الجمعة، 4 مارس 2016




التنوع الثقافي







 

 

 
 

المشاركات:

  • الوطن / الحزم و ازمة المواطنة (محمد الحمزة)
  • تساؤل (علي الحمد)
  • الانتماء ومجتمع المواطنة (محمد الحمزة)
  • تساؤل (علي النحوي)
  • ماهية التنوع الثقافي ( عادل العمر)
  • السنة والشيعة (يحيى العبد اللطيف)
  • مشاهدات و أزمات  (عبدالله الرستم)
  • هل نجرؤ؟؟؟؟ (علي الحمد)
  • إشكالات التعددية الثقافية (مهدي الرمضان)
  • ثقافة المواطنة (فاخر السلطان)
  • نشر ومعوقات التنوع الثقافي (ثامر العيثان)
  • السعوديون و المواطنة  (محمد الحمزة)
  • نحو أخلاقية عالمية لحوار الثقافات (محمد سعدي)
  • الإقصاء الديني (محمد الشافعي)
  • الجهود الرسمية نحو تعايش وطني (علي النحوي)
  • الديمقراطية  و المواطنة  (محمد الشافعي)
  • الانتماء الأفقي والعمودي (حسن الحاجي)
  • ايجابيات و سلبيات التنوع الثقافي (محمد الحمزة)
  • التنوع الثقافي = مجتمع بلا متطرفين (عادل العمر)
  • مداخلة (رجاء بوعلي)
  • معوقات التعددية  (حسن الحاجي)
  • الصور الذهنية ومخاطر الاقتتال المذهبي (مهدي الرمضان)
  • مشروع نبذ الكراهية (محمد الحمزة)
  • تشابه الفتن وقلة العبر (حسن الحاجي)
  • اتهامات حول الشيعة (عادل العمر)
  •  واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا (رجاء بوعلي)
  • أين الحقيقة (يحيى العبداللطيف)
  • خاطرة (مهدي الرمضان)







....................................................................................................................................................................


مقدمة


محمد الجمزة


بعض المواضيع حتى وإن تكرر الطرح مرارا إلا أنها تبقى متجددة وفيها تراكم معرفي وخبراتي هو الذي يثريها .. والاحداث السياسية والمحلية تجعلنا نعيد الترتيب من وقت لآخر حول اولوياتنا وأجندة عملنا واسلوب طرحنا.
في الأشهر القليلة الماضية تغيرت الكثير من الاتجاهات حول كثير من المواضيع المحلية.. سواء سلبا او ايجابا .. ومن الجميل ان نتداولها بشيء من الشفافية والوضوح بيننا .. وهذا هو السبب الرئيسي لقبولي في المشاركة معكم.. وبالذات بالذات بالذات بعض الاطروحات التي كنت أخالف فيها سيدتي العظيمة (( فوزية الهاني )) ولكني وجدت أنها سابقتنا في رؤيتها بسنين ضوئية حول ادارك مستقبل المواطنه في البلد.
مررت أنا بعدة مواقف رسمية وشعبية حول أمور  (( المواطنة )) فكانت لي فيها وقفات مفصلية في تغيير بعض استراتيجيات العمل.
عموما..
المباديء الكبرى تبقى كبرى وثابته لكن المسألة هي اسلوب الطرح الفكري والمعرفي وفي استراتيجية العمل.
..............................................................................................................

الوطن / الحزم و ازمة المواطنة


محمد الحمزة ..

فلسفة الوطن متشعبة . وكل ثقافة تعطيها تعريف ومنها ما يقرب من الصحة ومنها ما يبعد بعدا مشوها . من ناحيتي تجذبني التعاريف الاجتماعية التي تعطي بعد جغرافي مكاني
وقد أكون متطرفا تجاه التعاريف السياسية لأنها تتكلم عن واقع لا نعيشه بل حتى مسألة الحلم قد يكون مستحيل !
التعريف الديني للوطن أيضا يتباين من تيار لآخر .. فالسفلية عندهم تعريف غريب أن الوطن هو الدين !! طبعا يقصدون بالتحديد منهجهم فقط .. وهذا ليس افتراء عليهم فأدبياتهم تحكي الكثير من ذلك.
هذا مقال لي فيه شيء من التعاريف التي أميل اليها وأتبناها :



الحزم.. وأزمة المواطنة

12
جمادى الثانية 1436
02
أبريل 2015
محمد الحمزة

قامت عاصفة الحزم بقرار سياسي خليجي وعربي ودولي، لاتقاء الخطر المحدق بالمنطقة من الهيمنة الإيرانية عبر أعوانها الحوثيين في اليمن، فكان الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع، ولم تصل بنا المفاوضات الطويلة لأي طريق سلمي، فكان لا بد من وضع حد لهذا الوضع المزري من التمدد الحوثي والإيراني، وبقدر وضوح الهدف الخارجي والتأييد الشعبي له؛ إلا أن العاصفة أعادت لنا في الداخل المحلي هيكلة وتجديد كثير من المفاهيم ومن أهمها مفهوم الوطنية والمواطنة.
فالوطنية هي رابطة الأرض، وهي مثل ما يقول الأديب الإيرلندي جورج برنارد شو: (إنها القناعة بأن هذا البلد هو أعلى منزلة من جميع البلدان الأخرى لمجرد أنك ولدت فيه)، وهي قيمة إنسانية تؤصل للعلاقة بين الإنسان والإنسان على مبدأ الشراكة في الأرض، دون أي اعتبار لأي عامل آخر مما يحقق العيش الإنساني المشترك المبني على العدل وإعمار الأرض وتنميتها، و‏مفهوم المواطنة في الثقافة السياسية والاجتماعية ليس له ارتباط اقتصادي (مادي)، ولا ارتباط عضوي (جيني)، ولا ارتباط ديني ومذهبي؛ إنما الرابط هو الأرض والأرض فقط، وهذا هو المفهوم الشائع والمعروف في كل الدساتير والمواثيق الدولية، وهو ما يتماشى مع العقل والمنطق والإنسانية، ‏ونبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لم يكن ليخرج عن المفهوم العام للمواطنة، والله تعالى في القرآن الكريم لم يفرق بين الناس بحسب عقائدهم ودينهم، ولم يجعل من الدين محور تنازع وصراع.
في خُطب الجمعة قد يقوم بعض الخطباء بتسطيح بعض المفاهيم وإعطائها معاني مشوّهة مثل مفهوم (الوطنية) وربطه بالانتماء المذهبي الضيق، وفي يوم الجمعة الماضي كانت ‏البلاد والعباد في واد، وبعض خطبائنا في واد آخر؛ فاستغلال عاصفة الحزم في تصفية الحسابات الطائفية هو مرض فكري وأخلاقي، واستغلال خطبة الجمعة في زعزعة الوحدة الوطنية يحتاج لوقفة حازمة من وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الإسلامية، حيث يمارس بعض الخطباء تسميما للأفكار عبر تمرير أجندة مشبوهة وعبارات موهومة، والخطيب في خطبة الجمعة عليه أن يحترم عقول الناس وأن يبتعد عن مستنقعات الشبه ومواطن الصراع.
واستغلال الأزمات في التشكيك بالوطنية والمواطنة لشخص ما، أو لفئة وطائفة ما لمجرد الاختلاف والتباين الفكري أو الفقهي أو المذهبي؛ إشكالية يبثها أُناس يشكلون خطرا داخليا على البلاد، هذا الخطر يوازي في خطورته الخطر الخارجي إن لم يكن أشد منه، ففي الأزمات والمحن نحتاج لخطاب الوحدة والتكاتف والالتفاف حول بعضنا بعضا وحول الحكومة. يقول مالكوم إكس: على الوطنية ألا تغمض أعيننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغض النظر عمن يفعله أو يقوله

........................................................

تساؤل


علي الحمد

هل يفقد التنوع الثقافي والفكري معناه وفائدته وغناه خارج إطار الدولة، يا ترى؟؟ بمعنى هل يجب الاتفاق على دولة معينة وسياساتها وحدودها وعلاقاتها الدولية وتعريفها قبل الاتفاق على مقدار التنوع الثقافي المقبول بين الأفراد المنضوين تحت إطارها؟؟

شخصياً، وأنا الجاهل في علم الاجتماع، يبدو لي أن الجغرافيا الطبيعية والبشرية والاقتصادية هي المحدد الطبيعي لمقدار التنوع الثقافي الذي يجب أن يكون في أي بقعة في العالم. سواءً مع النظر إلى التقسيمات والتصنيفات الدولية لهذه البقعة أو عدمه. فجغرافيا الهند على سبيل المثال تفرض تنوعاً ثقافياً كبيراً بين سكانها، بغض النظر عن كونها دولة مستقلة أو مستعمرة بريطانية وبغض النظر عن تاريخها السياسي والعسكري وظروفها الدولية. ولذلك تجد أن المسلمين في الهند يعيشون حرية ثقافية كبيرة رغم الحرب الساخنة طويلة الأمد بين الهند وباكستان. وكذلك يبدو لي أن الجغرافيا المتنوعة لبلادنا تفرض هذا التنوع الثقافي والفكري والمذهبي في أرجائه سواءً أكان جزءاً من الإمبراطورية العثمانية كما في الماضي أو كان دويلات مشتتة ومتأزمة كما كان حاصلاً قبل التوحيد، أو دولة واحدة مستقلة وقوية

..................................................................................................................................................

الانتماء ومجتمع المواطنة


محمد الحمزة­


تُعدّ " المواطنة " من المفاهيم التي ي­شيع استخدامها في الأدبيات السياسية والاج­تماعية، وفي أوساط المجتمع المدني بشكل خا­ص، وتبقى لدى كثير من المتلقين مفهوماً مب­هماً يتكيّف في الأذهان وفقاً لمعطيات الب­يئة الثقافية والسياسية التي يعيش فيها ال­شخص، إضافة إلى الظلال التي تضيفها التكيفات المختلفة التي تقدّمها العديد من الأن­ظمة السياسية في المنطقة والعالم لهذا الم­فهوم، ليرتبط أحياناً بالولاء لنظام بعينه­، وأحياناً بالمواطنين الأصليين دون غيرهم­، وأحياناً بمعانٍ عنصرية تتنافى مع المفه­وم المعتمد في السياق القانوني.

مفهوم المواطنة..­

المواطنة والمواطن مأخوذة في العربية م­ن الوطن : المنزل تقيم به وهو " موطن الإن­سان ومحله" (ابن منظور، لسان العرب)، أما ­في الاصطلاح فالوطنية تأتي بمعنى " حب الو­طن Patriotism­ ­" في إشارة واضحة إلى مشاعر الحب والارتبا­ط بالوطن وما ينبثق عنها من استجابات عاطف­ية، أما " المواطنة Citizenship­ " فهي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواج­باته الوطنية، وتتميز المواطنة بنوع خاص م­ن ولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات الس­لم والحرب والتعاون مع المواطنين الآخرين ­عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي و­التطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها ا­لجميع وتوحد من أجلها الجهود وترسم الخطط ­وتوضع الموازنات.

والمواطنة هي الانتماء إلى مجتمع واحد يضم­ه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي مو­حد في دولة معينة، وتبعا لنظرية جان جاك ر­وسو "العقد الاجتماعي" فالمواطن له حقوق إ­نسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت­ يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية ال­تي يلزم عليه تأديتها، ونظرا لأهمية مصطلح­ المواطنة تقوم كثير من الدول بالتعريف به­ وإبراز الحقوق التي يجب أن يملكها المواط­نين وكذلك المسؤوليات التي يجب على المواط­ن تأديتها تجاه المجتمع فضلا عن ترسيخ قيم­ة المواطن الفعال في نفوس المتعلمين، وفي ­القانون يدل مصطلح المواطنة على وجود صلة ­بين الفرد و الدولة.

