المشاركون:
1) عقيل عبدالله: الهويه أزمة انسانية
2) مهدي الرمضان: لمحات موجزة في قضايا الهوية "الهوية ليست منتج ناجز"
3) مهدي الرمضان: تيارات العولمة تجرف الهويات الوطنية
4) فاخر السلطان: الدين ضحية لصراع الهوية
الهوية.. أزمة انسانية
عقيل عبدالله
تعد قضية الهوية من أهم مشكلات العصر الحديث لما أحدثته المتغيرات السريعة و الانتقال للافكار و البشر و السلع بين القارات بسرعة هائلة ، مما أثر على استقرارها من نواحي مختلفة .
بالحديث عن الهوية يجب ان نفرق بين نوعين من الهوية
الهوية الاجتماعية:
وهي ما يميز المجتمعات عن بعضها ,و هي عبارة عن الخصائص المشركة بين مجموعة من الافراد.
النوع الثاني هي
الهوية الذاتية أو الشخصية:
وهي ما يميز الفرد عن غيره و يعطيه خصائصه الفارقة
فبينما يعطي النوع الثاني انطباع ان الافراد متمايزون عن بعضهم ... يعطي النوع الاول الانطباع ان البشر متشابهون في كثير من الخصائص..
و من هنا نعرض لأصل كلمة الهوية
فهي مأخوذة من الضمير هو
و من الهوة و هي قعر البئر
مما يعني ان الهوية تعبير عميق عن حقيقة الانسان في داخله..
و في معجم المعاني
عرف الهوية انها حقيقة الانسان المطلقة و صفاته الجوهرية
وحقيقة الشيئ هي هويته
و عرف اريكسون هوية الانسان بأنها الوعي بالذات و فلسفته في الحياة..
يجرنا الحديث عن الهوية الى علاقته بالمثقف و ربما ليس اي مثقف انما المثقف المتطلع لتجديد واقعه و فتح آفاق جديدة ..
هذه المحاولة من المثقف يجعله في صدام مع من يرى ان الحفاظ على المكتسبات و الخصائص الاجتماعية من عادات و تقاليد و افكار - وهي مفردات الهوية- اولى من فتح نوافذ جديدة قد تؤثر سلبا ..
المثقف ليس من الضرورة ان يكون فاقدا للهوية او غير منسجم مع الهوية الاجتماعية ... و لكن المعضلة الحقيقية هي في عدم هضمه لهويته المحلية و الاستعجال في نقدها متكئا على ثقافة مستوردة..
و هذا يقودنا الى كلمات د. علي شريعتي خصوصا في كتابه مسؤولية المثقف التي صرخ فيها بوجه المثقف المستلب الهوية لصالح الذوبان في كل مستورد و طارئ...
من اصعب الامور ان يضطر شخص للدفاع احيانا عن افكار قد لا يؤمن بها بسبب انها تشكل هوية لمجتمعه و محيطه و عائلته..
تماما كحال كثير من المثقفين الذين ينقدون تفاصيل المذهب و لكنه يضطر للدفاع عنه عندما يدخل في جدال سني- شيعي
و هنا استحضر احدى قفشات الصديق صادق السماعيل
عندما يحتدم النقاش في اي لقاء او ملتقى حول احدى مكونات المذهب كنقد رجال الدين او الحسينيات او ..ليقول للناقد ..
نهايتك بتموت و سيتم تغسيلك و تكفينك و دفنك على الطريقة الشيعية و سيأتي معمم شيعي لينزل في قبرك و يلقنك على الطريقة الشيعية و سينصب عزاك في حسينية و سأتي ملا ينوح على مصيبة الزهرا..
هذه ليست نكتة بل حقيقة تجذر الهوية و الانتماء مهما نقد المثقف او حاول التمرد..
العرب و الهوية
جرب العرب الهوية القومية العربية و قاد هذا التيار الرئيس المصري عبدالناصر ..
ولكن هذا التيار فشل فشلا ذريعا في تحقيق اي حداثة للعرب ..بل لم يستطع تجسيد الهوية القومية في ارض الواقع..
و من هنا شقت الهوية الدينية الاسلامية بقيادة تيارات الاسلام السياسي خطها في تخليق هوية دينية كبديل للقومية..
و عندما استشعرت الانظمة العربية خطر التيارات الدينية العابرة للحدود اطلقت ما سمي بالهوية الوطنية ..
و لكنها الى اليوم لم تثبت صلابتها في مواجهة اي تيار ديني او قومي او فكري و هو احد اسباب ضعف الدول العربية و ضعف انتماء الشعوب العربية لكياناتهم السياسية الحالية..
العولمة ماذا حققت ؟
كانت العولمة حديث المجالس في التسعينات، و كان القلق من تغلغل المفاهيم الغربية و الامريكية تحديدا الى المجتمعات المغلقة و التأثير في هويتها متصدرا للخطاب الديني و الثقافي..
السؤال بعد نحو عقد و نصف من اثر العولمة.. هل تأثير هويتنا المحلية بها؟؟ما نوع الاثر ايجابي ام سلبي؟ و هل كان الخطاب حينها واقعيا ام مبالغ فيه؟
في مقابل العولمة و من اجل مواجهتها طرح البعض فكرة العالمية..
تتلخص في الفكرة بالاعتراف بكل الهويات و الثقافات الانسانية و التعايش معها بدل نموذج العولمة الذي يعني تصدير نموذج واحد للبشرية و هوية واحد لكل الناس..
ومثال ذلك
ان العولمة تؤدي الى تجد في كل مدينة من مدن العالم الناس ترتدي بنطلون جينز و تأكل في ماكدونلز و تركب سيارة فورد
اما العالمية
فتعني ان تجد في كل مدينة في العالم مطعم امريكي الى جانبه مطعم صيني و مطعم هندي آخر عربي و هكذا ..
لنتحدث عن فكرة طوباوية انتشرت لفترة من الزمن خصوصا في الغرب
و هي فكرة الانسان العالمي او الكوني..
الفكرة تتلخص في فئة من الناس قررت ان تنتمي للبشرية ككل و ان تنتمي الى كل الانتاج و الحضارات و الاديان و الافكار الانسانية بذات الدرجة دون تحيز او تعاطف مع فكرة دون اخرى.
و تريد هذه الفئة ان يتم اصدار جوازات سفرها من الامم المتحدة و يكون معترفا به في كل دولها و ان تتم كل معاملاتهم المدنية عن طريق المنظمة الدولية و ان لا يحملوا جنسية محددة بل تكون جنسيتهم الانسانية و دولتهم الكرة الارضية..
هذه الفكرة لقيت رواجا خصوصا بين اليساريين في الغرب لكن الفكرة ابعد ما تكون عن التطبيق..
صراع الهويات:
سلط أمين معلوف الضوء بشكل مكثف في كتابه الهويات القاتلة ..و طرح عدة نماذج لصراع الهويات ..
و قدم معلوف عدد من النماذج منها صراع البلقان في يوغسلافيا السابقة .. فبعدما كان الشعور بالانتماء طاغيا أيام يوغسلافيا تيتو .. تحول الى صراعات دامية بين أطياف الشعب اليوغسلافي من بوسنيين و صرب و كروات..
و البوسني اصبح يشعر بانتماءه الديني اكثر من الوطني بعد المجازر الوحشية و التطهير العرقي و الاثني ..
و طرح معلوف تجربته الشخيصية ايضا قبل انتقاله الى فرنسا ..
حيث اضطرته ظروف الحرب الاهلية للهرب من لبنان ..
هو المسيحي الكاثوليكي من طائفة الروم الملكيين في عائلة منقسة بين الطوائف .. بل و ان احد اسلافه متهم بالماسونية..
و رغم انه تابع للكاثوليك إلا انه مسجل كبروتستانتي بس خلاف عائلي ...
لديه جدة تركية الاصل و جد ماروني مصري ...
مسيحي لغته الاصلية العربية التي هي لغة الاسلام.. و لكنه يفكر و يكتب بالفرنسية
يتسائل معلوف هي هذه الانتماءات تجعلني مشترك مع ملايين البشر في هوية واحدة ام انها تعني انني ذو هوية فريدة لا تشبه احد..
