكارِ الغَرْبِيّة أو الدَخِيلَةِ عَلَى المُجْتَمَعِ الإِسْلامِي.
- وجودُ بعضِ العاداتِ
والتقاليدِ الخَاطِئَة.
- ثقافة شَرِبَهَا مِنْ
غَيْرِ مَنَابِعِهَا السَليمَة .. وغيرها من الأسباب التي تؤدّي بالبعضِ إلى
مُمَارَسَةِ هَذا العُنْف، مع العِلْم أنَّ بَعْضَ مُمَارَسَاتِ الرَجُل سَبَبُها
المرأة، مما يضطر الرجُل إلى فِعْل بعضٍ مِنْ هَذهِ الأُمُور.
💐 ولكنْ!! مَهْمَا كَانَتْ الدَواعِي والأَسْبَاب لا تؤدِّي إلى
مثلِ هذهِ المُمَارَسَاتِ الخَاليةِ مِنْ رُوحِ الإِسْلامِ المُحَمّديّ الأصيل
الذي بِدَوْرِه جَعَل لِكِلا الجِنْسَيْنِ كَرَامة، وما وجُود الإسلامِ وقوانينُه
الإلهية إلا لِحِمَايَةِ كِلا الجِنْسَيْن مِنْ بَعْضِ المُمَارسات المَشِينَة
بِخِلافِ ما هو مُقَرَّر في القوانينِ الوضْعِيَّةِ التي هِيَ مِنْ صُنْعِ
الإنْسَان.
(4)
🌹حُقُوقُ المَرْأَة 🌹
💐 مِنْ خِلالِ مَا ذَكَرْنَا يَبْرُز في جِهَاتٍ أُخْرَى شِعَارٌ
أُطلِقَ عَلَيْهِ (حقوق المرأة)، وَقَدْ انجرَّ خَلْفَ هذا الشِعَار الكَثِيرُ
مِنْ نِسَاءِ المُسْلِمين، ظنّاً مِنْهُم أنَّ هذا الشِعَار هو الذي يَحمِيهِم من
مُمَارساتِ بَعْضِ الرِّجَال، ولعلَّ الذي طَرَحَ هذا الشِعَار لم يَلتفَتْ إلا
لِشَريحَةٍ مُعَيّنةٍ في بَعْضِ المُجْتَمَعَات دونَ وَضْعِ حَلٍّ مُنَاسِب
لمَشاكِل هذه الشَريحة فكانَ هذا الشِعَار، ومع أن هذا الشِعَار في غاية
الرَوْعَةِ والقَداسة، إلا أَنّهُ مَطروحٌ مُنْذُ بُزوغِ نُورِ الرَسُولِ
الأَعْظَمِ مُحَمّد صلى الله عليه وآله، سَواءً بهذهِ الصِيغَةِ أو بصيغَةٍ
أُخْرَى، وأقربُ مِثَالٍ لذلكَ احترامُهُ للمَرْأَةِ وتوظيفهِا في جَميعِ مجَالاتِ
الحَياةِ بالطَرِيقَةِ التي تُنَاسِبْ تكوينَهَا، ومَنْ لهُ أَدْنى اطّلاعٍ عَلى
حياةِ الرسولِ الأَعْظَم صلى الله عليه وآله يَجِدُ ذلكَ واضِحَاً في رِسَالتِهِ
العالميّة، فَقَد أعطاها ما تُريدُ ضِمْنَ الضوابط الشرعية التي تُوافِقُ مَنْهَجَ
السَّمَاء، ومعلومٌ أنَّ مَنْ يَتَمَسّك بديانةٍ كالإِسْلامِ لا بدَّ لَهُ وأَنْ
يلتزمَ بما جَاءَ بِهِ الرسُول الأعْظَم صلى الله عليه وآله في حَقِ كلِّ كائنٍٍ
يدُبُّ على وَجْهِ الأَرض، وذلك مشروطٌ بَوَعْيٍ ثاقبٍ لكلِّ ما جاءَ بهِ صلى الله
عليه وآله، وما القرآنُ الكريمُ إلا دستورٌ ومنهجٌ لكل ما نريدهُ في الحَياةِ
الدُنْيَا، فَقَدْ وَردتْ في القرآنِ الكريمِ عِدَةُ آياتٍ وُضِعَتْ فيها المرأةُ
بجانبِ الرجل وهو ما يُسَمّى بالمساواة، ولكن ليستْ هذهِ المساواةُ كالتي يطرحُهَا
البعضُ بفكرٍ مخالفٍ للقرآنِ الكريمِ وخالٍ من القيمِ والمباديءِ الإنسانيّة مِنْ
ابتذالِهَا وتَسْخِيرِها للجِهَاتِ المُغْرِضَةِ كسلعةٍ زهيدة والاتجار بها، وإليك
تلك الآيات التي تحدثت عن هذه المساواة:
1. قال تعالى: ﴿مَنْ
عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].
2. قال تعالى: ﴿مَنْ
عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ
أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ
فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [غافر:40].
3. قال تعالى:
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ...﴾ [آل عمران: 195].
4. قال تعالى: ﴿وَمَن
يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً﴾ [النساء :
124].
💐 نلاحظُ في هذهِ الآياتِ أنَّ الأعمالَ الصالِحةَ المَقْرُونَة
بالإيمان، للهِ سُبْحانَهُ وتعالَى، وَمَنْ يَقْتَفِي طَرِيقَ الإيمانِ سَيَنْعَم
بحياةٍ سعيدةٍ، ومَنْ يَنْعَم بحياةٍ سعيدةٍ فهذا دليلُ التزامهِ بالمنهجِ
القرآنيِّ المقدَّسْ.
(5)
الأخيرة ..
💐 وكذلكَ نجد في آيات أخرى يخاطب الرجل والمرأة بالحفاظ على مشاعر
كلٍ منهما وذلك للحصول على بيئة اجتماعيّة نقيّة طاهرة، تعيش الحبَّ والاحترام
وتلفظ حياة الغاب والتعدي على حرمات الآخرين بغير حق:
1. قال تعالى: ﴿قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: 30].
وبما أن هذا الخطاب
موجّه للمؤمنين، فإنه لم يغفل المؤمنات، فإنه وجّه لهنّ نفس الخطاب وبنفس الصيغة
لتكتمل المساواة ويكتمل النظام الكوني.
