السبت، 6 ديسمبر 2014

الغش التجاري






تجارة الغش (1/4)
صادق السماعيل

لايخفى على الراصد المتتبع ماتبذله الدولة بسخاء من نفقات تشغيلية طائلة على المشاريع التنموية الحيوية  ولكن .. ينصدم هذا الراصد عندما يرى تلك المشاريع منفذة بسلع وأدوات ليست بذات الجودة بالرغم من تضمين كراسة الشروط والمواصفات للمشروع في العقد عند طرح المنافسة العامة ..
من أين تبدأ المشكلة ؟

سأتكلم من مثال حي

..
من خلال واقع ميداني وعلى إثر جولات رقابية على المستشفيات والمراكز الصحية لاحظت تذمّر واستياء الموظفين والمراجعين من سوء مستهلكات النظافة ( صابون ، نشاف ، مطهرات ) والتي توردها شركة الصيانة والنظافة

..
عندما يسردون لي شكواهم من أن الشركة لاتورد إلا منتجات رديئة وسيئة أرد عليهم بالقول أن الشركة تلتزم بما جاء في نصوص العقد

..
شلوووون؟
توجد مادة في العقد تقول أن على الشركة أن تورد تلك المستهلكات على أن تكون منتجاً وطنياً ..طبعاً المنتج الوطني في صابون بريال .. وفي صابون بأربعة ريالات .. الشركة تورّد الأقل أبو ريال ..
وبالتالي لاتستطيع محاسبتها أو إيقاع الغرامة عليها .. لأنها ملتزمة بالمادة العقدية ..
ماهو الحل

..
الحل في رأيي لايمكن أن يكون تضمين اسم المنتج بالعقد لأن ذلك فيه غبن للآخرين ودعاية للمنتج نفسه ..ماأراه فعلاً هو تضمين العقد مواصفات قياسية تفصيلية للمنتج
ومن ثم على المقاول أن يورّد مستهلكات النظافة وفقاً لتلك المواصفات
وأن أي تجاوز لها يعرضه للغرامة ..

 


تجارة الغش (2/4)
صادق السماعيل

تكلمنا البارحة عن مثال حي عن وجود عوار قانوني في نصوص العقود الحكومية بخصوص الحد من استخدام المواد المقلدة وغير الجيدة .. وتكلمت باقتضاب عن الحل لعلاج هذا العوار ..

هذا اليوم سأتطرق باختصار شديد للحملات التفتيشية التي تقوم بها الجهات الرقابية (التجارة - البلدية – الصحة ) وسأخصص هذا الجزء للحديث عن حملات وزارة التجارة ..

شاهدنا قبل أيام مخالب الوزارة التي كشّرتها على محلات إكسترا مما أدى إلى إغلاق بعض الفروع التي حصلت فيها التجاوزات ..

الأمر الذي أعتبره المواطنون سابقة تشكر عليها الوزارة ..

حيث أدى قرار الإغلاقات إلى قيام عدة محلات تجارية لمراجعة عروضها التسويقية قبل الإعلان خشية أن تقع فيما وقعت فيه إكسترا ..

ولعل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة التوثيق وتجاوب الوزارة السريع ضيّق الخناق على المحلات والتجار في أن تقوم بإغراق السوق بمنتجات رديئة متقوّمة على النصب والتحايل ..

ومن اللافت أن أشير هنا إلى غياب دور جمعية حماية المستهلك السعودية التي دشّنت بقرار سامٍ عام 2011 م ولكنها ولدت ميتة ..

وربما أفردها بمقالة صغيرة في القادم من الأيام ..

في نهاية المطاف ألمح إلى شغلة ماني فاهمها من قبل وزارة التجارة ..
وهي قيامها بمصادرة البضائع والسلع المقلدة في حين أن هذه البضائع والسلع دخلت البلد بشكل رسمي ..
ولا تزال تدخل ومن ثمّ تصادر !!

هل فعلا نحتاج إلى سرنجة في عضلة المخ؟!





علاقة المنتج... و المستهلك

صﻻح الهاجري

كان ياما كان في قديم الزمان.... كانت العلاقه بين المنتج و المستهلك علاقة مباشرة... فكان الفلاح يبيع محصوله في القرية فيشتريه صاحب الصناعة اليدويه مثل الحداد و النجار مباشره... وعند وجود اي خلل في السلعة... يستطيع المستهلك ان يصل الى المتج بكل بساطة و يبلغ شكواة و غلبا ما يتم الصلح بين الطرفين.....