في ظروف كظروف الحرب الاهلية او الانتخابات الطائفية كلبنان بجانب من يجب ان يصطف ؟؟و اي فروع هويته احق بنصرته و الانتصار له؟؟
نموذجين في مقاربة صراع الهويات..
في ايطار محاولتها لمقاربة صراع الهوية أفرزت التجارب العالمية نموذجين هما :
النموذج الاول
هو النموذج الفرنسي
و يقوم اساسا على صهر الهويات الفرعية في هوية وطنية شاملة...و السعي الى دمج الاقليات في الثقافة الام و تسهيل عملية ذوبانهم في المجتمع..
اما النموذج الثاني..
فهو النموذج البريطاني..
ويقوم على اساس تشجيع الهويات الفرعية على الاستمرار و النمو و تعويد المجتمع على تقبل الاختلاف .. و اعتبار الهوية الوطنية عبارة عن مزيج من الهويات الفرعية ..
و لعل سبب الاتجاه البريطاني الى هذه الاسلوب هو كون بريطانية دولة اتحادية تضم بالاساس عدة هويات و العلم البريطاني عبارة عن تجميع لاعلام الاقاليم المشاركة في الاتحاد.
على الصعيد الدوي فإن معظم حكومات العالم الثالث تتبنى النموذج الفرنسي و تعتبر ان صهر الهويات الفرعية في هوية وطنية شاملة ادعى للاستقرار السياسي..
و لكن دول اخرى كاستراليا و كندا حققت استقرارا كبيرا باستخدامها النموذج البريطاني .. فيما تعاني بعض الدول التي اعتمدت النموذج الفرنسي من الصراع المستمر..
لمحات موجزة في قضايا الهوية
"الهوية ليست منتج ناجز"
"الهوية ليست منتج ناجز"
مهدي
الرمضان
يهتم علماء السيكولوجيا والسيكولوجيا
الإجتماعية والانثروبولوجيا كل في مجاله بالهوية وتعريفها وتركيباتها.
فمن الناحية السيكولوجية يهتم هذا العلم بالهوية في دراساته للأفراد كأفراد ويعتبر الهوية هي تعريف للذات والصورة الذهنية التي يحملها الفرد عن ذاته وبها يتحدد العنوان العام الذي ينضوي تحته الفرد ككيان كامل مستقل.
أما بالنسبة للباحثين والمتخصصين في السيكولوجيا الإجتماعية فينظرون للهوية في مفهومها الإجتماعي العام وإرتباطاتها بالإنتماء بالوسط والمحيط الإجتماعي.
فمن الناحية السيكولوجية يهتم هذا العلم بالهوية في دراساته للأفراد كأفراد ويعتبر الهوية هي تعريف للذات والصورة الذهنية التي يحملها الفرد عن ذاته وبها يتحدد العنوان العام الذي ينضوي تحته الفرد ككيان كامل مستقل.
أما بالنسبة للباحثين والمتخصصين في السيكولوجيا الإجتماعية فينظرون للهوية في مفهومها الإجتماعي العام وإرتباطاتها بالإنتماء بالوسط والمحيط الإجتماعي.
أما علماء الانثربولوجيا فينظرون للهوية كمفهوم تاريخي تحدده وتمنحه الثقافة الإجتماعية للجماعة والكتلة البشرية التي يعيش وسطها الفرد. فهوية الفرد هنا هي مستمدة ومرتبطة عضويا بهوية الجماعة البشرية.
للهوية أبعاد متعددة متداخلة منها ما هو شبه ثابت نادر التغير والتحول كالجنس ذكر او أنثى والديانة والمبتنيات العقدية الرسخة ومنها ما هو ديناميكي دائم التحول كإرتباط الهوية بالعمر وإحساس المرء وتعريفه لذاته بحسب ما هو فيه من مرحلة عمرية ومن نواحي أخرى تتطور هويته بتطور مجالات عمله الوظيفي وتطوراته الثقافية بتطور مستواه العلمي وبتحولاته الفكرية الدائمة على سبيل المثال.
فهو دائماً يدخل دوائر جديدة و يغادر دوائر أخرى مع تطوره ثقافياً وأقتصاديا ومعرفياً.
يضع المرء تراتبية و اولويات هويته بلا وعي تام منه كي تحقق له هويته إستقرار تفسي ورضا عن الذات في كل مرحلة من حياته وتتبدل أهمية عناصرها التراتبية تبعاً لما يحققه في حينه كل عنصر من مكاسب او يدفع عنه من مخاطر.
ترتيب اولويات عناصر الهوية تحكمها اولا مدى ارتباط الهوية في حفظ كينونته وبقاءه على قيد الحياة ومن ثم يأتي قدرة هويته لمنحه إحترامه لذاته ودعم حراكه في الحياه وتحقيق إشباع لرغباته.
انثروبولوجيا، في العصور الماضيه وفي المجتمعات الاكثر بدائية والتي كانت تتسم بالثبات وبطء وتيرة التغير، لم تكن الهوية تشكل قضية مثار للنقاش او الجدل او المراجعة إجتماعياً. وكانت الهوية كتعريف للفرد ضمن المجموعة تمنح له من وسطه الإجتماعي فلم يكن لكيانه مفرداً أهمية وبروز إجتماعي ولم يكن وارد في مجتمعه ان يسمح له او أن يتاح له ان يختار هويته المختلفة ضمن هذا الوسط.
في عصرنا الحالي ومع المتغيرات الحضارية المتسارعة وبروز حركة الفردانية وبروز حركات حقوق الإنسان، اصبح الفرد بعد تمتعه بمجال حريه واسع وارتفاع مستواه الأكاديمي والثقافي معني بتعريف هويته الذاتية المستقلة وممارسة خياراته في وضع تراتبيتها وأولويتها ضمن الإطار الإجتماعي العام او حتى ضد وسطه وبيئته الإجتماعية.
كون الهوية دائمة التحول و التغير، فهي منتج غير ناجز وعملية غير محسومة أو تامة.
في العصر الحالي اصبحت الهوية قضية البشرية الكبرى لما لها من تأثيرات سياسية وإجتماعية ضخمة ادت لحروب عالمية طاحنة و صراعات كبيرة بسبب تضارب مصالح الهويات للشعوب والكتل البشرية.
ستبقى قضايا الهوية وما يستتبعها من تزاحم في الإنتماءات الإثنية والوطنية مثار للصراع البشري وربما سبب ذلك يرجع لبروز مفهوم الفردانية وتضاؤل قوة الجماعة وثأثيرها إجتماعيا وتطلع الافراد للحصول على مكاسب أكبر لذواتهم وضغطهم ليحصلوا إيضا على مكاسب لمن يشتركون معهم في الهوية في دوائرهم الإجتماعية.
تيارات العولمة تجرف الهويات
الوطنية
مهدي الرمضان
إنطلقت العولمة فلسفيا وعملاتيا مع
بداية دخول الالفية الثالثة.
جاءت العولمة بعد ان تمهد لها الطريق بالإبتكارات وتقنيات التواصل وثورة المعلومات لتخترق الحدود بين الدول وتقتحم حواجز الثقافات بسهولة ويسر ولم يعد في المقابل للدول المنفردة القدرة ان تقاوم تياراتها فتضائلت مقاوماتها على صد ما يأتي مع العولمة الاقتصادية من مستجدات و من عناصر تفعل فعلها في مجتمعات تلك الدول. العولمة عملية مركبة ومعقدة و في مفهومها العام تهدف لإختصار الأوقات وتجسير المسافات بين الشعوب و الافراد لتزيد التبادل التجاري وكسب اسواق جديدة أمام بضائع الدول المتقدمة.
الدافع الإقتصادي وسيطرة رأس المال وتوسيع مجالات توظيفه هي الدافع الرئيسي لهجمة العولمة على اسواق وثقافات الشعوب وتمييع هوياتهم الوطنية.
ولكن ليست المحاور الإقتصاية منفردة هي فقط المؤثرة هنا بل تشمل العولمة وتمهد في طريقها لإعادة صياغات وخلق بيئات عالمية موحدة يكمن في طبيعتها مفهوم التجانس الثقافي والمزامنه العملاتية والتكامل بين كل شعوب العالم.