2. قال تعالى: ﴿وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ...﴾
[النور: 31].
فأيّ مساواة أعظم من
هذه المساواة؟! وأي شعارٍ أقدسَ من شعارات السماء؟!!
💐 من خلال ما ذكرنا نجد أنّ (حقوق المرأة) تكفّل بها القرآن الكريم،
إلا أن بعض المسلمين لم يلتزموا بهذا الشعار الإلهي فظهر الشقاء ودبّ الخلاف،
وبظهور هذا الشقاء ينتهز الغرب ومريدوا التحرر من المسلمين وجود هذا الشعار
ليوظفوه كيفما شاؤوا باسم الإسلام، ونحن إذا لم نلتزم بمنهج القرآن الكريم سنلقى
شقاءً مريراً حينما تنشب مخالب التحرريين في رؤوسنا، علماً أن بعض القضايا
المطروحة باسم (حقوق المرأة) ليست دائماً من الغرب كما يُصوِّرُ البعض، بل كما
أوضحنا سابقاً أن هذا ناتج عن قراءةٍ خاطئةٍ للإسلامِ من قبل المسلمين وذلك
بابتعاد بعضهم عن القراءة الواعية لهذه الخطوط، إلا أن الغرب استخدم هذا الشعار
لتوظيفه ضمن مخططه الاستعماري ليحول نظام السماء إلى نظام عنصري تكون فيه الغلبة
للقويّ.
💐 ختامــاً:
رسالة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في
حق المرأة ليست نظريات نتبجح بها في مؤتمراتنا وندواتنا؟!! بل هي رسالة تحتاج إلى
تطبيق على أرض الواقع حتى لا نجعل أيادي خارجية تعبث في الإسلام وفي أسرنا باسم
الإسلام فنجني ثمراتها المرّة بعد حين.
النسوية الإسلامية
فاخر السلطان
النسوية، أو الفمينيزم،
هي كلمة تشير إلى الرؤى المتعلقة بقضايا المرأة، هدفها متجه نحو "القضاء على
كل أشكال القهر المتصل بالنوع الجنسي"، واهتماماتها منصبة على "قضايا
عدم المساواة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين النساء والرجال"، حسب ما
هو مشروح في موقع "ويكيبيديا". في هذا الإطار، هناك العديد من المدارس
الفكرية التي تختلف في تعريف النسوية، وتتباين في الإشارة إلى أسباب انعدام
المساواة وفي كيفية الوصول إليها. من تلك المدارس "النسوية الإسلامية"،
التي تسعى إلى معالجة التمييز المنطلق من فهم الدين ضد المرأة، حيث تركز على
عناوين حساسة، تنطلق من مسألة المساواة، وتتعلق بـ: تعدد الزوجات، والإرث، وحقوق
المرأة السياسية والاجتماعية، والاختلاط، واللباس بما فيه الحجاب، والزواج
والطلاق، والعمل، وقضايا أخرى يكون فيها الرجل مهيمنا بصورة وصائية على شأن
المرأة.
تعتقد الباحثة
الإيرانية، سيما راستين، في مقال لها بعنوان "حديث حول النسوية في إطار الفهم
الديني الجديد" (نُشر في موقع "راديو زمانه") أن "النسوية
الإسلامية" مرتبطة بتحرير الرؤية الدينية التقليدية تجاه المرأة، وهي واجهت
سوء الظن من طرف أتباع النسوية العلمانية وكذلك من طرف المتشددين الإسلاميين،
مشيرة إلى أن العلمانيين والمتشددين اتفقوا في هذه النقطة، وأكدوا استحالة التقارب
بين النسوية وبين الدين الإسلامي. فالعلمانيون يرون بأن "النسوية
الإسلامية" هي بمثابة مسعى لتقوية الأدلجة الدينية، فيما يعتقد الإسلاميون
المتشددون بأنها لا تنتمي إلى الدين وإنما هي مجرد فكرة غربية لضرب أيديولوجيا
الإسلام. ولمعالجة سوء الظن هذا والعداء المستحكم ضدها، تسعى راستين للإجابة على
عدة أسئلة تعتقد بأنها أساسية في هذا المجال، من تلك الأسئلة ما يتعلق بالتعريف،
أو ما هي "النسوية الإسلامية"؟
ترى راستين بأن
"النسوية الإسلامية" هي عنوان ترفعه النساء المسلمات المدافعات عن
الحرية والمساواة، من أجل كسب حقوقهن العادلة، السياسية والاجتماعية، ومواجهة كافة
أنواع التمييز الموجودة في ثنايا أيديولوجيا الإسلام. فالنسويات الإسلاميات، مثلهن
مثل الباحثين في مجال التجديد الديني، يعتقدن بأن صور التمييز ضد المرأة هي نتاج
للتفسير الديني الذكوري الوصائي المستند إلى الأحاديث الدينية، وأن شأن التمييز لا
يتعلق بتاتا بالنص القرآني الذي يُعتبر المرجع الأساسي للدين الإسلامي. لذلك،
يشددن على ضرورة الخوض في تفسير
جديد للنص
الديني.
فالمنطلق النظري الذي
تنطلق منه "النسوية الإسلامية" يؤكد على مساواة جميع البشر، بما فيهم
الذكر والأنثى، في مسؤولياتهم أمام الله، وأن أي تمييز اجتماعي بين الرجل والمرأة
في هذا الإطار نابع من التفسير الذكوري الوصائي، وأنه لا علاقة لهذا التمييز بأصل
النص الديني. وتطالب المدافعات عن هذه النظرية، كما تعتقد راستين، بالمساواة في
الحقوق بين الرجل والمرأة وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومن خلال تأكيدهن على طرح
تفسير جديد للآيات القرآنية، يسعين إلى "تنظيف" التفسير من الوصاية
الذكورية. والبعض منهن يعتقدن بأن النظام السياسي المستند إلى التفسير الديني
الذكوري يستغل المرأة بصورة سيئة جدا. كما هناك منهن من تعتمد في تفسيرها وحلولها
للتمييز على الرؤى النظرية لـ"النسوية العلمانية"، كالاعتماد في أخذ
الحقوق انطلاقا من رأي الأكثرية، واستناد ذلك إلى التفسير الحديث لحقوق الإنسان.
