التنمية المستــــدامة
المشــــاركون:
واحة الاحساء- مساعي لترميم نسيج إستدامة حضارية قد تمزق
مهدي الرمضان
التنمية المتوازنة المستدامة
د.إحسان بوحليقة
التنمية
علي البحراني
تنمية
البيئة المستدامة عند قرامطة الاحساء
حسين الملاك
حسين الملاك
اليابان .. من الدمار إلى الإعمار
يحيى ناصر
مؤشرات تحقيق التنمية المستدامة
حيدر موسى
الحنين إلى بيت جدي
منى الشافعي
واحة الاحساء- مساعي لترميم نسيج إستدامة حضارية قد تمزق
مهدي الرمضان
واحة الاحساء الغناء
ببساتينها و عيون مياهها وانهارها الجارية في شرق المملكة هي الاكبر عالميا وتبعد
غربا عن ساحل الخليج العربي بحوالي 70 كليو متر. تاريخيا تمتعت الواحة ولقرون
متطاولة ببيئة زراعية قوامها عيون مياه فوارة تنبع من مصادر جوفية. استمرت عيون
المياه تعمل هيدرولوجيا بتوازن دقيق بين السحب منها لري بساتين النخيل من ناحية في
مقابل ما يغذي تكويناتها الجوفيه من امطار سنوية تعوض ما سحب لأغراض الري. توزع
مياه الري عبر شبكة قنوات ترابية عمرها يعد بالقرون بحيث تروى جميع بساتينها بنظام
عادل ودقيق و متفق عليه بين الاهالي و تتخلص من مياه الصرف عبر نفس الشبكة بحيث
كانت الحقول القريبة تسقى من مصادر مياه العيون مباشرة أما الحقول البعيدة فكانت
تسقى بإعادة تدوير مياه الصرف (الطوايح) الناتجة من ري الحقول القريبة نسبيا فبقى
منسوب مياه العيون وتدفقها ثابت بسبب هذا التوازن.
كونت الواحه وحدة اقتصادية
ايكولوجية مكتفية ومتكاملة وعرف مزارعوها بالمهارة والحرفية في التعامل مع النخلة
المتكيفة مع ظروف التربة و الطقس وخدمتها و حصاد محصولها في نهاية صيف كل عام وعرف
عن الواحة غناها بمواردها البشرية من حرفيين و مزارعين و تجار وبالإنتاجية
الغذائية فلم تعاني على مدى تاريخها من حالة مجاعة او قحط. بالتوازن البيئي و
الإجتماعي و الاقتصادي تكون في الواحة مجتمع متسامح متعدد الاطياف الثقافية و
المذهبية و انشأت بها دور للعلوم الدينية ويتعايش افرادها بسلام و تكاتف في
علاقاتهم المختلفة. تواصلت الواحة حضاريا مع محيطها القريب والبعيد وصدرت محصولها
من التمور و الرز إلى مناطق و مدن الجزيرة العربية و خارجها وشكلت ما يمكن تسميته
بيئة اجتماعية و إقتصادية مستدامة. جميع سكانها من ملاك أراضي ومزارعين و حرفيين و
تجار يعيشون في بحبوحة من الرزق و امست مصدر جذب للعيش والعمل لكتل بشرية من
خارجها على مدى تاريخها من سكان المناطق المختلفة المحيطة بها. استمرت هذه البيئة
محافظة على استدامة توازنها لقرون بتوازن مصادر مياه الري فيها حتى انتهى هذا
التوازن و اصيب بالخلل بإنشاء مشروع الري و الصرف في بدايات الستينات من القرن
الماضي.
انشأت الحكومة مشروع لري
بساتين النخيل بمياه العيون و صرف المياه الزائدة و توجيهها للبحر في الخليج. اخل
هذا المشروع للاسف بتوازن العرض و الطلب على مياه الري الذي كان قائما لمئات من
السنين بسبب عدم كفاية مياه العيون بعد اخراج مياه الصرف من خدمة ري الحقول وساهمت
شركة النفط ايضا في استنزاف كميات هائلة من المياه الجوفية في أعمال استخراج
النفط. تدهورت على الأثر حقول كثيرة بسبب شح المياه وبدأ الاهالي لري بساتينهم
بحفر آلاف من الأبار عشوائيا مما ادى لإستنزاف وهبوط مستوى عمق المياه فتجاوز
هبوطه الثمانين متر بعدما كانت ينابيع العيون تدفع الماء بضغط يرفعه عموديا لخمسة
عشر متر فوق سطح الارض. نضبت العيون و توقفت عن الجريان الطبيعي السابق وفي غضون
سنوات قليلة تمزق وانهار نسيج الاستدامة الذي كان عمره مئات السنين في الواحة.