وفي طريقها لتحقيق ذلك تقع ثقافات وهويات الشعوب وبالذات الأقليات داخل الشعوب ضحايا مؤكدة في الطريق.
سيفقد العالم وشعوبه الضعيفة قواه وخصوصياته ويتم تخفيف وقع التعددية والخصوصية والتفرد الثقافي في العالم ليحل محلها التجانس والتزامن والتكامل الذي يفرضه الاقوياء فيصبح الجميع تقريبا نسخ متشابهة يأكلون ويشربون ويلبسون منتجات محددة ويتحدثون بلغة واحدة تحت سيطرة عالمية لقوى رأس المال وما يفرضه من نمطيات وبالتالي يتقاربون في أنماط معيشتهم وطرق تفكيرهم ويضيّعون على أثرها هويات مجتمعاتهم الثقافية والتاريخة.
طبعاً، لم تستسلم الشعوب بسهولة وتقبل هذه المتغيرات وما ستؤدي له من مخاطر ماحقة لاساليب معيشتها وهدم لمسلماتها وقناعاتها ومحو هوياتهم.
جاءت مقاومة الشعوب والعديد من الفئات الثقافية المحافظة والسياسية والحزبية الأيدولوجية لخشيتها من هجمة العولمة وما قد تشكله من مخاطر ماحقة عليها وعلى هوياتها الجامعة. وكانت ردود الفعل متفاوته في اسلوب تعاملها ورفضها. بعض الشعوب استسهلت الامر وسبحت مع التيار وحققت في الطريق بعض المكاسب الحضارية على حساب هوياتها. ودول أخرى خلقت تكتلات كبرى لتكون فاعلة إقتصادياً أمام تيارات العولمة واستطاعت ان تقلل من مخاطر فقدان خصوصياتها الثقافية والإجتماعية. وتعاملت بعض الدول بإنتقائية في مواجهة مخرجات العولمة ودول أخرى قامت بوضع حواجز ومنع دخول كل تقنيات التواصل وحرمان شعوبها من مخرجات العولمة بعذر الدفاع عن هوياتها الوطنية.
أليابان على سبيل المثال كانت إحدى الدول القلائل التي استطاعت في معادلة ناجحة ان تزاوج بين معطيات العولمة وبين الحفاظ على نمط عيشها وتراثها الثقافي ومنعت بذلك المساس بهويتها الوطنية.
سيبقى الصراع ويزداد ضراوة بين تيارات العولمة وهجماتها وإختراقاتها للحدود والحواجز وتأثيراتها الجانبية وستبقى شعوب ودول العالم الثالث تحاول الدفاع عن خصوصياتها الثقافية والتمسك بهوياتها الوطنية أمام تلك الهجمات.
ستنجح فقط الشعوب التي تتمكن من تحقيق إختراقات في مستوى أداءها الاقتصادي وفي رفع مستوى تنميتها الحضارية.
الدين ضحية لصراع
الهوية
فاخر السلطان
هل يمكن الدفاع عن شريحة من المسلمين تحاول أن تعيد أو تفلتر أو حتى
تقطع علاقتها بتاريخ الدين؟
هي في الواقع لم تقطع علاقتها بالله أو بالوحي ولا بعقائدها الإيمانية
المعنوية، إنما أرادت أن تضع حدا لعلاقتها التقليدية والمادية المصلحية بالتاريخ
الديني، فهي رفضت قبول التبعية للتاريخ وعارضت الخضوع للماضي الاجتماعي الديني
الساعي إلى أن يصبح أساسا لحياتها في الحاضر.
لا يمكن بناء تلك العلاقة والدفاع عن تلك الشريحة إلا بطرح نهج للتدين
يستمد أسسه من أصل رئيسي بعثت من أجله الأديان، ومن ضمنها الدين الإسلامي. هذا
الأصل يتمثل في الإيمان الطبيعي المتحرر من الزوائد التي أدخلت عليه عبر التاريخ،
الإيمان الهادف إلى بناء علاقة فطرية مع الله، لا التدين الساعي إلى استغلال
الظروف والمصالح في الدنيا لتثبيت هوية دينية.
فلا همّ لمعظم المنتمين إلى ضفتي السنة والشيعة إلا الدفاع أو الهجوم على القضايا التي تحفظ هويتهم الدينية التاريخية، ولو أدى بهم الأمر إلى استخدامهم أساليب غير أخلاقية.
فلا همّ لمعظم المنتمين إلى ضفتي السنة والشيعة إلا الدفاع أو الهجوم على القضايا التي تحفظ هويتهم الدينية التاريخية، ولو أدى بهم الأمر إلى استخدامهم أساليب غير أخلاقية.
إذا ما واصلت المدرسة الفقهية التقليدية، لدى السنة والشيعة، والتي
تتبنى نشر منهج الهوية الدينية وتعتبره أحد مهامها الرئيسية في الحياة، في الظهور
على هذه الشاكلة من دون السعي إلى إعادة إحياء نهج التدين المعبّر عن العلاقة
الفطرية بين الإنسان وربه ورفض الزوائد التي أدخلت على الدين عبر التاريخ، فإن
أكثر المتضررين من ذلك هو الدين نفسه، ثم المواطن وأمن الوطن وسلامة المجتمع
المحلي.
التديّن المصلحي والمادي المستند إلى الهوية الدينية يعبر في أبرز تجلياته عن الطائفية البغيضة، إذ لا هم لأصحاب هذا النوع من التديّن إلا الاستناد إلى التاريخ للدفاع عن وجودهم وهويتهم والسعي لإلغاء الهويات الدينية.
التديّن المصلحي والمادي المستند إلى الهوية الدينية يعبر في أبرز تجلياته عن الطائفية البغيضة، إذ لا هم لأصحاب هذا النوع من التديّن إلا الاستناد إلى التاريخ للدفاع عن وجودهم وهويتهم والسعي لإلغاء الهويات الدينية.
التحول
الديني وبواعث الاعتقاد في الغرب
كاظم
الخليفة
(1)
ترى لماذا
يتحول الإنسان من ديانة إلى أخرى؟، بل ماذ يدفع بالعلماني الغربي والمتخفف من
لوازم الاعتقاد كالطقوس والشعائر الدينية ومنظومة أخلاق ووصايا يحددها الدين
الجديد حتى يتخلى عن استقلاليته ويدخل في تبعية دينية؟
فهل هناك نظريات حاولت تفسير ظاهرة التحول الديني والكشف عن بواعثها وملابساتها؟
ثم الا يعتبر الحديث عن التحول الديني والذي تجاوزة الزمن بفعل التغيرات الثقافية والتي طرأت على الفكر الغربي حتى بات ما يعرف بالدين "المتجاوز للأديان" وذلك عندما يتم صهر معتقدين دينيين مع بعضهما البعض كما هو حاصل في أمريكا مثلاً بين بعض مبادئ الكاثوليكية والبروتستانتية ، دليل على على انحسار التحول بين الأديان المتقابلة إلى الانسجام والتوفيق بينها؟
فهل هناك نظريات حاولت تفسير ظاهرة التحول الديني والكشف عن بواعثها وملابساتها؟
ثم الا يعتبر الحديث عن التحول الديني والذي تجاوزة الزمن بفعل التغيرات الثقافية والتي طرأت على الفكر الغربي حتى بات ما يعرف بالدين "المتجاوز للأديان" وذلك عندما يتم صهر معتقدين دينيين مع بعضهما البعض كما هو حاصل في أمريكا مثلاً بين بعض مبادئ الكاثوليكية والبروتستانتية ، دليل على على انحسار التحول بين الأديان المتقابلة إلى الانسجام والتوفيق بينها؟
سنحاول
الإجابة على هذه التساؤلات من خلال قراءة في ثلاثة مراجع مهمة نستحضرها هنا حتى
تجيب عن أسئلتنا هذه وهي:
١- كتاب "اعتناق الإسلام في الغرب أسبابه ودوافعه" للدكتور صلاح عبد الرزاق.
٢- كتاب "علم الاجتماع الديني الإشكاليات والسياقات" للدكتور سابينو أكوافيفا، و الدكتور إنزو باتشي.