لذلك، يعتبرن أنفسهن جزءا من الحركة النسوية العالمية. ويعتبرن تحركهن مرتبطا
بالإنسان دون النظر إلى نوع جنسه، لذلك لا يعترضن على اشتراك الرجل في أنشطتهن.
تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
(1-2)
فاخر السلطان
الثقافة الدينية
المهيمنة على حياة الغالبية العظمى من العرب والمسلمين في الوقت الراهن، تستند إلى
الفقه التاريخي وينبع جزء كبير منها من طبيعة العادات والتقاليد التي كانت موجودة
في المجتمع الإسلامي آنذاك، فنستطيع أن نطلق على تلك الثقافة مسمّى ثقافة
"الإسلام التاريخي"، التي تسعى ضمن مساعيها المختلفة إلى تركيب الماضي
في الحاضر.
وفق تلك النظرة، تبدّل
الخطاب الديني الراهن من معين لبناء الحاضر، إلى منهج فكري حياتي يدعو إلى العودة
للماضي لبناء مجتمع تاريخي بظاهر متسم بالحداثة، أي الحداثة الشكلية فقط. فالخطاب
استفاد من وسائل الحداثة لكنه حذف معظم مفاهيمها ومضامينها التي شكلت الأساس
النظري والقاعدة الرئيسية لولادة تلك الوسائل، كظهور العلم الحديث ونسبية الحقيقة
وولادة مفاهيم جديدة حول الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان.
فالهدف الأول لمنظري
"الإسلام التاريخي" هو الوقوف بوجه الجهود المبذولة لبناء مجتمعات حديثة
الشكل والمضمون معا، حيث يبررون موقفهم هذا على أساس أن المشروع الحداثي يناهض في
أفكاره ومفاهيمه وسلوكياته، مشروعهم التاريخي وفهمهم الفقهي الأصولي الماضوي الضيق
عن الدين، ويرون في مشروعهم هذا أنه صالح لكل زمان ومكان بزعم قدرته في الإجابة
على جميع أسئلة الحياة الراهنة ومنها سؤال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، على الرغم
من أن تلك الإجابات ليست سوى إجابات تاريخية لموضوعات حديثة.
لذا السؤال الذي يطرح
نفسه هنا هو: كيف يمكن الاستناد إلى تلك الإجابات في بناء مجتمع حديث؟.. وهل يمكن
الاعتماد على فقه ذي أصول تاريخية وعلم كلام لا ينفع لمجاراة الحاضر، في تشكيل
واقع حديث؟.. وهل سؤال الواقع سواء حول المرأة أو غيرها يحتاج إلى مفاهيم حديثة أم
إلى مفاهيم غابرة أكل عليها الزمن وشرب؟.
فالغالبية العظمى من
الرؤى الفقهية الراهنة المنتمية إلى الخطاب الديني ومدرسة "الإسلام
التاريخي" تعارض، من خلال سند نصي وفهم تاريخي، الحقوق الحديثة للمرأة،
كحقّها السياسي الذي هو جزء لا يتجزأ من الحقوق العامة للإنسان. وتستند تلك
المعارضة إلى اعتبار أن حقوق المرأة وفق المنظور الحديث لا تنتمي إلى النظرة
الاجتماعية التاريخية للدين المنبثقة عن فقه "الإسلام التاريخي".
بيد أن أولئك الذين
أيدوا حقوقها السياسية من الفقهاء المنتمين إلى مدرسة "الإسلام
التاريخي"، فإنهم لم يؤيدوها انطلاقا من النظرة الحقوقية والاجتماعية
الحديثة، وإنما أيّدوها انطلاقا من السند النصّي التاريخي الذي أيد وجهة نظرهم
تلك، إذ لولا ذلك السند لما أيدوا تلك الحقوق أيضاً.
فالاثنان، أي مؤيدو
ومعارضو حقوق المرأة من المنتمين إلى مدرسة "الإسلام التاريخي"، إنما
اختلفت وجهات نظرهم حول حقوق المرأة انطلاقا من الحجة النصية لكل طرف وفهمه
التاريخي للنصوص.
إن الخلل في الخطاب
الديني، المناهض بعضه لحقوق المرأة وبعضه الآخر مؤيد، أي تناقضه في طرح النص بوصفه
حجة لرؤيته باعتبار أن تفسير النص حماّل أوجه وبالتالي كل جهة تعتقد بأنها تمتلك
الحقيقة المطلقة ومن ثم تلغي رؤية الجهة الأخرى.. إن ذلك الخلل يكمن في أن الخطاب
هو خطاب تاريخي يبتعد بمفاهيمه ونظرياته مسافات كبيرة عن مفاهيم ونظريات العالم
الجديد الذي نعيش فيه أو ما يسمى بعالم الحداثة. فهو يصر على الاستفادة فقط من
وسائل الحداثة ويتجاهل نظرياتها ومفاهيمها المولّدة والمؤسسة لتلك الوسائل، أي انه
يمثل أعلى مراتب الاستغلال: الاستفادة من وسائل الحداثة ورمي مفاهيمها العلمية
والإنسانية في سلة المهملات.
(2-2)
اكتشاف مهم مارسه
الأنبياء والرسل ثم نقلوه بعد ذلك إلى الناس. هذا الاكتشاف يرفض أنصار الخطاب
الديني التاريخي الاعتراف به، ويتلخص في أن الأعمال التي هي في "ذاتها"
أعمال خير من شأنها أن ترضي الله، وأن الأعمال التي في "ذاتها" أعمال شر
فمن شأنها أن تغضب الله، وأن الوصول إلى ذات الخير أو ذات الشر مرتبط بقدرة عقل
الإنسان على تشخيص ذلك.
فتشخيص خير أو شر عملٍ
ما هو من مهمة العقلاء. فالذي يقول عنه العقل البشري إنه خير أو إنه شر، من شأنه
أيضا أن يفرح الله أو أن يغضبه. وأعمال الخير التي يكتشفها ويمارسها الإنسان غير
العابد لا تختلف عن أعمال الخير التي يكتشفها ويمارسها نفس الإنسان الذي تغيرت
حياته الدينية وأصبح إنسانا متعبدا. فالفطرة جعلت عقل الإنسان يعشق ما يعتبره الناس
خيرا، ويكره ما يعتبره الناس شرا.