خرجت مزارع من الانتاج وتركها اصحابها و فقد كثيرون من الأهالي وخاصة الشباب فرص
اكتساب المعيشة من المزارع و خسروا مهن آبائهم و اختل النسيج الاجتماعي و
الاقتصادي للواحة.
تجري منذ حوالي خمس سنوات
محاولات جادة وحثيثة لترميم نسيج الاستدامة و إعادة التوازن البيئي بتنمية موارد
المياه بالواحة من خلال قيام هيئة الري و الصرف بحزمة من المشاريع و المبادرات
الاستراتيجية تهدف لأيقاف السحب من المياه الجوفية تماما و الاستعاضه عن ذلك أولا
بتأمين مياه الري باللجوء لمياه الصرف الصحي من محطات المعالجة الثلاثية
ثانيا بإعادة تدوير استخدام مياه الصرف الزراعي وثالثا بنقل كميات كبيرة من محطات
المعالجة الثلاثية من الخبر و الدمام للاحساء و رابعا بتنفيذ نظام ري رائد على
مستوى المملكة و ربما حتى على مستوى العالم حيت يتم تحويل القنوات المفتوحة الغير
كفؤة في نقل المياه للبساتين بمواسير مغلقة تصل اطرافها لكل بستان وينتهي نظام الري
داخل كل بستان بشبكة انابيب ري بالتنقيط ستغطي هذه المواسير و الانابيب كل مساحة
الواحة التقليدية ويدار هذا المشروع مركزيا بحاسوب يفتح و يغلق محابس تدفق المياه
لتعطي البستان حقه من مياه الري بالضبط بعد برمجته باحتساب انواع المحاصيل وعدد
النخيل و تقدير الاحتياجات المائية لكل بستان بدقة. سيرفع هذا المشروع كفاءة الري
و سيوفر ما يقدر بحوالي 30-40% من مياه الري التي كانت تهدر سابقا. تقدم الهيئة
ايضا برامج ارشادية و تثقيفية للمزارعين لاعادتهم لسابق انتاجيتهم. تعاضد هذه
المشاريع نهضة زراعية و توجه من اصحاب المزارع بتحسين نوعية انتاجهم و تصنيعه
لتسهيل تسويقه و رفع ايرادات المزارع.
يشكل ما حدث في واحة
الاحساء ظاهرة تاريخية ودرس يعطينا العبر ويؤكد أن بناء منظومة استدامه حضارية عبر
مئات السنين يمكن أن يهدم في غضون سنوات قليلة. المحاولات الحالية لهيئة الري
لترميم وإعادة البناءه يحتاج لجهود ومشاريع جبارة و تعزيز ثقافي ليعيد للاحساء
جمال و روعه مجتمعها لما قبل الستينات من القرن الماضي.
نأمل أن تحدث هذه الحزمة
من المشاريع و المبادرات خلال سنوات قادمة المعجزة والأثر المطلوب في خلق توازن
مائي جديد للواحة يؤسس مرة أخرى لبيئة زراعية وإجتماعية مستدامة.
التنمية المتوازنة المستدامة
د.إحسان
بوحليقة
ثمة فرق كبير بين التنمية والنمو، ففي حال الدول النامية
فاﻻرتقاء المستمر بالتنمية وتعزيزها أمر حرج اﻷهمية، فقد يحقق اﻻقتصاد نموا
إيجابيا ولكن على حساب التنمية إجماﻻ، والتنمية المستدامة تحديدا. ففي الدول التي
يعتمد اقتصادها على بيع الموارد الطبيعية، فﻻبد من التعامل مع ريعها لتمويل
التنمية دون تعسف، بهدف إيجاد بدائل تنتج عن تنويع اﻻقتصاد.
وهناك من ينظر اﻻيرادات الريعية وكأنها إيرادات انتاجية، وهذا
أمر يجافي الحقيقة. فالموارد الطبيعية المستخرجة هي محدودة بإعتبار أنها آيلة
للنضوب، وريعها هو تسييل ﻷصل وليس ثمرة تجنى من اﻷصل، فثمة بون شاسع وفارق كبير
بين جني ثمار شجرة وبين قطع الشجرة وبيعها حطبا!