٣- كتاب "علم الأديان مساهمة في التأسيس" لرئيس جامعة السوربون السابق البروفيسور ميشال مسلان.
١- كتاب "اعتناق الإسلام في الغرب أسبابه ودوافعه" للدكتور صلاح عبد الرزاق.
٢- كتاب "علم الاجتماع الديني الإشكاليات والسياقات" للدكتور سابينو أكوافيفا، و الدكتور إنزو باتشي.
٣- كتاب "علم الأديان مساهمة في التأسيس" لرئيس جامعة السوربون السابق البروفيسور ميشال مسلان.
مقدمة عن
تطور الفكر الديني في الغرب:
"مريم جميلة" أو مارغريت ماركوس، تحولت عن اليهودية إلى الاسلام بسبب ميلها وإعجابها بالموسيقى العربية وكذلك لشغفها بصوت أم كلثوم وهي ترتل سورة مريم! ذلك ما تقوله مريم عن بداية تأثرها بالإسلام والثقافة العربية وتحولها عن اليهودية. لكن كيف لنا أن نستوعب ذلك بدون الولوج إلى أعماق الفكر الغربي واستيعاب مقدار التحول العميق في مفهوم التدين لدى الغربيين وكذلك معنى "الدين الطبيعي" والذي يفسر كثير من الظواهر ومنها التجربة الدينية أو الايمان العميق والذي ينشأ عن الشعور بالمقدس واستحضاره كتجربة داخلية، و هذا لا ينفي الدوافع العقلانية البحتة في العديد من حالات التحول كما لا حظها لاري بوستون في استقرائه لدوافع الحالات التي درسها لمجتمع عينته الامريكية.
كل ذلك سنعبره من خلال الموجز التالي:
"مريم جميلة" أو مارغريت ماركوس، تحولت عن اليهودية إلى الاسلام بسبب ميلها وإعجابها بالموسيقى العربية وكذلك لشغفها بصوت أم كلثوم وهي ترتل سورة مريم! ذلك ما تقوله مريم عن بداية تأثرها بالإسلام والثقافة العربية وتحولها عن اليهودية. لكن كيف لنا أن نستوعب ذلك بدون الولوج إلى أعماق الفكر الغربي واستيعاب مقدار التحول العميق في مفهوم التدين لدى الغربيين وكذلك معنى "الدين الطبيعي" والذي يفسر كثير من الظواهر ومنها التجربة الدينية أو الايمان العميق والذي ينشأ عن الشعور بالمقدس واستحضاره كتجربة داخلية، و هذا لا ينفي الدوافع العقلانية البحتة في العديد من حالات التحول كما لا حظها لاري بوستون في استقرائه لدوافع الحالات التي درسها لمجتمع عينته الامريكية.
كل ذلك سنعبره من خلال الموجز التالي:
(أ) الظاهرة الدينية وبواعث الإيمان:
يرى ميشال متسلان، مؤسس علم الأديان وعميد في السوربون، أن الظاهرة الدينية لايمكن فهمها بوضوح إلا من خلال تحليل الإنسان المتدين نفسه وتفسيره للعلاقات التي تربطه بقوة متعالية. لذلك هو لا يذهب إلى التنظيرات المجردة، بل يحاور فهم الإنسان نفسه لها، ويقرب وجهة نظره كالتالي: (كما أنه لا يمكن كنه إدراك كنه رؤيا حلم ما، إلا عبر لغة الحالم الصاحي، بالمثل لن تتم معرفة المقدس إلا عبر الإنسان الذي يعبر عنه).
لذلك نجد أن مجموع ما قاله البشر هو شعورهم بالقلق العميق الذي يكتنف وجودهم، وحسب تعبير هايدغر: داخل كون قُذف فيه وأسلم للموت.
فهذا القلق الوجودي هو ما يحاول الكاتبان باتشي و أكوافيفا في كتابهما المعنون ب علم الاجتماع الديني وصفه بأنه ينبع من "أصل غريزي" والذي يسعى فيه الإنسان إلى بلوغ مرحلة يصبح فيها خالداً بيلوجياً، ثم نفي القلق عن نفسه. لذلك يعتبران أن للدين له جذور نفسية عميقة، وهو يعبر عن حاجات منقوصة يخلف غيابها حرج شديد لدى الفرد.
لكن عندما أدرك الإنسان أن معركته من أجل الخلود هي معركة خاسرة، (هنا تولدت استراتيجيات نفسية "ذات طابع ديني" تهدف إلى وجود ضمانات في الوجود البشري). وبناءً عليه، يصل الباحثان إلى نتيجة مباشرة وهي أن التدين الداخلي العميق يقلص وبشكل واضح حدة القلق وخصوصا الخوف من الموت.
يتبع،،،
يرى ميشال متسلان، مؤسس علم الأديان وعميد في السوربون، أن الظاهرة الدينية لايمكن فهمها بوضوح إلا من خلال تحليل الإنسان المتدين نفسه وتفسيره للعلاقات التي تربطه بقوة متعالية. لذلك هو لا يذهب إلى التنظيرات المجردة، بل يحاور فهم الإنسان نفسه لها، ويقرب وجهة نظره كالتالي: (كما أنه لا يمكن كنه إدراك كنه رؤيا حلم ما، إلا عبر لغة الحالم الصاحي، بالمثل لن تتم معرفة المقدس إلا عبر الإنسان الذي يعبر عنه).
لذلك نجد أن مجموع ما قاله البشر هو شعورهم بالقلق العميق الذي يكتنف وجودهم، وحسب تعبير هايدغر: داخل كون قُذف فيه وأسلم للموت.
فهذا القلق الوجودي هو ما يحاول الكاتبان باتشي و أكوافيفا في كتابهما المعنون ب علم الاجتماع الديني وصفه بأنه ينبع من "أصل غريزي" والذي يسعى فيه الإنسان إلى بلوغ مرحلة يصبح فيها خالداً بيلوجياً، ثم نفي القلق عن نفسه. لذلك يعتبران أن للدين له جذور نفسية عميقة، وهو يعبر عن حاجات منقوصة يخلف غيابها حرج شديد لدى الفرد.
لكن عندما أدرك الإنسان أن معركته من أجل الخلود هي معركة خاسرة، (هنا تولدت استراتيجيات نفسية "ذات طابع ديني" تهدف إلى وجود ضمانات في الوجود البشري). وبناءً عليه، يصل الباحثان إلى نتيجة مباشرة وهي أن التدين الداخلي العميق يقلص وبشكل واضح حدة القلق وخصوصا الخوف من الموت.
يتبع،،،
(2)
(ب) انتفاء القلق من الموت هل يقود إلى العلمانية؟:
من خلال الإحصائيات وتتبع ظاهرة التدين في العصر الحديث، يصل الباحثان باتشي وأكوافيفا، إلى نتيجة واضحة بالنسبة إليهما، حيث يتناقص التدين ويزداد التحول إلى العلمانية وذلك بفضل الثورات الصناعية والاقتصادية التالية على عصر الأنوار. ففي إيطاليا مثلاً كان ٩٩٪ من مجموع المجتمع الايطالي يمارسون الطقوس الدينية في القرن الثامن عشر، وبعد نصف قرن أنخفضت النسبة إلى ٧٠٪. وحتى عام ١٩٥٦ لم تتغير النسبة إلا بشكل طفيف حيث بلغت ٦٩٪، لكن الانهيار الكبير حدث في عام ١٩٨٥ والذي انحدرت فيه النسبة إلى ٣٣,٥٪ وهو العام الذي انهارت فيه الأخلاق الدينية التقليدية ونمت أخلاق علمانية وكان أبرزها ظاهرة التحرر الجنسي، وكان السبب الرئيسي الملحوظ حينها هو الثورة الاقتصادية.