المواطنة والجنسية..­

بموجب القانون الدولي فالمواطنة هي مرا­دفة لمصطلح الجنسية، على الرغم من أنه قد ­يكون لهما معان مختلفة وفقا للقانون المحل­ي، والشخص الذي لا يملك المواطنة في أي دو­لة هو عديم الجنسية، وتشير دائرة المعارف ­البريطانية إلى أن المواطنة هي " علاقة بي­ن فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة ­متضمنة مرتبة من الحرية وما يصاحبها من مس­ؤوليات وتسبغ عليه حقوقاً سياسية مثل حقوق­ الانتخاب وتولي المناصب العامة". وميزت ا­لدائرة بين المواطنة والجنسية التي غالباً­ ما تستخدم في إطار الترادف، إذ أن الجنسي­ة تضمن بالإضافة إلى المواطنة حقوقاً أخرى­ مثل الحماية في الخارج. في حين لم تميز ا­لموسوعة الدولية وموسوعة (كولير) الأمريكي­ة بين الجنسية والمواطنة فالمواطنة في (ال­موسوعة الدولية) هي عضوية كاملة في دولة أ­و بعض وحدات الحكم، وتؤكد الموسوعة أن الم­واطنين لديهم بعض الحقوق مثل حق التصويت و­حق تولي المناصب العامة وكذلك عليهم بعض ا­لواجبات مثل واجب دفع الضرائب والدفاع عن ­بلدهم.

التنمية والمواطنة..­

التنمية بأشكالها المختلفة هي وجه آخر ­للمواطنة، وبدون المواطنة لا يمكن أن تتحق­ّق التنمية الحقّة، والتي تنعكس على الفرد­ والمجتمع بصورة مخرجات حضارية تساهم في ا­لبناء الإنساني والمادي، وقد أدّى غياب ال­مواطنة في بعض المجتمعات إلى إحلال الهويا­ت الفرعية، وغياب روح الانتماء إلى المجتم­ع؛ الأمر الذي أفرز ظواهر سلبية يمكن ملاح­ظتها بسهولة، من هجرة للكفاءات، والرغبة ا­لعارمة في الهجرة بأي شكل، واستنزاف المال­ العام، وتخريب الممتلكات العامة، وغيرها ­من الظواهر الكثيرة، ومما لا شكّ فيه فإنّ­ ترسّخ هذه الظواهر في أي مجتمع لعقود طوي­لة أدّى إلى زعزعة اليقين لدى الكثيرين بإ­مكانية التغيير، الأمر الذي ولّد نظريات س­لبية تتمحور حول التعايش مع وضعيات تغيب ف­يها قيم المواطنة، مع الترويج لانتماءات ب­ديلة تؤمّن للمواطن جدران حماية أمام جور ­الآخرين، فظهرت الانتماءات القبلية والعائ­لية والطائفية والمذهبية، واستشرت الرشوة ­والواسطة والمحسوبية، وهي بدورها انعكست ع­لى كل مستويات المجتمع والدولة، سياسياً و­اقتصادياً واجتماعياً، وحتى أكاديمياً وثق­افياً.

الانتماء والمواطنة..­

يُعرّف الانتماء بأنه النزعة التي تدفع­ الفرد للدخول في إطار اجتماعي فكري معين ­بما يقتضي هذا من التزام بمعايير وقواعد ه­ذا الإطار وبنصرته والدفاع عنه في مقابل ا­لأطر الاجتماعية والفكرية الأخرى. وعلى ال­رغم من إن مفهوم الانتماء الاجتماعي يعاني­ من التعقيد والغموض؛ فانه يُعد من أكثر ­المفاهيم تداولاً في الأدبيات السيسيولوجية والتربوية المعاصرة، ويميل الباحثون في ­علم الاجتماع إلى تحديد الانتماء الاجتماع­ي للفرد وفقاً لمعيارين أساسيين متكاملين ­هما : العامل الثقافي الذاتي الذي يأخذ صو­رة الولاء لجماعة معينة أو عقيدة محددة ، ­ثم العامل الموضوعي الذي يتمثل في معطيات ­الواقع الاجتماعي الذي يحيط بالفرد أي الا­نتماء الفعلي للفرد أو الجماعة، فالولاء ه­و الجانب الذاتي في مسألة الانتماء يعبر ع­ن أقصى حدود المشاركة الوجدانية والشعورية­ بين الفرد وجماعة الانتماء، إذاً هو نتاج­ العملية الجدلية التبادلية بين الفرد وال­مجتمع أو الجماعة التي يفضلها المنتمي، وي­شير إلى الانتساب لكيان ما يكون الفرد متو­حداً معه مندمجاً فيه، باعتباره عضواً مقب­ولاً وله شرف الانتساب إليه، ويشعر بالأما­ن فيه، وقد يكون هذا الكيان جماعة، طبقة، ­وطن، وهذا يعني تداخل الولاء مع الانتماء ­والذي يعبر الفرد من خلاله عن مشاعره تجاه­ الكيان الذي ينتمي إليه.

إن التأصيل النظري لمفهوم المواطنة وال­انتماء يبين أن المواطنة هي الدائرة الأوس­ع التي تستوعب مختلف الانتماءات في المجتم­ع كما أنها تضع من المعايير التي تلزم الأ­فراد بواجبات والتزامات معينة تحقق الاندم­اج والتشاركية في تحقيق مصالح الأفراد وال­وطن من ناحية، وهذا ما أورده د.عثمان العا­مر في دراسة له بعنوان (أثر الانفتاح الثق­افي على مفهوم المواطنة)، ومن ناحية أخرى ­تسم المواطنة وسبل تكريسها بالمسؤولية الع­امة والأهداف الوطنية التي يمكن تحقيقها م­ن خلال أطر رسمية وبنية وعي مخطط لها، ويت­م الإشراف عليها وتقييمها والمحاسبة على ا­لإخلال بمبادئها من قبل أجهزة الدولة، في ­حين أن الانتماء يلعب الدور الأساس في تشك­يله العديد من القوى الأيديولوجية والثقاف­ية والاجتماعية التي قد لا يمكن السيطرة ع­ليها، إذ يتم ذلك في الأسر والقبائل والعش­ائر، ومن خلال الدوائر الفكرية والدينية ا­لأخرى التي ربما تفضي في بعض الأحيان إلى ­ممارسات مناوئة لمبدأ المواطنة ذاته، ومن ­ثم تعد المواطنة هي البوتقة التي تضمن انص­هار جميع الانتماءات لصالح الوطن ضمن أطر ­نظامية ومن خلال الالتقاء على أرضية المصل­حة الوطنية العامة.

........................................................................................................

تساؤل


علي النحوي


ثانيا هل تريان أن المدونة العقدية الطائفية المذهبية تؤسس لفكرة التعددية الثقافية ? أم هي منظومة إقصائية ، بحيث تساهم في تكريس خلاف ما تطالب به وترجوه من الأنظمة ?
هل هي مطالبة أن تراجع منظومتها وتؤسس لهذه الأفكار الحضرية وتنظف مدونتها من كل ما يدعو للإقصاء وعدم قبول الآخر ? أم إننا نستطيع ضمان تعددية لا يشارك فيها جميع الطوائف ، بحيث تتحقق مصداقية عليا لتحقيق هذا الهدف النبيل .
ثم
هل التعددية مطلوبة من الخارج المذهبي ، لكنها مدانة في الداخل المذهبي ، أي إن اي صوت مخالف في هذا الداخل يجب ان يقمع بأدوات وفتاوى طائفية ، مرة تجلد المنتمين لها المختلفين معها ومرة ترجو المخالف ان يضمن لها حق التعددية الثقافية ?!
هذا سؤال مفتاح لحوارية ستكون ثرية قطعا وهي تهم مجتمعات موبوءة بداء الضيق بالآخر القريب فضلا عن الآخر البعيد .
أحييكما مفكرين رائعين سيضيفان لنا وسيفتحان نوافذ لعبور حزمة ضوء لعقولنا وقلوبنا ..




........................................................................................................



ماهية التنوع الثقافي

د. عادل العمر


لو أخذنا أي تعريف مختصر للتنوع الثقافي وهو :


وجود ثقافات مختلفة محترمة في مجتمع أو دولة أو مكان ما , أو حتى في عالم افتراضي مثل تويتر والواتس . نحن يهمنا بالطبع المجتمع الحقيقي الذي يتمثل في الدولة والمجتمع . وعلى هذا يأتي هذا التساؤل المهم جداً جدا: هل نشأنا على الاختلاف في إطار إنساني محترم أم نشأنا على الاختلاف في إطار ديني أو مذهبي إقصائي ؟؟؟

أعتقد من هنا تبدأ المشكلة!
أنا في جامعة القصيم في تخصص شرعي ودرست في جامعة الإمام بكالوريا وماجستير ودكتوراه وقبل ذلك في المعاهد العلمية الدينية

كيف كانت دراستنا للثقافات والمذاهب والأديان والحضارات الأخرى ؟
هل ندرسها من منطلق اكتشاف ماعند الآخرين والاستفادة منهم أم ندرسها من منطلق التحذير منها وأنها خطر محدق على ديننا ومذهبنا وعقيدتنا ؟ طبعاً انا سأركز في حديثي على مشاهدات وممارسات وتطبيقات لا أريد أن أتحدث حول مفاهيم أنتم أكثر معرفة مني بها
 فمثلاً يتم دراسة المذاهب والتيارات والفرق المعاصرة في جامعاتنا ومعاهدنا الإسلامية كفرق ضالة أو منحرفة دون رغبةٍ في إظهار حسن نيات تلك الفرق والمذاهب ودون النظر في منطلقاتها العلمية، مما يولد كرهاً وحقداً دفيناً على كل مختلفٍ معنا سواءً كان ذلك الاختلاف مذهبياً أم دينياً , وليت الأمر يقف عند هذا بل يتم الافتخار تاريخياً بتصفية العديد من الشخصيات المذهبية بمجرد اختلافها فكرياً؛ علماً أن منطلقاتها من النص الشرعي ليست المشكلة في أن توجد مثل هذه المظاهر في التراث , المشكلة أن تدرس للطلاب على أنها مصدر تشريع وإلهام.

في أقسام العقيدة والمذاهب المعاصرة يتم دراسة قصة معبد بن خالد الجهني الذي قتله الحجاج بن يوسف سنة (80) من الهجرة بسبب رأيه في مسألة القدر

وكذلك غيلان الدمشقي الذي قُبِضَ عليه سنة (99) من الهجرة، وأمر الخليفة هشام بن عبدالملك بقتله وصلبه بسبب رأيه في مسألة القدر، وكذا الجعد بن درهم المقتول سنة (120) للهجرة.

ليست المشكلة في وجود مثل تلك الظواهر الإقصائية والقتل في الأزمنة الخوالي لمجرد الاختلاف في المذهب والرأي

تكمن الإشكالية في كيفية تعاطينا التاريخي التحليلي العلمي مع تلك الظواهر، بحيث يتم التسليم لها وتمجيد القَتَلَة والقتل والإقصاء لمجرد الاختلاف المذهبي في تناول النصوص

هنا يكمن الخلل
...........................................................................................................................................

السنة والشيعة


يحيى العبداللطيف

  
في منتصف القرى الثاني تقريبا كانت المذاهب على (أفا من يشيل ) كل عالم وفقيه كبير يحلم بأن يكون زعيم مذهب ، أصدر خليفة عباسي قرار سياسي بانحصار  المذاهب الفقهية بأربعة أئمة،  بينما المذاهب الكلامية واصلت الاتساع من اعتزال ومرتدية وأشعرية ناهيك عن جدل ساخن حول ماسمي ب (محنة القرآن ) مما ينبىء عن حراك عقائدي قوي ، مضافا أن السياسة تدخلت في إقصاء مذهب المعتزلة من المشهد الفكري .