في حياتنا الحاليه و مع تقدم و سائل الإنتاج و النقل... اصبحت المسافة كبيرة جدا بين المنتج و المستهلك... فأصبح الإنتاج يمر بمراحل عديده حتى يصل الى المستهلك... فأصبح هناك اكثر من مسؤول عن السلعة الواحدة ... و في اكثر من بلد من بلاد العالم....فأصبح التركيز على وضع الضوابط و المواصفات و ضرورة تطبيقها و الإلتزام بها اهم بكثير من الإعتماد على ضمير المنتج الذي قد يمنعه من الغش... فاصبح الهدف الأساسي هو السلعة و جودتها و ليس الشخص الذي قام بصناعتها و بيعها

 

هل صحيح ان المنتج الغشاش سيخسر؟

صلاح الهاجري

لو كانت هذه العبارة صحيحة.. لما كان هناك غش من اصله....

الغشاش يتبع اساليب للغش يصعب كشفها من قبل المستهلك بل يستطيع ان يجذب المستهلك و يجعله يفضل السلع المغشوشه عن السلع الجيدة...و الأمثلة كثيرة على مثل هذه الحالة منها... اضافة معزز النكهة جلوتومات احادي الصوديم الى بعض الأغذية يحسن من طعمها... لذا تلجئ بعض الشركات و المطاعم الى اضافة هذه المادة بشكل كبير في منتجاتها لكي يحسن الطعم و يغطي عيوب المنتج و المواد الأولية المستعملة في انتاج تلك المادة... و طبعا المستهلك يستطيع ان يختار الطعم الأفضل... لكنه لن يستطيع الكشف عن الكمية المضافة من هذه المادة... ان كانت في حدود النسبة الموصى بها ام لا

هناك مثال آخر و هو الإجهزة الإليكترونية مثل الكمبيوتر المحمول و الريموت كترول الذي يصدر عنه موجات او مجالات كهرومغناطيسية مخالفة للموصى بها قديكون اقوى من الأجهزة التي تلتزم بالمواصفات القياسيه فيراه المستهلك انه جيد بالرغم من احتمال تأثيره على صحة الناس... و هكذا....

فالمستهلك يستطيع ان يميز بعنزارض الصفات في المنتج لكن هناك امور لا يمكن تمييزها الا
بوسائل قياسيه و معيارية معينه كما ان المستهلك يرغب في الشكل او الطعم و الظاهر بصورة عامة ... و يغفل عن الأفضل و الذي قد لا يظهر بالنسبة اليه.

 


 

تعليم الفلسفة





الفلسفة والعقول الغضة
مهدي الرمضان

بابا، ليش يموت الانسان.؟
بابا، منين احنا جينا؟ بابا، ليش السما زرقا؟
هذه وغيرها هي بعض ما يسأله العقل الغض لصبي او صبية ربما لم يتجاوزوا السابعة من أعمارهم. يحيرهم ويستهويهم كل ما يجري حولهم.

قانون السببية الفطري يعمل بقوة في ادمغتهم ويشغل عقولهم لمعرفة الاسباب.
يسعون للمعرفة بشغف كبير ولهفة ويطرحون اسئلة وجودية بسيطة ولكنها مربكة للكبار عند محاولتهم إيجاد اجوبه صادقة لها. 

قدرتهم على التركيز على ما يشغلهم وما بين ايديهم لا يضاهيهم فيها الكبار ولا حتى يدانونهم في مستواها.
قدرتهم الفائقة على المثابرة وتكرار المحاولات الفاشلة بدون ملل ملفته ومرات مزعجة لنا.
ملكة المغامرة والإقدام في سبيل حب المعرفة والتعلم تشكل علامات فارقة عنا ويسبقوننا بمراحل عما نملكه مقارنة بهم. 

لعقولهم نوافذ زمنية مشرعة تستقبل النور والهواء من كل جانب ولكن هذه النوافذ المفتوحة لعقولهم لن تبقى طويلاً قبل ان نغلقها بصدنا و بجفائنا لطلباتهم الملحة في المعرفة ومرات للحد من إحراجنا حد الإزعاج بأسئلتهم التي نحتار كيف نجيب عليها. 

نبدأ نبني بصدنا لهم وإغفالنا لتوقهم للإجابات حيطان وسدود نضعها امامهم. تبدأ تلك النوافذ المفتوحة تدريجيا في الإنغالاق ويصبحون بعد مضي سنوات صباهم مثلنا وكما نحن عليه مقولبين ذهنيا ومدجنين ثقافيا ويقتربون ليكونوا نسخ مكررة منا بعد ان كادت جذوة الفضول بدواخلهم تقترب من الخمود والإنطفاء. 

