المشاركون:
1) تويتر والانتقال للعيش في العالم الافتراضي.. مهدي الرمضان
2) لماذا هرب الناس الى تويتر.. رائدة أحمد
3) تويتر والزمان والمكان مابعد الحداثيين.. امين الغافلي
4) الثورة الرقمية، تويتر نموذجاً.. كاظم الخليفة
تويتر والانتقال للعيش في العالم الافتراضي.
مهدي الرمضان.
منذ حوالي خمسة عشر عاما بدأت غالبية شعوب العالم المتحضر في رحلة جماعية ضخمة للإنتقال من العيش و ممارسة الحياة الإجتماعية الطبيعية بكل جوانبها ومناشطها وفعالياتها في عالم الواقع الملموس كما كان يمارسه الآباء والأجداد على مدى الآلاف من السنين ليتحولوا للعيش في عالم إفتراضي محصور في شبكات إلكترونية للإتصال والتواصل معقدة ومتداخلة تلف بخطوطها وخيوطها مساحة الكرة الارضية.
إنجذاب الافراد لهذه التقنيات منحهم مزيد من الحرية في الاوقات والقنوات التي يتواصلون عبرها ومهد لهم سهولة تقاطع وتبادل التعارف وسمح لهم بجمع اعداد كبيرة من الاصدقاء من كل أطراف المعمورة قد تصل لعشرات الآلاف بل ربما للملايين من الأصدقاء و المتابعين.
ومن المعلوم ان للإنسان قدرة إدارة وعقد صداقات في عالمه الملموس مع أفراد عادة لا يتجاوز تعدادهم اكثر من مائة وخمسين شخص. ولكن هذه التقنيات في المقابل حملتهم مسؤليات ادبية بان يمنحوا من اوقاتهم فترات مهمة للإبقاء على دوام التواصل بالكتابة والمحادثة اليومية وبالإطلاع والقراءة المتواصلة لما يصلهم من رسائل قد تتجاوز المئات يوميا.
سلبت هذه التقنيات متعة التلامس والحديث الحميمي وجه لوجه واقتطعت حصة كبيرة من وقت وجهد المرء التي كانت من نصيب عائلته والاقربين من اصدقاءه ومعارفه في عالم الواقع لتوزعها على اعداد كبيرة من الأشخاص يقطنون عالم إفتراضي غير ملموس لم وربما لن يراهم أبدا في حياته.
لا شك ان للعالم الإفتراضي فوائد كبيرة منها فتح آفاق كبيرة للعلم ورفع وتيرة الكسب المعرفي وتوسيع حجم المستوى الثقافي والعلمي ومواكبة الاحداث لحظيا وإبقاء المرء مطلع بشكل وثيق على ما يدور في محيطه الإجتماعي وفي العالم.
وفي المقابل ولعل الاخطر في سلبيات التحول للعيش في العالم الافتراضي هو الصمت والسكوت عن التحادث والإبتعاد عن التفرغ للعائلة.
تويتر العظيم، يعد أحد أهم قنوات العالم الإفتراضي وأكثرها صخبا لما إستحوذ عليه من بلايين من المشتركين كل منهم يغرد من على غصن شجرة في غابة عالمية مكتظة.
لتويتر فوائد كثيرة ولعل أهمها أنه منصة لحرية الفكر وتبادل الآراء ونشر الثقافة وتوسيع مجالات المعرفة بطريقة غير مسبوقة وبسهولة ميسرة. فيمنح كل مشترك مساحات حرية كبيرة بدون حواجز ويفتح له أبواب بدون عوائق ليعبّر المرء عن مكنونات نفسة وينشر عصارات أفكاره ويتناغم مع غيره ممن يشاركونه رؤاه وكل ذلك بطريقة لم يكن يحلم أن يطالها سابقا.
ولكن في المقابل ينطوي تويتر على فخاخ ومصائد قد لا يعيها إبتداء المغرد خاصة في بيئاتنا الثقافية المحافظة والغالب عليها ولا يزال للأسف الإنغلاق الإجتماعي والسياسي والأهم الإنغلاق الديني.
ففي المجال الثقافي، يقع المغرد في فخ محاولة إرضاء متابعيه بإلتزام التغريد المستمر الغير منقطع وفي ذلك صيغة من الإلتزام الضاغط قد يفقد على أثرها حريته وسيطرته على وقته ويشعر بأنه مرتهن لا يمكنه التملص والتخلص من توقعات وتطلعات متابعيه لمزيد من العطاء الذي لا يجب أن ينضب.