على هذا الأساس حينما
يشخص ويقرّر الإنسان، من دون أي حيلة أو طمع، ومثلما يجري الآن في كثير من بقاع
عالمنا الراهن الحديث، بأن حقوق الإنسان هي قضية لا يمكن لها أن تتجزأ، وأن حقوق
المرأة هي جزء رئيسي من حقوق الإنسان، وقد أثرت تلك الحقوق على حياة المرأة ما
جعلها تتغير وتتطور، وأن حقوقها تلك هي جزء لا يتجزأ من صور الخير التي توصلت
إليها البشرية من خلال عقلائها، هذه النتيجة من شأنها أن ترضي الله وتحقق لمبلغيها
أمنية المرأة في الحصول على حقوقها في مجتمعاتنا الإسلامية دون انتظار حصولها على
سند نصّي تاريخي لذلك.
فأنصار الخطاب الديني
الراهن إنما سعوا لفصل قضيتين أساسيتين ترتبطان بحقوق المرأة، الفصل بين حقوقها
كامرأة وبين حقوقها كمسلمة، واعتبروا هذا الفصل هو السلاح الذي من خلاله يستطيعون
أن يواجهوا مفاهيم عالم الحداثة الجديد الداعية إلى تحرير المرأة من أسر التاريخ
والماضوية وإعطائها حقوقها الإنسانية كاملة غير مجزأة ومن دون وصاية عليها من
التاريخ ولا من الرجل.
هُم أثاروا مشروعهم
الضيق بهدف التفريق بين حقوق المسلمة وبين جميع نساء العالم، واستندوا إلى الفهم
التاريخي الضيق القائل ان الإسلام قد طرح مشروعا متكاملا حول المرأة بما فيه
حقوقها السياسية، لكنهم لم يتداركوا أن مشروعهم هذا لن يكون إلا سدا أمام مساعي
تحريرها من الوصاية ومن الحرية التي كانت أحد أسس انبعاث جميع الأديان.
لا نهدف في ما قلناه
إلى التقليل من التاريخ الإسلامي أو الإهانة لصورته، فهو كان يمثل صورة المجتمع
بثقافته واجتماعه، في حين أن هدفنا الآن هو الدعوة الصريحة للتعامل بإيجابية
وواقعية مع الراهن الحديث، ليس بأدواته ووسائله فحسب وإنما بمفاهيمه ونظرياته
واكتشافاته وعلومه الحديثة.
قضايا المرأة
<1>
عقيل عبدالله
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺍﻛﺜﺮ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ
ﺍﺛﺎﺭﺓ
ﻟﻠﺠﺪﺍﻝ ﻭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ
، ﻭ ﻫﺬﺍ
ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﻨﻌﻄﻒ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺮ
ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻻﺳﻼﻣﻲ
، ﻭ ﺍﻧﻌﺎﻛﺲ
ﻟﻠﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ
ﻟﻬﺎ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ..ﺣﺠﺮ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ
ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻳﺮﺟﻊ ﺍﻟﻰ ﻓﻬﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭ
ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ، ﻓﻠﻄﻠﻤﺎ ﺃﻋﺘﺒﺮﺕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎ ﺃﻗﻞ ﺩﺭﺟﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ، ﻭ ﺃﻋﺘﺒﺮﺕ ﺃﻗﻞ
ﻣﻨﻪ ﺍﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻥ
ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻧﻘﻴﺔ ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻲ
ﻻ ﺗﺮﺗﻘﻲ ﺍﻟﻴﻪ ، ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ
ﻣﺴﻄﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭ ﺃﻋﺘﻘﺪﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ
ﻣﻦ ﺍﻻﻣﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
، ﺑﻞ ﻭ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻓﻼﺳﻔﺔ
ﻭ ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻛﺒﺎﺭ ، ﻭ
ﺗﺴﺮﺑﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﻟﻼﺩﻳﺎﻥ ﺍﻳﻀﺎ
، ﻭ ﺍﺫﺍ ﻛﻨﺎ
ﻧﻘﻮﻝ ﺍﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺃﻧﺼﻒ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻇﻠﻤﻮﻫﺎ ﺍﺷﺪ ﺍﻟﻈﻠﻢ
-على الأقل حسب المفاهيم المعاصرة -، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻻﺳﻼﻣﻴﺔ
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺩﻭﻣﺎ ﺗﻌﺒﺮ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻧﺎﻗﺼﺔ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ..
ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ
ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻰ
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ
ﺑﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﺍﻵﺩﻣﻴﺔ
، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻤﻨﺤﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻭﻳﺔ ﺩﻭﻥ
ﺗﻤﺎﻳﺰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻱ ﻏﻴﺮ
ﺣﻘﻴﻘﻲ ، ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﻫﻤﻲ
ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻨﺘﻬﻚ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻲ
ﻓﻴﺠﻌﻠﻪ ﺃﺩﻧﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ
ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ .
ﻭ ﻣﻦ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ
ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ﺃﻧﻌﻜﺲ
ﺍﻻﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ،
ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎ ﺃﺩﻧﻰ ﻭ ﻭﺟﻮﺩﻩ
ﻣﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ
ﻭ ﺩﻭﺭﻩ
ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ
ﻣﺘﻌﺘﻪ ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﺇﻻ
ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺩ ﺍﻟﺴﺨﺎﺭﺓ ،
ﺣﻴﺚ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎﻣﺮﺃﺓ ﺗﻘﻮﻡ
ﺑﺨﺪﻣﺔ ﻭ ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ
ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﻭ ﻣﻠﺬﺍﺗﻪ
..
<2>
ﺍﻟﻔﻜﺮ
ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻥ ﺍﻫﻠﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻣﺴﺎﻭﻳﺔ ﻷﻫﻠﻴﺔ
ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺷﺮﺍﻛﺔ
ﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﺍﻛﺔ ،
ﻳﺤﺮﺹ ﻛﻞ ﺷﺮﻳﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎﺡ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﺸﺮﻛﺔ (ﺍﻻﺳﺮﺓ) ﻭ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ ﻭ ﻛﻼﻫﻤﺎ
ﻳﺘﺤﻤﻼﻥ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ
ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ
ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻻﺳﺮﺓ ﻭ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻫﺎ .
ﻭ ﺇﻥ
ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﺍﻛﺔ ﺍﻻﺳﺮﺓ
ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻻﺩﻭﺍﺭ ﺑﻤﺎ
ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﺗﻀﻲ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ
ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻣﺮ
ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻ
ﺑﺮﺿﺎﻫﻤﺎ ﻭ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ
ﻳﻌﻨﻲ ﺩﻭﻧﻴﺔ ﻃﺮﻑ ﺩﻭﻥ ﺁﺧﺮ .
ﻭ ﺍﻻﻣﺮ
ﺫﺍﺗﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩ ،
ﻓﺎﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺺ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﻮﺍﺗﻪ ﻻ
ﻳﻘﻴﻢ ﻭﺯﻧﺎ ﻟﺸﺮﻳﻜﻪ ﺍﻵﺧﺮ
، ﻭ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻥ
ﻣﺘﻌﻪ ﻭ ﺃﻫﻮﺍﺀﻩ
ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ
ﻻ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺃﻧﻘﺎﺫ ﺍﻻﺳﺮﺓ ﻣﻦ
ﺻﻠﻔﻪ ﻭ ﺣﻤﺎﻗﺘﻪ ﻭ
ﻳﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺫﻛﻮﺭﻱ ﻭ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺟﺎﺋﺮﺓ .ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺎﺭﻕ
ﺷﺎﺳﻊ ﺑﻴﻦ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻛﺎﻧﺴﺎﻥ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ
ﻭ ﺑﻴﻦ ﺇﺩﻋﺎﺀ
ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻭ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﺮ
ﻭ ﺍﻻﺳﻔﺎﻑ ، ﻭ
ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ
ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻥ ﻳﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ
ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻥ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﺍﻧﺴﺎﻥ ﻣﺴﺎﻭﻱ ﻟﻪ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭ ﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ
..
تأنيث الدين، الكعبة بستار وردي
كاظم الخليفة
[1]
ما فتئ موضوع المرأة
يشاغب الفكر الديني بشكل مستمر، أسئلة ملحة يقابلها تأجيل مستمر لا يرى ضرورة حسم
الكثير من قضاياه بشكل متسرع ويضعها في منطقة معتمة ويتمنى أن تبقى في دائرة
المسكوت عنه.
عندما عالج الضمير
البشري جروحه المدماة بفعل عبودية البشر وقدم بيانه الحاسم بضرورة تحريرهم من ربقة
العبودية والرق، فقد تحول الى قضية مماثلة أخرى وهي تحرير المرأة من أسر النظرة
التراثية الإقصائية أيضاً.
طبيعة الفكر الديني
والفقهي على وجه الخصوص هو انه يتحرك عنوة منقادا بردات الفعل والتي هي دفاعية
أكثر منها ريادية. بمعنى انه يقاوم التغيير الى مدى معين، ثم يستسلم أخيراً أمام
حقائق الواقع المفروضة والتي لا يستطيع الا مباركتها حتى لا يتجاوزه الفكر البشري
الوضعي، فهل يستطيع مباركة حقوق المرأة كما بارك التحرر من العبودية؟
ذلك أمر مختلف من حيث
صراحة النصوص الدينية ووضوحها عندما لا يغير منطلقاته الأصولية وأدواته في التعامل
مع النصوص بتغير الواقع.
يتمنى الفكر الديني أن
لا يحرج في قضايا المرأة لكن هيهات أن يبقى الفكر البشري جامداً في رقعة جغرافية
معينة، ثم يواصل نموه في مناطق أخرى من العالم. فهل نشهد ثورة دينية شبيهة
بالمؤتمر المسيحي الثاني عام ١٩٦٤ وذلك عندما غير من قواعده الإيمانية بشكل جذري،
متجاوزاً مؤتمره التأسيسي الأول في القرن الرابع الميلادي من حيث طبيعة السيد
المسيح ومقياس النجاة للبشر من خلال ربطها بالإيمان المسيحي فقط، الى اعتبار
الأديان متصلة بصورة أو باخرى بالإله فيما يشبه الوحدة والتعدد الصوفي.
الا أن طول انتظار
المرأة وعدم يقينها بنتائج التقدم الفقهي في منحها الغطاء الشرعي على ممارساتها
الدنيوية والروحية وبشكل كامل ومستوي للرجل، دفعها الى البحث عن مناطق جديدة تعي
فيها ذاتها بشكل كامل ومستقل وذلك من خلال ما يطلق عليه "التصوف النسوي"
أو التدين الناعم.
على خطى السيدة خديجة
بنت خويلد ورابعة العدوية، وفاطمة القيروانية استاذة الشيخ ابن عربي، تعيد المرأة
المسلمة رسم خارطة الوجود لتعيدها الى ما قبل "الآلهة الأنثى" والمرأة
الرب، الى حيث حواء التي تتفيأ ظلال الجنة وتتصل بالرب بشكل مباشر وبدون المرور
بحلقة آدم، ذلك الارتباط المباشر هو ما تحاول إعادته حواء المعاصرة بكينونتها
الأنثوية، وبمعزل عن جسدها البيولوجي الذي يحصرها في خانة الوظائف والخدمات التي
يتطلبها الآخرون (الزوج والأبناء).
اشتهرت "جماعة
القبيسات" كتنظيم صوفي نسوي صرف، وذلك بعد أن وضعت منيرة القبيسي السورية
الجنسية
إطاره المنظم في
سبعينيات القرن المنصرف حيث يمتد فكرها وطريقتها الى لبنان والأردن وفلسطين، وهي
تقدم فهم وممارسة للدين من خلال الجانب الروحي في قفز واضح على الاحتكار الذكوري
للدين ومؤسساته، لتتواصل القفزات سريعا الى "جمعية تنمية المرأة الصوفية"
في مصر عام ٢٠١٠م.
الصوفية تعتبر انقلابا
على التدين الرسمي والفقهي بجميع مقولاته ووصاياه العقلانية الذكورية، فالشطح
الصوفي ليس في المجاز اللفظي فقط، بل يتجاوزه الى تأسيس مفاهيم توجه سلوك المرأة
المتدينة ووعيها بذاتها كاملة بدون وصاية تحصرها في جانب ثانوي في الحياة
الدنيوية.