من خلال الإحصائيات وتتبع ظاهرة التدين في العصر الحديث، يصل الباحثان باتشي وأكوافيفا، إلى نتيجة واضحة بالنسبة إليهما، حيث يتناقص التدين ويزداد التحول إلى العلمانية وذلك بفضل الثورات الصناعية والاقتصادية التالية على عصر الأنوار. ففي إيطاليا مثلاً كان ٩٩٪ من مجموع المجتمع الايطالي يمارسون الطقوس الدينية في القرن الثامن عشر، وبعد نصف قرن أنخفضت النسبة إلى ٧٠٪. وحتى عام ١٩٥٦ لم تتغير النسبة إلا بشكل طفيف حيث بلغت ٦٩٪، لكن الانهيار الكبير حدث في عام ١٩٨٥ والذي انحدرت فيه النسبة إلى ٣٣,٥٪ وهو العام الذي انهارت فيه الأخلاق الدينية التقليدية ونمت أخلاق علمانية وكان أبرزها ظاهرة التحرر الجنسي، وكان السبب الرئيسي الملحوظ حينها هو الثورة الاقتصادية.
مع الثورة الاقتصادية
تغير تقريبا كل شيء: شكل المحبة، والتواصل في المجتمع، نمط صياغة العلاقات، نمط
التعايش، إضفاء معنى أو إلغاؤه على الحياة أو على الموت، وكذلك حدث تجاوز على
الدين الشعبي السائد والدين التقليدي والذي يتميز بطابعه السحري وامتزاج العنصر
المسيحي بالعنصر الوثني!!
بين خمسينات
القرن الماضي وثمانيناته حدث الشيء الكثير من التغييرات التي هزت أركان المجتمع،
فقد بقي الاهتمام بالدين الشعبي عند نسبة معينة، لكن دين الكنيسة حدث فيه تحولات
عميقة وأطل شكل جديد من التدين يسمى التدين الطبيعي (استشعار ما في الطبيعة من رؤى
واستبطان ذلك كتجربة دينية وتصوف، وليس الشعور بالله ذاته).
المجتمعات
الغربية دب فيها العديد من التحولات وصار الموت بموجبها أبعد، كما بات حدثاً
نادراً ما يأتي، وإن حل بأحد فهو غالباً ما يحصل متأخراً بفضل تقدم الطب وتحسن
وسائل العيش. لذلك سقط أحد أهم بواعث القلق لدى الإنسان والذي يدفع إلى الايمان
وهو هاجس الخوف من الموت.
السؤال هنا:
وسط هذا الركام من حطام مظاهر التدين المسيحي هل جاءت عملية التحول الديني من
الغربيين إلى الأديان الشرقية ومن ضمنها الاسلام كنتيجة لهذه الظاهرة؟
الجواب سنكتشفه من خلال نظريات التحول وشهادات المتحولين، وكذلك من وحي تنظيرات علماء النفس والاجتماع الديني.
أما باقي نظريات الظاهرة الدينية ومعنى الدين والتدين والإعتقاد، فسيتم الحديث عنهم لاحقاً تحت عنوان وموضوع منفصل.
للحديث بقية،،،
الجواب سنكتشفه من خلال نظريات التحول وشهادات المتحولين، وكذلك من وحي تنظيرات علماء النفس والاجتماع الديني.
أما باقي نظريات الظاهرة الدينية ومعنى الدين والتدين والإعتقاد، فسيتم الحديث عنهم لاحقاً تحت عنوان وموضوع منفصل.
للحديث بقية،،،
(3)
مفهوم التحول الديني:
يعّرف التحول الديني بأنه الانتقال من إيمان إلى آخر، أو هو تبديل مجموعة من العقائد والشعائر الدينية بأخرى. أو هو تغييرات راديكالية في النظرة إلى العالم والهوية مرتبط بصراع، كما عرفه لويس رامبو.
فمنذ بداية القرن العشرين قام الباحثون والسيكلوجيون بتطوير نظريات تفسر التحول الديني، وكل واحد منهم يركز على عامل معين أو دافع محدد يعتقدون أنه هو القوة الرئيسية. لكن يمكن اختزال هذه العوامل في محددين وهما عوامل داخلية وعوامل خارجية.
يعّرف التحول الديني بأنه الانتقال من إيمان إلى آخر، أو هو تبديل مجموعة من العقائد والشعائر الدينية بأخرى. أو هو تغييرات راديكالية في النظرة إلى العالم والهوية مرتبط بصراع، كما عرفه لويس رامبو.
فمنذ بداية القرن العشرين قام الباحثون والسيكلوجيون بتطوير نظريات تفسر التحول الديني، وكل واحد منهم يركز على عامل معين أو دافع محدد يعتقدون أنه هو القوة الرئيسية. لكن يمكن اختزال هذه العوامل في محددين وهما عوامل داخلية وعوامل خارجية.
العوامل الداخلية الدافعة الاعتناق:
تراوحت التحليلات المفسرة للعوامل الداخلية لمعنى التحول الديني بين من أوله كحل خيالي من أجل الخروج من حالة التهديد النفسي من خلال التحالف مع قوى فوق طبيعية، كما يقول فلو كونوي، إلى من فسرها بسمو الروح ورفعتها مثل براودفوت وهي أن الإنسان بحاجة إلى إيجاد معنى للحياة ويشمل هذا الحوادث اليومية المتعذر تفسيرها، اضافة إلى القضايا التي تنتاب تفكيره.
هذا التحول يعزوه كونوي إلى عوامل نفسية واجتماعية تودي إلى تغيير كيميحيوي في تركيبة الدماغ، مولدة تغييرات في الوعي.
أما سيجموند فرويد فيرى أن ديناميكية الاعتقاد هي انعكاس للقوى البدائية داخل الشخصية.
أما أشمل التنظيرات فقد أتت من خلال تقسيمات جون لوفلان ونورمان سكونوفد حيث قسما الدوافع الداخلية إلى ستة أنواع سنعرضها لاحقاً.
للحديث بقية،،،
تراوحت التحليلات المفسرة للعوامل الداخلية لمعنى التحول الديني بين من أوله كحل خيالي من أجل الخروج من حالة التهديد النفسي من خلال التحالف مع قوى فوق طبيعية، كما يقول فلو كونوي، إلى من فسرها بسمو الروح ورفعتها مثل براودفوت وهي أن الإنسان بحاجة إلى إيجاد معنى للحياة ويشمل هذا الحوادث اليومية المتعذر تفسيرها، اضافة إلى القضايا التي تنتاب تفكيره.
هذا التحول يعزوه كونوي إلى عوامل نفسية واجتماعية تودي إلى تغيير كيميحيوي في تركيبة الدماغ، مولدة تغييرات في الوعي.
أما سيجموند فرويد فيرى أن ديناميكية الاعتقاد هي انعكاس للقوى البدائية داخل الشخصية.
أما أشمل التنظيرات فقد أتت من خلال تقسيمات جون لوفلان ونورمان سكونوفد حيث قسما الدوافع الداخلية إلى ستة أنواع سنعرضها لاحقاً.
للحديث بقية،،،
(4)
أعطى الباحثان
جون لوفلان و نورمان سكونوفد تفسيرات لدوافع الاعتناق الداخلية بواسطة الخبرات
التي يمكن تحديدها من كل نوع من محرضات الاعتناق وهي:
١- دوافع فكرية، وفيها يبحث
الشخص عن معرفة القضايا الدينية والروحية من خلال الكتب والتلفزيون والمقالات
وبقية الوسائل الإعلامية، فالشخص يستقصي ويبحث عن البدائل.
٢- الاعتناق الصوفي، والذي يحدث بشكل فجائي وتفجر مرضٍ للبصيرة، يُستحث بالصور والأصوات أو أية خبرات فوق الطبيعة.
٣- الاعتناق التجريبي، كسبيل رئيسي للتحول في القرن العشرين بسبب الحرية الدينية الكبيرة وتعدد المعتقدات المتاحة. فالشخص المستعد يقول سأجرب هذا المعتقد وأرى أية فائدة روحية يمنحني إياها.
٤- الاعتناق التأثري، فهو يركز على الروابط بين الأفراد باعتبارها عاملا مهما في عملية الاعتناق، ويلعب التأثر بالآخرين دورا مركزيا في الخبرات الشخصية المباشرة تجاه من يحبونه من الجماعة أو زعيمها.