في الجانب الشيعي كان التشكل والتنوع في القراءة المذهبية مبكرة فمنذ كربلاء بدأت بوادر التشعب بمذهب الكيسانية الذي شاب مؤسسه بعض الغموض هل يصح تبنيه للمذهب أم أنه قاوم هذه الفكرة وعن مصير وفاته والأساطير حول اختفائه في جبل رضوى ، ولايزال الانشعاب في قراءة الموقف السياسي يؤدي لتشكل مذهب الزيدية التي جاءت بمشروع سياسي قوي ليظل هذا المذهب مستمرا في إحداث فعلا مؤثرا في التاريخ الإسلامي وتتالى فرق الإسماعلية وغيرها .

في عصرنا الحديث تم اختزال التشيع في الفرقة الإثني عشرية والتسنن في الأشعرية والسلفية وفرق صوفية مع أن التاريخ يدلل على أن المشهد الإسلامي يحتمل الانشعاب في القراءة للدين  والاندماج وفق الظرف السياسي تارة والتصادم معها ، بمعنى أن التمذهب هو تراكم معطيات سياسية وتاريخية وفكرية أدت لتشكل فكرة (المذهب ) فهذه المذاهب في نشأتها لاتشب مرحلة التراكم بعد ألف عام وتضخم مدوناتها التراثية بقراءات متباينة .

متى ما أدرك الإسلاميون أن (المذاهب ) هي قراءة تراكمية تأويلية للدين كلما خفت حدة التعصب والتشنج .


..............................................................................................................

مشاهدات و أزمات

عبدالله الرستم


حول ما يرتبط بالشواهد التي ذكرتها فعلاً نعيش هذه الأزمة في محطات مختلفة على صعيد الحياة العلمية والعملية، الفرق أن هناك من يغذّي ثقافة الإقصاء عبر مناهج دراسية، وهناك من يغذيها عبر خطب منبرية، و ﻻ فرق بين طائفة وأخرى.

في حين أننا لو أعطينا العقل حرية البحث (وأكرر البحث) وليس القراءة أكاد أجزم أن التلاقح بين طائفة وأخرى ستزول بعد حين، شريطة إبعاد أبواق التغذية من جميع الطوائف بطريقة حضارية وليس إقصائية.

الويلات التي اقتحمت فكر الأمّة ليست بالهيّنة، ولذا فإن الخروج منها بحاجة إلى قرار سيادي يؤمن بما يدعو له، وليس تنظيراً واستفادة مؤقتة.

حول ما ذكرت من التصفيات أعﻻه، فالتصفية الجماهيرية ﻻ تقل خطورة من التصفية الجسدية، ولو رجعنا إلى أمّهات المصادر التي تذكر ذلك؛ لرأينا أن خلﻻ منهجياً وتاريخياً يتغلغل في تلك الأطروحات المختلفة، فلم نكتفي بكتب الإقصاء وأسباب تدوينها، حتى أتينا جميعاً نكمل المسيرة دون وعيٍ منّا وكأن تلك المصادر التراثية هي القرآن بعينه، أو لنقل أننا نأخذ ما يخدم مصالحنا الشخصية ونغلق عيوننا حال عدم الحاجة إلى تلك المصادر التراثية .. مفارقة عجيبة.

لعلّي تحدثت سلفاً في أشهر انسلخت حول هذا اﻷمر وأعيده بصيغة أخرى، وهو:
أن مصادر التراث أياً كانت وإلى أي طائفة تنتمي بحاجة إلى قراءة معاصرة، أو إلى أخذ محاسن اﻷفكار فيها ونترك ما ﻻ يتناسب معنا في وقتنا الراهن، باعتبار أن تلك المصنّفات كُتبت بلغة تناسب عصرها، وبثقافة طغت على ذات العصر ...الخ، ولذا من المفروض أننا نساهم في صياغة ثقافتنا بما يتناسب مع عصرنا دون إلغاء ذلك التراث الذي (ربما) نرجع إليه في فترة ما لﻻستفادة منه ثقافياً ولﻻعتبار بما وقع من خلل فيه لنتجاوز ذلك الخلل الذي أودى بأمم.

ﻻ ينبغي إغفال الشخصيات التي ساهمت في صناعة تنوّع ثقافي من كل طائفة، ففي كل طائفة رموز ساهمت في صناعة التنوع الثقافي، وابتعدت وأنقذت ممن اقترب من دائرة الرحى التي ﻻ تفرق بين حب الهريس واﻷرز.

أولئك الرموز والنظر إلى مصادر ثقافتهم وحيثيات تاريخهم ينبغي اﻻستفادة منه قدر المستطاع، باعتبار أن التاريخ يعيد نفسه بالأحداث دون الشخصيات، خصوصاً إذا كانت تلك الشخصيات تحمل مشروعاً بحجم الأمّة وليس بحجم قطر من أقطار الأمّة ..

وأنا واثق من أن دراسة تلك المشاريع هي بذاتها عﻻجٌ ينبغي أخذه واستحضار بما يتناسب مع واقعنا الراهن لتزول هذه الغُمّة عن هذه اﻷمّة.

المشكلة التي نعانيها في عالمنا المعاصر هي: أننا كرّسنا التراث الإسﻻمي بجميع توجهاته وكأنه نصٌ منزل، هذا من جهة.
من جهة أخرى .. توظيف التراث بطريقة سلبية، وهذا التوظيف يأتي من حالتين:
-
الحالة الأولى: التعاطي النصّي مع التراث.
-
الحالة الثانية: إسقاط كل ما ورد في التراث على زماننا.

في حين أننا بحاجة إلى أخذ ما في التراث بما يتﻻءم مع حياتنا، ولذا أتت اﻻجتهادات المختلفة والتي ﻻ يؤخذ منها علم، بصورتها السطحية.

ﻻ بأس .. فليكن التعاطي سطحياً، إلا أن التشنّج حالة تولّدت مع المتعاطين لهذا التراث، وعملية قبولهم بنظريات حديثة متذبذبة بين شخص وآخر، فهذا يقبل بما يتوافق مع اجتهاداته دون مراعاة الأوضاع ومحطات الحياة المختلفة.
ودونك النظريات في علم الحديث التي يُلعن فيها راوٍ ويقدّس راوٍ آخر!!
وياليت أن هذا الخﻻف بين مدارس مختلفة، بل الأمر تعدى إلى ذات المدرسة الواحدة، حيث تتصارع اﻷطراف على شخصٍ مات وأقوال الأعﻻم فيه مختلفة بين مضعّفٍ ومقوٍ ونحو ذلك.


وكم هو مؤلم أن يتصارع الأعﻻم في قضية ما تبقى سنيناً ويُقحم فيها الحواشي واﻷتباع والقوميّات.

وهذا دليل على أن حالة (اﻷنا) حينما يشتد الصراع متضخمة عند بعضهم، في حين أن المسألة ﻻ تحتاج سوى لقاءات علميّة يُحترم فيها الرأي المبني على علم، إن اتفقوا فبها، وإلا فاللقاء يولّد تﻻقح الأفكار التي بدورها تهدم بعض الأوهام العالقة في عقول بعضهم.

قال أبو الأسود الدؤلي:
وأراك تلقح بالرشاد عقولنا وصفاً = وأنت من الرشاد عديمُ
فابدأ بنفسك وانهها عن غيّها = فإذا انتهت عنه فأنت عليمُ

المسألة بحاجة إلى تقوىً وحالة إنسانية حال أي اختﻻف في الرأي، وليس إلى غير ذلك من الإقصاء والتصفيات ووووالخ.
..............................................................................................................................

هل نجرؤ؟؟؟؟

علي الحمد



الآن وبما أن أغلب النقاش والحديث دار حول الجذور التراثية للإقصاء والتعصب الفكري والنمطية الثقافية لدينا، فقد تكون محاولة الإجابة على السؤال التالي هي أحد الفرص القليلة لمواجهة الذات.

في الكثير من المجتمعات التعددية المعاصرة، يبدأ الانعتاق من الموروث الإقصائي والتحرر من سطوة الماضي بالاعتذار عما جرى فيه. وليس بإخفائه ومحوه، ولا بتبريره والتنصل منه. وذلك من أجل الوصول إلى مرحلة من التعايش والتسامح الاجتماعي بين الفئات المختلفة على الأقل على مستوى الوطن الواحد. وهنا يتبادر إلى ذهني، اعتذار ألمانيا الحديثة عن جرائم النازية في حق اليهود، واعتذار أمريكا الحديثة عن جرائم المستعمرين الأوائل في حق السكان الأصليين. واعتذار الإدارة الأمريكية عام ١٩٨٨ عن الاعتقال التعسفي بحق مواطنيها المنحدرين من أصول يابانية والذي قامت به الحكومة أثناء الحرب العالمية الثانية. بل وحتى على مستوى الدول حيث يتبادر إلى أذهاننا، اعتذار اليابان لكوريا عن استعباد جنودها للفتيات الكوريات في خضم الحرب العالمية الثانية، وغيرها الكثير.

فهل نجرؤ نحن المسلمين مثلاً على الاعتذار عن فرض أسلافنا للإسلام بالقوة على الشعوب المجاورة؟ وعن الموروث الإقصائي تجاه المختلف والذي لايزال في كتبنا؟

وسؤالي بتعبير آخر، هو، في سبيل الاحتفاء بالتنوع الثقافي على مستوى الوطن والعالم، هل ترى نفسك مسؤولاً عن الاعتذار عن ممارسات أسلافك وموروثهم بصفتك ممثلاً لثقافتك؟

........................................................................................

إشكالات التعددية الثقافية


مهدي الرمضان

أظن أن أصل الإشكالية في رفض مفهوم التعددية والتمسك بثقافة أحادية الفكر ربما يرجع "لأدلجة" المفاهيم.
تحولت جل مفاهيمنا من عقدية ومذاهبيه ومناطقية وقبائلية وغيرها لإيديولوجيات وتحزبات وبالتالي الوصول لحالات من تقريبا فقدان الثقة بين الأطراف وحولها كل طرف لترس يحتمى خلفة ويقذف من ورائه بحمم من الكراهية والبغضاء قد تصل لأعمال قتل إرهابي.
سؤالي لكلا الأخوين الكريمين كيف يمكن إعادة تأهيل مجتمعنا بعد هذه الأزمة المزمنة لبناء الثقة وفك الارتباط بين الفكر الإيديولوجي لهذه المفاهيم وإعادتها ثقافيا وتربويا في أجيالنا الشابة لتكون مجرد اختلافات فكرية تعددية و توصيفيه لمجاميع من المواطنين المنضوين جميعا تحت عنوان كبير هو الوطن تربطهم المواطنة.؟
ما هي الاستراتيجية المطلوبة لنتحول لأمة لا تشكل لها التعددية مصدر للتفرق وللكراهية والتقاتل وما هي الآلية لتنفيذ مشروع وطني كبير بهذا الصدد؟ 

........................................................................................................

ثقافة المواطنة


فاخر السلطان  


أود أن أدخل في صلب موضوع المواطنة انطلاقا من أعلى، من العلاقة العمودية، من علاقة المفردة بالنظام السياسي ومن ثم بالمواطن.. قد يقود الولاء للنظام السياسي إلى الولاء للوطن.. وقد يقود الولاء للوطن إلى الولاء للنظام السياسي.. ومن الممكن أن يكون أحد العبارتين صحيحا، ومن الممكن أن تكون العبارتان خاطئتين..

باعتقادي، المواطنة غير مرتبطة بالولاء أو بعدم الولاء للنظام السياسي.. هي ارتباط تاريخي وجغرافي واجتماعي وثقافي بالأرض.. وليس شرطا أن تجتمع كل تلك العوامل في الشخص/المواطن، بل يكفي وجود أحدها..

وقد جاءت الأنظمة غير الديمقراطية (الهوياتية غير القائمة على فكر سياسي معين) لتضفي معنى جديدا على التعريف ولتجعل من الولاء للنظام شرطا وحيدا للمواطنة، حتى أصبح النظام يهيمن على تاريخ وهوية وثقافة هذه المواطنة، وأن من لا يعترف بتوصيفات الهيمنة تلك يوضع خارج إطار المواطنة..