وهكذا، فيجب أن تكون اﻷولويات واضحة: التنمية المتوازنة
المستدامة أوﻻ وقبل أي شيء؛ فهي التي ستمكن اقتصادنا من امتﻻك الشرائط ليصبح منوعا
بالخروج من متﻻزمة النضوب إلى أفق التجدد واﻻستدامة. بمعنى، أن التنمية تقود إلى
نمو، أما العكس فليس صحيحا بالضرورة. ويمكن اﻻضافة، أن تقديم التنمية واﻻصرار
عليها يؤدي ﻻستقرار اجتماعي ونمو اقتصادي في المدى المتوسط والطويل، أما اﻻصرار
على تقديم النمو ومنحه اﻷولوية فإنه يركز على تنامي القيمة المضافة في المدى
القصير (سنة) وربما المتوسط (خمس سنوات) دون وضع التحصينات الضرورية والتحوطات
الﻻزمة لتفادي التضحية بالتنمية من أجل تحقيق نمو. وهنا يجب تفادي الخلط بين
السياسات المتبعة في الدول المتقدمة والدول النامية؛ فاﻷخيرة اكتسبت اسمها من
كونها تنمو من تنمية development وليس من نمو growth. فالدول المتقدمة حققت التنمية واستقرت
ولذا نجد انها مهوسة بتحقيق نمو متصاعد عاما بعد عام، وكثيرا ﻻ تحقق ذلك رغم كل ما
تبذله ولنأخذ اليابان كمثل، أما الدول النامية فيجب أن يكون شغلها الشاغل تواصل
خطى التنمية وتنامي محركاتها وانتشارها جغرافيا وقطاعيا، وتوفيرها لمرتكزات متينة
ﻻقتصاد متنوع مستقر النمو. وهذا يمثل تحدي ضخم، فهو يعني: تنمية مستدامة للموارد،
ومتوازنة تشمل المجتمع برمته والجغرافيا القطرية بإتساعها، وتحقق التنمية البشرية
صحيا وتعليميا واجتماعيا واقتصاديا.
التنميه
علي البحراني
التنمية تستطيع البحث في
أصولها الأولى منذ التجارب المبكرة التي عملها الإنسان الأول لإدراك التغيرات التي
تحصل من حوله. وقد ارتبط ذلك بالتجارب الحية والتأمل في الإختلافات التي تحصل في
الموجودات كفصول العام والنبات والإنسان والحيوان. حيث أكدت تلك التغيرات أن هذا
العالم في حركة غير متوقفة وفي تغير مستمر. وقد أدت هذه الملاحظات والتأملات إلى
ظهور نقاش فلسفي حول ماهية الأشياء، وطبيعة المتغيرات التي تحدث فيها.
اعتمد المجتمع الدولي في
قمة الأرض بالبرازيل عام ١٩٩٢ مصطلح التنمية المستدامة بمعنى تلبية احتياجات الجيل
الحالي دون إهدار حقوق الأجيال القادمة في الحياة في مستوى لا يقل عن المستوى الذي
نعيش فيه هذا وقد حدد المجتمع الدولي مكونات التنمية المستدامة على أنها:
- نمو إقتصادى.
- تنمية اجتماعية.
- حماية البيئة ومصادر
الثروة الطبيعية بها.
وهذا يعنى أن تكون هناك نظرة
شاملة عند إعداد إستراتيجيات التنمية المستدامة تراعى فيها بدقة الأبعاد الثلاثة.
مفهوم الإستدامة (Sustainability)
ضمان حصول البشر على فرص
التنمية دون التغاضي عن الأجيال المقبلة وهذا يعني ضرورة الأخذ بمبدأ التضامن بين
الأجيال عند رسم السياسات التنموية، وهو ما يحتم بالتالي (مأسسة) التنمية في
مفهومها الشامل من خلال المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بما يجعلها تساهم في
ديمومة التنمية.
الإستدامة تهدف الى
التطوير الذي يراعي الرفاهية وزيادة فسحة الامكانيات للأجيال القادمة ، والتي
ستمكنهم من التنعم بموارد البيئة وقيم الطبيعة التي نستغلها الآن .
الإستدامة تعني أنه يجب
التعامل مع التطوير والتنمية ببصيرة واسعة من ناحية البعد الزمني ، الفراغ والسكان
المتأثرين
التنمية المستدامة
وتعرف التنمية المستدامة
بأنهـا: عمليـة Sustainable Development تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك
الأعمال التجاريـة بشـرط أن تلبـي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال على
تلبية حاجـاتها ، ويواجـه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليـه مع
عدم التخلـي عـن حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدل
الاجتمـاعي.