حتى في مجالات الفكر، قد يقع في فخ دكتاتورية المتابعين من لديه متابعين كثر بأن عليه أن يخضع وينصاع لتوجهاتهم ولإرضائهم على حساب مرونته الفكرية ويخنع لسلطانهم وتوجيهاتهم ويفقد قدرته على تغيير مواقفه أو الإعلان عما قد يستفز غالبيتهم.
ولعل الاسوء في تجارب تويتر وبسبب إنغلاق فكري يعاني منه المجتمع ان يدخل المغرد المتحرر فكريا في صدام مباشر مع السلطات الدينية والسياسية قد تؤدي به ليقبع خلف قضبان السجن.
كما قد يدخل في جدال ديني أو سياسي عقيم يضطره أن يتلقى شتائم وبذاءات بعض متابعيه أو غيرهم.
ليس كل المغردين في تويتر بلابل يشدون بالانغام الشجية أو مفكرين عمالقة يخاطبون الوعي والعقل بل فيه الغربان والبوم النواعق في الخرائب وفيه ما هب ودب من السفاهات والتفاهات المغيبة للوعي والرشد.
يضم تويتر بين جنباته من يحمل أسماء مستعارة ليروج الكراهية ويمجد الإرهاب ويفاخر بالقبح ويعلي شأن البشاعة.
وقد يقع المغرد في مصيدة طلب جمع المتابعين بأي ثمن وفي سبيل هذا الهدف يضطر أن ينحدر لمستوى فكري أقل مما يرتضيه لنفسه من خلال تقديم أعداد كبيرة من تغريدات لا قيمة فكرية أو معرفيه لها.
تويتر فوق ذلك هو للأسف مرتع وساحة لتمجيد التافهين من المشاهير الفاقدين لكل قيم الفكر والثقافة.
ولكن، لا يمكن إرجاع التاريخ او العيش خارجه بالتخلي تماما عن تقنيات العصر وللمرء الحصيف ان يقتنص حسنات العالمين الواقعي والإفتراضي وقطف ثمرات كلاهما بحسن إدارته الوقت والسيطرة على الذات كي لا يستحوذ عليه العالم الإفتراضي بسحره و بفنطازيته ويحوله من كائن حر يمتلك زمام أموره لكائن مرتهن ومستعبد.
الحرية أثمن من أن يتنازل عنها المرء لأي سبب حتى وإن كان لتويتر العظيم.
-----------
لماذا هرب الناس الى تويتر؟
رائدة أحمد
تويتر موقع تواصل كأي موقع تواصل آخر الفرق انه يرصد الحدث لحظة بلحظة وبأسرع من تحضير علبة إندومي فقبل أن يصحو وزير الإسكان الجديد من نومه ذات يوم تم تحليل وتدقيق كل تغريدة في حسابه وقبل أن يقوم احدهم بمسح تغريدته يتم تصوريها وإقامة دعوى عليه بغرض الإساءة .
🔸هل تويتر فعلا منصة حقيقية للتعبير عن الرأي؟ ام انه ساحة واسعة للعب الجهات اﻻستخبارية في صناعة وتوجيه الرأي العام؟
تويتر منصة للتعبير زائد ان الحكومات استخدمته أيضاً لتوجيه الرأي وإشغال الشعب عن ماهو مهم بضربة هنا وتفجير هناك وتصفية رجل أمن هنا
لكن لازال الشعب السعودي خاصة يحتاج مائة عام على الاقل ليتقبل ثقافة الرأي الآخر ومائة عام أخرى ليتعلم آداب الحوار ومائة ثالثة لكي يتعلم احترام الآخرين ..
تويتر أصبح في متناول الصغار والكبار والجهلة والمرضى النفسيين والمخابرات فيجب أن نكون حذرين في اختيار الكلمات وطريقة الرد والتعامل والتجاهل ان لزم الأمر .