هذه المعنى رسخ في الثقافة الخليجية بعدا غير طبيعي في علاقة المواطن بالوطن وبالمواطنة.. ومع مرور الوقت، ومع استقرار النظام السياسي، أصبح ذلك جزءا لا يتجزأ من الاستقرار..

وهنا ندخل في اشكاليتين: إشكالية الاصلاح الذي يحتاجه النظام السياسي، وإشكالية الدفاع عن الوطن في مقابل ما يسمى بالتهديدات الخارجية..

الاشكالية الأولى قد تجعل من المصلح السياسي شخصا غير منتم للوطن، وقد تجعل أساس الانتماء الوطني مرتبط بقدرة الانسان على المحافظة على النظام وعلى الولاء له، أو بمعنى آخر بقدرته على حفظ الاستقرار السياسي، وأن أي إصلاح أو تغيير لابد أن ينبع من داخل العادات والتقاليد المترسخة في سلوك أفراد النظام ووفق قواعد النظام التي قد لا تتوافق في كثير من الأحيان مع القواعد الدستورية..

الإشكالية الثانية أنها قد تصف الشخص الذي يعارض سياسات الدولة الخارجية، او يعارض خططها الجيواستراتيجية، بأنه شخص يعارض مصالح الدولة العليا وبالتالي قد يوصف بالخائن وقد تنتزع منه مواطنته القانونية، رغم أن هناك إشكالات عديدة تحيط بموقف الذين يعارضون بعض خطط الدولة الخارجية، من أبرزها أن هذه المعارضات تعيش تحت سقف الافرازات الطائفية أو الشعوبية لدول أخرى في المنطقة التي يواجهها النظام، أو قد تتأمر بأوامر تلك الدول..

باعتقادي أن الإصلاح السياسي، وما يرتبط به من إصلاحات أخرى فكرية وثقافية واجتماعية، هو واقع موجود في جميع دول الخليج في ظل اختلاف نسبته من دولة لأخرى، لكنه يمكن أن يكون مدخلا واقعيا لمعالجة إشكالية مفهوم المواطنة، وهو يهدف على المدى البعيد إلى تحقيق الديمقراطية، كعنوان عريض تعيش تحت سقفه الكثير من التفاصيل المختلفة، ومن ثم هو وسيلة لمعالجة الاختلافات والخلافات والاقصاءات التي افرزتها العلاقة بين المواطن والنظام السياسي الهوياتي غير الديمقراطي..

............................................................................................................

نشر ومعوقات التنوع الثقافي


ثامر العيثان

التنوع الثقافي في الجزيرة العربية يحتاج الى ثلاث عوامل رئيسية حتى يتم تغيير الواقع الحالي و تطبيعه وجعله السمة الظاهرة في سلوك الافراد والجماعات والسياسات في منطقة الجزيرة.

العامل الاول:الحرية الفكرية
إشاعة وتبني الحرية الفكرية من قبل النخب في المجتمع .
تقوم هذه النخب بغربلة الوارد الفكري سواء الوارد من التراث او الوارد من المجتمعات والتجارب الانسانية الاخرى المعاصرة او الغابرة.
وتكون هذه الغربلة بمقاييس عقلية وانسانية.

وهذه العملية ليست ضد الدين، فالدين لايتعارض مع العقل ولا يتعارض مع الوجدان الانساني.
بل سيستفيد الدين من هذه العملية ربما اكثر من غيره من الأنماط العقائدية او الجماعات الفكرية الاخرى.

يجب الالتفات الى الجهات ذات المغازي والمقاصد الفكرية الموجهة، والتي لاتصب بمصلحة المجتمع في الجزيرة العربية.
وهذه الجهات ،مع شديد الأسف ، تلعب دورا مدمرا للحريات ومعطلا للتناغم والتعايش الثقافي المختلف، سواء كانت تقصد ذلك ام لم تكن تقصده.

العامل الثاني: مؤسسات المجتمع المدني

حتى يتم تحويل النتاج الفكري الذي يدور في دوائر التفكير الحر الى واقع عملي معاش، يحتاج المجتمع الى مؤسسات مدنية مهمتها تبني هذه الأفكار وتطبيقها.
عملية التحويل العملي للأفكار هي عملية ديناميكية طويلة الأجل ومتغيرة بوسائلها وتقنياتها.
قيام المؤسسات المدنية بهذه المهمة يضمن نوع من حالة التوازن وعدم الانحياز الطائفي او المذهبي او القومي او القبلي او المناطقي. قد يحتوي على بعض حاجات الطائفة او القبيلة او...الخ، ولكن لا يكون منحصرا بها.
ويكون بعيدا عن السيطرات السياسية المتحكمة برقبة المجتمع.

العامل الثالث: ازالة معوقات التعايش الثقافي

هناك معوقات كثيرة تمنع التقارب والتفاهم والتعايش الثقافي المتعدد في مجتمع الجزيرة.

-
التنمية العلمية: القضاء على الأمية، تغيير المناهج الدراسية، ضبط الرقابة، تعزيز النشاطات العلمية.
-
ازالة قطبية المذهب الحاكم.
-
تنمية اقتصادية: توزيع عادل للثروة، التحول الى الاقتصاد المنتج بدل المستهلك، تخطيط البنية التحتية، ....الخ.

-
ازالة التعمية الإعلامية. بمعنى اخر الحرية الإعلامية المقننة.

-
وضع حد للاحتراب بين الحداثة والتقليد.
مدعوا الحداثة يرفضوا كل الموروث وخصوصا الديني.
مدعوا التقليد يرفضوا كل الحداثة، خصوصا الاجتماعية.

وهذا العامل من اكبر المعوقات التي تستهلك كم ضخم من طاقة الامة وتشتيتها من دون تقديم شيء تستفيد منه الامة.

الحداثة والتقليد يتخفوا خلف اجندات محددة، ويدخلوا ساحة الاعتراك.
نحتاج الى الإخلاص في النظر الى الحداثة او التقليد.

هناك عوائق اخرى، ستظهر على السطح في حينها.

هناك عوامل كثيرة نحتاج الى اعادة النظر فيها لفتح الطريق ( او تعزيزه) امام وضع اللبنات الاولية للتعايش والتفاهم الثقافي المتعدد.

..............................................................................................................................
 

السعوديون و المواطنة


محمد الحمزة


هناك خلل في المفهوم الرسمي والشرعي للمواطنة، أدى الى تشويه هذه القيمة الفطرية الطبيعية لدى المواطن السعودي.
الخطاب الرسمي يربط الوطنية بالحكومة . الخطاب الشرعي السلفي  يربط الوطنية بالمذهب الأحادي فقط دون غيره

 لذا.. كانت النتائج مخزية في السلوك الشعبي العام.. وأدى لضعف الانتماء للأرض وللثقافة.
قبل سنتين بتوجيه من القيادة العليا تم تكوين لجنة في الداخلية تضم عدد محدود من الاجتماعيين والنفسيين والسياسيين والشرعيين والقانونيين؛؛ كان هدفها دراسة مشكلة: الوطنية وضعف الانتماء.

السؤال الذي كان مناط بها الاجابة عليه هو :
لماذا السعودي لا يفخر بأنه سعودي بمثل فخر المصري ب مصر أو مثل فخر الكويتي بالكويت ؟
طبعا بعد عدد من الاجتماعات تم وضع النتائج والتوصيات في الدرج وتم الغاء اللجنه
للأمانة.. اللجنة كانت واقعية ومنصفة إلى حد ما ، وحاولت أن تخدم الجميع، الحكومة والمواطنين، ولكن صاحب القرار هو من بيده تفعيل التوصيات.
اعطيك نموذج لأحد التوصيات :
 أن تقوم هيئة كبار العلماء بإصدار فتوى تقرر فيها عصمة دماء المسلمين من كل المذاهب في المملكة العربية السعودية.
طبعا هذه جزئية من توصية طويلة حول المؤسسة الدينية الرسمية وضرورة استيعابها للجميع وبها تفصيلات أخرى.
لذا:  
الإتكاء على القرار الرسمي سيطوووول وربما لن يأتي . المهم هو نشر الوعي العام  ولا نعول كثيرا على نتائج قريبة
. فالتغيير الاجتماعي والثقافي بطيء في عمر الحضارات، ولا يسرعه إلا التبني الرسمي من القيادة السياسية

قبل عدة أشهر التقيت بصفة شخصية بوزير الإعلام اليمني السابق في الحكومة الاخيرة.. ودار حوار حول تبني الحكومات لهذا النهج التعايشي فكنت اشكو له الحال.. فقال:
لا تتوقفوا. وحتما الحكومة ستحتاجكم في وقت ما،، فالعالم يتجه نحو التعايش والسلام والتسامح ولن تبقى المملكة في عزلة بسبب مذهب او طائفة،، ولكن لا استعجلوا النتائج.. ومردها الرجوع  لكل المثقفين وأصحاب هذا الطرح.
الرجل يا جماعة من مواليد السعودية ومن الذين درسوا في البترول والمعادن ويعرف حقيقة التنوع الثقافي والاجتماعي في السعودية.. وكانت هذه نصيحة وتطييب خاطر منه😕
.................................................................................................................................................
نحو أخلاقية عالمية لحوار الثقافات ­

محمد سعدي ­

أستاذ حقوق الإنسان والعلوم السياسية ­

جامعة محمد الأول- المملكة المغربية


إن الصراعات عادة ما تندلع نتيجة سوء الفه­م والخوف وانعدام الثقة بين مختلف الثقافا­ت، وإذا كانت السلع والمعلومات تنتقل بين ­الدول والشعوب فإن تبادلا حقيقيا للأفكار ­وتغييرا عميقا للعقليات وإسقاطا فعليا للح­واجز الثقافية بين الشعوب والأفراد يفترض ­الكثير من الوقت والمثابرة وإبداع آليات ج­ديدة لإرساء أخلاقية عالمية للتواصل بين م­ختلف الثقافات والديانات. وفي عصرنا لم يع­د لنا خيار إلا بين الصراع الشامل المتباد­ل أو الحوار، وادعاء ثقافة ما امتلاك الحق­يقة المطلقة هو بمثابة أسوء الأخطار.ولا يمكن تسوية الخلافات الثقافية إذا لم­ تكن لدى جميع الأطراف المعنية، القدرة عل­ى الإقرار وتسليط الأضواء على الأسباب وال­جذور العميقة التي خلقت وغذت هذه الخلافات
ثمة مجموعة قيم إنسانية أساسية مشتركة بين­ كل الفضاءات الثقافية والدينية في العالم­، وينبغي استثمارها والتركيز عليها لتكريس­ وحدة الإنسانية . ­إن قيما مثل : العدالة، رفض العنف، رفض ال­ظلم، الإيثار، المساواة،التسامح، التعاون،­ المحبة... وأحاسيس مثل السعادة، المعاناة­، الألم، الإحباط، الغبن، الرأفة، الرحمة ­هي جزء من إنسانية كل إنسان. ولذلك فالجوه­ر الإنساني حاضر في كل التقاليد الثقافية ­والدينية لكل الشعوب عبر التاريخ الطويل ل­لإنسانية. ­وبالتالي لا يمكن للإنسانية العيش والبقاء­ بدون أخلاقية عالمية تكرس التسامح ونبذ ا­لإرهاب والتطرف بكل أشكاله. ونحن في أمس ا­لحاجة اليوم إلى إيكولوجيا ثقافية لتحويل ­ثقافاتنا وأدياننا إلى ركائز للتنمية والت­ضامن والمسؤولية الجماعية لبناء أفق مشترك­ للإنسانية جمعاء.