٥- عوامل نفسية قسرية، حيث يفتش المحللون النفسيون عن الدوافع نحو الاعتناق في رؤية تتمثل بوجود أزمة نفسية تتضمن وهنا وانكسارا وخوفا ووحدة وبأساً. ويفسر الاعتناق بأنه آلة تكيف تحاول حل الصراع النفسي. فهم يعتبرون المعتنقين مرضى عاطفيين يبحثون عن حل عاطفي.
٦- عامل إحيائي، حيث يتعرض الفرد إلى إيقاظ نفسي وانجذاب صوفي ووجد عاطفي وإثارة روحية في بيئة جماعية ذات تأثير تحولي على الفرد.
٢- الاعتناق الصوفي، والذي يحدث بشكل فجائي وتفجر مرضٍ للبصيرة، يُستحث بالصور والأصوات أو أية خبرات فوق الطبيعة.
٣- الاعتناق التجريبي، كسبيل رئيسي للتحول في القرن العشرين بسبب الحرية الدينية الكبيرة وتعدد المعتقدات المتاحة. فالشخص المستعد يقول سأجرب هذا المعتقد وأرى أية فائدة روحية يمنحني إياها.
٤- الاعتناق التأثري، فهو يركز على الروابط بين الأفراد باعتبارها عاملا مهما في عملية الاعتناق، ويلعب التأثر بالآخرين دورا مركزيا في الخبرات الشخصية المباشرة تجاه من يحبونه من الجماعة أو زعيمها.
٥- عوامل نفسية قسرية، حيث يفتش المحللون النفسيون عن الدوافع نحو الاعتناق في رؤية تتمثل بوجود أزمة نفسية تتضمن وهنا وانكسارا وخوفا ووحدة وبأساً. ويفسر الاعتناق بأنه آلة تكيف تحاول حل الصراع النفسي. فهم يعتبرون المعتنقين مرضى عاطفيين يبحثون عن حل عاطفي.
٦- عامل إحيائي، حيث يتعرض الفرد إلى إيقاظ نفسي وانجذاب صوفي ووجد عاطفي وإثارة روحية في بيئة جماعية ذات تأثير تحولي على الفرد.
العوامل الخارجية للاعتناق:
وهي دوافع اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية، حيث يحدث الاعتناق أو التحول في بيئة ديناميكية وليس في بيئة خاملة. فالبيئة هي التي تقوم بتشكيل طبيعة وتركيب مراحل الاعتناق. يقول جون غريش: كل اعتناق يحدث في بيئة، فالبيئة متعددة الوجوه والتي تتضمن ميادين سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية مختلفة تؤثر في الشخص الذي يعيش فيها اثناء الاعتناق. فهو لا يحدث خارج البيئة الثقافية.
بالاضافة الى البيئة هناك العديد من النظريات التي فسرت العوامل الخارجية للاعتناق مثل نظرية "الهوية" والتي تعطي هيكلاً يمكن من خلاله فهم حاجات الناس للاقتناعات والقيم التي تقوي فهمهم لذواتهم ولبناء علاقات مع الناس الآخرين، وكذلك نظرية "المودة" والتي تطرح تصورا مبنيا على أن البشر يشكلون أواصر عاطفية تعكس صلة الفرد بمصدر رعايته الأصلي وكذلك نظرية "العولمة".
للحديث بقية،،،
وهي دوافع اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية، حيث يحدث الاعتناق أو التحول في بيئة ديناميكية وليس في بيئة خاملة. فالبيئة هي التي تقوم بتشكيل طبيعة وتركيب مراحل الاعتناق. يقول جون غريش: كل اعتناق يحدث في بيئة، فالبيئة متعددة الوجوه والتي تتضمن ميادين سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية مختلفة تؤثر في الشخص الذي يعيش فيها اثناء الاعتناق. فهو لا يحدث خارج البيئة الثقافية.
بالاضافة الى البيئة هناك العديد من النظريات التي فسرت العوامل الخارجية للاعتناق مثل نظرية "الهوية" والتي تعطي هيكلاً يمكن من خلاله فهم حاجات الناس للاقتناعات والقيم التي تقوي فهمهم لذواتهم ولبناء علاقات مع الناس الآخرين، وكذلك نظرية "المودة" والتي تطرح تصورا مبنيا على أن البشر يشكلون أواصر عاطفية تعكس صلة الفرد بمصدر رعايته الأصلي وكذلك نظرية "العولمة".
للحديث بقية،،،
[٥] "الهوية الإسلامية وجدل الحداثة"
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
كاظم الخليفة
تكملة العامل السياسي:
أشراف مكة الفائزون بالسلطة هم الذين فرضو فهمهم للنص بسلوكهم، وبآرائهم وضعوا أسس السنة. أي كيفية تطبيق النص الأولي على الواقع البشري المتحول. عارضهم الخوارج باجتهادات وأقوال مختلفة لكن بدون جدوى، مما أدى في النهاية إلى العزلة والانفصال. الشيعة أسسوا سنة موازية باعتماد الطريقة نفسها التي سار عليها أهل الجماعة. لا يعارض الشيعة فكرة السنة بقدر ما يتشبثون بسنة مخالفة. أما الخوارج فانهم لا يرضون بأي سنة، بأي تقليد مستقر ومتراكم.
أشراف مكة الفائزون بالسلطة هم الذين فرضو فهمهم للنص بسلوكهم، وبآرائهم وضعوا أسس السنة. أي كيفية تطبيق النص الأولي على الواقع البشري المتحول. عارضهم الخوارج باجتهادات وأقوال مختلفة لكن بدون جدوى، مما أدى في النهاية إلى العزلة والانفصال. الشيعة أسسوا سنة موازية باعتماد الطريقة نفسها التي سار عليها أهل الجماعة. لا يعارض الشيعة فكرة السنة بقدر ما يتشبثون بسنة مخالفة. أما الخوارج فانهم لا يرضون بأي سنة، بأي تقليد مستقر ومتراكم.
وإذا كان حكم
المذهب الخارجي منذ البدء أن يتراجع ويضمحل، فإن المذهب الشيعي عكس ذلك، لم يفتأ
ينتشر ويتقوى، بل أوشك احياناً على الفوز بولاء الأغلبية. وحتى بعد أن أخفق مشروعه
السياسي، فانه احتفظ بجاذبية لا تنكر جعلت منه دائماً قوى خفية مؤثرة في جل
المناطق والمحافل، والسر هو أن المذهب الشيعي يسير دائماً إلى أقصى ما يحتمله كل
اختيار قالت به الجماعة. هذا التطرف النظري، هذا الاتساق في المواقف كان باستمرار
عامل قوة على المستوى الفكري (الأيدلوجي) وعامل ضعف وتخاذل على المستوى العملي.
كان دأب معتنقي المذهب التردد بين العجز والتقية من جهة وبين الظهور والانتهازية
من جهة ثانية.
كل ما نقوله عن التراث السني، سلباً أو إيجاباً، ينسحب على مقابله الشيعي، إذ الأصول واحدة، والمنهج واحد، والمصطلح واحد.
لذا، وعكس المذهب الخارجي، لا يمكن للمذهب الشيعي أن يرشح نفسه بديلاً عن المجتمعات السنية.
للحديث بقية،،،
كل ما نقوله عن التراث السني، سلباً أو إيجاباً، ينسحب على مقابله الشيعي، إذ الأصول واحدة، والمنهج واحد، والمصطلح واحد.
لذا، وعكس المذهب الخارجي، لا يمكن للمذهب الشيعي أن يرشح نفسه بديلاً عن المجتمعات السنية.
للحديث بقية،،،
[٦] "الهوية
الإسلامية وجدل الحداثة"
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
٢- العامل الاجتماعي:
الإسلام المعروف في التاريخ هو اسلام الجماعة. والاسم يطابق المعنى. هو اسلام أنشأته جماعة معينة عبر عملية طويلة بدأت مبكراً في المدينة نفسها، وتأصلت السنة من خلال:
• واقع تاريخي: ما كان يعمل فيه في المدينة.
• واقع اجتماعي: نفوذ وتألق أسياد مكة.
• نص واضح ومؤكد: إذ الإسلام يعرف نفسه بالعودة إلى الدين الأصيل، الدين القيم.
في هذا التلازم بين التاريخ والمجتمع والنص تكمن قوة السنة الإسلامية، وربما كل سنة متواترة.