التنمية المستدامة في
المملكة
يمثل ترسيخ أسس وقواعد
التنمية المستدامة في المملكة أهم التحديات التي تواجه المملكة، لأسباب عديدة من
أهمها عدم ملاءمة الاعتماد على الموارد النفطية كمورد أساس وغير ناضب. تأثير أنماط
الحياة الاجتماعية في سلوك الأفراد تجاه المساهمة في خلق الفرص الاستثمارية، إضافة
إلى توزيع الثروة ومصادر الدخل التي لا تمكن من خلق هذه الفرص لجيل الشباب.
اظن ان هذا المصطلح ومفهوم
التنمية المستدامة ضمن مجموعة مصطلحات تستخدمها المملكة للتتماشى مع المنضومة
الدولية العالمية لتوقع على اتفاقات وتنظم للمنظمات التي تعنى بتنمية الموارد
البشرية وتحسين وضعها لكنها لا تعدوا في المملكة ان تكون بروتوكولا تتزين به في
المحافل الدولية دون وجود واقع ملموس يستشعره المواطن كمفهوم راسخ بطبقة ويستفيد
منه ليستديم عمله ونتاجه
فحالة التغافل عن تطبيق
معايير الجودة والإتقان في مناحي حياة المواطن السعودي بدءا بالتعليم ومتواصلا بكل
مناحي الرفاه الذي يتناسب مع مقدرات الدوله وثرواتها في جعل مبدأ الكرامة
الانسانية موفر ومستدام لكل مواطن غير معني به ولا مخطط له ونرى ذلك من خلال منافذ
الخدمات المقدمة من الدوله فمشكلة الإسكان والتي تؤرق مضجع المواطن مما يعيق تكامل
انتاجيته وتخطيطه عائق من عدة عوائق كالصحة والتعليم والمواصلات وغيرها
مما يجعل من مبدأ التنمية
المستدامة غير موجوده كنظام يوفر للمواطن الحالي والقادم ضمان الحياة المكفولة
بمتطلبات الحياة الكريمه
فالفقر له نسبته الرسمية في
الدوله وكذلك البطاله ومشاكل كثيرة عالقة مما ينفي صفة التنمية على خطط
الدوله
ولكي تتحقق هذه المفاهيم
يجب على الدولة اتخاذ إجراءات المحاسبة المالية والمشاركة في صنع القرار ليتشاوك
المواطن في تشرب مفاهيم التنمية المستدامة.
تنمية
البيئة المستدامة عند قرامطة الاحساء
حسين
الملاك
و" التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط ان تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها. "ويكيبيديا
ويرتكز هذا المفهوم على ثلاثة مجالات هي البيئة والمجتمع والاقتصاد ، حيث يقوم بخلق نوع من التكامل والاستثمار الإيجابي بين هذه المجالات في تحسين الحياة الاجتماعية وازدهار الاقتصاد والمحافظة على البيئة من التدهور والخلل .
وإسقاط هذا المفهوم الحديث على تجربة تاريخية هو إسقاط توضيحي يبين مالهذه التجربة من سبق وزيادة دلالة وعي مبكر تجاه الانسان وبيئته واحتياجاته .
تحول اقليم البحرين في العصر العباسي الثاني الى اقليم مهمش اضطرب فيه الأمن وتدهورت فيه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وفي تلك الفترة خرج الفكر القرمطي وسرعان ما انتشر في البحرين سنة ٢٨٦ه حين أسس ابو سعيد الجنابي دولته وجعل الاحساء عاصمتها .
التنمية الاجتماعية عند قرامطة الاحساء :
قامت فكرة القرامطة على مجتمع الألفة الذي تسوده المحبة والتعاون وأشرك القرامطة كل أفراد المجتمع في العمل وساهمت العدالة الاجتماعية وتذويب الفوارق بين الأجناس والمذاهب في خلق مجتمع منتج ومتماسك وخلاق . يشير أدونيس الى ذلك في كتابه الثابت والمتحول " والقرمطية على الصعيد الإنساني شكل من عودة الانسان الى ذاته كإنسان اجتماعي مقابل الانسان القبلي او العنصري ،وهي إذن محاولة أولى في التاريخ العربي على مستوى التنظيم السياسي ، في حل التنافر بين العربي والطبيعة من جهة وبين الانسان والإنسان داخل العالم الاسلامي من جهة ثانية . وهي إلى ذلك تجاوز للتجريد الديني الفكري فيما يتصل بالعدالة والمساواة نحو الممارسة الفعلية "
النمو الاقتصادي عند قرامطة الاحساء :
وضع القرامطة خطة اقتصادية تعتمد على التكامل الاقتصادي في الزراعة والصناعة والتجارة ووصلوا الى مرحلة الاكتفاء الذاتي وتجاوزوه الى التصدير .