إن الأمر أصبح يتطلب إرساء براديغم جديد ل­لتراضي والتوافق بين مختلف الهويات الحضار­ية وإنشاء سوسيولوجيا لتفعيل التواصل الإن­ساني عبر مختلف الفضاءات الإعلامية، السيا­سية، الاقتصادية. وقد سبق للفيلسوف الفرن­سي ر وجي­ غارودي أن دافع في أواخر السبعينات عن ­ضرورة قيام حوار بين الحضارات لتحقيق السل­ام العالمي. وقد اعتبر أن " فكرة حوار الح­ضارات تحارب التقوقع حول الأنا الضيقة و ت­ركز اهتمامها على الحقيقة الفعلية للأنا، ­باعتبارها قبل كل شيء علاقة مع الآخر وعلا­قة مع الكل". كما أكد المفكر المغربي المهدي المنجرة ­على أن رهان التنوع الثقافي هو مفتاح البق­اء مستقبلا
و لابد من الدعوة إلى إرساء أخلاقيات عالم­ية جديدة، ذلك أن مستقبلنا أصبح يتوقف على­ إحساسنا بالاحترام المتبادل والمسؤولية ا­لمشتركة والتضامن الفعال لإقامة علاقات دو­لية أساسها العدل، التكافؤ والتعاون الدول­ي لإيجاد حلول للرهانات التي تواجهها الإن­سانية.

...................................................................................................................................­
الإقصاء الديني

محمد الشافعي

حديثنا عن "التنوع الثقافي" و لكننا أقرب
للحوار حول "الإقصاء الديني" و هذا طبيعي جداً لأننا التنوع الثقافي هو الصورة المتخيلة لحال أفضل بينما الإقصاء هو حالنا!
المضمر أيضاً في هذا الجنوح نحو الحديث حول الطائفية و إقصاء المتشددين هو أن الدين بسط نفوذه على الثقافة و المجتمع، مما دفعنا لا شعورياً نحو الحديث عن التنوع المذهبي بدلاً من التنوع الثقافي الأشمل و الأعم!

لعلي أستطيع مقاربة الموضوع من جانبين؛ الجانب الأول:
أن الإقصاء ضرورة دينية، و أنا هنا أقصد الدين بوصفه الدين الممارس المتفاعل مع التاريخ و الاجتماع و ليس الدين المطلق الذي يمثل بعداً روحياً و إيماناً قلبياً.
فالإقصاء هو الذي يخلق السياج الدوغمائي حول القراءات البشرية للدين و بالتالي يشكل كتل صماء تسمى طوائف تشيطن من خارجها و تبارك من داخلها. أرباب التدين التاريخي هذا يحاربون السيولة التي يتمتع بها الدين و يحاولون فرض الجمود من أصل بناء اجتماع بشري مرتكز على الدين. و لا يكون الدين مرتكزاً إلا إذا كان صلباً ناجزاً مغلقاً.
بهذا سيتحول الدين المطلق من إرشاد معنوي إلى ايديولوجيا و ستتشكل مؤسسة دينية رسمية تقوم بهذا الدور. و بالتالي يمكن القول بأنه إذا أريد للدين أن يكون هو المرتكز في بناء الاجتماع البشري، فلا بد من تجميده و تسييجه و بالتالي فأدوات الإقصاء مطلوبة و بواسطة سلطة دينية تشرعن كامل العملية. و هذه المؤسسة لا يمكن الوثوق بها في عملية نشر التسامح و التعدد و التنوع و التقارب و سائر الممارسات التي لم تثبت جدواها لأن القائم عليها من هذه المؤسسات يعلم بأنها تعني انتحاره!
و من هنا يمكن القول بضرورة العبور إلى مجتمع الحداثة الذي لا يشيد بالارتكاز على الدين و قراءة بشرية أحادية له بمعزل عن المرتكزات الأخلاقية و الفلسفية التي راكمتها التجربة الإنسانية إلى جانب المعرفة الدينية. و ما لم يتم ذلك العبور، فإن الحديث عن التنوع و التعددية و حرية الرأي و الإبداع ستبقى صورة متخيلة نسعى لها بأدوات لا توصل لها أبداً.
هذا العبور ليس عبوراً سهلاً، بل يتطلب فعلاً ثقافياً و تعليماً يخفف من الحمولة الايديولوجية للتعليم الديني و يفتح الدين كحقل واسع للمعرفة و يعيد الإعتبار للدين كممارسة روحية و مصدراً للتأصيل لسياق أخلاقي بدلاً من فرض فهمه البشري كحاكم و قراءاته كمناطق حظر على التفكير.

الجانب الثاني:
ما يتعلق بوهم الهوية المتخيلة و الدفاع الحاد من أجل حمايتها. لا يمكن أن يزدهر التنوع الثقافي في بيئة مأزومة حضارياً و تشعر في عمقها بأن هويتها مهددة!

إن الهوية -كما يعتقد فتحي المسكيني- اختراع أخلاقي خطير طورته كل الثقافات. و هو فعلاً كذلك إذا ما تحول إلى إطار محدد و جامد. هذا الجمود لا يبقي ل"أصحاب الهوية" سوى الإنزلاق لذلك النمط من الإعتزاز المتضخم بالذات و تمجيدها و الاستغراق في الماضي و تعزيز العزلة الحضارية.
هذا الجمود نجده ممارساً بصورة واسعة إعلامياً و ثقافياً في المجتمع السعودي و ذلك باستخدام و توظيف شعار "الخصوصية السعودية" الذي يضمر حمولة نرجسية ثقيلة، و مقومات عزلة و انعزال متعمد كامل الشروط و الأركان.

إن الإقصاء الذي يسود على روح التسامح و القبول بالتنوع يعود جزئياً للمارسة الثقافية التي تسعى جاهدة إلى تسطيح و اختزال الهوية إلى "هوية أحادية" و صهر المكونات المتعددة لهوية الفرد و المجتمع! فالفرد تتشكل هويته من مكونات متعددة؛ لنأخذ السعودي مثلاً، فهو عربي مسلم، رجل أو امرأة، بدوي و قد يكون حضرياً، شيعي أو سني أو غيره، له مهنة معينة، من الجنوب أو نجد أو الحجاز أو الأحساء. فهو ذلك كله، و لكن محاولة تنميط هويته و اختزالها تحت عنوان واحد هو تضييق لهامش التنوع و فشل في إدارة ذلك التنوع.

الخلاصة:

إن تحويل التمثل التاريخي لقراءة معينة للدين إلى أساس يشيد عليه الاجتماع البشري، و تحويل الهوية من معطى متعدد المكونات إلى معطى أحادي و إلى صيغة مغلقة لا تتفاعل أفقياً مع الثقافات المعاصرة بقدر ما تتفاعل عمودياً مع الثقافات السالفة التي تتحدر منها، يمثلان العاملين الأساسيين للقضاء على التنوع، و لا طريق للخلاص إلا بالعبور إلى حداثة حقيقية يكون فيها الاجتماع البشري مشيداً على توافق و إسهام المتنوعين بكل ما راكمته المعرفة البشرية، و تحويل الهوية من صيغة مغلقة إلى اخرى منفتحة و حية تنمو باستمرار.

..................................................................................................................
الجهود الرسمية نحو تعايش وطني

علي النحوي



في وجهة نظري الجهود ضئيلة جدا ، وإذا حدثت فتصبح مقبولة ومرحبا بها من الجهة التي تصب في صالحها ، التي تدين في الوقت ذاته من يؤدي الجهود ذاتها في قلب مجتمع الطرف الآخر او متواصلا مع الحكومة متهما من قبل كثير من الناس بالعمالة والتمصلح ووو
فمثلا نفرح بحسن المالكي ومخلف الشمري لكن نعيب او نتوشوش على جهود حسن الصفار والعكس سليم
إن الجهود المبذولة وإن صدقت وفتحت بابا نحو الآخر ستضرب بيد من حديد من قلب مجتمعها .
وكلنا يعرف قصة حسين الراضي الذي حقق مسألة عدم ثبوت لعن الخلفاء في زيارة عاشوراء بشكل علمي وتوصل إلى إنها مزورة ، ونشر ما توصل إليه في سبيل تخفيف حدة التوتر وبناء مجتمع يسوده التعدد والتنوع الثقافي ، كلنا يعرف إنه جلد بعصا الفتوى واصبح ضالا مضلا ، بينما كان مؤهلا أن يكون أحد اقطاب الداعين للتعددية .
وسبق وقال محمد الحمزة أعلاه
إننا نتقدم خطوة في هذا المجال ولكن يحدث ما يؤخرنا ثلاث خطوات ..
إذن الجهود تحتاج دعما من عمق الجماعات المختلفة ، وقبل ذلك إيمان حقيقي بالفكرة

 ...................................................................................................................

الديمقراطية  و المواطنة

محمد الشافعي


ليست المواريث السياسية وحدها هي التي عطلت الانتقال من نموذج الدولة الما-قبل حداثية إلى دولة الحداثة؛ دولة القانون والمؤسسات والدستور، بل إنّ ثقل الاجتماع يفعل فعلته هو الآخر، ففي الدولة العربية تتجاور البنى الاجتماعية التقليدية مع بنى الاجتماع الحديثة في وئام وسلام، بل إنّ الباحث يذهب إلى أنّ الدولة هي الأخرى تسهم في تأجيج النزعات القبلية والعصبوية وإعادة إنتاج الاجتماع التقليدي، إنّها تصمم نفسها على مقتضى التوازنات الاجتماعية حتى تحفظ امتيازاتها، وتحت مسميات "حفظ الاستقرار" و"السلم المدني". وهكذا فمن دون انصهار كلّ الروابط القبلية في بوثقة التمدن الحضاري، لا يمكن الحديث عن أيّ مسار ديموقراطي، ذلك أنّ الديموقراطية هي قبل كلّ شيء منافسة على تجاذب المواطن يتمّ على بناء حديث، أساسه المشاريع التنموية المرتبطة بالرؤية الأيديولوجية العلمانية، لا على أساس "الشرعية التقليدية" القائمة على العصبية والقبيلة والدين.

عن كتاب السلطة و الدولة و الشرعية لعبدالاله بلقزيز

.................................................................................................................................


الانتماء الأفقي والعمودي
حسن الحاجي

في إحدى حارات الأحساء القديمة ترعرع الطفل جواد في بيت أبيه علي وأمه زينب، وفي كل يوم عند غروب الشمس يذهب جواد مع والده إلى مسجد الحارة الذي يحتوي على مصاحف وكتب أدعية وقطع ترابية يستخدمها المصلون للسجود عليها، وما إن يفرغ من الصلاة حتى يصطحب جواد أباه إلى الحسينية القريبة ليستمع إلى الخطيب الذي يشيد مدحا بأهل البيت عليهم السلام.

وأما الطفل روجيه الذي يعيش في مدينة باريس تعوّد أن يسمع أباه يتغنى بالأشعار ويقرأ النصوص الأدبية والرومانسية باللغة الفرنسية الجميلة عند المساء من كل يوم كما يسمع جدّهُ يكرر مقولة الفيلسوف دوبريه ( نعم إنها لمصادفة محضة أني وُلدت فرنسياً ، ولكن فرنسا خالدة على أية حال).

وعلى ضفاف نهر اليانقتز في مدينة شونغ شينغ عاش يانق لي والذي لم تدخل اسماعه كلمة " الإله" ولا يعرف معناها ، كما أنه لا يعرف معنى دور العبادة فضلاً عما يُسمى طقوساً دينية، فكل الذي تغذى عليه عقله هو تاريخ الصين العظيم وما يحتويه من أحداث وعلوم وطب وفلسفة وحكمة متراكمة منذ آلاف السنين.

شاءت الأقدار أن يجتمع جواد و روجيه و يانغ تحت سقفٍ واحد في فصل مادة علم الإجتماع في جامعة كاليفورنيا وبعد التعرف على بعضهم البعض ومع مرور الأيام بدأ كل واحد منهم يفخر بما ورّثـته الأقدار من دين ولغة وعادات وتقاليد وتاريخ وفلسفة.

وبعد أيام طويلة من المفاخرة اجتر فيها كل واحد منهم  ما يستطيع من ميزات تاريخه الحافل بالأحداث  اقترح روجيه أن يُطرح الأمر على أستاذ علم الإجتماع ليُفتيهم أيهم أحق بالفخر.