مودتي،،، كاظم الخليفة
[٢]
لماذا لا يوجد نص قرآني
يتناول قضية "السحاق" كما تناول "اللواط" في القرآن الكريم،
ولماذا تجاوز الفقه الإسلامي خمسة عشرة آية من الآيات المحكمات في القرآن
تنظم مسائل العبودية والرق وتحكم أخيراً بأن الاسترقاق ضد الكرامة البشرية، بينما
لم يتجاوز آية واحدة في قضايا مساواة المرأة بالرجل في الميراث؟
لماذا حرم الفقهاء متعة
الزواج المؤقتة بينما استمر العمل بمتعة الحج في تجاوز صريح على تحريم عمر لهما؟
تساؤلات مهمة تطرحها
الدكتورة التونسية "ألفة يوسف" وتنطلق من خلال الفهم الديني وليس الفهم
الحداثي المتطرف، حيث تقول في مقدمة كتابها "حيرة مسلمة، الطبعة
السابعة":
(إننا وإن انتقدنا بشدة
موقف الأصولي الذي يقسم الأفعال البشرية إلى حلال بيّن وحرام بيّن، ويؤكد أن معاني
القرآن واحدة لا تتعدد درءا للفرقة والاختلاف فإننا نرى ان هذا الموقف متلائم مع
المنظومة الأصولية المنغلقة التي تقر بأحدية الحقيقة وتعتقد امتلاكها.
أما موقف المعادي للدين
فهو مثير للاستغراب يضمر خلطا واضحا بين معنى القرآن الأصلي وتأويلات الفقهاء
والمفسرين من جهة ثانية. وبذلك لا يعدو موقف من يعادي الدين مطلقا أن يكون معبرا
عن أصولية أخرى وانغلاق أشد).
إذا هو البحث عن منهج
جديد يثور النص الديني من داخله باتجاه المعاصرة وهو ما دعى الدكتورة ألفت يوسف
إلى تشريح النصوص الدينية حيث وجدت الكثير من النقاط المسكوت عنها وعدم إيرادها بشكل
تفصيلي، وبالذات في قضايا الميراث! فعلى سبيل المثال:
- القرآن يطرح الوصية
بشكل مطلق ومفتوح؛ فهل آيات الميراث ظرفية على شكل اقتراح للتوزيع أم هي ملزمة؟
- ما مقدار نصيب الذكر
في التركة (مثل حظ الانثيين) حيث لا نعرف هل هو يشمل كل التركة أم جزء منها؟
- اذا افترضنا أن الميت
ذكر أرمل خلف ثلاث بنات وإذا افترضنا أن أباه حي وأمه متوفاة، فإن التركة تقسّم
بموجب صريح النص إلى الثلثين: ((فإن كن نساء فوق أثنتين فلهن ثلثا ما ترك))، وسدس
الأب (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد))، فإذا جمعنا ثلثين
وسدسا وجدنا خمسة أسداس، وفي هذه الحالة يبقى سدس يصمت النص عنه!؟
-يقول تعالى ((ولأبويه
لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه
الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس))، ويهمنا في هذه الآية الحال الأخيرة أي حال
متوفي يترك أما وأبا وأخوة. وتصرح هذه الآية بأن الأم ترث سدس التركة ويصمت الله
تعالى عن باقي المال الموروث.
- اختلاف الصحابة في
معنى "الكلالة".
أما في باقي الفصول فهي
تناولت المهر الذي يقدمه الزوج لزوجته، حيث النص القرآني ينظر اليه باعتباره
"هدية"، بينما الفهم الفقهي له يحصره بثمن تملك منطقة محددة في جسد
المرأة!!
المتعة المنهي عنها
فقهياً (الفقه السني) هي أكثر ملائمة لحرية المرأة وحفظ كرامتها من التملك الدائم
"الزواج"، وكان بمقدور هذا التشريع القرآني أن لا تبقى فتاة عانس تحرم
من التمتع بجسدها.
فكذلك هي بقية فصول
الكتاب؛ مثيرة في قراءتها وجريئة مثل: طاعة الزوج في الفراش، النكاح في الدبر،
زواج الصغيرات في السن، تعدد الأزواج والزوجات.
أما الفصل الأخير من
الكتاب فمواضيعه تندرج تحت "الحيرة في الجنسية المثلية": السحاق،
اللواط، لماذا عوقبت امرأة لوط، غلمان الجنة للخدمة الجنسية.. وهذا الفصل تتناوله
الباحثة بدون الحكم الاخلاقي القيمي، لذلك أطلقت عليه "مثلية" وليس
شذوذا.
مودتي
[3]
انزعوا القرآن من أيدي
الرجال.. النساء قادمات.. فلدينا القدرة على طرح فهماً مغايرا للقرآن الكريم،
فالدين من زاوية نسوية يخلصه من تعسف الرجل واستقواءه بالمقدس ليمتهن كرامة المرأة
ويرتب لها أدواراً ثانوية في الحياة.
تلك كانت أولى
المحاولات الجادة من قبل المرأة المسلمة للاشتباك مباشرة مع النصوص المقدسة
واستكشاف جوانب أخرى في المعنى الديني الموجه للسلوك البشري، وذلك عندما قامت
الباحثة من أصل مصري والحاملة الجنسية الهولندية "ناهد سليم"
بتقديم رؤاها في كتاب "نساء النبي...دراسة حول إشكالية التفسير الذكوري
للقرآن و السنة".
الجسد وحق امتلاكه هو
المبدأ الذي يسير البحث وتعتبره الباحثة منطلقاً لإعادة قراءة النصوص الدينية،
وعليه يصبح الحجاب وشكل الملابس تأتي مكملة لتلك النظرة.