الإسلام المعروف في التاريخ هو اسلام الجماعة. والاسم يطابق المعنى. هو اسلام أنشأته جماعة معينة عبر عملية طويلة بدأت مبكراً في المدينة نفسها، وتأصلت السنة من خلال:
• واقع تاريخي: ما كان يعمل فيه في المدينة.
• واقع اجتماعي: نفوذ وتألق أسياد مكة.
• نص واضح ومؤكد: إذ الإسلام يعرف نفسه بالعودة إلى الدين الأصيل، الدين القيم.
في هذا التلازم بين التاريخ والمجتمع والنص تكمن قوة السنة الإسلامية، وربما كل سنة متواترة.
يطرح الخارجي
مسألة الإيمان ولا يجد لها حلاً حاسماً مقنعاً.
يطرح الشيعي مسألة الحكم الشرعي ولا يجد لها حلا حاسماً مقنعا.
عجز يلاحق الفريقين ويقوي موقف الوسط المتسامح، ذاك الذي أملاه أسياد مكة. كانت هذه النخبة المحنكة تنصح باغفال المشكلتين، والنهوض بما هو أهم وأنفع: تشييد مملكة الإسلام. (ألا يذكرنا حكم العروي على الفرق الثلاث بميكافيلي؟)
يطرح الشيعي مسألة الحكم الشرعي ولا يجد لها حلا حاسماً مقنعا.
عجز يلاحق الفريقين ويقوي موقف الوسط المتسامح، ذاك الذي أملاه أسياد مكة. كانت هذه النخبة المحنكة تنصح باغفال المشكلتين، والنهوض بما هو أهم وأنفع: تشييد مملكة الإسلام. (ألا يذكرنا حكم العروي على الفرق الثلاث بميكافيلي؟)
٣- العامل الفكري:
كلما عرضت معضلة سياسية شائكة، فإنها تحول في الحين إلى مسألة فقهية، ثم في مرحلة لاحقة تفرغ في قالب كلامي وفي مرحلة ثالثة، بعد إخضاعها لتفريعات منطقية كثيرة، تحال على الفلاسفة.
بهذه الطريقة اللبقة يتم التخلص منها نهائياً بعد فترة تطول أو تقصر.
يتراجع الفقيه بعد أن يكون قد أدى مهمته ويحل محله المتكلم. فيغير منحى السؤال: لم يعد يتعلق بالإنسان، ما ذا يستطيع أن يفعل أو ماذا يجب عليه أن يفعل، بقدر ما يضاف الآن إلى الله. ما يجوز وما لا يجوز قوله في حق الله.
بعد فترة: تقدم وثراء على مستوى الفكر، وعلى مستوى الواقع ضحالة وتعثر.
كلما عرضت معضلة سياسية شائكة، فإنها تحول في الحين إلى مسألة فقهية، ثم في مرحلة لاحقة تفرغ في قالب كلامي وفي مرحلة ثالثة، بعد إخضاعها لتفريعات منطقية كثيرة، تحال على الفلاسفة.
بهذه الطريقة اللبقة يتم التخلص منها نهائياً بعد فترة تطول أو تقصر.
يتراجع الفقيه بعد أن يكون قد أدى مهمته ويحل محله المتكلم. فيغير منحى السؤال: لم يعد يتعلق بالإنسان، ما ذا يستطيع أن يفعل أو ماذا يجب عليه أن يفعل، بقدر ما يضاف الآن إلى الله. ما يجوز وما لا يجوز قوله في حق الله.
بعد فترة: تقدم وثراء على مستوى الفكر، وعلى مستوى الواقع ضحالة وتعثر.
لذلك كلما
عرضت لنا مسألة فكرية مجردة (الكفر والإيمان، الخلق والأزل، الجبر والقدر، الرأي
والأثر... الخ) قبل أن نفكر في الحلول المقترحة، علينا أن تتصيد أولاً المحرك
الأصلي، الدافع الواقعي، المعضلة السياسية والاجتماعية القائمة في بداية النقاش
والتي عمل الفقهاء على طمسها بافراغها في قالب نظري يكثر فيه القيل والقال حتى لا
يصادقوا على الحل الذي يفرضه الواقع.
مع الأيام ينمو الكلام في الله ويتفرع بين الكلام في شئون البشر في السياسة والمجتمع يخبو ويذبل، مع أنه الأصل والأساس. وكمثال على ذلك: هل واجب المسلم أن يهاجر إذا تغلب العدو الكافر على وطنه؟
لا يزال الفقهاء يتنازعون في مثل هذه القضايا حتى بعد أن تكون الأحداث قد تجاوزتها.
للحديث بقية،،،
مع الأيام ينمو الكلام في الله ويتفرع بين الكلام في شئون البشر في السياسة والمجتمع يخبو ويذبل، مع أنه الأصل والأساس. وكمثال على ذلك: هل واجب المسلم أن يهاجر إذا تغلب العدو الكافر على وطنه؟
لا يزال الفقهاء يتنازعون في مثل هذه القضايا حتى بعد أن تكون الأحداث قد تجاوزتها.
للحديث بقية،،،
[٧] "الهوية الإسلامية وجدل الحداثة"
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
كاظم الخليفة
٤- الإصلاح:
أ- سمات السنة.. جردة حساب:
ما يمكن ملاحظته في أسلوب العروي السردي وعندما أقترب من موضع كتابه الرئيس (السنة)، تحول الخطاب من المباشرة في توجيه الحديث إلى السيدة الأوروبية المفترضة وحل مكانه تصعيد في الحوار الداخلي. نوع من الاستطراد والقفز على المحاور، ثم يعود بعدها إلى نقطة انطلاقته الأولى. هذا اللون من التكنيك السردي يكون محبذا عندما يتم توظيفه في القصة كحوار داخلي وجداني، وليس في سبيل نقد منظومة عقدية مهمة.
طريقته هذه، تجهد القارئ ويغرق في التجريد. لذلك وقبل الدخول في فصل الإصلاح أرى تلخيص أهم مآخذه على السنة بأسلوبه الذي لا يخلو من التجريد:
أ- سمات السنة.. جردة حساب:
ما يمكن ملاحظته في أسلوب العروي السردي وعندما أقترب من موضع كتابه الرئيس (السنة)، تحول الخطاب من المباشرة في توجيه الحديث إلى السيدة الأوروبية المفترضة وحل مكانه تصعيد في الحوار الداخلي. نوع من الاستطراد والقفز على المحاور، ثم يعود بعدها إلى نقطة انطلاقته الأولى. هذا اللون من التكنيك السردي يكون محبذا عندما يتم توظيفه في القصة كحوار داخلي وجداني، وليس في سبيل نقد منظومة عقدية مهمة.
طريقته هذه، تجهد القارئ ويغرق في التجريد. لذلك وقبل الدخول في فصل الإصلاح أرى تلخيص أهم مآخذه على السنة بأسلوبه الذي لا يخلو من التجريد:
١- في السياسة، تساوي السنة
بين مفهومي الإله الواحد والحاكم الفرد (غياب المشاركة السياسية في الحكم).
٢- لا يتصور السني مجتمعا بلا طبقات (لا يحتاج إلى استلهام التاريخ ليقرر أن الديمقراطية هي عين الفوضى، والمساواة فتنة مقنعة).
٣-السنة ملازمة لمفهوم الأمية، يقول الشاطبي: إن الشريعة لم توضع إلا على شرط الأمية.
٤- السنة دائماً حذرة، دائماً متابعة. تخشى باستمرار إما هجمة الخارج وإما مروق الداخل، فتتصرف كالسلحفاة، كلما استشعرت الخطر تقوقعت لتستمسك وتصمد. شغلها الشاغل الجرد والتنقية.
٥- لا تفتأ السنة تحيل على مبدأ المطابقة، وتطمس معالم الزمن عندما تقيس الحاضر على الماضي.
٦- تتصف السنة بخاصيتين: الجدل والنفي. وبذلك لا تستطيع الإنفصال عن ظروف نشأتها. ما يثبتها بالضبط هو ما ينقضها (كل ما يثبت بالجدل فإنه بالجدل ينقض). لذلك تشتبك خمس فرق فيما بينها وتتنازع على صحة التأويل وكلها يمثل السنة: السنة السنة (الأصلية)، الشيعة (السنة المضادة)، الخوارج، المرجئة، المعتزلة. تبقى فرقتان (المتصوفة والفلاسفة) يتوزعا على فرقتين، السنة والشيعة.