اطرق الأستاذ جورج رأسه ليفكر ملياً بعدما استمع من كل طالب عن أمجاد التاريخ الذي ينتمي له ثم رفع رأسه متسائلاً :
هل كان لدى واحدٍ منكم الفرصة لأن يختار والديه ولغته ودينه وقومه ؟ أم أنكم ورثتم ذلك من آباءكم وبيئتكم؟
هل تفخرون بأمور لم تكن لكم فيها يد الإختيار؟

اسمعوا يا أعزائي :
يؤكد علماء الإجتماع أن الإنتماء  إلى الموروثات والذي يطلقون عليه "انتماء عمودي" والتفاخر به قد يكون سبب للعنصرية البغيضة وفيه جمود سواء في العداوة أو الصداقة ، فقد تعادي أشخاص لأنهم ينتمون إلى جماعة كانت تعادي الجماعة التي تنتمي لها أنت قبل الف سنة وكانت بينهم حروب ودماء واعتداءات ظالمة ، وبالتالي ترث هذه العداءات الغير حقيقية وتسقطها على أشخاص يعيشون معك ولكن لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

ثم التفت إليهم قائلا :
هلا فكرتم في الإنتماء إلى جمعية علم الإجتماع في الجامعة فتكون هي المظلة التي توفر المصالح المشتركة ( Common Intrests) بينكم والتي بالنتيجة تصنع بينكم حبائل المودة عندما تشتركون في نشاطات علمية وعملية فيصبح لديكم "انتماء أفقي" يؤسس لعلاقات جديدة قائمة على العطاء والإبداع وليبقى كلٍ منكم محتفظاً بلغته وتاريخه ودينه لنفسه

.........................................................................................................................................................


ايجابيات و سلبيات التنوع الثقافي

محمد الحمزة

Large orange diamond
إيجابيات التنوع الثقافي:
Small orange diamond
التعرف على الثقافات الأخرى في المجتمع : عاداتها ، تقاليدها وقيمّها

Small orange diamond
الاعتراف بشرعيّة الثقافات الأخرى  في المجتمع بأنها مركب هام وجزء لا يتجزأ من المجتمع. الحوار يعطي المجموعات التعرف على حقوقها

Small orange diamond
الاحترام المتبادل بين الثقافات في المجتمع وتطوّر النقد الذاتي والتحقيق الذاتي للفرد والثقافة في المجتمع

Small orange diamond
إعطاء فرصة جديدة تضمن وتحقّق الحريات والمساواة بين الثقافات المختلفة في المجتمع مثل سن القوانين مثل “قانون أساسي لاحترام الإنسان وحريته” و “قانون أساسي حرية التشغيل والمهنة


Large orange diamond
بعض سلبيات التنوع الثقافي:

Small orange diamond
يمكن أن يؤدي لتفكيك المجتمع ، وحدته والنسيج الاجتماعي بداخله فيصبح المجتمع كالفسيفساء لأن لكل ثقافة عاداتها وتقاليدها ونمط حياتها

Small orange diamond
يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار اجتماعي وفوضى اجتماعية بأنه لا يوجد قوانين موحدة لكل الثقافات بسبب الاختلاف في القيم والعادات فلا توجد ثقافة صحيحة ، قيادة واحدة

Small orange diamond
قد تساعد في انغلاق الثقافة على نفسها وتكوين إطار خاص بها بعيدا عن الإطار المشترك “الدولة” فينتج “عدة دول في دولة واحدة ” وهذا يؤدي إلى تفكيك الإطار المشترك الذي يدعى “دولة واحدة للجميع”.

Small orange diamond
قد يؤدي لصراع عنيف بين الثقافات عند المحاولة لخلق قوانين موحدّة ودستور موحّد للدولة  و السيادة فيها وربما قد ينتهي الأمر بحرب أهلية

................................................................................................

التنوع الثقافي = مجتمع بلا متطرفين

د. عادل العمر



أعتقد أن التطرف الديني هو أبرز أسباب معوقات التنوع الثقافي داخل السعودية

ولنتساءل :

لماذا قنوات أم بي سي خارج السعودية ؟

لماذا قناة العربية خارج السعودية ؟

لماذا قنوات روتانا خارج السعودية ؟

وقبلها أوربت وآرتي وغيرها

علماً أن كل هذه القنوات ليس لديها إشكالات سياسية مع المملكة بل هي مدعومة من حكومة المملكة

هذا المثال طبعاً غييييض من فيييييض

أعتقد أن التطرف الديني هو صاحب اليد الطولى في ذلك

التطرف الديني هو العائق الأكبر للتنوع الثقافي بأشكاله ومنه التسامح الديني وحرية الاعتقاد الديني والمذهبي واللاديني

سينتهي البعوض حينما نقوم بردم المستنقع

وإذا أردنا تنوعاً ثقافياً حقيقياً فعلينا بردم مستنقعات التطرف ..

وأبرز هذه المستنقعات الفكرية التي يعاني منها عالمنا العربي والإسلامي بل ونعاني منها كإيدلوجيا قاتلة للحياة في خليجنا العربي وفي البلاد العربية والإسلامية :

١- جماعة الإخوان المسلمين
٢- السلفية التيمية المتشددة
٣- الثورة الدينية الخمينية

حين تتأمل في مشكلاتنا المتعددة الفكرية والسياسية والتنموية كمسلمين خلال العقود الأربعة الماضية ستجدها متمخضةً عن هذه المستنقعات الثلاث علماً أن هذه المستنقعات قد نتجت عن تراثٍ كبير فيه الصواب وفيه الخطأ بل وفيه من الانحرافات الكثيرة واللاإنسانية ..

وحين نتأمل في الجماعات التكفيرية والإرهابية فسنجدها أيضاً قد تمخضت عن هذه المستنقعات الثلاث بغض النظر عن درجاتها وبغض النظر أيضاً عن أكثرها ضرراً وتشدداً وتطرفاً فهذه المقارنات لا تعنينا نحن معاشر المفكرين والمثقفين بقدر مايعنينا تشخيص حالتنا الفكرية، بل المعني بها هو الطائفي والمؤدلج والمتعصب ..

وقد تحدث المفكر الشيعي السيد إياد جمال الدين عن هذه الأمور الثلاثة وذكر: أن المسلمين لن يبرحوا تخلفهم إلا إذا هدموا السلفية والخمينية والإخوان ..

أخيراً ..

إذا أردنا نحن المسلمين تجديد فكرنا الديني من جديد فعلينا بقراءة هذا التراث قراءةً نقديةً فاحصةً بعيدةً عن الأهواء  ..

وكما قال الشيخ أمين الخولي رحمه الله:


" أول التجديد قتل القديم بحثاً " .. 
ومشكلة المفكر المستقل في حراكنا الثقافي أنه يتعرض للتصنيف والتخوين حين ينتقد فصيلاً فكرياً

....................................................................................................
 
مداخلة  
رجاء بوعلي

جميل ما تفضلت به دكتور عادل، وربما هذه مبادئ استطاع جزء من المعتدلين من الطرفين تفهمها، و لو ظل هناك جزءا "وجحدوا بها و استيقنتها انفسهم" من عامة الشيعة، وهذا امر وارد، لان إزالة الفكرة أصعب من ازالة جبل صخري، ولكن - على الاقل- الحديث الموثق عن الثورة الخمينية بشتى ابعادها وباعتدال لا يشكر خطرا جسيما عليك، بمعنى؛ قد تتعرض لنقد لاذع من بعض الجمهور لكن لن تتعرض لإيذاء بالحجر عليك او السجن او كذا ...الخ

ولكن ماذا عن وسط اخواننا السنة؟ هل يمكنك طرح هذه النتيجة عن مصادر التأزم الطائفي في الجامعة مثلا؟ او في محفل عام؟

ما اعرفه أن الحديث عن السياسة والمعتقدات ممنوع في المحاضرات والقاعات الدراسية بشكل عام، وهذا حق مشروع للمؤسسة والدولة ايضا، ولكن يحدث ان يتعرض الشيعة لأنواع من الاهانة والفهم الخاطئ والتجاوز في المؤسسات التعليمية، و عندما يتم توجيه خطاب او شكوى للمدير فإن ذلك يخضع لطبيعة ونوعية المدير، اذا كان منصفا معتدلا رفض الطائفية و أنذر المتكلم، وان كان طائفيا هو الاخر فلن يدرك بطبيعة الحال حجم الانعكاسات التي قد تفتك بالصفوف الطلابية.

اعود لسؤالي؛ هل سبق انك طرحت هذه الاشكالية في جامعة القصيم؟ وتحدثت عما يُقال عن الشيعة مثلا من مغالطات كـ " الشيعة لهم آذنين مختلفتين، ذيل، معابد وليس مساجد، يعبدون علي وليس الله، كل ما يبدر منهم من تعاون واخلاق ليس إلا تقية، ...الخ"

وسؤالي نابع من حرصي يا دكتورنا العزيز على أهمية الحوار من داخل الوسط ذاته، فالمشكلة اننا مجتمع لايثق بعضه ببعض، ولهذا نحتاج العقلاء والأكاديميين المعتدلين امثالكم الكرام لتوضيح بعض الصور الضبابية والخاطئة عن الاخر، فتلك هي رسالة المثقف الشريف.

تقبل مداخلتي الصريحة، وما المواجهة الشفافة إلا بداية شروق بإذن الله وعلى أيدي الشرفاء امثالكم

........................................................................................................................
معوقات التعددية

حسن الحاجي

أهم الـمعوقات للإعتراف بالتعددية الثقافية هو تنازل من بيده القوة والسلطة ومن يعتقد بإمتلاك الحقيقة المطلقة إلى الحلقة الأضعف والذي هو على باطل - حسب اعتقاد من يملك الحقيقة - فهذا التنازل  لا يصحبه فقط التخلي عن القوة وعن ميزات ومصالح شخصية ، بل تحبسه العقيدة التي تفرض عليه أن يدعو أو بالأحرى يجبر الآخرين على اتباع مبادئه الدينية كما يراها وإلاّ سوف يخسر الحياة الآخرة

المؤسـسة الدينية والتي ترى من واجبها الشرعي عدم الإعتراف بالآخر المختلف امتثالاً لأمر الله ، وترى في وجوب  العمل والإجتهاد في إدخال المختلف ضمن دائرتها، هذه المؤسـسة تستمد قوتها إما من الجمهور أو من السلطة السياسية أو من الإثنين معاً، وهنا يأتي الإشكال الأصعب والذي يمنع الإعتراف بالتعددية الثقافية عبر الضغط الشعبي أو السياسي التي سوف تواجهه.

هذا الأمر يدخلنا في حلقة مفرغة Vicious Circle
والتي من الصعب جدا الخروج منها أو كسرها وبذلك يواجه المصلح ثلاث معارك في آنٍ واحد، معركة التنازل عن القوة ومعركة التخلي عن المباديء ومعركة تضع المتشدد في مواجهة مع من يستمد القوة منه !

استطاعت أوروبا الخروج من هذه الدائرة المفرغة عبر تحيـيد وسلب القوة من المؤسـسة الدينية وتوزيع على المؤسـسات السياسية والإقتصادية والتي يساهم في تشكيلها جميع المواطنين على حدٍ سواء بغض النظر عن اختلاف وتنوع ثقافاتهم الفكرية

.....................................................................................................................