🔸هل تؤيد إغلاق تويتر بعدما تسبب من اختراقات وتجنيد الشبان في الجماعات اﻻرهابية؟
لا أؤيد ذلك أبداً اما الشباب فيجب توعيتهم بطرق اخرى
🔸كيف تصف تجربتك في تويتر؟؟
دخلت تويتر من مايقارب خمسة أعوام كفضول فقط ولم أكن أنوي المشاركة ولكن شيئاً فشيء وجدت نفسي أغوص في بحره ،ووجدت انه منبر جيد جدا لتوصيل أي رسالة وهذا ماحدث فعلا فالضغظ الإعلامي في موقع تويتر اطاح بعدد لابأس منه من الأشخاص زائد انه سلط الضوء على الكثير من المسكوت عنه..بعد احداث القديح وبعد كتابة عدة تغريدات تتسم بالهجوم كما أسماه الطرف الاخر والحدة تم إخضاعي لمكالمة تحقيق مخفف كما أُحب أن أُسميها لكني لازلت اعتقد ان هناك طرق كثيرة نستطيع قول الحق فيها بأساليب مواربة ..
أيضاً لاحظت الكثير ممن يرسل على الخاص بطلب التحدث بموضوع معين وطرحه على الساحة..
حسابي متنوع وحسب الجو العام فأنا اكتب عن الحب تارة وعن الإنسانية تارة اخرى وفي المناسبات الخاصة أجد نفسي تلقائياً مع الحدث ..تم طلب ان أغلق الحساب وان ابدأ في الكتابة مع صحيفة ولكنني رفضت ...
أخيرا اعترف انا الموقعة أدناه انني مصابة بالإدمان على موقع تويتر وحاولت الشفاء منه ولكنني لم استطع🎶
----------
تويتر والزمان والمكان مابعد الحداثيين.
أمين الغافلي
الزمن مابعد الحداثي مفارق للحداثي ،فالزمن الحداثي دفع الرأسمالية على التركيز على انتاج السلع وتسويقها ، وكانت الجودة في الزمن الحداثي أحد معايير التسويق الناجح.
أما الزمن مابعد الحداثي فإنه لا يقتصر على رمي السلع المستهلكة فاقدة الجودة ،بل دال على رمي القيم وأنماط العيش والعلاقات الاجتماعية المستقرة في النفاية.
في الزمن مابعد الحداثي تتلاشى القدرة على ضبط الزمن وهذا يعني نفي المكان المتشظي وتحويله إلى مكان متوحد(العولمة) جغرافيا وثقافيا وجماليا واقتصاديا.
يصحب ذلك نفيا للهويات الاجتماعية المتماسكة وحلول الهويات الفردية العابرة التي تستجيب لاغراءات الذائقة الجمالية مابعد الحداثية ،فهي مستعدة لرمي الكتب والصحف الجادة والاغذية المحلية النافعة،والملابس الرامزة للهوية الاجتماعية/الوطنية من أجل الامساك بالزمن المندفع نحو أمكنة تملك القدرة على تغيير واقعها الجغرافي كله واعادة لملمته ليتناسب مع متطلبات المرحلة الرأسمالية الراهنة.
تويتر ينتمي للزمن مابعد الحداثي ،الذي مجد ويمجد رمي الكتب المنهجية النقدية الجادة والقراءة الجمالية المصاحبة لها.
في تويتر،كل يوم يتعامل المغرد مع ذائقة أخرى خلقتها فضاءات اجتماعية جديدة وأزمنة مغايرة ،تعدد الذائقات الأخرى تصيب المغرد بحالة غضب دائما ،يصاحبه أحيانا شتم وعنف وتهديد.
تويتر ما هو الا استجابة لمفهوم ضغط الزمان والمكان مابعد الحداثيين كما صاغهما المفكر اليساري ديفيد هارفي.ومن صفاتهما تمجيد السريع و الزائل والهابط استجابة لشروط البورجوازية الرأسمالية الساعية إلى استملاك إرادة البشر كي يسهل توجيهها نحو الغايات الاقتصادية والثقافية المنشودة.
أظن أن جاك دورسي مؤسس تويتر استوعب بذكاء مفهومي الزمان والمكان مابعد الحداثيين،فشرع في تأسيس تويتر بمواصفات تتماشى مع مفهومي الزمان والمكان مابعد الحداثيين.
فهو أدرك أن الزمن الحداثي امتص قدرة الانسان على القراءة الجادة الطويلة والحوارات الاجتماعية الشفهية ،وأدرك كذلك حالة الاغتراب الاجتماعي والديني والسياسي والديني التي أحدثها الزمن الحداثي ،فعمد على تأطير التغريدة في 140 حرفا كي يكون مغرد مابعد الحداثي قادرا على توظيف قدرته البصرية والإدراكية على التفاعل معها.