كما استفادوا من الأموال الخارجية التي كانت تقدم لهم مقابل خدمات وإسهامات يقومون بها
فقد ازدهرت التجارة والزراعة خصوصا مع الخطط الزراعية في استصلاح الاراضي وتوفير الأيادي العاملة وحفر العيون وشق القنوات كما شجعوا على الصناعة واستقطبوا الصناع واغروهم بالعمل و اعطوهم القروض الكفيلة بإنجاح مشاريعهم وأقاموا لهم النقابات التي تنظم عملهم وتحافظ على حقوقهم .
ونشطت التجارة برا وبحرا بسبب الازدهار والأمن وسيطروا على التجارة الخارجية وساروا على خطة الاكتفاء الذاتي وعززوا ذلك بضرب نقودهم من الرصاص ليمنعوا انتقال الثروة للخارج .
المحافظة على البيئة عند قرامطة الاحساء :
الاحساء واحة محاطة برمال الصحراء والتي تشكل تهديدا حقيقيا بالزحف عليها وردمها وأول ما قام به القرامطة هو استصلاح الاراضي وتوسيع الرقعة الزراعية والتي كانت تحيط بالاحساء من جميع الجهات وكانت معالجة أمنية وبيئية فمن الناحية الأمنية تعتبر المصد الاول لأي غزو اما البيئية فقد اسهم الغطاء الزراعي في حفظ درجة الحرارة والتقليل من تبخر المياه من الأنهر المنتشرة في الواحة .
كما انها تشكل مصد للرمال المتحركة وتوقف زحفها على الواحة ، بالاضافة لتنقية الهواء من الغبار عبر مروره بمرشحات طبيعية من الغطاء الزراعي .
وكذلك توفير كمية كافية من الهواء النقي
كما انهم يستفيدون من حرق المخلفات الزراعية في طرد الحشرات الضارة وفي تسميد الارض .
ووضعوا نظام ري محكم للاستفادة من المياه وتدويرها والاستفادة من فضلاتها.
كما انهم حافظوا على التوازن البيئي واستمرار الدورات الطبيعية للكائنات الحية دون إخلال او تعدي .
هذه بعض ملامح التنمية المستدامة عند قرامطة الاحساء فهل سنتمكن نحن من الاستفادة من تجربتهم التاريخية ام نبقى على هذا الحال المزري في التعدي على الطبيعة وغياب الاقتصاد الريعي المتكامل مع ضعف في تنمية الموارد البشرية
اليابان .. من الدمار
إلى الإعمار
يحيى ناصر
الشيء الذي لم أكن أتوقعه
أن اليابانيين كانوا قتلة في يوم ما حيث عاث اليابانيّون فسادا في الأرض مابين
عامي ( 1895 م – 1945م )، عبر خوضهم حروبا مع كل من الصين و روسيا و كوريا و
سنغافورة و لكنّ هذه العقليّة المدمرة سرعان ما تحوّلت إلى عقليّة معمّرة حين أدركت
أن التمدد الأفقي خطأ لا يخدم اليابان و لا الشعب الياباني فتحوّلت
استيراتيجية القادة اليابانيين من التمدد الأفقي (غزو البلدان) إلى التمدد الرأسي
(بناء الإنسان )* ، و منذ ذلك الوقت بدأ الإزدهار المعرفي يتسارع و ينمو و يتقدّم
بشكل ينافس كبرى دول العالم بفضل شحذ همم الباحثين من قبل الإمبراطور ميجي حيث كان
يقول للمبتعثين ( الحقوا بالغرب و تجاوزوه ) و بفضل الدعم السخي الذي تقدّمه
الحكومة اليابانية للبحث العلمي حيث بلغ 130 مليار دولار في عام 1999م
تقريبا أي حوالي 25 % من مجموع ما ينفقه العالم على البحث العلمي ( 536 مليار
دولار) .. هذا الحراك العلمي يذكرني بذلك المهندس الياباني ( تاكيو أوساهيرا )*
الذي ابتعثته اليابان لنيل شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية فآثر أن يفك
شفرة صناعة ماكينة السيارة على نيل درجة الدكتوراه حتى أنه كان يدخر قوت يومه
لشراء بعض الكتالوجات التقنية ، و حين فك اللغز وحل الشفرة المحتكرة احتفل به
إمبراطور اليابان تقديرا للفتح الصناعي الكبير الذي تحقق على يديه ليبدأ بعدها
اليابانيون بصناعة السيارات و تصديرها للعالم بعد أن كانت حكرا على بعض الدول
الكبرى .