الصور الذهنية ومخاطر الاقتتال المذهبي

مهدي الرمضان


لعل الآفة الكبرى التي تنخر نسيج مجتمعاتنا و تقض مضاجعنا ليلاً وتقلقنا نهاراً لما تشكله من مخاطر ماثلة  لمآلات قد تطال مستقبلنا ولما اسسته من إنشقاقات وجروح غائرة في جسد أمتنا تاريخيا هي نتاج ما نحمله من صور نمطية و قوالب ذهنية مشوهة صنعها لنا تاريخنا وعممناها بيننا حتى اصبح الرقص على قرع طبولها نوع من الهستيريا الجماعية تجتاحنا في أزمنه تاريخية متكررة تخمد نارها تارة ويرتفع أورها تارات أخرى تفرض علينا نمط تفكيرنا وتقييمنا لمن نختلط بهم ونتعايش معهم وتحدد علينا مسلكياتنا وتخلق في أنفسنا الريبة و النظرة المرتبكة تجاه الآخر المختلف عنا مذهبياً.
تستمد مادتها و وقودها من أحداث دامية من تاريخينا الإسلامي ليس من السهل نسيانها وإستمرت تلك الصور تتناقل بين الأجيال بلا فكاك تعمل على ترسيخها قيادات لها مصلحة فئوية ضيقة بدليل ما نراه و نلمسه حاليا من منهجة وأدلجة للعداء وترسيخ للكراهية بهدف تحقيق مصالح دنيوية مشتركة البست لباس الدين.
التوصيف والتصنيف يرسخ ويعيد إستنساخ الصور الذهنية لكل جيل يأتي من أتباع المذاهب فسمى بعض اتباع المذاهب السنية الشيعة بالصفوية و الروافض والمجوس وأولاد المتعة وفي المقابل سمى بعض اتباع المذهب الشيعي السنة بالنواصب والوهابيون و الإرهابيون التكفيريون.
بإنغلاق الأذهان على مثل هذا التوصيفات و التصنيفات لا يعود العقل يسيطر على الغرائز والاهواء بل ينتج إنعدام تام للثقة بين الطرفين و يحل مكانها التوجس و الريبة ولا يعود العقل قادر على الرؤية الواقعية المنصفة والحقيقية الواقعية للطرف الآخر. ولعل اخطر ما تمثله هذه الصور الذهنية من تأثير انها تعمل من دواخلنا وتصبح تلقائية في عملها فهي تبرز للسطح كلما واجهنا او ذكرنا ذلك الطرف صاحب المذهب المختلف وتشكل جزء من قناعاتنا وربما من مسلماتنا التي لا تستدعي منا في أي وقت إعادة النظر فنحن نحكم و نحاكم بدون وعي تام منا ذلك المختلف ولدينا الاحكام المسبقة الجاهزة التي عممناها على جميع أفراد اتباع المذهب المختلف ولن نكلف أنفسنا عناء البحث و التمحيص والفهم لحالة كل فرد والحكم عليه بما هو فعلا مستحق.
تعمل بعض الاطراف من كلا المذهبين للاسف على نشر الكراهية وتأجيج مشاعر العداء المتبادل بشحن الغرائز وتسميم الاجواء ومنع أي تقارب وتفاهم بين السنة و الشيعة حتى بلغ الحال القتل على الهوية المذهبية في مجتمعات متصارعة وتفشى ظاهرة التكفير والإرهاب و القتل الجماعي بمفخخات ومتفجرات وتلك هي النتائج المتوقعة والمولود المنتظر لنشر وترسيخ الكراهية المستمر ودفع الاطراف للتقاتل.
معظم المؤشرات الحالية لا تنبئ بتوجة جدي لمنع الاحتراب الطائفي الشامل لا سمح الله ويبقى ذلك الخطر قائما. الحل الذي سارت عليه الشعوب الاوروبية بعد إقتتال طائفي مرير إمتد لقرابة قرن وربع القرن تمثل في تحويل مجتمعاتهم من كونها دينية لتكون مجتمعات مدنية وجعل الدين و المذهب من شؤون الفرد وحميت الحرايات الفردية في العقيدة و التعبد بقوة القانون.
فهل ترانا نتعقل ونختصر الطريق و نقفز على مرحلة الاحترابات الاهلية المذهبية ونمنح الفرد حرية العقيدة و التعبد ونحميه بقوة القانون أم لا سمح الله سننساق بجنون لمسارات توردنا المهالك؟  
الله يستر.
.....................................................................................................................................................

مشروع نبذ الكراهية

محمد الحمزة


بعد حوارات الأمس ..
تذكرت مشروع نبذ الكراهية والطائفية الذي أجهضه مجلس الشورى.. وتذكرت تلك العاصفة التي شنت على المجلس.. وكنت أتساءل عن الصمت الذي حصل بعدها !!

طبعا.. الكثير أصيب بخيبة أمل في صناع القرار وهذا أمر طبيعي.. ولكن كنت أقول في نفسي لماذا لا يتم تحريك المشروع من جديد ولكن باسلوب آخر،، فكما ذكرت لكم بالأمس :
لابد من اقناع صاحب القرار بأهمية التعايش واحترام التعددية واستغلالها كقوة للبلاد.

فما كان اليوم إلا باتصال من صديق لي من أهل الاحساء لي عنه سنتين لم نتواصل فإذا هو يعرض علي المشاركة في تأسيس جمعية رسمية هدفها تحقيق التعايش ومن ثم تحريك موضوع قانون تجريم الطائفية والعنصرية سواء عند مجلس الشورى أو عند الجهات العليا.

وذكر لي أنهم من عدة أشهر وهم يعملون على الموضوع ومن كافة فئات المجتمع ومن أكثر من إتجاه ومعهم عدد من الوجهاء والمسؤولين الذين يؤمنون بالفكرة.

فلعها مبادرة تجديدية وإصلاحية والله الموفق

....................................................................................................................................................
تشابه الفتن وقلة العبر 
حسن الحاجي  

يذكر كتاب " تاريخ الإنسان الحديث "
(Sapiens : A Brief History of Humankind)
للمؤلف الإسرائيلي يوڤال هراري وهو بروفيسور في علم التاريخ بجامعة القدس،  أن الخلاف بين المذهبين المسيحيين  الكاثوليك والبروتستانت هو أن الأخير يعتقد بأن اليسوع ضحى بنفسه من أجل أن يغسل ذنوب البشر ومن يحب اليسوع بإخلاص ويعتقد به فإنه سوف يدخل الجنة.
أما الكاثوليك فيعتقدون بأن حب اليسوع وحده لا يكفي لدخول الجنة ولابد من اقتران الحب بالعمل الصالح و بحضور الطقوس الدينية في الكنيسة.
رد البروتستانت على هذا الاعتقاد بأنه من يؤمن أن عمله الصالح هو الذي سوف يدخله الجنة فهو مغرور بنفسه ولا يُقدر ولا يفهم معنى التضحية التي قام بها الإله اليسوع لإنقاذ البشر.
بناءاً على هذا الخلاف بين المذهبين قامت حروب طائفية في أروبا في القرن السادس والسابع عشر راح ضحيتها مئات الآلاف من الطرفين.
إحدى تلك المجازر هي المذبحة التي قام بها المتطرفين الكاثوليك  مساء يوم 23 أغسطس عام 1572 في أحد المدن الفرنسية (سان بارتيليمي)  ذهب ضحيتها بين 30-60 ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال والذين تم قتلهم بأبشع أنواع القتل ولم ينجو من البروتستانت أحداً، حتى الذين هربوا من المدينة او الذين التجأوا بأصحابهم الكاثوليك تم ملاحقتهم وقتلهم. السبب الرئيسي لهذه المجزرة هو خوف الكاثوليك من انتشار مذهب البروتستانت ، لأنهم يعتقدون بأن البروتستانت خنجر في خاصرة الأمة المسيحية.

الأدهى والأمرّ من ذلك عندما سمع بابا الفاتيكان في روما بتلك المذبحة غمرته السعادة وطار فرحاً وأمر الناس بالاجتماع في الكنيسة والصلاة والاحتفال بهلاك الكفار !!
كما أمر أحد الفنانين بالقيام برسومات في إحدى الغرف في مبنى الفاتيكان ابتهاجا بقتل الكفار!!

هذه الغرفة لاتـزال مُغلقة إلى يومنا هذا وممنوع لأي أحد زيارتها.

هذه الحادثة لا تختلف عما يدور حولنا من أحداث طائفية ومجازر وقتل وتعذيب وتشريد باسم الإسلام.
وما تقوم به الجماعات المتطرفة من تكفير للسنة والشيعة وباقي المذاهب الإسلامية الأخرى واشعال نار الفتنة الطائفية بالتطهير المذهبي والتهجير وقتل المصلين الأبرياء في المساجد والاحتفال بهذا القتل وتسمية المساجد ب " معابد المشركين" والقتل على الهوية والاسم كالذي اسمه "عمر" أو "جعفر" هو نفس الذي حدث في أوروبا قبل أربعة قرون ، ولكن الفرق أن الأوروبيين أدركوا هاتين الحقيقتين التاليتين وإن كان متأخراً:
١- تم استخدام الدين وامتطاؤه من أجل تحقيق مصالح ومطامع سياسية وأن الأبرياء ذهبوا وقوداً لتلك المطامع.
٢- تم التركيز على الفروقات المذهبية وتضخيمها بإجترار الموروثات الدينية الفاسدة التي تشجع على الإقصاء والقتل ونبذ وشيطنة وتخوين الآخر بدلاً من التركيز على المشتركات في العقيدة والمصالح الحياتية المشتركة بين أتباع المذاهب.

ما لم تدرك شعوب منطـقـتـنا هاتين الحقيقتين فلن تتوقف حمامات الدماء ولن تنهض الأمة ولن تفيق إلا على أطلال الخراب والدمار

.............................................................................................................................................

اتهامات حول الشيعة

د. عادل العمر


حديثي عن الاتهامات الموجهة للشيعة كطائفة وكمذهب داخل الجامعة هو نفس حديثي عنهم في تويتر وفي المجالس الخاصة وسأبين ذلك من خلال المظاهر الآتية :

١- دائماً ما يسألني الطلبة عن الاتهامات المستمرة للشيعة أنهم يكفرون الصحابة وأنهم يتهمون عائشة بالزنا ونكاح المتعة وووووو
وحتى بعض الأساتذة داخل القسم يقولون مثل ذلك ويستندون على مقاطع في اليوتيوب لبعض الشيعة كمقاطع ياسر الحبيب ..

وجوابي عن ذلك بأن أقول لهم:

كل طائفة فيها متطرفون وفيها معتدلون ، لايمكن المعتدل الشيعي أن يكفر الصحابة أو يرمي عائشة بالزنا وحتى الشيخ السيستاني قد تحدث عن ذلك وأصدر فتوى بأن سب ابي بكر وعمر من كبائر الذنوب !!

ثم يسألني الطلبة أيضاً عن شيعة الشرقية : هل يكفرون ويتهمون عائشة بالزنا
فأجيبهم:
بأن ذلك مستحيل وقلت لهم: أتحدى أي أحد يأتيني بمقطع لشيعة الشرقية أنهم يطعنون بأبي يكر وعمر وعائشة ..
لن تجدوا ذلك أبداً

أما المقاطع التي تتداول لبعض الشيعة كياسر الحبيب فهم من خارج المملكة وهؤلاء متطرفون والشيعة لديهم متطرفون كما لدينا نحن السنة متطرفون فداعش والقاعدة والتيار السروري الصحوي كلهم من السنة وهم متطرفون !!

يسأل الطلبة أيضاً عن نكاح المتعة:
وأجيبهم :
بأن هذه مسألة بسيطة جداً فنكاح المتعة من فروع الشريعة وليس من أصولها ..

ونكاح المتعة كذلك مختلف فيه حتى عند السنة فهو جائز في رواية عن أحمد بن حنبل في مذهب الحنابلة وكذلك عند بعض الصحابة والتابعين كابن عباس والحسن بن علي ومعاوية وطاووس بن كيسان وغيرهم ..

٢- يسأل بعضهم عن الاعتداءات المتكررة على رجال الأمن ؟
فأجيبهم: بأن كل ذلك بفعل المتطرفين الشيعة وليس المعتدلين منهم ..
كم رجل أمن تم قتله على يد المتطرفين السنة من داعش والقاعدة وغيرهم ..
بالعشرات إن لم يكونوا بالمئات ..