حرمناهم بإلباسنا إياهم جلابيبنا العقلية من ان تكون لعقولهم جلابيب تستوعب حجم متطلباتهم واغلقنا تقريبا الطرق امامهم لإنطلاقة الإبداع ومنعناهم بتوهين دور العقل لديهم من إقتحام المجهول وبلوغ آفاق معرفية وثقافية جديدة قصرتا عن وصولها وحكمنا عليهم بالسير على مواقع اقدامنا وتتبع آثار خطواتنا وسلوك خطوط معرفية سلكناه نحن وأجدادهم قبلنا.
هذا المآلات البائسة التي صنعناها لمستقبلهم حرمتهم ونحن معهم من إمكانيات الإبداع والتطور وإرتدت علينا وعليهم بمزيد من التأخر والفقر الحضاري.

الحجر على قدرات عقولهم وإغلاق جل المنافذ أمامهم يبقيهم أسرى للنسق السائد.
تنبهت الدول المزدهرة للقوة الكامنة في الطفولة وجاءت تلك المعرفة نتيجة دراسات مستفيضة عليهم عرفت على اثرها مفاجئة القدرات العقلية الحقيقة التي يمتلكونها والتي لم تكن موجهة وجهتها كما يجب او مستغلة لمصالحم ومصالح مجتمعاتهم للتنمية المستقبلية.

إطلاق العنان لكوامن عقولهم وتدريبهم على فنون المعرفة والدراية بأساليب التفكير السليم تأتي من خلال برامج إدخال الفلسفة في مناهج الصفوف الابتدائية والثانوية وما قبل المرحلة الجامعية.
وتنادى مؤخراً فلاسفة الغرب المعاصرون لاهمية استغلال النوافذ المفتوحة للعقول الغضة  في سن مبكرة لتقديم مناهج فلسفة تفي بمتطلباتهم وتراعي مستوياتهم.

دروس الفلسفة في سن مبكرة تأتي على صيغة قصص للاطفال سهلة الاستيعاب وتحمل في مضامينها مفاهيم فلسفية تسهل عليهم فهم مقاصدها وعلى التلاميذ بعد الاستماع لها مناقشة ما جاء فيها وعليهم أن يطرحوا تساؤلاتهم ويعطوا احكامهم على حيثياتها.
على سبيل المثال قصة "ثلاثة اطفال في صندوق كبير" لتدريس مفهوم وفلسفة الحرية.

تقول القصة ان ثلاثة اطفال تم وضعهم في صندوق كبير ومنعوا من الخروج منه. وضع معهم الكثير من الالعاب الجميلة والممتعة ويزورهم آبائهم مرة كل اسبوع ويجلبوا لهم مزيد من الالعاب المسلية ولكن يمنع عليهم بتاتا الخروج من الصندوق.

وفي النهاية على التلاميذ تقدير ما إذا كانوا يرغبون العيش بدون حرية في مثل هذا الصندوق مع وجود كل ما يحبون من العاب مسلية ومعهم بعض اصدقائهم في الصندوق يلعبون معهم.
هل يعي المربون والقائمون على التعليم في دولنا مقدار الفرص الضائعة والخسائر الحضارية والتنموية الباهضة التي تتكبدها مجتمعتنا جراء إغفالنا إدراج الفلسفة ودروس المنطق في مناهج التعليم لتنمية العقول وتحفيزها على التفكير المنطقي السليم ولن اقول تدريس الفلسفة لما قبل المرحلة الجامعية بل أقلها اثنا الدراسة  الجامعية؟




الفلسفة الضمنية
صلاح الهاجري

من المعلوم ان الفلسفة هي ام لجميع العلوم... فكل علم و بحث عن المعرفة و فهم الظواهر وربطها ببعض و من ثم استنتاج نتائج مؤثرة في الحياة  هو فلسفة ...اذا الجميع يعرف الفلسفة سواء درس الفلسفة في ذاتها او درس علوم اخرى تتضمن الفلسفة بشكل او آخر ...
ان كان هناك تخوف من دراسة الفلسفة عند بعض المدارس الدينية فهذا يعود في تقديري  الى امرين
الأول : المدارس التي تريد تأطير الدين في اطار معين لزمان سابق و التي تريد تمرير بعض الأحداث التاريخية و تحرم الخوض فيها تحريما باتا لكي تحافظ على ذلك الإطار الفكري للدين فهي تمنع دراسة هذا الجانب و الجانب الذي قد يزعزع ذلك التاريخ
الثاني : دراسة الفلسفة بمعزل عن مصادر الدين الثابتة.. فمن المعروف عند اي دراسة يجب ان يكون هناك ثوابت و متغيرات و الا لايمكن اثبات  اي نظرية بدون وجود هذين الجانبين... فالفسفة التي لا تنطلق من ثوابت تضل تائها عائمة ...
اذا الفلسفه هي ام العلوم فعلا لكن يجب ان تبحث عن الثوابت اولا لتنطلق نحو المتغيرات ...ولا ننسى اننا ندرسها في جميع العلوم على شكل امثلة تطبيقية في حياتنا.