و منذ حوالي 1945 م بدأ
اليابانيون يدركون بأن الاستثمار في عقل الإنسان هو أحد ركائز التنمية المستدامة
في بلد يفتقر إلى الموارد الطبيعية لكنه قدير و قادر على تنمية الموارد البشرية .
هذا الاستثمار المعرفي
الذي يعتبر أحد أسرار النهضة العلمية في أمريكا و أوروبا و اليابان كدول متطورة هو
ما ينبغي أن يأخذ بدولنا النامية نحو الأجمل و الأفضل و الأدوم حيث ثقافة الإنتاج
و الابتكار و التصدير و التصنيع و الاكتفاء الذاتي بدلا من التركيز على
سياسة الإسراف في الاستهلاك ، و كم يؤلم الحريصون على التنمية حين يسمعون من وزير
البترول قوله ( الناس يحبون نفطنا .. فلماذا نخفض الإنتاج ؟ ) ، نعم الناس يحبون
نفطنا و لكننا أيضا لا نريد أن ننسى أجيالنا و لا نقبل أن نستمتع بريع نفطنا و
نهمل بحثنا العلمي المدر المثمر الذي لم يتجاوز ما أنفق عليه 1% من إجمالي الناتج
القومي عام 1999 م .
و في الوقت الذي نكتشف فيه
أن سيارة غزال ( كمشروع استثماري يدعم التنمية المستدامة ) لم تكن سوى حبرا على
ورق تطالعنا الصحف ( سبق 12مايو ) بأن دولة تجاورنا ( إيران) تعدت مرحلة
صناعة السيارت إلى صناعة الطائرات بل فك ألغاز الطائرات التجسسية الساقطة على
أراضيها .. فأين نحن من هؤلاء في سلم التقدم الصناعي ؟ .
و إذا كان الاستثمار
المعرفي يعتبر الركيزة الأساس في التنمية المستدامة فإنني هنا أود أن أضيف بعض
المقترحات التي قد يكون من شأنها أن تجعل للتنمية جذورا ضاربة في الأعماق و مثمرة
على السطح مع تقادم الأيام .. و هي على النحو الآتي :
1- ترشيد استخدام النفط و
الغاز و الماء و إيجاد الآليات الذكية التي من شأنها أن تحول النفط إلى مصانع
استثمارية بدلا من الأموال الاستهلاكية .
2- تكريس البحوث العلمية
في مجال إنتاج الطاقة من الشمس و الماء و الهواء ( كموارد متجددة) .
3- توفير البيئة الحاضنة
للبحث العلمي حيث الإبداع و الابتكار و حفظ الحقوق و تسويق الأفكار بطرق معاصرة و
إنتاج البرامج الإلكترونية المنافسة عالميا .
4- الاستثمار بشكل متعدد
في كل مجالات الثروات الطبيعية ( الزراعية ، الحيوانية البرية و البحرية ،
المعدنية ، القانونية ) .
5- العمل على إيقاظ الثروة
النائمة ( تدوير النفيات) و تحويل البقايا العضوية إلى Compost و بقية المخلفات إلى منتجات
مجددة أو معاد صناعتها .
6- دعوة الشركات المصدرة
للسلع المستهلكة إلى الاستثمار في البلد لنقل الخبرات من جهة و توفير فرص العمل من
جهة أخرى .
إن ماكينة الأفكار في
التنمية المستدامة لا يمكن لها أن تتوقف لكن العبرة هنا ليس بكثرتها بل بتحويلها
من إطار الأفكار المطروحة إلى إطار الخطط العملية الواقعية الملموسة و المدروسة ..
و صدق من قال : أعطني سمكة تطعمني يوما ، علمني كيف اصيد ؟ تطعمني الدهر كله .
المراجع :
1- حمادي ، حسين . كتاب
أسرار الإدارة اليابانية .
2- الكريباني ، سعد . كيف
أصبحوا عظماء ؟ .