---------------
[١] "الثورة الرقمية، تويتر نموذجاً"
كاظم الخليفة
بخلاف ما يتطلبه برنامج التواصل الاجتماعي "تويتر" من تقاليد صارمة في الإيجاز، سأحاول في هذه المقالة ان أُسهب في الحديث عنه؛ تارةً باعتباره ينضوي كظاهرة تحت علوم الاجتماع والأنثروبولوجيا الثقافية، ومن جهة أخرى ينتمي إلى النقد الأدبي الرقمي لأنه "نص".
فمن خلال علم الإجتماع أضحى هذا اللون من وسائل التواصل الاجتماعية، كيان واقعي يشكل بأدواته وتقاليده وجماهيره مجتمع افتراضي يجب دراسته من أجل الكشف عن تأثيره على العالم الواقعي، وكذلك للتنبؤ بمستقبله كمحرض لبرامج تواصلية أخرى تنطلق من أرضيته.
فتويتر يأتي في زمن الإحلال التقني بعد برنامج "الفيس بوك"، يتشابهان في أن لكل منهما مجتمعه، ويفترقان في مفهوم الرسالة. فإذا جاز لنا القول أن الفيس بوك ينقل المعرفة، فتويتر يكون ناقلاً للمعلومة. لذلك ينتشر استخدامه في وسط تغيب عنه المعلومة ولا تتاح في القنوات الطبيعية كالتلفزيون والصحف، فبالتالي يصبح بمساحته المحدودة متوافقاً مع الغرض الذي استخدم من أجله (١٤٠ حرف). فالمعلومة التي تُنقل بواسطة تويتر، هي ما يعرف بـ "الصنعة الاجتماعية" حيث لها علاقة بالواقع الاجتماعي، ووظيفة الكاتب من هذا المنظور هي تمثيل العالم والشهادة عليه من خلال تبليغ رسائل اجتماعية أو فكرية معينة.
أما باعتباره "نص"، فيندرج "تويتر" ضمن النصوص الرقمية التي عمل عليها علماء اللغة واللسانيات والنقد الثقافي من أجل تأسيس أصول مفاهيمية وقواعد ينبني عليها الكثير من النظريات لأنها، النصوص الرقمية، غيرت وبشكل جذري طريقة التواصل والتفاعل بين النص وقارئه. لذلك سنحاول في هذا الجزء من المقالة أن نذهب إلى الدكتور محمد مريني وكتابه "النص الرقمي وإبدالات النقل المعرفي" لنتعرف على ما عملته النصوص الرقمية، وتويتر من ضمنها، من ثورة معرفية وتواصلية.
للحديث بقية،،، كاظم الخليفة
[٢] "الثورة الرقمية، تويتر نموذجاً"
(الثورة الرقمية وإبدالات الكتابة والقراءة)
١- المعرفة الخلفية، من موهبة إلى ذكاء الآلة:
يرى المريني أن المتكلم في الخطاب الشفهي كان يضطلع بإنتاج النص، في حين يقوم الراوي بنقله إلى مكان أو زمان آخر. فهي عملية تواصلية تتم بطريقة مباشرة يتم من خلالها استحضار الرموز غير اللفظية كالتنغيم وأشكال التلوين الصوتي من أجل التأثير في المستمع. أما حينما بدأ الإنسان بالاعتماد على الكتابه، فهو قد استعمل اليد في نقل النص. وقد استلزمت هذه العملية حضور وسائط أخرى، تتمثل في القلم والورق أساساً. وفي مرحلة سابقة كان الاعتماد على الحجر والصفائح وعسب النخل. لكن مع توظيف الحاسوب في الكتابة واستغلال الفضاء الشبكي، أضيف ملمح آخر لعملية النصوص وهي إمكانية التحكم في النص وتوجيهه وفق متطلبات الكاتب والقارئ معاً. فبلمسة واحدة يمكن الانتقال من صفحة إلى أخرى، أو العمل على تكبير النص أو البحث فيه عن تواتر كلمة من الكلمات. وليس هذا فقط، فمحمد سناجلة في كتابه "رواية الواقعية الرقمية" يقول بأن مفهوم المؤلف الروائي في الأدب الرقمي قد تغير (فلم يعد كافياً أن يمسك الروائي بقلمه ليحط الكلمات على الورق، فالكلمة لم تعد أداته الوحيدة. فعليه أن يكون مبرمجاً أولاً، وعلى المام واسع بالكمبيوتر ولغة البرمجة، كما عليه أن يعرف فن الإخراج السينمائي وفن كتابة السيناريو والمسرح).