ثم أقول لهم أيضاً:
المتطرف هو العدو الحقيقي للوطن وللإنسانية وللإسلام سواءً كان سنياً أم شيعياً ، هكذا يجب أن نقيس الأمور، لا يجب تصنيف الناس حسب عقائدهم وطوائفهم المتعددة بل يجب تصنيفهم حسب ثقافتهم وطريقة تفكيرهم ، المتطرف هو العدو الذي يريد أن يهدم وحدة البلد ووحدة الوطن وحتى وحدة الدين ؛ لأنه يسعى جاهداً لتكفير المختلف والتشكيك في انتمائه الوطني لمجرد اختلافه مذهبياً أو عرقياً ..
٣- يسأل الطلبة أيضاً عن الشرك عند الشيعة كمسائل التبرك بالقبور ونحوها؟

وأجيبهم بأن هذه أمور مذهبية اجتهادية داخل المذهب وسأبين ذلك من خلال الأمثلة الآتية:
أسألهم :

ايش رأيكم بابن حجر شارح صحيح البخاري والإمام النووي شارح صحيح مسلم ؟
مارأيكم في هذين الشيخين ؟ فيقولون هؤلاء من السنة !!
قلتُ لهم : هؤلاء يرون شرعية التبرك بالقبور وغيرهم كثير من السنة ..

وأقول لهم : هذه أمور مذهبية لا يجب أن نتدخل فيها وسأوضح ذلك أكثر من خلال المثال الآخر White down pointing backhand index
أسألهم :
ايش رأيكم بأبي طالب ؟
ألم ينصر النبي في دعوته ؟
فيقولون : نعم ..
أسألهم :
هل أبو طالب مسلم ؟
فيقولون لا كافر
أسألهم : هل سيدخل النار ؟
فيقولون : نعم ( طبعاً لوجود روايات في مصادر السنة تثبت ذلك )
أسألهم:
هو عند الشيعة صحابي ومسلم
ثم أقول لهم :
ممكن يأتينا واحد شيعي ويقول عنا : أنتم تكفرون الصحابة هههههههه

...................................................................................................................
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا

رجاء البوعلي
صحيفة الشرق ٢٠١٥/٧/١١

يعزو بعض الناس تنامي الإشكالات وتصاعد مستوى الصدامات بين مكونات المجتمع لعدة أسباب؛ من أهمها: إثارة الفتن، ويرون أن المعالجة لن تحقق أدنى نجاح دون انتزاع جذور الفتنة، وهم في ذات الوقت يدركون أن الفتنة وليدة ظروف معينة، وبحاجة إلى بيئة حاضنة لتكبر وتعيش وتتكاثر وتنتشر أكثر فأكثر؛ وبهذه الدورة نكون أمام «دورة حياة الفتنة»؛ تحيا بتوافر كافة العوامل، وتضعف وتموت بإخلال توازنها.

وقد أثبت التاريخ أن الفتنة والتفريق أمر حاضر في تعاملات الإنسان على مر الأزمنة، وما يحدث اليوم من تفاقم الفتن بين مكونات المجتمع الواحد، والحيلولة دون التئام الصف الإسلامي، يؤكد الحاجة لإبقاء الفتنة حاضرة دائما، بل ومسيطرة بأغراضها التدميرية ضد وحدة الصف الإسلامي والوطني؛ ليبقى السؤال؛ هل المشكلة في وجود الفتنة أم في التعاطي معها؟
إن النفوس التي ارتضت تشويه صورة الإسلام وهو دين الإنسانية والتسامح والمحبة، بتضخيم شعارات الاختلاف وإشعال مواطن الخلاف وتناسي قول الرسول عليه الصلاة والسلام «اختلاف أمتي رحمة»؛ وتحويله إلى نقمة، لم تحترم أيسر أقوال سيد البشرية عليه الصلاة والسلام؛ ولم تمتثل للنزر اليسير من سماحة الإسلام، فكيف ستصنع بالدين كله، فعلى سبيل التقريب؛ هل ننتظر حفظ القرآن كاملا ممن لم يقو على حفظ سورة الفاتحة؟

إن طبيعة النفس البشرية عنصر مهم في المعالجة؛ فالفرد الذي تذوق حلاوة العيش المشترك، وتجرع كؤوس الأمانة والثقة مع الآخرين المختلفين، وسعد برغد العيش الآمن والنفس الهادئة والمحبة لجميع الناس؛ يستعصي تحوله إلى بوق من أبواق الكراهية وإثارة العداوة، والعكس صحيح؛ فالنفوس التي شبت سواعدها، تحيك الفتن وتلونها لتلبسها بسطاء الفكر وضحايا الجهل؛ عصيٌّ عليها استشعار الحاجة للتقارب الإنساني ومُحال إفهامها ضرورة الاختلاف البشري وإقناعها أن تلك سنة الله في خلقه!

الفتنة حاضرة منذ فجر التاريخ، وهي شكل من أشكال الصراع الأزلي بين الخير والشر؛ نعوِّل على وعي أفراد المجتمع، واستشعارهم بخطر هذه الإيقاعات المغرضة، واستذكارهم لتعاليم الإسلام الأصيلة الداعية للتسامح والمحبة وحسن الجوار والأمانة بين الناس؛ فإن تجاوز المجتمع نكبات الفتن، والقفز فوق مزالق الكراهية وإثارة العداوة وضرب الصفوف الإسلامية والوطنية الموحدة؛ ومواجهتها بالمحبة وزيادة القربى والتلاحم والتراحم؛ دلالة فعلية على مستوى وعي المجتمع وإدراكه لكواليس الفتن الباطنة؛ وحكمته في معالجة طوارئ الأحداث! والعكس تماما.

إننا اليوم بحاجة للاستماع لنداء الله عبر ضمائرنا الحية، فالجميع اليوم بحاجة للجميع، كيلا نبقى متأخرين حتى في الإنسانية! إن الطريق إلى الله في الوحدة والسلام والرحمة والرأفة والقيم العليا؛ فالمواطن المخلص والمسلم الحق من شد على يد أخيه الإنسان ليعبرا سويا فوق الكراهية والفرقة والانقسام بكل قوة وإيمان. قال تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

....................................................................................................................................................
أين الحقيقة ؟
يحيى العبداللطيف


سافرت للعراق قبل سنوات كنت في سفري أريد اكتشاف جزء من الواقع لأقف يقينا على الحقائق  ، تبادل الأحاديث مع عامة الناس يمنحك مصداقية أكبر ، في المشهد الحسيني فرصة لأن تختطف الحقيقة من أفواه الناس هم عينات عشوائية حسب مقاييس البحث .
حادثت صدريا فرأيته يذم خصومه ، قابلت معمما فرأيته يذم كل حزب الدعوة ، قابلت سائق باص فرأيته يتمنى أن يحكم العراق إياد علاوي ، قابلت معمما يتهم مراجع بالفساد ، قابلت معمما آخر يتهم شخصيات مشهورة بسرقة المال العام ، قابلت معمما يحلم بالجلبي رئيسا.

بعد أن عدت اكتشفت أني لم أكتشف شيئا  في بلد يهمني أمره ، كل يحدثك برؤيته كل يهبك حقيقته هو ، أما أنت لا يمكنك تعرف الحقيقة إلا بعد مغامرات كيرى وخبرة طويلة ، لو ملت لعاطفتك ستختار الحقيقة بعين من تحبهم لأنك تحبهم وتثق بهم لكنه ليس معيارا علميا .

صديقي القارئ ! اسمح لي أنصحك  درب نفسك أن الحقيقة لا تعني الأبيض والأسود هناك في كل طرف جماله وانجازه ، أحيانا من تراهم سيئين قد تكون لهم مبررات وقد يكونوا ضحايا ، ومن تراهم ملائكة قد تصدم ببعض خفاياهم ، تدرب أن كل له ماله وعليه ماعليه لترتاح ولتكون موضوعيا  .
لم أستطع أن  أفهم في سفرة بسيطة حقيقة مجتمع أحبه ، وأستغرب ممن يدعي الحقيقة في مجتمعات بعيدة عنه ، اكتشفت أن المجتمع الذي أقف على تفاصيله مجتمعي الحساوي كوني ملتصق به طيلة حياتي وجزء فاعل فيه ، لا يمكنني حتى أن أتكلم عن القطيف رغم قربي وعلاقاتي فيها ، لا أستطيع أن أعرف الحقيقة فيها لأن التفاصيل غائبة عني  .

أستغرب من الحمار (واعتذر عن اللفظ النابي ) الذي يجلس في موقع تويتر مثلا ويناقش قضايا كل شعوب العالم ويفزع لكل قضية لا يدرك أي حثياتها ولا يعرف تفاصيلها ويصطف مع طرف ضد طرف في بلدان لا يعرف أين تقع على الخريطة ، ويتكلم بثقة العارف المطلق الذكي ، والمحلل السياسي الألمعي ، هذا النموذج يجلب لي أعتى اشكال الاستقراف

.....................................................................................................................................................

 خاطرة.
مهدي الرمضان

 

في التنافس والتدافع بين البشر وهو من سَنَن التاريخ والزمن في مجالات المال والأعمال وفي الإقتصاد الدولي والسياسة العالمية وفي مجالات أخرى عديدة بدأت الشعوب المزدهرة نتيجة تجارب الحروب والتقاتل التى مرت بها بدأت تنحو نحو إستراتيجية التعقل وجعل تحقيق المكاسب أولوية لها في التفاوض والتقاسم والشراكات فتوجهت نحو مفهوم Win-Win (رابح -رابح) لتكون اولوية لكل متفاوض أن يحقق هو "ربح" من الصفقة التعاقديّة وليس أولويته أن يجعل خصمه يخسر حتى وإن هو إيضا خسر. يتفاوضون ليخرج كل طرف منهم محققا ربحا دون أن يتعسف طرف ليتملك بمفرده على كل الكعكة لأن ذلك مكلف وغير ممكن أن يستديم.
يتقاسم المتفاوضون الحصص كل مع خصمه ويعتبره شريك في التفاوض والمنفعة.
وأثبت التاريخ أن في مثل هذه التعاقدات والإتفاقيات الرابح فيها كل طرف وعندما تسود العقلانية على النزعة الغرائزية البدائية للمتفاوضين، يكون ذلك مدعاة لدوام ومتانة العلاقات التعاقديّة والشراكة الحقيقية كما رأينا ايضا في التاريخ كيف تفشل الإتفاقيات التعاقديّة المجحفة بحق طرف من الأطراف.
من السير أن يحتضن كل طرف الإتفاقية الرابحة له والمبرمة مع منافسه ويدافع عنها في سبيل ان تدوم وتستمر ارباحه منها.
وربما أن اهم أسس نجاح التكتلات الإقتصادية والسياسية الكبرى المعاصرة بين الدول حاليا هو التمسك بمفهوم Win-Win.

ليس هذا هو للأسف الحال في دولنا وعلاقاتنا كشركاء ببعضنا في الوطن فنحن نتدافع وتتنافس - وتلك سنة الحياة- ولكننا بعيدين لازلنا عن أن نعيش التعاون والتكاتف والشراكة الحقيقية المفيدة لكل الأطراف بل يتخيل طرف إمكانية أن يقضي ويمحي طرف آخر ويسلبه كل حقوقه ويسحقه تماما وذلك بكل تأكيد غير منكن وإستراتيجية فاشلة.
ولذا ندخل في دائرة خلافات لا تنتهي نتوارثها جيل عن جيل لأننا إذا حدث ودخلنا التفاوض ندخل بذهنية طرفين يتقاتلون وبمفهوم Lose-Lose كإستراتيجية وتكون أولوية كل طرف أن يقضي على الطرف الآخر ويجعله ألطرف الخاسر حتى وإن تكبد هو أكبر وأعلى الخسائر في المقابل كما رأينا يحدث في السنوات القليلة الماضية بين المكونات الوطنية داخل العديد من دول المنطقة.
وهذا أيضا ما نشاهده للأسف تقريبا يسود بين دول المنطقة المختلفة في توجهاتها السياسية.