المنطلق الآخر والأهم
في إعادة القراءة هو الخلل في المساواة والذي تشرحه الباحثة: ((المشكلة الأكبر هي
مفهوم عدم المساواة بين المرأة و الرجل و هذا الشيء موجود بشكل أساسي في نظرة
الإسلام للمرأة. هناك في هذه النقطة تتضارب الآراء بشكل كبير المسلمين تعودوا أن
يقولوا أن الإسلام أعطى المرأة كل حقوقها ، و ساوا بينها و بين الرجل في كل شيء ،
و يعتمدون في هذا الشيء على وضع المرأة قبل الإسلام مع وضعها بعد الإسلام . في
الواقع بالنسبة لي و على أساس الدراسة التي أجريتها للقرآن و السنة و وضع النساء
في الإسلام ، أستطيع أن اقول أن هذه المساواة متوفرة في مجال واحد فقط ، وهو
المجال الروحي أو الروحاني ، بمعنى أن الله خلق المرأة و الرجل و العالم كله من
نفس واحدة ، بمعنى أن تكليفهم نفسه و جزاءهم نفسه ، فهذه فقط هي الناحية الروحانية
أو الناحية الدينية ، أما إذا إنتقلنا إلى كل المجالات الأخرى في الحياة هذه ،
فنرى أنه من الناحية الإقتصادية ليس هناك مساواة إطلاقاً ، من الناحية النفسية ليس
هناك مساواة إطلاقاً ، من الناحية الإجتماعية أيضاً ليست موجودة.. إذا الناحية
الوحيدة التي تتساوى فيها المرأة بالرجل هي الناحية الروحانية أو الدينية ، هذا
فيما يخص الحياة التي تسمى مابعد الموت ، لكن أنا شخصياً مهتمة بهذه الحياة أولاَ
و قبل كل شيء ، و في هذه الحياة أرى نقص في المساواة بشكل خطير ، لما نعرف أن
المرأة أن المرأة ترث نصف ما يرثه الرجل ، نعرف أن هذه هي عدم المساواة المالية ،
أما المرأة إذا المرأة تريد أن تخرج من البيت للعمل ، تحتاج إلى موافقة الزوج أو
الأب ، إذا تريد أن تسافر من أجل عملها تحتاج لرجل من العائلة ليرافقها ، و إلا
ليس بإمكانها أن تغادر البلد.. و غير ذلك الكثير من الأمور)).
إذاً هي تنطلق من
الواقع إلى النص تستنطقه من زاوية نسوية وتبرر عملها: ( لكن بشكل عام أعتقد أن
المرأة حينما تفسر القرآن من واقع تجاربها الحياتية و وضعها و تجربتها الذاتية لن
تكون مجحفة بالنساء بهذا الشكل مثلما فعل المفسرون الرجال.. باإضافة غلى ذلك أعتقد
أن كلا من المنظور النسوي و المنظور الذكوري مكملين لبعضهم فأعتقد أن حرمان مجتمع
من المجتمعات من المنظور النسائي في تفسير الآيات القرآنية يعتبر حرمانه من نصف
الإمكانيات المتواجدة و قصر التفسير كله على منظور واحد ، مؤكد سيكون محدود أكثر
من إذا كان متاح للإثنين.. المرأة لها مفعول آخر ، فبالنسبة للإسلام العادي لم يكن
للمرأة دور كبير ، فإذا نظرنا لـ"الصوفية" ، فنجد أن المرأة إستطاعت أن
تكون أيضاً مفسرة و تكون مثال متقارب للرجل أو تكون في نفس منزلة الرجل.. رابعة
العدوية على سبيل المثال)
لا تكتفي الباحثة
النسوية ناهد سليم بالفهم النسوي للدين، ولكنها عندما تشرع بالقراءة فهي تعمل
أولاً على تحييد نصوص حديثية تنال من كيانها الانساني وتشكك في صحته تلك الأحاديث
ونسبتها إلى الرسول الكريم وبالتالي تطوحها بعيداً وتمضي في مشوارها المثير والذي
تنتصف فيه لبنات جنسها.
[4]
التربة الحسينية، عباءة
الصلاة، حركات الصلاة الجسمانية، والتلاوة بلغة عربية.. عوامل شكلت
حاجزاً معيقاً للتواصل الفعال بينها "إرشاد منجي" وبين الإله، كما تقول،
وهي الناطقة باللغة الانجلينزية!!
أوغندية المولد
وباكستانية العرق، وكذلك والدتها مصرية وتعيش حالياً في كندا وتتمتع
بجنسيتها.
مسلمة حداثية وتتمسك
بهويتها الدينية، لكنها من جانب آخر، لها تفسيراتها المغايرة للدين وكذلك تصنف
نفسها على أنها "مثلية" ومرتبطة بميشيل منذ عشر سنوات، وتقدم برنامجاً
تلفزيونياً يدعو إلى التسامح والتعايش بين الأديان.. وحقوق المثلية.
ترجع إرشاد منجي الخلل
في وضع المرأة المسلمة إلى الثقافة والبيئة الاجتماعية وعدم تمتعها بالحرية
الكافية لتضع منهجاً حياتيا يتماشى مع روح الدين وليس قوالبه الذكورية
الجامدة.
تقول في كتابها
"مسلمون وأحرار": (تعددية البشر وتعددية الأفكار هما من أنقذ إيماني،
حتى الآن. لو نشأت في بلد مسلم لصرت على الأرجح ملحدة في قرارة نفسي. ولأني أعيش
في هذا الركن من العالم حيث استطيع ان أفكر واختلف واغور أعمق في أي موضوع، فقد
تعلمت لماذا ينبغي ان لا أفقد الأمل بالإسلام بعد.
بعد هذا القدر من
الاستطلاع، يقودني تفسيري الخاص للقرآن الى ثلاث رسائل تتكرر باستمرار. أولاً، ان
الله وحده يعلم حقيقة كل شيء علم اليقين. وثانياً، ان الله وحده يحاسب غير
المؤمنين، وثالثاً، ان إنسانيتنا في المحصلة النهائية تجعلنا أحرارا في التعامل مع
مشيئة الله من دون قسر على اتباع نهج مفروض).
الملمح الأبرز في
كتابها ومنهجها الحداثي، هو دعوتها إلى إعادة فتح باب الاجتهاد على مصراعيه من اجل
إحداث قفزات كبرى في الفكر الإسلامي المعاصر، وهذا ما دعى الدكتور خليل محمود
أستاذ الأديان في جامعة سان دييغو الى قوله في تقديمه لكتابها: (تبقى إرشاد في متن
كتابها برمته مطيعة للإرادة الإلهية متجلية في الآية القرآنية "كونوا قوامين
بالقسط"، وإرشاد إذ تطيع الله تهزم الملالي في لعبتهم ذاتها. فمن أصعب
متطلبات الاجتهاد أن يكون المرء عارفا بأحدث المفكرين في الاسلام جميعا. وإرشاد
متقدمة في هذه الناحية على كثير من علماء الدين!!)