للحديث بقية،،،
[٣] الثورة الرقمية، تويتر نموذجاً"
٢- الوضعية الاعتبارية للمؤلف، من التألق إلى التهميش:
إذا كانت الفلسفة البنيوية قد أعدمت المؤلف رمزياً، فإن الرقمية قد أعدمته فعلياً! بهذه الجملة المستفزة يتنبأ محمد مريني لمستقبل المؤلف فكيف يتم ذلك؟
في المرحلة الشفهية كان فيها المؤلف يحضى بوضعية اعتبارية مهمة، وفيها ارتبط الإبداع بالقدسية؛ لذلك شاعت فكرة الإلهام من قوى غيبية خفية. لكن عند ظهور الطباعة فيما بعد، فقد نزل المؤلف من هذا البرج العالي وأصبح شخصاً عادياً بسبب أن الكتاب صار متاحاً وفي متناول الفئات ذات الدخل المحدود، بعد أن كان الكتاب المخطوط يمتلكه النخبة فقط. ثم إن التطور المتواصل للعلوم الإنسانية اصاب كبرياء المؤلف بجروح متلاحقة: فالماركسية ركزت على أهمية الفاعل الجماعي في خلق الأعمال الثقافية بشكل عام. معنى ذلك أن المؤلف الحقيقي للأعمال هو المجتمع، وليس المؤلف الفرد. الجرح الثاني الذي سيصيب المؤلف سيأتي من نظرية التحليل النفسي (إن ما يكتبه المؤلف لا يمكن النظر إليه بوصفه ترجمة أمينة لشعوره الخاص ونواياه الواعية، فالمخزون الفعلي لحقيقة النص هي الحقيقة التي تبقى متوارية في لا شعور المبدع)، ويعلق على هذه المقولة محمد المريني بقوله: لذلك أصبح المؤلف من منظور هذه النظرية إنساناً غير عادي، أصبح شاذاً، أو مريضاً نفسياً؛ إذ وراء الإبداع الأدبي حتماً عقدة مرضية تتمثل في عقد أوديب.
[٤، والأخيرة] "الثورة الرقمية، تويتر نموذجاً"
الجرح الثالث العميق الذي سيلحق المؤلف سيأتيه من الفلسفة البنيوية. لقد أعلن البنيويون بلا تردد عن موت المؤلف (عملية القول وإصدار العبارات عملية فارغة في مجموعها، وانها يمكن أن تؤدي دورها على أكمل وجه دون أن تكون هناك ضرورة لإسنادها إلى أشخاص متحدثين: فمن الناحية اللسانية ليس المؤلف إلا ذلك الذي يكتب، مثلما أن الأنا ليس إلا ذلك الشخص الذي يقول أنا. إن اللغة تعرف الفاعل ولا شأن لها بالشخص).
المؤلف الرقمي: بعد هذه الجروح الثلاثة التي أصابت المؤلف في الصميم، كما يعددها محمد المريني، ستأتي نهاية المؤلف من التحولات العميقة التي احدثتها الرقمية على عملية التواصل المعرفي والثقافي والأدبي في العالم المعاصر. فطبيعة النص الرقمي تكرس الطابع التفاعلي للعلاقة بين الكاتب والقارئ؛ إذ لم يعد المؤلف يمتلك وحده سلطة القول. من جانب آخر، يلاحظ محمد مريني تراجع "مشاعر الوفاء" التي كانت تطبع علاقة الكلاب بالقارئ في النشر الورقي نتيجة لإنخفاض التكلفة في النقل الرقمي وسرعة الإنجاز والتي عملت على فتح الباب على مصراعيه للولوج إلى عالم النشر من قبل الكثيرين من الأفراد المهتمين.
أما أهم نقطة عملت على إلحاق الاذى النفسي بالمؤلف، فهي انحسار موهبة الكاتب أمام ذكاء الآلة؛ ذلك أن النص الرقمي لم يعد أسير الكتابة الخطية، بل أصبح مجالاً لتلاقي الخط والصوت والصورة، هذا فضلاً عن العمليات الحسابية والمنطقية. وهذا يكرس فكرة نهاية المؤلف.