مؤشرات تحقيق التنمية
المستدامة
حيدر موسى
التنمية المستدامة تلامس
تقريبا كل مجالات حياتنا، يمكننا ان نتحدث عن استدامة الزراعة والمياه والثروة
السمكية، ويمكننا الحديث عن استدامة الطاقة والثروة المعدنية، وكذلك استدامة
الطبيعة والانشطة السياحية الى استدامة المباني والبنى التحتية وغير ذلك الكثير.
وبالتأكيد فان آلية تحقيق اي تنمية مستدامة يتطلب خطة استراتيجة طويلة الامد لاننا
نتحدث عن تلبية احتياجات جيل المستقبل وليس فقط ابناء الحاضر. ومن المهم ايضا ان
نفهم ان التنمية المستدامة ليس شأننا تختص به الحكومات وان كان الثقل الاكبر يرتكز
عليها على اعتبار انها صاحبة القرار، الا ان الاستدامة هي عبارة عن شراكة متكاملة
بين الافراد والشركات والمنظمات والحكومات، لذلك يمكن ان نطلق على شركة ما صفة
الاستدامة ما دامت تطبق معاييرها ومتطلباتها.
لكن ما هي متطلبات
الاستدامة؟ وكيف لنا القياس ما اذا كنا بالفعل نتجه نحو التنمية المستدامة ؟
الاجابة عن هكذا سؤال لا يخلو من التعقيد فنحن حين نتحدث عن الاستدامة فالكلام هنا
عن ابعاد ثلاث رئيسية (اقتصادية، اجتماعية، بيئية) وكل بعد بحد ذاته له تفصيلاته
الكثيرة.
على اعتبار مثلا ان تغير
المناخ هو اهم حدث بيئي اليوم يستحوذ على اهتمام العالم، وهو حدث يؤزم الاقتصاد
ويضر برفاهية الانسان، فانه مثلا يتطلب حراك جاد على صعيد استدامة الطاقة التي
يحتاج انجازها اشكال متعددة منها ما هو مرتبط بالترشيد الكهربائي ومنها ما هو
مرتبط بالاعتماد على مصادر متجددة وامنة لجلب الطاقة. بناء على ذلك قد نستطيع قياس
استدامة شركة او دولة ما انطلاقا من حجم ما تقلصه من انبعاثات الكربون وانطلاقا من
قدرتها على انشاء واستخدام بدائل متجددة للطاقة. عندما نسمع مثلا ان ٧٤٪ من مصادر
الطاقة في ألمانيا قد اصبحت متجددة وان كل مصادر الطاقة في جامعة جورج تاون هي
نظيفة، او ان مبنى شركة جوجل مطابق لاعلى مواصفات الاستدامة، فهذا يعطي مؤشرا جيدا
على السعي الحثيث لديهم نحو تنفيذ متطلبات الاستدامة، لكن بالطبع هذا فقط للتبسيط
والا فان مؤشرات التنمية المستدامة وقياستها المعتمدة دولية كثيرة ومعقدة.
الامم المتحدة بدورها في
اهدافها الالفية الانمائية وضعت مجموعة من المؤشرات تقيس مدى تحقيها لاهداف
الاستدامة، مثلا من خلال تحسن نسبة الناس الذين يشربون المياه النظيفة، وزيادة
نسبة الاراضي والبحار المحمية، وانخفاض نسبة انبعاث الكربون لكل شخص، وغير ذلك.
ومن ضمن مؤشرات وادوات قياس التنمية المستدامة التي يتم تطبيقها على الدول وبعضها
للشركات : حساب بصمة الايكولوجيا، مؤشرات جودة الهواء، مؤشرات الفساد
والديمقراطية، مؤشرات التنمية البشرية، ايزو ١٤٠٠٠ و ١٤٠٣١، تقييم الاثر البيئي،
تقييم الاثر الاجتماعي، انظمة الحسابات البيئية والاقتصادية، مؤشر التربية، مؤشر
الاداء البيئي واحصائيات الاستدامة العالمية.. الخ. بالمحصلة نحتاج الى اهداف
استدامية واضحة ونحتاج ايضا الى معايير تمكننا من قياس مستوى التحسن والاداء في
تنفيذ تلك التطلعات.