لذلك تنطلق الباحثة من
الدين وتجعله خيارها الضروري من اجل انتشال المجتمعات الاسلامية من براثن التخلف
والانغلاق، و تعيب على من يتخلى عن الاسلام من العلمانيين حيث تقول (أني احترم
خياركم في القيام بقفزة الى مضمار عقيدتكم الخاصة - عدم الايمان - لكن ماذا سأجني
لو تخليت عن إيماني قبل الأوان؟ لقد الزمني الدين بأن لا انحني لأحد إلا الله
الساكن متململا في ضميري. وأكثر من ذلك ان الدين علمني أن لا أخلط بين التسلط
والسلطة. لأن الذين يشجبون الدين عموما على أنه غير عقلاني يغفلون أحيانا أن
العقلانية يمكن أن تغدو أرثوذكسية بذاتها).
إذن إرشاد منجي لا ترى
في العلمانية والإلحاد الحل المخلص لمشاكل المرأة التي تعاني من الإحباط بسبب
القوانين والتشريعات الدينية و التي تسلبها إنسانيتها وكرامتها، ففي معرض حوارها
مع الدكتورة "تسليمة نسرين" البنغالية الاجئة الى الغرب بسبب معناتها
الفكرية حيث قالت لها نسرين ذات يوم: (ليست هناك آخرة. وإذا متّ فانك ميتة. وتلك
هي نهاية الخاتمة)، فترد عليها إرشاد منجي: (أجبت عليها، من المنظور العلمي المحض
لا شك في ذلك على الإطلاق. ولكن من القائل ان المنظور العلمي متفوق على أي منظور
آخر؟ أولا تعرفين يا تسليمة، يمكن لمنتقديك ان يقولوا انك تقعين في المطب نفسه
الذين تدعين انهم يقعون فيه. فانك تؤمنين بسمو العلم فوق كل ما عداه).
بقي أن نشير إلى أن أول
تساؤل في مسيرة بحثها عن التوازن بين إيمانها ومحيطها الثقافي، بدأ عندما أخبرها
أستاذها في المعهد الإسلامي وكان عمرها آنذاك إحدى عشرة سنة، أن سن التكليف لدى
البنات تسع سنوات ولدى الذكور ثلاث عشرة سنة، فسألته: إذا لماذا لا نكافأ نحن
البنات على نضجنا هذا بالسماح لنا بإمامة الصلاة!!؟؟
[5]
الأخيرة ..
هل هناك شواهد تعزز
نظرية عصر الأمومة والطوطمية لدى الشعوب القديمة قاطبة، وبالذات فترة ما قبل
الاسلام في الوطن العربي؟
ذلك هو البحث القيم
والذي قام به المستشرق الهولندي "ج. أ. ويلكن" في كتابه "الأمومة
عند العرب، دراسة في أنماط الأنوثة والنكاح".
معنى العهد
"الأمومي" ينحصر في مفهوم مشاعية النكاح وفوضويته، ولا سبيل فيه إلى
معرفة أب الولد والانتساب إليه، ولهذا كان النسب محصورا في الأم وقرابتها، أي أن
النكاح المذكور آنفا أولد الأمومة أو سلطة الأم وتقدمها في المجتمع الانساني، وان
الأمومة كانت شائعة بين جميع الشعوب القديمة على الإطلاق ومنها الشعوب العربية.
ولعل زواج "المشاركة" وقصة والدة عمرو بن العاص دليل وشاهد عليه، حيث
(كان يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة فإذا ولد ولد من هذا النوع من الجماع،
تبناه واحد منهم).
أما
"الطوطمية" وهي عبادة الحيوانات واتخاذ بعض القبائل من احد الحيوانات
ربا ومعبودا، وتلازم تلك الحقبة مع "الأمومة"، فمثال ذلك واضح لدى
القبائل العربية أمثال قبائل أسد وكلب وضبيان وأوس وثور وعقاب وبنو حمامة.
فكلمة الطوطمية مأخوذة
من هنود أمريكا الشمالية، فهم يشيرون بها إلى الحيوان الذي تعبده كل قبيلة منهم
وتسمى باسمه وتنتسب إليه، حيث يعدون هذا الحيوان ملاكا أرواحيا وحارسا لهم،
فيلقبون به ويعتقدون بأنهم أقرباء لسائر ذلك النوع من الحيوانات.
تلك كانت إشارة سريعة
لتاريخ الأمومة والطوطمية لدى العرب. المهم وما يعنينا أكثر في مبحثنا هو وضع
المرأة العربية في الجاهلية وقبل الاسلام، والذي كشف الكتاب عن مقدار تمتعها
بحريتها الجنسية وامتلاكها القدرة على الانفصال عن الزوج متى دعتها الظروف الى
مفارقة الزوج، وكذلك تمتعها بالإرث والاستقلال المالي. زواج "أم خارجة"
والذي أصبح مثالاً عربيا في سرعة تغيير الزوج، وكذلك التقليد العربي في أن الزوجة
التي تريد الانفصال عن زوجها تستطيع ذلك بمجرد تغييرها لفتحة الخيمة وعكسها للجهة
الأخرى اشعارا للزوج في عدم رغبتها الاستمرار معه.
فالمستشرق يجلب شواهد
عديدة من المصادر اليونانية القديمة وكذلك الأدب الجاهلي، والمثير في طرحه والجديد
في الآن ذاته، هو أن التعسف مع المرأة وحرمانها لحقها في الميراث كان موجودا في
بعض القبائل العربية، ولكن توجد شواهد عديدة على أن المرأة كانت تتمتع بحقوقها مثل
السيدة خديجة (رض) وثروتها التي ورثتها عن زواجها السابق، وكذلك قصة "ام
كحة" والتي أتت تشتكي الى الرسول (ص) حرمانها وبناتها من ميراث زوجها، حيث
نزلت الآية الكريمة (يوصيكم الله). فتجرأ ام كحة على الشكوى دليل على خطأ تلك
الممارسة وأنها ضد الأعراف والتقاليد لدى بعض القبائل.
أخيراً، يقرر المستشرق
ويلكين، أن نكاح البيع وتملك الرجل للمرأة لم يتم في الجاهلية إلا في طور الانتقال
إلى العصر "الأبوي" حيث يعتبر المهر ثمناً، بينما في العصر الأمومي كان
هدية!!