خمس فرق متكافئة تقر السنة نفسها بوجودها الأصيل. فأول خطوة في الإصلاح تكمن في تصور بدائل عقائدية لنظام السنة، أكان ذلك سني سني أو سني شيعي كما أفرزه التاريخ وكما شكل بدوره التاريخ.
علينا إذن إعادة تركيب العقائد البديلة، كل واحدة على حدة بالرجوع إلى المسائل، نقاط الخلاف، وإليها وحدها. المسائل مبعثرة في كتب علم الكلام. بتنظيمنا إياها مجددا نكشف عن الأصول، المبادئ الأول التي قد لا تكون هي التي تنسبها السنة إلى هذه الفرقة أو تلك.
للحديث بقية،،،
٢- لا يتصور السني مجتمعا بلا طبقات (لا يحتاج إلى استلهام التاريخ ليقرر أن الديمقراطية هي عين الفوضى، والمساواة فتنة مقنعة).
٣-السنة ملازمة لمفهوم الأمية، يقول الشاطبي: إن الشريعة لم توضع إلا على شرط الأمية.
٤- السنة دائماً حذرة، دائماً متابعة. تخشى باستمرار إما هجمة الخارج وإما مروق الداخل، فتتصرف كالسلحفاة، كلما استشعرت الخطر تقوقعت لتستمسك وتصمد. شغلها الشاغل الجرد والتنقية.
٥- لا تفتأ السنة تحيل على مبدأ المطابقة، وتطمس معالم الزمن عندما تقيس الحاضر على الماضي.
٦- تتصف السنة بخاصيتين: الجدل والنفي. وبذلك لا تستطيع الإنفصال عن ظروف نشأتها. ما يثبتها بالضبط هو ما ينقضها (كل ما يثبت بالجدل فإنه بالجدل ينقض). لذلك تشتبك خمس فرق فيما بينها وتتنازع على صحة التأويل وكلها يمثل السنة: السنة السنة (الأصلية)، الشيعة (السنة المضادة)، الخوارج، المرجئة، المعتزلة. تبقى فرقتان (المتصوفة والفلاسفة) يتوزعا على فرقتين، السنة والشيعة.
خمس فرق متكافئة تقر السنة نفسها بوجودها الأصيل. فأول خطوة في الإصلاح تكمن في تصور بدائل عقائدية لنظام السنة، أكان ذلك سني سني أو سني شيعي كما أفرزه التاريخ وكما شكل بدوره التاريخ.
علينا إذن إعادة تركيب العقائد البديلة، كل واحدة على حدة بالرجوع إلى المسائل، نقاط الخلاف، وإليها وحدها. المسائل مبعثرة في كتب علم الكلام. بتنظيمنا إياها مجددا نكشف عن الأصول، المبادئ الأول التي قد لا تكون هي التي تنسبها السنة إلى هذه الفرقة أو تلك.
للحديث بقية،،،
[٨، والأخيرة] "الهوية الإسلامية وجدل الحداثة"
قراءة في كتاب الدكتور عبدالله العروي (السنة والإصلاح).
ب- المجاهدة والذوق:
في الفصل الأخير من الكتاب يستعير الكاتب مفردات صوفية بحتة، وكأنه يشير إلى أن ما يندرج تحت هذا العنوان (المجاهدة والذوق) يعتبر بمثابة رؤية وجدانية لا تخضع إلى الحجاج العقلي.
يتذكر العروي في هذا الفصل أن خطابه بالأساس موجه إلى سيدة أوروبية، ويتذكر أيضاً أنها حذرته في أول مراسلتها (كلمني أي شيئ، حدثني بما تشاء، لكن لا تحاول أبداً إقناعي بأن العلم سراب، الديمقراطية مهزلة والمرأة أخت الشيطان. في هذه الموضوعات الثلاثة لا أقبل أي نقاش).
في الفصل الأخير من الكتاب يستعير الكاتب مفردات صوفية بحتة، وكأنه يشير إلى أن ما يندرج تحت هذا العنوان (المجاهدة والذوق) يعتبر بمثابة رؤية وجدانية لا تخضع إلى الحجاج العقلي.
يتذكر العروي في هذا الفصل أن خطابه بالأساس موجه إلى سيدة أوروبية، ويتذكر أيضاً أنها حذرته في أول مراسلتها (كلمني أي شيئ، حدثني بما تشاء، لكن لا تحاول أبداً إقناعي بأن العلم سراب، الديمقراطية مهزلة والمرأة أخت الشيطان. في هذه الموضوعات الثلاثة لا أقبل أي نقاش).
•من خلال نزعة
صوفية إيمانية لوثرية يدعوها: قد تجدين صعوبة في تقبل التأويل التقليدي المتوارث
لكلام الله، لكن الحرج يرتفع رويدا عندما يشملك الصمت قُبيل وبُعيد الترتيل،
وينتفي كليا بذكر الرسول الذي هو أسمى مما يعد به العلم أو تفرضه السياسة.
• يرى العروي أن السنة استنفذت مقدرتها على التعاطي مع الواقع، تحافظ على التراث مع اختلال في النتائج (السنة تكون مستمر. في كل طور من أطوارها تتأثر بحادث وتعمل آليا على طمسه):
- كان وارداً أن تضمحل اللغة العربية وتخلفها لغة أخرى. لم تندثر العربية، غير انها انفصلت عن الخطاب اليومي.
- كان واردا أن ينقرض الشعب العربي مع اختلاطه بالعجم. حافظ العرب على هويتهم، غير أنهم فقدوا كل مبادرة.
- كان وارداً أن تذوب نخبة قريش في جموع الموالي. لم يحصل ذلك، ظلت تشكل طبقة متميزة، لكن كشاهد على الماضي.
• يرى العروي أن السنة استنفذت مقدرتها على التعاطي مع الواقع، تحافظ على التراث مع اختلال في النتائج (السنة تكون مستمر. في كل طور من أطوارها تتأثر بحادث وتعمل آليا على طمسه):
- كان وارداً أن تضمحل اللغة العربية وتخلفها لغة أخرى. لم تندثر العربية، غير انها انفصلت عن الخطاب اليومي.
- كان واردا أن ينقرض الشعب العربي مع اختلاطه بالعجم. حافظ العرب على هويتهم، غير أنهم فقدوا كل مبادرة.
- كان وارداً أن تذوب نخبة قريش في جموع الموالي. لم يحصل ذلك، ظلت تشكل طبقة متميزة، لكن كشاهد على الماضي.
• تؤكد السنة
على أن واجبها إظهار العقيدة بإقامة الشعائر. لكن الشعائر ليست مؤبدة، فقد أتت
كمبادرة بقصد. وبتحقيق الغرض يرتفع الأمر، وكذلك لأن الشعائر ليست على مستوى واحد،
حيث:
- الختان والحج والهدي، يخلد الانتساب لإبراهيم الخليل، إثباتا لصحة دوام العهد.
- الجمعة والزكاة والصدقة والجهاد، يؤسس الجماعة ويحفظها.
- الصيام والصلاة، يكسر الشهوة المهددة لالتحام المجتمع.
- الختان والحج والهدي، يخلد الانتساب لإبراهيم الخليل، إثباتا لصحة دوام العهد.
- الجمعة والزكاة والصدقة والجهاد، يؤسس الجماعة ويحفظها.
- الصيام والصلاة، يكسر الشهوة المهددة لالتحام المجتمع.
• أخيراً،
يختتم العروي مرافعته واتهامه للسنة بالتالي: واجب علينا إنقاذ العلم والسياسة، لا
من الدين، بل من التأويل الذي فرضته السنة، والسنة في النهاية هي مؤسسة بشرية. إذن
لماذا ترفض السنة العلمانية!؟
أنتهى، وتقبلوا فائق مودتي.
كاظم الخليفة
أنتهى، وتقبلوا فائق مودتي.
كاظم الخليفة