الحنين إلى بيت جدي
منى الشافعي
منهم في عمري يأخذهم
الحنين دوماً إلى بيوت أجدادهم و البيوت التي ولدوا و ترعروا فيها، هذه اللحظات
الباكرة في الذاكرة تلح بقوة كلما تقدمنا في العمر لذا تتربع في سياق
حكايتنا مع أولادنا و كأننا نريد أن نقبض على تلك التفاصيل حتى لا تتلاشى في
ذهاليز الذاكرة ، نتمنى أن تلك البيوت بقيت شاهدة على عبثنا و مرحنا و براءتنا 🎭لكن
.....،😥
و إذا كانت جرافات التمدن
جرفت بيوت الديرة و سباطاتها 🚜، و إذا كانت الفرحة بزوال حياة الشظف و تباشير العيش المريح جعلت
أباؤنا لا يبالون ببيوت طينية ، لم توفر لهم من رغد العيش ما يحلمون به ، فلماذا
أزيلت البيوت التي ولدنا فيها و كانت باكورة بيوت الأسمنت 🏡و
الطابوق المسلح؟ و لماذا أنا و أقراني عشنا على الأقل في بيتين خلال فترة
عمرنا التي تعتبر بمقياس أعمار البناء قصيرة نسبياً؟
أن السكن المستدام
معضلة تواجه بلد نام و يتطور كالسعودية فهذا النمو المتصاعد و الزيادة
السكانية المضطردة و التوسع المدني و الحضري و الصناعي و شح المياه و وعرة الطقس
تشكل تحديات للحكومة التي وجدت نفسها عاجزة عن تلبية الخدمات اللازمة لهذا التطور
و تجديد مصادر الطاقة ، فضلاً عن طرح موضوع أو مفهوم السكن المستدام بين
المواطنين، فهذا التوسع تبعه ارتفاع تكلفة في المعيشة و ارتفاع في تكلفة التعمير و
البناء و لذا فإن من الصعب طرح هذا المفهوم على مواطن يسعى جاهداَ لتأمين بيتاَ له
بأبسط التكاليف ، ليجد اليوم من يحثه على تبني مفهوم الإستدامة في السكن
بالرجوع إلى التقاليد البيئة المحلية التي استعملها اجدادنا في بناء بيوتهم
الطينية كاستخدام ابراج التهوية و الجدران الطينية التي كانت تعزل الحرارة في
الصيف و توفر الدفء في الشتاء و الرواشن التي كانت فسحة للعشاق 💗و فسحة
للهواء و الضوء.
أن النزعة إلى
التطور جعلتنا نستورد أنماط بناء تتضارب مع بيئتنا المحلية و طبيعة طقس المنطقة
فالحديد المستخدم في البناء بالحرارة غالباً ما يكون السبب في قصر عمر المباني في
المناطق الرطبة إضافة إلى استخدام التصميمات ذات المساحات المفتوحة التي تجبر على
استخدام نظام تكييف مركزي يزيد عن الحاجة المستخدمة له و يستهلك كمية طاقة مضاعفة
، وعادة ما يغفل مساحة النوافذ و الجهة التي تقع فيها بحيث يؤخذ في الحسبان كمية
اشعة الشمس التي ستسطع في المنزل و من ثم توجيهها بشكل مستدام ، فمن الشائع
رؤية مساحات النوافذ بشكل متساو بغض النظر عن وجهتها، و تغدو بيوتنا اشبه
بالشاليهات و الغريب عندما تناقش هذه الأنماط المعمارية المكلفة و تقترح نظم
التشييد المستدام فإنها تقابل بالرفض بحجة ارتفاع تكلفتها و للأسف هذا ناجم عن
حساب تكلفتها على المدى القصير ، دون النظر إلى حساب الأستهلاك المفرط للكهرباء و
الصيانة لتلك المساحات الشاسعة على المدى الطويل و التي لا يدركها المالك إلا بعد
حين ، و تظل هذه المبان بما يصرف عليها مبان محدودة العمر ، و يصبح إزالتها أكثر
جدوى من إعادة ترميمها و هذه الظاهرة منظورة لمن عاصر تشييد احياء في فترة
السبعينات و الثمانينات و له أن يعرف عدد عمليات الترميم التي أجرت عليها أو تلك
التي أزيلت تماماً و أعيد بناءها.
اعتقد انه في ظل غياب
التشريعات و اهتمام الحكومة بموضوع التنمية و غياب دور المواطن في الإدارة المحلية
و في صناعة القرار سيجعل موضوع التنمية المستدامة قرار شخصي للأفراد الواعية بحيث
أن التصرف الفردي يمكنه أن يحدث فرق على المدى الطويل و يعزز الوعي بأهمية الموضوع
وإن كان في دائرة ضيقة.
كم منزلاً في الأرض يألفه
الفتى و حنينه ابداً لأول .....
و لكم أن تكملوا عجز البيت